‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد في اليمن التغيرات المناخية.. خطط استراتيجية وجهود حثيثة تفتقر إلى التنفيذ والاهتمام

التغيرات المناخية.. خطط استراتيجية وجهود حثيثة تفتقر إلى التنفيذ والاهتمام

صوت الأمل – هبة محمد

تعد تحديات التغير المناخي من بين أكبر التحديات التي تواجه العالم في القرن الحالي، وتشكل خطراً على الصحة البشرية والبيئة والاقتصاد. ومن أجل مواجهة هذا التحدي، يجب أن تتحرك الدول والمجتمعات بسرعة وحزم لتحقيق أهداف الاستدامة وتحسين القدرة على التكيف مع التغير المناخي.

جهود دولية للتعامل مع التغير المناخي

عن أهم الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى التخفيف من الآثار السلبية للتغير المناخي، يقول الدكتور عبد السلام محمد -استشاري في الدراسات البحثية عن المناخ والأرصاد الجوية-: “يمكن تعزيز الجهود الدولية للتعامل مع التغير المناخي من خلال تبني وتنفيذ اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي (UNFCCC) واتفاقية باريس للمناخ. تهدف هذه الاتفاقيات إلى تحفيز التعاون الدولي في مجال التكيف والتخفيف من الآثار السلبية للتغير المناخي، وتحديد الأهداف المشتركة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة”.

وبحسب ما ذكرت الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وخطة العمل الثانية، في الوثيقة النهائية 2017 الصادرة عن وزارة المياه وهيئة حماية البيئة، فإنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة للحد من تحديات تغيرات المناخ، فمن المرجح أن تشهد اليمن المزيد من الكوارث المناخية المتواترة، وسط انعدام الأمن المائي والغذائي، وتدهور الأراضي الزراعية.

وقال الاستشاري محمد إن حوالي 60% من السكان يعتمدون على الدخل المتولد من الموارد الطبيعية، وغالبية النازحين من المناطق الريفية يعتمدون على نفس الموارد؛ ولذلك لن تكون جهود الاستجابة المحلية والدولية للأزمات فعالة في اليمن دون معالجة مخاطر المناخ على المدى المتوسط.

خطط واستراتيجيات وطنية

تعتمد الخطط والاستراتيجيات المستقبلية للتعامل مع التغير المناخي على التعاون والشراكات بين الدول والمنظمات والقطاع الخاص والمجتمع المدني؛ حيث يمكن تحقيق تأثير أكبر من خلال العمل المشترك في مجالات مثل تبادل المعرفة والتكنولوجيا والتدريب والتعليم وتطوير السياسات والتشريعات. يتحدث المهندس عبد الملك الغزالي -رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة في صنعاء- عن هذا قائلا: “تواجه اليمن تحديات كبيرة في مجال التغير المناخي، ولذلك ينبغي التنسيق مع المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية على وضع العديد من الخطط والاستراتيجيات للتقليل من آثار التغير المناخي في اليمن. ومن هذه الخطط والاستراتيجيات “استراتيجية اليمن للتكيف مع التغير المناخي” التي وضعتها وزارة البيئة اليمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحديد السبل الفعالة لتحسين قدرة اليمن على التكيف مع تأثيرات التغير المناخي”.

  وذكر الغزالي أيضاً “الخطة الوطنية للطاقة المتجددة” التي تهدف إلى زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة في اليمن وتحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة، وكذا “الخطة الوطنية لإدارة الموارد المائية” التي تهدف إلى تحسين إدارة الموارد المائية في اليمن وتحقيق الاستدامة في قطاع المياه.

وأضاف: “هناك الخطة الوطنية للتخفيف من الانبعاثات الغازية الضارة التي تهدف إلى الحد من الانبعاثات الضارة وتحقيق الاستدامة في قطاع الصناعة والنقل، وبرنامج الأمم المتحدة الإقليمي للتكيف مع التغير المناخي في اليمن الذي يهدف إلى دعم اليمن في التكيف مع تأثيرات التغير المناخي من خلال تطوير السياسات والاستراتيجيات وتحسين القدرات المؤسسية”.

