الصناعة في اليمن تتضرر بفعل الصراع
صوت الأمل – أفراح أحمد
“تعد الصناعة في اليمن حديثة النشأة، إذ مرت بمنطلقات عديدة لها مراحلها وخصائصها، واقتصر نشاط الصناعة قبل الثورة على صنع بعض المصنوعات والحرف التقليدية والبدائية”، بحسب بيانات المركز الوطني للمعلومات.
مضيفاً “ولا توجد أي صناعة تُذكر غير مصفاة البترول التي تأسست عام 1956م في عدن، ومصنع النسيج في باجل، ويعد هذا قطاع الصناعة قبل الثورة، وما إن قامت الثورة وفي السبعينات حتى شهد الاقتصاد اليمني انتعاشًا ملحوظًا، شمل جميع ميادين الاقتصاد، وبدأت الإجراءات الحكومية بوضع الخطط والسياسات والبرامج؛ حيث إنَّها هدفت إلى دعم وتشجيع القطاع الصناعي اليمني.
من السبعينات حتى بداية التسعينات
في مطلع السبعينات وحتى بداية التسعينات، شهد قطاع الصناعات التحويلية تطورًا ملموسًا؛ نظراً للسياسات التي تتبعها الدولة حينها، وتمثلت بدعم وحماية الصناعات المحلية؛ الأمر الذي انعكس على نمو وتوسع قاعدة الإنتاج الصناعي، وتزايد القدرة الإنتاجية والتصنيعية للمنتجين المحليين، حيث أثر ذلك على تزايد المنشآت الصناعية؛ مما حقق معدلات نمو مرتفعة للقطاع الصناعي خلال تلك السنوات، بحسب المركز الوطني للمعلومات.
دراسات وتقارير تلخصت نتائجها في أنَّ الصناعة والاقتصاد في اليمن نشآ في بيئة غير شغوفة بالإنشاء والعمل على إقامة مصانع استثمارية، وواجه الاقتصاد اليمني تحديات ومعوقات كبيرة، وازدادت وتيرة التحديات والصعوبات في ظل الصراع القائم الذي ألحق بالصناعة أضرارًا كبيرة بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال تضررها من القصف، وهدم البنية التحتية، واختلال استقرار سلاسل الإمداد الصناعي.
وفقًا لبيانات الاتحاد العام للغرفة التجارية والصناعية اليمنية، في دراسة حول “مؤشرات القطاع الصناعي” صادرة حديثًا، فقد بلغت الخسائر التراكمية في ناتج القطاع الصناعي بشقيه (الاستخراجي والتحويلي) منذ عام 2015-2020م قرابة 35مليار دولار أمريكي، منها 30.5 مليار دولار خسائر القطاع العام والمتمثل في عوائد الصناعات الاستخراجية (النفط والغاز)، وحوالي 4.5 مليارات دولار خسائر القطاع الصناعي.
ووفقًا لآخر مسح صناعي نفذته وزارة الصناعة والتجارة والجهاز المركزي للإحصاء، فإنَّ هناك نحو 28 ألف منشأة صناعية في اليمن، 78.43% منها منشآت صغيرة جدًا (1-3 عمال)، و19.15% منشآت صغيرة (4- 9 عمال)، و1.19% منشآت متوسطة (10-50 عامل)، فيما0.51% منها منشآت كبيرة (أكثر من 50 عامل)، وتتبع نسبة ما يقارب 98% من إجمالي المنشآت الصناعية القطاع الخاص.
ما قبل 2010م
لقد ساهمت الصناعة اليمنية في الاقتصاد خلال تلك الفترة، حيث كانت اليمن دولة واحدة وترأسها حكومة واحدة أيضًا، لا يوجد نزاعات أو غيرها من الصعوبات التي تؤدي إلى تراجع الصناعة والاقتصاد، وقد بلغ نمو القطاعات التحويلية خلال عام 2007م (9.22%) بالأسعار الثابتة -بحسب المركز الوطني للمعلومات-، وبلغت مساهمة قطاع الصناعات الاستخراجية في الإنتاج المحلي بالأسعار الثابتة خلال عام 2007م (19.2%).
ما قبل 2014م
عدنان الحكيمي (مدير أسبق في وزارة الصناعة والتجارة) يقول لـ “صوت الأمل”، عن وضع الصناعة في اليمن قبل عام 2014م، أنَّ القطاع الصناعي كان متطورًا بنسبة 60%، حيث ساهم في رفع الاقتصاد من خلال الضرائب والواجبات التي تدفعها الأيدي العاملة الكبيرة.
ويضيف الحكيمي: “في تلك الفترة كان هُناك بعض المساوئ بيد أنَّه كان يوجد تشجيع واهتمام بالصناعة بواقع 50 إلى 60%، وهذا التشجيع والاهتمام كان من خلال تجاوب الحكومة مع هذه الصناعات؛ لحل المشاكل بشكل دائم”.
مؤكدًا أنَّ قطاع الصناعة خلال تلك السنوات كان يشغِّل كثيراً من الأيدي العاملة؛ كون زيادة عدد العمال يؤثر إيجابًا على الضرائب التي تعود إلى خزينة الدولة، وتحسِّن الاقتصاد.
ما بعد 2015م اشتد الصراع وانخفض الاقتصاد
الحكيمي يؤكد أنَّ هذه الفترة هي الأسوأ على الاقتصاد والصناعة وكثير من القطاعات في اليمن؛ بسبب الهجمات التي تعرضت لها من قبل أحد أطراف النزاع، حيث فقدت اليمن الأمان وأيضًا هُدِّمت البنية التحتية.
مردفًا أنَّ خلال تلك السنوات حتى الآن الوضع القائم للصناعة متدهور، ومن سيئ إلى أسوأ خاصة الاقتصاد -حد وصفه-، وهذا يعود لأسباب عديدة، منها عدم دفع الضرائب للدولة غير جزء بسيط، وبقية الرسوم الجمركية تدفع ولكن بشكل بسيط جدًا؛ كون اليمن أصبحت يحكمها قيادات غير متفقة بالقرارات؛ وهذا يؤدي إلى تشتت الاقتصاد وانخفاض مستواه، أقرب مثال: تعز وهي محافظة واحدة ومقسمة إلى محافظتين كل محافظة تتحكم بها جهة معينة من أطراف النزاع؛ وهذا سبب رئيس لانخفاض الاقتصاد وضعف الصناعة في اليمن.
“أصبحت الدولة مقسمة إلى دويلات والحكومة إلى حكومات” أنهى عبد الكريم الحكيمي (المدير الأسبق في وزارة الصناعة والتجارة) حديثه بهذه الجملة، حيث إنَّ قياس وضع القطاعات بوضع سياسي كهذا خير شاهد على تراجع بعض القطاعات؛ فقد أصبح الاستثمار في اليمن مهددًا من قبل بعض أطراف النزاع بالاستيلاء على الأراضي التي تقوم عليها بعض المصانع، إذ أنَّه لا يوجد أي استقرار اقتصادي في اليمن كله، وأغلب الشركات الصناعية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة أُغلقت بسبب هذه العوامل.
يقول أحد موظفي وزارة الصناعة -طلب عدم ذكر اسمه-، أنَّه وبسبب استمرار الصراعات ومخلفاتها، وقلة الصناعة الحكومية في اليمن؛ كَثُر انتشار المصانع الخاصة التي يمتلكها التجار اليمنيون، خاصة بعد أن امتد الصراع، وتهدمت البنية التحتية، فقد أصبحت الصناعة والتجارة الداخلية باليمن سيئة إلى حد ما، حد وصفه. معربًا “حيث إنَّ مصنع باجل للإسمنت توقف بسبب الصراع، وكثير من المصانع الخاصة أيضًا أُغلقت، والبعض منها قُصف؛ لذلك الصناعة والاقتصاد في تدهور، ولم تستطع أي وزارة من وزارات الدولة أن تعطي أي توجيهات أو قرارات تشمل كل محافظات اليمن، كما أنَّ الصناعات والشركات أصبح أغلبها تابعاً لجهات خاصة، وقلت كثيرًا الصناعات الحكومية”.
51% من الآراء تؤكد على وجود تأثير كبير للصناعات الصغيرة والمتوسطة تجاه الاقتصاد المحلي
صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني نفذته وح…