الاحتياج يفوق القدرة الإنتاجية للطاقة في محطات الكهرباء
صوت الأمل – هبة محمد
“يعد قطاع الكهرباء أحد العوامل الضرورية والرافدة للاقتصاد الوطني، وتعاني اليمن في فترات ما قبل وأثناء الصراع من ضعف خدمات الكهرباء؛ الأمر الذي أعاق التنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير الخدمات الأساسية، حيث كان الانقطاع المتكرر للكهرباء، يشكل عائقًا لدى كثير من المواطنين ويسبب انقطاع الخدمة عن المستشفيات والمراكز الخدمية، إلا أنَّها كانت أفضل مما هي عليه حاليًا”، هذا ما أكده خالد باسلامة (المهندس في القطاع الكهربائي).
مضيفًا لـ “صوت الأمل” أنَّ اليمن تعد أقل البلدان إمدادًا للقطاع الكهربائي في منطقة الشرق الأوسط، كما أنَّها تعاني من عدم استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي، وهذا يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
قطاع الكهرباء قبل الصراع
يفيد المهندس وليد العديني (مدير الكهرباء في منطقة حراثه في مدينة إب محافظة إب) بأنَّ هناك فروقات كثيرة بين وضع القطاع الكهربائي في اليمن قبل حدوث الصراع، وبين الوضع الحالي من حيث توليد الطاقة الكهربائية وتوزيعها، ومشاكل الصيانة.
موضحًا: “كان التوليد يتراوح قبل الصراع ما بين 800 إلى 1050 ميجاوات، وكانت تُمنح محافظة إب ما بين 40 إلى 60 ميجاوات، بحيث كانت محطة حزيز تنتج 90 ميجا، وكانت ذهبان تنتج من 100 ميجا إلى 120 ميجا، بينما كانت محطة الحُسْوَة في عدن تنتج ما يقارب 90 إلى 150 ميجا، والحالي والكورنيش من 60 إلى 100 ميجا، وكذلك مأرب الغازية (1) ومأرب الغازية (2) ينتجان ما يقارب 600 إلى 800 ميجا تقريبًا”.
ويبين العديني أنَّه بينما يبلغ -في الوقت الحالي- التوليد كاملاً لذهبان وحزيز والحالي والكورنيش والحصوة من 150 إلى 200 ميجا تقريبًا، وقد يكون أقل من ذلك، ومحافظة إب التي كانت تُمنح من 40 إلى 60 ميجا، حاليًا تُمنح 3 ميجاوات إلى 5 ميجا فقط، فارق مهول حد وصفه. مشددًا أنَّه لا بد من رفع هذه الطاقة بالعمل على صيانة المحطات المتهالكة، أو إنشاء محطات توليدية جديدة.
ويردف المهندس وليد أنَّ شبكة التوزيع كانت سابقًا مؤمنة بوجود تيار كهربائي 24 ساعة يمنع السرقة للكهرباء ومحولاتها وأعمدتها وخيوطها وأسلاكها وكيبلاتها وعداداتها، وكان المواطنون لا يقومون بالبناء في الأراضي التي يمر التيار فوقها، أما الآن بانقطاعها أصبحت كل ممتلكات الكهرباء معرضة للسرقة، فقد انتشرت سرقة الكيبلات والخطوط والمحولات والطبلات وأسلاك النحاس، وتهالكت الشبكة حيث تحتاج إلى إعادة تأهيل من جديد وبنسبة قد تكون 80%؛ مما يسبب ثقلاً على كاهل المؤسسة والوزارة والدولة؛ لأنَّها تحتاج إلى اعتمادات لن تتوفر بوجود الصراع الحاصل في البلاد.
ونشرت المؤسسة العامة للكهرباء، في تقريرها السنوي للعام 2019م، أنَّه قبل الصراع في اليمن بلغ معدل فاقد الطاقة الكهربائية المولدة في نظامي النقل والتوزيع أكثر من 40%، وواجهت المؤسسة العامة للكهرباء تحديات في تحصيل الفواتير، خصوصًا بعد بدء الأزمات السياسية في عام 2010م، إذ وصل المبلغ الإجمالي للفواتير المتراكمة غير المسددة في عام2012 م 70 ملياراً يمنياً أي (ما يعادل حوالي 326 مليون دولار بسعر صرف 212 ريال يمني لكل دولار).