ولفت رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة إلى أن من الخطط المقرة مسبقا برنامج المناخ والقطاع الزراعي، وأوضح أن الهدف من هذا البرنامج تحسين قدرة اليمن على التكيف مع تأثيرات التغير المناخي في قطاع الزراعة وزيادة إنتاجية الأراضي الزراعية.

وختم حديثه بالقول: “بشكل عام تستند الخطط والاستراتيجيات المستقبلية في اليمن للتقليل من آثار التغير المناخي إلى: تحسين أداء القطاعات المختلفة، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتحسين إدارة الموارد المائية، والتخفيف من الانبعاثات الضارة، وتحسين الإنتاجية الزراعية، وتطوير البنية التحتية، وتحسين القدرات المؤسسية والإدارية في اليمن. لكنها مجرد خطط لم تنفذ وليس لها نتائج حقيقية وملموسة. وقد تعرقلَ تنفيذُها بسبب أحداث الصراع الدائر في اليمن؛ لذا يجب أن تتعاون الحكومة اليمنية والمؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية معاً لتنفيذ هذه الخطط والاستراتيجيات وتحقيق الأهداف المرجوة”.

اليمن وضرورة التكيف مع تغيراتها المناخية

تعاني اليمن من ضعف التخطيط الاستراتيجي في التعامل مع الكوارث الطبيعية وخاصة الناتجة عن التغيرات المناخية. ولعل كوارث السيول التي تجتاح بعض مناطق اليمن تثبت سوء إدارة الأزمات، بل وانعدام استراتيجيات التعامل مع الكوارث ومواجهتها والتخفيف من آثارها الكارثية. هذا ما أكده الإعلامي صدام حسن -مهتم بالشأن المناخي- قائلا: “مازالت  العشوائية في إدارة مياه الأمطار والسيول الطاغية، ولا توجد هيئة مركزية في اليمن للتنسيق بين الجهات المختلفة بشأن التنبؤات بهطول الأمطار أو بأحوال الطقس ككل، بالكاد توجد أنظمة إنذار مبكر وتخطيط الاستجابة للطوارئ -كما هو الحال في “سائلة مدينة صنعاء”- الأمر الذي أسهم كثيرا في تفادي الكثير من الحوادث التي تسببها السيول المتدفقة في ممر السائلة. وهذا يستدعي تطبيق هذا الإجراء في المدن الأخرى التي تنعدم فيها تلك الإجراءات وتفتقر إلى معرفة هذه الكوارث والاستعداد لمواجهتها والتقليل من آثارها الكارثية؛ ففي كل موسم أمطار تطالعنا وسائل الإعلام والاتصال بمجموعة من كوارث السيول التي يذهب ضحيتها عشرات المواطنين”.

 ويؤكد على أن التكيف مع التغيرات المناخية في اليمن شبه منعدم لأسباب عدة، ذكر منها “انعدام الوعي بأهمية التكيف والجدوى منه، وافتقار المدن اليمنية إلى البنى التحتية التي تمكنها من القدرة على الصمود ومواجهة الكوارث، وتكاليف التكيف العالية التي اتفقت الدول الغنية على تقديم الدعم للدول الفقيرة والنامية بشأنها”.

وينهي حديثه بالقول: “يبقى التعاطي اليمني مع موضوع التكيف يشوبه الكثير من القصور، رغم أن  الدول الغنية قد التزمت بتقديم الدعم للدول التي انخرطت فيه، وحقق ذلك استفادة كبيرة في التكيف مع التغيرات المناخية سواء التي سببتها الطبيعة، أو تلك التي أسهم في وجودها البشر”.

