تجربة التعليم عن بُعد.. فرصة جديدة للمعلم لتحسين مستواه المعيشي
صوت الأمل – أحمد باجعيم
بعد نشوب الصراع في اليمن وتأثيره على الجوانب الأمنية والاقتصادية ازداد عدد الملتحقين بالتعليم عن بُعد؛ إما بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه قرابة ثلثي سكان البلاد أو الخوف، خصوصا في المناطق غير المستقرة أمنيا. ولكن التعليم عن بُعد في اليمن يحتاج إلى بنية تحتية تساعد على تطبيقه والقدرة على الاستفادة منه، وتحسين ورفع كفاءة وسرعة خطوط الإنترنت، التي تعد خدمته في الوقت الحالي رديئة جدًا في معظم أنحاء البلد، وارتفاع أسعاره يشكل عائقًا آخر أمام تطبيقه في الوقت الحاضر.
ولجأت الكثير من دول العالم، ومنها دول عربية إلى تجربة التعلم عن بُعد عبر الإنترنت مع “جائحة كوفيد19” التي ضربت العالم مطلع عام 2020م، حيث حقق التعليم في الدول المتطورة نجاحا منقطع النظير لتوفر العوامل المساعدة على نجاحه، كقوة شبكات الإنترنت وتوفر كادر تروبي يتمتع بقدرة كافية على تحويل المناهج إلى مناهج إلكترونية يسهل على التلاميذ فهمها واستيعابها بشكل صحيح، وكذا الدعم الكافي لقطاع التعليم.
أجرت صحيفة “صوت الأمل” استطلاع رأي حول تجربة التعليم عن بُعد في اليمن مع عدد من المثقفين وذوي الاختصاص وكيفية تطبيقه في بلد أثقلته الصراعات وما مدى استفادة المعلمين من هذه التقنية الجديدة ودورهم في إنجاحها.
لجوء المعلمين للتعليم عن بُعد
الباحث في العلاقات الدولية منير الوبر يقول: “إن سبب التحاق المعلمين بالعمل في مجال التعليم عن بُعد محدود للغاية، ويأتي ضمن البحث عن فرص عمل جديدة وزيادة الدخل، نظراً إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها اليمن”. وأضاف أن المؤسسات التعليمية التي تقدم تعليما عن بُعد تستهدف المعلمين الأقل كفاءة لأسباب تتعلق بالتكاليف، على حساب جودة العملية التعليمية، وقد لجأت بعض المؤسسات التعليمية إلى هذه الطريقة على اعتبار أن العبء الأكبر في التعليم عن بُعد يقع على الطالب وليس المعلم، وهو ما أضعف جودة التعليم عن بُعد في البلاد.
وأكد أن جودة التعليم في اليمن، سواء المنتظم أو عن بُعد منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، لكن ذلك لا يمنع استمرار تجربة التعليم عن بُعد أو يقلل من شأنها، وإنما يجب الحرص على تبني أفضل الممارسات التعليمية لتحسين مخرجاته وتأهيل المعلم والطالب على حد سواء للاستفادة من هذه التجربة الجديدة.
من جانبه أشار عبد الله باخريصة (أستاذ إعلام واتصال): “أن من أهم الأسباب التي جعلت المعلمين يلجؤون إلى العمل عن بُعد هي جائحة كورونا كخطوة لاكتساب الوقت وتوفير الجهد واستمرارية الدروس”. مضيفا أن تلك الفترة لم يكن العالم يدرك إلى أي مدى ستبقى تلك الجائحة أو ارتداداتها على المستقبل القريب أو البعيد.
وأوضح علي أبوبكر (تربوي): “أن سبب لجوء المعلمين أو الطلاب إلى التعليم عن بُعد هو أن هذا النوع من التعليم يتيح لرواده العمل في أكثر من مكان دون قيود أو اشتراطات، كالتعليم المنتظم الذي يكون الحضور فيه إلزاميًا، إضافةً إلى صعوبة وقسوة الوضع المعيشي الذي جعل الكثير من المعلمين والطلاب يلجأ إلى التعليم عن بُعد، ورغم معرفتهم أنه أقل جودة من التعليم المنتظم، ولكن ذلك كان الخيار الأفضل حتى يتمكنوا من العمل والتعلم، خصوصا الشباب المعيلين لأسرهم”.
تأثير التعليم عن بُعد
عن مدى تأثير تحول العملية التعليمية عن بُعد، أجاب الباحث في العلاقات الدولية منير الوبر: “أن استخدام الإنترنت بشكل عام في التعليم عن بُعد يمثل تطورًا مهمًا وفعالًا للغاية، خصوصًا في المجتمعات التي تعاني من ضعف البنية التحتية مثل اليمن، كما أن التعليم عبر الإنترنت مفيد من عدة نواح، منها انخفاض التكاليف والمرونة”. وأضاف: “لا أرى أي تأثير سلبي للفكرة بحد ذاتها، لكن المشكلة تكمن في المؤسسات التي لا تقدم خدمة الإنترنت بسرعة عالية ولا توفر تغطية في مساحة كبيرة من الأراضي اليمنية، هذه المؤسسات يمكن أن تكون ضعيفة أساسًا وغير مواكبة للعصر أو لا تستخدم الأدوات والأساليب المناسبة للتعليم عن بُعد”.