وأضافت المؤسسة العامة للكهرباء، في تقريرها، أنَّ المؤسسة استعملت في شبكة التوزيع قبل الصراع بشكل أساسي مستوى جهد 33 ك ف (kv)؛ لنقل الطاقة من شبكة النقل إلى مواقع الطلب التي تغطيها الشبكة من الناحية الإدارية، وكانت هناك 27 منطقة تخدم المحافظات والمدن الرئيسة.
وفي مصدر آخر للمؤسسة العامة للكهرباء بيان مكتوب عام 2014م، يوضح أنَّه بلغ عدد السكان الذي يحصلون على الكهرباء قبل الصراع فقط 46%، وفي عام 2014م تجاوزت 75% في مدينة صنعاء وعدن وحضرموت فقط، في حين لم تبلغ سوى أقل من 50% في أكثر من نصف محافظات الجمهورية، وعلى الرغم من أنَّ 76% من الشعب اليمني يعيشون في مناطق ريفية، فإنَّه لم يحصل سوى 23% من سكان الريف على الكهرباء خلال عام 2014م.
وفي لقاء لـ “صوت الأمل” مع المهندس خالد الجويد (المدير التجاري في القطاع الكهربائي فرع إب) قال: “يقاس تطور أي بلد بمقدار ما تنتجه من طاقة كهربائية، وماذا كان ينتج بالأساس؟! إذ كانت هناك محطات التوليد البخارية الموجودة برأس كتنيب (الحديدة) والمخا، يضاف إليهما محطة الحسوة، إلى جانب محطة مأرب الغازية بعد أن رُبطت تلك المحطات ببعضها عبر خطوط الجهد الفائق (132kv) وهي ما نسميها بالشبكة الوطنية المحمولة على الأبراج، ويضاف إليها بعض المحطات التي تعمل بالديزل مثل محطات ذهبان وحزيز وعصيفرة وهي محطات بقدرات تصل إلى عشرات الميجاوات (محدودة القدرات)، إلى جانب محطات توليد في حضرموت والوادي وبعض المديريات سواء في الشمال أو الجنوب”.
مؤكدًا “لكنَّ كل تلك المحطات قدراتها الإنتاجية كانت ما بين (1100_1200MW)، بينما كان الاحتياج الفعلي يصل إلى2000mw) ) على أقل تقدير؛ لذلك اضطرت إلى إبرام عقود شراء الطاقة من قبل الدولة، وذلك من الشركات الأجنبية التي استثمرت بذلك المجال مثل شركة (agreko) على سبيل المثال، وكانت قدرة الطاقة المشتراة تصل إلى (200mw)لكن ذلك لم يكن كافيًا؛ لأنَّ الاحتياج أكبر”.
مضيفًا إلى جانب كل ذلك فالمحطات التي تعمل بالبخار قديمة، ويتطلب استمرار بقائها بالخدمة توفير مستلزمات الصيانة والتي تعد مكلفة ولا تستطيع المؤسسة تحمل قيمتها؛ نظرًا لأنَّ التسعيرة المفروضة على المؤسسة آنذاك متدنية جدًا مقارنة مع تكاليف إنتاج وحدة الطاقة بالكيلو وات؛ لذلك تبنت الدولة تكاليف الصيانة وشراء قطع الغيار ضمن موازناتها السنوية وبالعملة الصعبة، ورغم ذلك فإنَّ المؤسسة عجزت عن توفير قيمة الوقود؛ لذلك تراكمت عليها الديون لشركة النفط ووصلت إلى ما يقارب المائة مليار ريال يمني قبل بداية الصراع.
المهندس علي الموشكي (باحث في مجال الطاقة الكهربائية، ومدير التحكم الفرعي والتوليد المحلي فرع إب)، في بحثه العلمي بخصوص وضع الطاقة الكهربائية في اليمن قبل الصراع أوضح أنَّ هناك فروقات في توليد الطاقة الكهربائية قبل الصراع وبعده.
وذكر الباحث الموشكي (مدير التحكم والتوليد المحلي) تقييماً للطاقة الكهربائية في اليمن، من حيث توليد الطاقة الكهربائية قبل الصراع، وأيضًا بيانات القدرة التوليدية قبل الصراع.