خدمات الأرصاد الجوية اليمنية

لمعرفة جهود المركز الوطني للأرصاد الجوية المبذولة في مواجهة التغيرات المناخية، يقول   المهندس محمد سعيد حميد -الوكيل المساعد لشؤون الأرصاد، الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد-: “تتركز خططنا الحالية على رفع قدراتنا في الرصد الجوي والتنبؤات الجوية، وفي إعداد الدراسات عن التغيرات المناخية. واستطعنا أن نخطو خطوات لا بأس بها؛ حيث أصدرنا، ولأول مرة مع مطلع شهر فبراير هذا العام2023 ، توقعات لمؤشرات الموسم المطري لمدة ستة أشهر التي أرسلت إلى اللجنة العليا لحصر ومعالجة الأضرار الناجمة عن الأمطار والسيول، وهي تضم في إطارها جميع الجهات المعنية بالاستجابة لكوارث الطقس والمناخ. وأشارت التوقعات إلى موسم ماطر يختلف عن العام المنصرم الذي شهد فيه الموسم المطري الأول جفافًا في عموم محافظات الجمهورية”.

ويواصل: “وفي نفس الاتجاه، استمر إصدار التنبؤات شبه الموسمية، والموسمية، وكل عشرة أيام، وكل 72 ساعة، و24 ساعة. وأصدرنا التنبيهات والتحذيرات التي ترسل باستمرار إلى الجهات الرسمية المعنية في الدولة، ونشرها في موقع القطاع وجميع وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بخدمات الأرصاد الجوية اليمنية ووسائل الإعلام المختلفة”.

ويرى أن وجود استراتيجية للحد من مخاطر الكوارث هي الخطوة الأولى نحو التكيف مع التغيرات المناخية؛ فمعظم المخاطر التي شهدتها البلاد ناتجة عن ضعف إدارة مخاطر كوارث الطقس والمناخ. ويدعو إلى تضافر الجهود المحلية والدولية للتصدي للتغيرات المناخية، ويوضح أن الاهتمام الدولي في هذا الشأن كبير جدا، إلا أنه شبه منعدم في اليمن ويشوبه الكثير من القصور. ويتمنى حميد أن توجه هذه الجهود لتستوعب الفاعلين الرئيسيين في التغيرات المناخية، وأن تُشْرَك منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية في التقليل من آثارها.

جهود سطحية ونتائج غير مثمرة

وعما إذا كان هناك جهود حقيقية للتقليل من آثار التغير المناخي، يرى الإعلامي صدام حسن أن هناك جهودًا مبذولة في بناء المعرفة المحلية بتصميم بنية تحتية قادرة على تحمل تغير المناخ، بما في ذلك الأساليب الجديدة لإدارة مياه الأمطار والتنوع البيولوجي في المناطق الحضرية، لكنها تبقى غير كافية؛ فهي معرفية فقط، وليست عملية وغير مزودة بالأجهزة والمعدات والمتطلبات التي تحتاجها اليمن في مواجهة الكوارث وكيفية إدارتها والتقليل من آثارها.

ويوضح أن تحسين تخطيط عملية التكيف في اليمن لا يزال في بداياته؛ حيث لا يوجد -حتى اليوم- بنية تحتية في المدن الحضرية وعواصم المدن اليمنية تجعلها قادرة على الصمود في وجه السيول والفيضانات المفاجئة، كما أن عملية التكيف تحتاج إلى موازنات كبيرة، فضًلا عن أن موضوع التكيف ذاته ما يزال خارج دائرة الاهتمام. بشكل عام، يتعين على اليمن والمجتمع الدولي العمل معًا للحد من آثار التغير المناخي في اليمن، وتحقيق الاستدامة في جميع القطاعات الحيوية. ويجب أن تُشجع الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني -المحلية والدولية- وتتعاون في تنفيذ الخطط والاستراتيجيات المستقبلية؛ للتقليل من آثار التغير المناخي في اليمن، وإدراج هذا القضية كأولوية رئيسية ضمن أولويات التنمية الوطنية الراهنة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة

صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …