‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التسول في اليمن دور منظمات المجتمع المدني وبرامجها الإنسانية لمكافحة التسول

دور منظمات المجتمع المدني وبرامجها الإنسانية لمكافحة التسول

صوت الأمل – فاطمة رشاد

تسعى كثير من المنظمات والجمعيات والمؤسسات العاملة في المجتمع المدني للمساهمة في الحد من ظاهرة التسول التي انتشرت بشكل ملفت، ويرجح الكثير من ذوي الخبرة أنَّ الأسباب الحقيقة التي جعلت هذه الظاهرة تنشر بشكل ملفت للانتباه في الآونة الأخيرة هو الوضع الاقتصادي الذي تعيشه اليمن؛ لهذا سعت كثير من المنظمات إلى تقديم المساعدة لهؤلاء المتسولين عبر برامج تعمل على محاولة التأهيل لهم وإعطائهم مساعدات نقدية وعينية ولكن وكما تقول (صفاء محسن- تعمل في جمعية لدعم المتسولين) قائلة: “حاولنا كثيراً تقديم المساعدات لهؤلاء المتسولين في الشوارع ولكن للأسف الشديد سرعان ما يعودون إلى الشارع لممارسة التسول الذي أصبح بالنسبة لهم مهنة يمتهنها البعض منهم ليست للعوز والحاجة فقط”

صفاء ترجح _في قولها_ “أنَّ التسول في محافظات اليمن أصبح اليوم مجرد مهن تمارس دون رقيب وإن وجدت برامج لتأهيلهم فإنَّ التسول يجري في عروقهم مجرى الدم”.

لفتة إنسانية

“رأيتهم في الشارع يتسولون فقررنا أن نعمل لهم دورة تدريبية تأهيلية” هكذا قالت (سمر قاسم -إحدى العاملات في برامج جمعية الأمل) تواصل حديثها: “استهدفنا في جمعيتنا بعض المتسولين في الشارع وخاصة النازحين ضمن برنامج النقد مقابل العمل ووزعناهم على عدة دورات تدريبية وتأهيلية تناسب قدراتهم واهتماماتهم، في اليوم الأول وجدنا صعوبة في إقناعهم بالاستمرار في التدريب للكسب الشريف وكانت بمثابة النصائح قبل التأهيل لكي نستطيع أن نقدم لهم الدورات التأهيلية بكل أريحية بعد إعلامهم ماذا نريد منهم؟ ولماذا جلبناهم إلى مقر الجمعية؟ ولماذا ندربهم؟”.

وتواصل سمر: “كان البرنامج لمدة عشرة أيام لكننا مددنا المدة لشهر حتى نستطيع أن ندربهم على كسب حرفة لكي يعملوا بالحلال دون سؤال الناس ومد اليد”

وتوكد سمر على أنَّهم استطاعوا أن يقدموا دعماً مالياً بسيطاً إلى جانب الدعم المعنوي والتأهيلي الذي أكسب هؤلاء النازحين المتسولين مهارة حياتية وتمت متابعتهم بعد ذلك من أجل التأكد من أنَّهم استفادوا من تلك النصائح والدورات، حيث قالت سمر: “نحن استهدفنا ما يقارب ال 40متسول ومتسولة من نازحي الحديدة وتعز المتواجدين في الجولات وأمام المولات والمدارس وأماكن أخرى من المحافظة”.

وتشاركها الرأي منال أحمد: “استهدفناهم في أحد برامج جمعية الهدى لفئة المتسولين وأطفال الشوارع في عام 2017ضمن برنامجنا التكافلي وتم توزيع 300 سلعة غذائية عليهم إلى جانب صرف مستحقات مالية وكسوة عيد وكان الهدف من هذا البرنامج هو دمج النازحين مع المجتمع المستضيف لهم”.

وعللت منال أسباب تسول النازحين في محافظة عدن والمحافظات الأخرى أنَّه يعود إلى ضعف وصول المساعدات إليهم حيث يجعلهم يتجهون إلى ممارسة التسول وكثير من المنظمات لا تعير أي اهتمام للمتسولين وخاصة الذين ينزحون من مناطق الصراع.