مشاكل الصيانة بعد العام 2011م
تعرض قطاع الكهرباء في اليمن أثناء نشوب الصراع لمشاكل كثيرة في الصيانة وفي منظومة التحكم المركزي، يشدد المهندس وليد العديني (مدير الكهرباء في منطقة حراثه في إب) على ضرورة البدء بصيانة محطات التوليد وإنشاء محطات جديده صديقة للبيئة؛ لرفع الطاقة الإنتاجية.
مضيفًا “يأتي بعدها صيانة المحولات، وتوفير البديل عن التالف والمسروق والمتهالك، أيضًا صيانة شبكات الضغط العالي والمنخفض، وإعادة التأهيل، صيانة الشبكة ض/م، وتبديل الكابلات المتهالكة، وتبديل المسروق، وإصلاح العدادات التالفة التي استهان بها المواطن، وعرضها للتلف عمدًا أو بغير عمد”.
مردفًا “كانت المنظومة تخرج أوقات الذروة، ولأوقات قليلة ونادرة، ما لم يكن هناك اعتداءات بسيطة من قبل أطراف الصراع، يأتي بعده فترة انطفاء الكهرباء في أوقات مختلفة. وأثناء فترة الصراع ما بعد العام 2011م تغادر الكهرباء لمدة ست سنوات ثم تعود تدريجيًا، وبينما كان عدد مشتركي محافظة إب مائتين وعشرين ألفاً، يصل إجمالي إيراداتهم إلى مائتين وخمسون مليوناً شهريًا بينما الآن عدد المشتركين يصل إلى تسعة آلاف مشترك تقريبًا، ويصل إجمالي مبيعهم إلى خمسمائة مليون شهريًا تقريبًا. فارق مهول بين عدد المشتركين والإيراد المحصل والفارق؛ بسبب السعر السابق والحالي”.
كما قال مهندس علي الموشكي (مدير التحكم الفرعي والتوليد المحلي فرع إب) أثناء لقاءه مع “صوت الأمل”: “بالنسبة لوضع التحكم المركزي، بعد أن خرجت محطة مأرب الغازية عن الخدمة وتبعتها كل محطات التوليد البخاري والديزل، أغلق التحكم المركزي حتى -تقريباً- عام 2018م أو 2019م”.
من جهته المهندس خالد الجويد (المدير التجاري في المؤسسة العامة للكهرباء فرع إب) يشير إلى أنَّ المؤسسة استجابت لخطة الدولة، وتوسعت شبكاتها باتجاه الريف؛ لتغطي مناطق وقرى نائية وبعيدة، دون وضع أي أهمية لدراسة الجدوى الاقتصادية من تلك التوسعات، في نفس الوقت الذي لم ترتفع فيه القدرات التوليدية لمحطات الكهرباء العاملة من خلال إضافة وحدات توليد جديدة فيها وتشغيلها وإدماجها مع المنظومة العاملة؛ لتغطية الزيادة التي تطرأ على الأحمال؛ بسبب التوسعات الأفقية والعمودية بالتوصيلات وبالتالي زيادة أعداد المشتركين.
مؤكدًا: “لذلك بقيت المنظومة ومحطات الكهرباء العاملة عاجزة عن توفير احتياج كافة المشتركين الذين رُبِطوا بمنظومة الكهرباء، وذلك كله تسبب بتنظيم برامج إطفاء على المشتركين؛ لتخفيف الأحمال بما يتناسب مع القدرة التوليدية للمحطات العاملة، لكن بزيادة التوسعات وارتفاع الأحمال توسعت دائرة الإطفاءات وازدادت ساعاتها؛ ما أدى بالدولة عبر المؤسسة إلى اللجوء لشركات بيع الطاقة وبالفعل استُؤجر ما يقارب (200MW)، وبرغم كلفتها الكبيرة فإنَّ ذلك لم يغط الاحتياج القائم-وقد سبق الذكر أنَّ اليمن كانت بحاجة إلى (2000MW)- ورغم أنَّ الاحتياج بقي قائماً فإنَّ الطاقة المستأجرة قللت إلى حد ما من دائرة الانطفاء”.
47% يرون أنَّ قطاع الصحة هو الأكثر تضرراً بسبب انقطاع الكهرباء في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني، أجرته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي ف…