ويضيف الوبر: “أنه من المفترض على المؤسسات التعليمية التي تقدم تعليمًا عن بُعد أن تفرض رقابة فعالة على المناهج أو التعليم التقليدي “المنتظم” وهذه المناهج يتم اختيارها عبر آلية يفترض أن يكون فيها نوع من الرقابة”. لكن ما ينبغي الإشارة إليه إذا كانت هناك رقابة فإنها في الواقع لا تفي بالغرض ولا تؤدي إلى تحسين جودة التعليم، لأنه كما رأينا في المناهج، وفي المخرجات، فإن المناهج غالبًا غير مواكبة أو محدثة، وهي تخلو من الابتكار والحيوية والجودة، منوهًا إلى أن مناهجنا التعليمية بشكل عام بحاجة إلى تحديث شامل من قبل عقول شابة معاصرة ومرنة.
فيما قال باخريصة: “إن تحول التعليم عن بُعد له إيجابيات من حيث أنه كان خطوة لاستغلال الوقت وعدم انقطاع الدروس، أما السلبية في نظري هي أن كمية التفاعل وجودة الانتباه بالنسبة للطلبة لا تكون كما هو الحال في التعليم المباشر أو الواقعي، فهو أكثر تفاعلًا وفهمًا بالنسبة للطلبة أكثر من التعليم الافتراضي”.
أما التربوي أبوبكر فيرى أن التعليم عن بُعد يسمح للفئات المتضررة من الوضع الاقتصادي بالاستمرار في التعليم، بعكس التعليم المنتظم الذي حرم الكثير من الطلاب مواصلة تعليمهم بسبب الظروف التي تعاني منها أغلبية الأسر اليمنية، أما سلبيات التعليم عن بُعد فضعف جودة الإنترنت وتكرار انقطاعه لأسباب غير مقنعة للمواطنين، وهذا يدل على ضعف البنية التحتية للخدمة في اليمن بشكل عام.
دور الإنترنت في التعليم
وفيما يخص المتطلبات اللازمة لتوفير هذه الخدمة التعليمية واستفادة المعلمين منها، ذكر عبدالله باخريصة: “أن ضعف خدمات الإنترنت في اليمن يعتبر من المعوقات الأساسية لانتشار هذه الطريقة الجديدة للتعليم، على عكس ما هو حاصل في البلدان التي تتمتع بخدمة إنترنت عالية في الجودة، حيث يحل العديد من المشاكل التعليمية وله الفضل الأكبر في استمرار التعليم مع انتشار “جائحة كوفيد19″، ويؤكد أن التعليم حينها لم يتوقف ولم يتأثر بعكس القطاعات الأخرى الذي توقف نشاطها بشكل كلي وتسببت الجائحة في خسائر كبيرة طالت معظم القطاعات.
وبدوره عدد حسن باوزير ( مدرس) مميزات الإنترنت: أبرزها جعل العملية التعليمية أكثر سهولة ومتعة، من خلال استخدام الوسائط المتعددة مثل الصوت والصورة والفيديو والرسومات التفاعلية؛ وهذا يحسن من جودة التعليم أضعافًا مضاعفة ويمنح المعلم فرصة جديدة لتحسين مصدر دخله وتحسين وضعه الاقتصادي، كما يقدم التعليم عبر الإنترنت فرصة لاستكشاف المزيد من المعلومات والمهارات من خلال الاطلاع على كم هائل من المصادر الأخرى التي يمكن الإشارة إليها في المناهج، والوصول إليها بسهولة ويسر، وهذا يفتح آفاقًا جديدة ورحبة للطلاب والمعلمين على حد سواء.
ضعف جودة التعليم بشكل عام في اليمن واستبعاده من التصنيف العالمي لم تساعد التعليم عن بُعد في تحقيق نجاح خلال السنوات الماضية، وكذا رداءة خدمة الإنترنت يعد عاملًا آخر لعدم الاعتماد عليه في تقديم الخدمات التعليمية، لذا يتطلب على الجهات المعنية البحث عن طرق حديثة لتطور التعليم وتحسين جودته دوليا.
98% يعتقدون أن الظروف السيئة التي يعيشها المعلمون الآن ستؤثر بشكل سلبي على السلوكيات العامة للمجتمع
صوت الأمل – يُمنى أحمد التعليم هو الطريق الأمثل لقيام مجتمع سوي يتمتع أفراده بالحرية والمس…