‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة السياحة والمعالم الأثرية الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية المعالم الأثرية.. وواقع التطبيق في اليمن

الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية المعالم الأثرية.. وواقع التطبيق في اليمن

صوت الأمل – فاطمة رشاد

سعت كثير من المنظمات الدولية لحماية الآثار، إذ أن هناك اتفاقيات وبرتكولات  دولية صدرت من عدة جهات تهتم بالحفاظ على التراث الثقافي والمعالم الأثرية، ومن أبرز الاتفاقيات الدولية هي اتفاقية منظمة اليونسكو و إيكوم  ICOMوالإيكروم Iccrom والإكوموس ICOMOS، والإيكا ICA، إلى جانب منظمات عربية تهتم بالتراث الثقافي والحضاري، كما يعد دور منظمة اليونسكو في اليمن بارزًا منذ إعلانها لبعض المدن الأثرية ضمن قائمة التراث العالمي.

اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي

عقدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، اجتماعها السابع عشر في باريس من 17 أكتوبر إلى 21 نوفمبر 1972م، وفي ظل ملاحظتها لتعرض التراث الثقافي والتراث الطبيعي المتزايد إلى التدمير، ليس نتيجة عوامل التعرية والتآكل المعهودة فحسب، بل أيضًا نتيجة تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والذي تزيد من تفاقم الحالة؛ كونها تؤدي إلى نشوء ظواهر أكثر فداحة من حيث الضرر أو الدمار.

ومع الأخذ في الحسبان أنَّ تدهور أو اختفاء أي مادة من مواد التراث الثقافي أو الطبيعي يعد إفقاراً وخيماً لتراث دول العالم كافة، ولا بد من حماية هذا التراث على المستوى الوطني، وغالبًا ما يبقى غير مكتمل نظرًا لحجم الموارد التي تحتاج إليها والموارد الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية غير الكافية في البلد الذي توجد فيه الممتلكات التي ستتم حمايتها.

وبالإشارة إلى أنَّ دستور المنظمة، ينصّ على أنَّها ستحافظ على المعرفة وتنمّيها وتنشرها من خلال ضمان صون تراث العالم وحمايته، وإصدار التوصيات للأمم المعنية بشأن الاتفاقيات الدولية اللّازمة، كما أنَّ الاتفاقيات والتوصيات والقرارات الدولية القائمة المتعلقة بالممتلكات الثقافية والطبيعية تعكس أهمية الحفاظ على هذه الممتلكات الفريدة، التي لا تعوض بالنسبة للشعوب التي تنتمي إليها أياً كانت، وبرؤية أن أجزاء من التراث الثقافي أو الطبيعي هي ذات أهمية بارزة وبالتالي تستوجب الحفاظ عليها كونها جزءاً من التراث العالمي للبشرية ككل، ومن خلال ضخامة وجسامة الأخطار الجديدة التي تهددها، فإنَّه يتعين على المجتمع الدولي أجمع أن يشارك في حماية التراث الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية البارزة، عن طريق توفير دعم جماعي، ليس ليحل مكان الإجراءات المناسبة التي تتخذها الدولة المعنية، وإنما ليتكامل معها.

ومن الضروري اعتماد أحكام جديدة لهذا الغرض على شكل اتفاقية تنشئ نظامًا فعّالاً لحماية التراث الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية البارزة بشكل جماعي، منظم على أساس دائم ويواكب الأساليب العلمية الحديثة.

وقد سعت منظمة اليونسكو لتشجيع البلدان والمجتمعات في الحفاظ على الإرث الحضاري والمعرفي؛ لأنَّه يعد الرابط بين الماضي والحاضر والمستقبل،  وقد عمدت على ذلك من خلال إصدار اتفاقية حملت عنوان (اتفاقية حماية التراث العالمي والثقافي).

وقد أحتوت هذه الاتفاقية على عدة نقاط تلزم أي دولة في العالم بحماية معالمها الأثرية والتاريخية والثقافية أهمها عقد العديد من المعاهدات التي تلزم الدول بحماية ما لديها من آثار والحفاظ عليها،  وتنمية العلوم التي تتعلق بحماية الآثار وترميمها، العمل على إدراج الأماكن الأثرية وأماكن التراث ضمن قائمة التراث العالمي، الرقابة على مدى التزام الدول بحماية ما لديها من آثار وتراث، العمل على إعادة الآثار المنهوبة والتي تم إخراجها من أماكنها بدون وجه حق».

مساهمة اليونسكو في اليمن

عمدت منظمة اليونسكو إلى المساهمة عبر عدة شركاء لوضع برامج تنفيذا لسياسة اتفاقيتها التي أبرمتها، فقد عملت منذ الصراع في اليمن عام 2015م على حصر ما خلفه الصراع في عملية الترميم والذي قامت بترميم عدة معالم أثرية، وكان أبرز برنامج نفذته في اليمن من خلال شريكها الصندوق الاجتماعي للتنمية، حيث استفادت اليمن من خلال ترميمها أنَّ ثلاث مدن يمنية أعلنتها ضمن قائمة التراث العالمي، وهي مدينة شبام حضرموت، وصنعاء القديمة وزبيد.

مصطفى الكسادي(مستشار في الصندوق الاجتماعي) يقول لـ «صوت الأمل»: «عملت المنظمة بعملية التدخلات لإنقاذ مدينة عدن وحفظها، وترميم عدد من المباني والمعالم الأثرية وقد بلغت موازنة المشروع الذي شمل على إعادة إعمار منطقة القاسمي إلى 100,000دولار، وقد استهدف المشروع عدة منازل في صنعاء القديمة، إلى جانب مشروع صيانة صهاريج الطويلة، وبحصن الحجر في محافظة لحج، وفي مدينة شبام تم إنقاذ المباني المتضررة من السيول”.

وفي لفتة من منظمة اليونسكو لدعم الشباب المهتم بالتراث، فقد قامت بإحياء الموروث الثقافي والمحافظة عليه وكانت (مؤسسة عدن أجين) التي تهتم بحماية المعالم الأثرية في محافظة عدن والدفاع عنها قد حصلت على الدعم من خلال تدريب 41 مهندساً ومهندسة بغرض ترميم المنازل العدنية.

مازن الشريف(مدير مؤسسة عدن أجين)يقول: “عملنا من خلال طاقم فريق المهندسين إلى رصد ما خلفه الصراع في عملية ترميم المنازل العدنية التي تضررت، والتي تحتاج إلى الترميم للحفاظ على الهوية العدنية وكانت من خلال منظمة اليونسكو تطبيقًا لبنود الاتفاقية التي تعمل عليها في الدول التي تشهد تضرر المعالم الأثرية فيها جراء الصراع”.

 ويضيف الشريف أنه تم الاستفادة من المشروع والعمل على  توثيق 48منزلًا مدة أربعة أشهر خلال النزول الميداني وأخذ القياسات، كما تم إعداد أرشفة المنازل في كتاب لم يتمكنوا من نشره؛ بسبب عدم توفر تكاليف الطباعة، لكن المؤسسة قامت بتوزيع برشورات توعوية وبوست كارد تعريفية وهذا كله بدعم من اليونسكو في اليمن والاستفادة من مشاريعها، التي تأتي في إطار تنفيد اتفاقيات دولية أبرمت لأجل الحفاظ على المعالم الأثرية.

الإيكروم

لا أحد يغفل دور المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (إيكروم) وهي منظمة حكومية دولية مكرسة للحفاظ عن التراث الحضاري العالمي من خلال التدريب، والمعلومات، والأبحاث، والتعاون وبرامج الدعم، تهدف المنظمة إلى تطوير قطاع الحفظ والترميم ونشر التوعية حول أهمية وحساسية التراث الثقافي.

أنشىء المركز نتيجةً لمقترح صدر خلال المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو الذي أقيم في مدينة نيودلهي في عام 1956م، بعد ثلاث سنوات تم تأسيس المركز في مدينة روما(إيطاليا) حيث لا يزال مقره الرئيس فيها حتى اليوم، يغطي المركز حاجة الدول الأعضاء والتي تبلغ 135 دولة حاليًا من ضمنها اليمن والذي ساهم في أعمال كثيرة للحفاظ على المعالم الأثرية فيها.

دور الاتفاقيات الدولية

وعن دور الاتفاقيات الدولية في حماية الآثار، تقول حنين بلال (المحامية والباحثة الأردنية) في هذا الشأن: “خلال الصراع  تخضع الممتلكات الثقافية والتراثية لآليات الرقابة وهي وسائل تلجأ إليها الدول أو المنظمات لحمايتها و احترامها أثناء النزاعات”.

مضيفة أنَّه توجد مجموعة من المعاهدات والمواثيق الدولية التي تحمي التراث والممتلكات الثقافية أثناء الصراعات، وأهمها اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح 1954م، أي أنَّه إذا حدث وتم قصف مواقع ثقافية وتاريخية يعد جريمة وفقًا لاتفاقية لاهاي وجاءت اتفاقية لاهاي كرد فعل على الدمار الذي سببته الحرب العالمية الثانية لمواقع التراث. 

 وتردف بلال أنَّ هناك اتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية 1970م بحيث يتم مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وتندرج في مهمة اليونسكو التي اعتمدت في عام 1970م اتفاقية بشأن الوسائل التي تُستخدم لحظر ومنع استيراد ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة. 

 مواصلة حديثها عن دور الاتفاقيات الدولية لحماية الآثار قائلة: “هناك اتفاقية التراث العالمي 1972م والتي تحدد الاتفاقية واجبات الدول الأطراف في تحديد المواقع المحتملة ودورها في حمايتها والحفاظ عليها وتتعهد كل دولة للحفاظ ليس -فقط- على مواقع التراث العالمي وتقع على أراضيها أيضاً حماية تراثها الوطني”. 

وتوضح الباحثة حنين بلال أنَّ  قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة في قانون النزاعات والمعروف بالقانون الدولي الإنساني يعد مصدراً رئيساً ومهماً لحماية الممتلكات الثقافية في حالات النزاع، إلى جانب دور البروتوكول الإضافي لعام 1977م لاتفاقية جنيف ويختص بشأن حماية الممتلكات الثقافية  أثناء النزاعات، كما يساعد  القانون الدولي العرفي للنزاع القانون الجنائي الدولي والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966م”.

هدف الاتفاقيات الدولية

الهدف الرئيس من الاتفاقيات الدولية المعتمدة هو حماية المواقع التراثية التي تحمل قيمة عالمية استثنائية، غالباً ما يتم تقاسم ثروة المعرفة التي يتم تطويرها ضمن سياق التراث العالمي؛ بهدف المساعدة في الحفاظ على مجموعة واسعة من المواقع الأثرية، وعلى الرغم من أنَّ الاتفاقية تستند بشكل أساسي على الموقع، إلا أنَّ ممتلكات التراث العالمي هي أماكن معقدة تجمع بين القيمة العالمية والإقليمية والوطنية والمحلية تقريبًا بشكل دائم، كما تعد الاتفاقية أيضاً واحدة من الوسائل العالمية القليلة التي تربط بين حماية التراث الثقافي والطبيعي، وتوفر منبرًا؛ لتطوير مقاربات متكاملة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع لـ YIC: 75  % من الآثار اليمنية لا تتمتع بالحماية الكافية

صوت الأمل كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر مايو 2022م حول (ا…