وتتابع منال حديثها قائلة: “معالجة القضية تتطلب صبراً ورؤية معرفية متكاملة لأجل تقييم أسباب تفشي هذه الظاهرة وكذلك وضع حلول تناسب الجميع. المتسولون عندما نحاول تقديم المساعدات لهم _خاصة فئة الرجال_ نجد أنَّ البعض يعد التسول مهنة يمارسها ولا يرغب بالتخلي عنها! حاولنا كثيراً أن نقوم بتوفير عمل للبعض منهم لكننا فوجئنا بعودتهم إلى مزاولة التسول ومن خلال نزولنا ومتابعتهم وجدنا أنَّ شبكة التسول تدار من قبل أشخاص يتم تجنيدهم وكذلك هناك توسع في الشبكة في كل مكان.  تسعى بعض الجمعيات الخيرية إلى الحد من هذه الظاهرة عبر الكثير من البرامج والمشاريع التي تحاول من خلالها مساعدة هؤلاء المتسولين ولكن دون فائدة “.

 خطط برامجية

“1500 حالة تسول استطعنا أن نرصدها”، هكذا قالت لنا (خديجة جابر- كانت تعمل سابقاً في إحدى المؤسسات القائمة على عمل مسوحات ميدانية ورصد حالات التسول- محافظة عدن). وتتابع حديثها قائلة: “استطعنا أن نرصد خلال عام 2019م في منطقة البساتين جولة الكراع هذا العدد والذي يعد رقماً قليلاً مقارنة بالموجود، هناك محاولات وجهود تبذل في رصد أعداد المتسولين في محافظة عدن؛ لأنَّنا في الآونة الأخيرة نرى أنَّ هناك تزايداً خاصة بعدما توافدت أعداد النازحين من المحافظات الأخرى لهذا كل عمل الجمعيات محصور في دورات تأهيلية وإعطاء نصائح للمتسولين؛ لكي يتركوا التسول ويتجهوا للكسب بطرق سليمة لا تهز صورة الوطن لأنَّ الزائر إلى اليمن حين يجد هؤلاء في الشوارع سيعرف مدى ركاكة المجتمع عند تواجد المتسولين فيه”.

استهداف

(أمة الرحمن العفوري- صاحبة مبادرة الترابط التنموية التي تقدمها للمحتاجين- محافظة عدن) قالت عن خطة برامجية استهدفت منذ عامين المتسولين في منطقة دار سعد: “استهدفنا 30 امرأة متسولة من منطقة دار سعد بحكم أنَّها أقرب منطقة لنا فقد قدمنا لهن دورات تدريبية لأجل أن نغرس في داخلهن العمل الشريف دون سؤال الناس؛ لأنَّ الاعتماد على النفس وكسب القوت بالحلال يرضي رب العالمين وأهم ما قمنا بتأهيلهن فيه هو التدريب على صناعة البخور والنقش وكذلك الكوافير وكانت مدة الدورة ثلاثة أشهر وقبل أن نبدأ معهن في الدورة قمنا بعمل مسوحات ميدانية فوجدنا أنَّ النساء أجبرن من قبل أزواجهن أو آبائهن أو إخوانهن على التسول ورأينا أنَّ البعض منهن جعلنها مهنة”.

وعن أبرز الصعوبات التي واجهتها أمة الرحمن العفوري وهي تجهز لاستهداف هذه الفئة قائلة: “إنَّ أغلب النساء المتسولات أردن التعليم والتأهيل لكن أزواجهن رفضوا ذلك إلى درجة أنَّنا دخلنا مع أغلب الأهالي في مشادة لكي يسمحوا لبناتهم بالتدريب والتأهيل على حرف مهنية ليتركن التسول ويكسبن بطريقة مشروعة لا تعرضهن للمذلة وسؤال الناس” وإلى جانب ذلك تقول أمة الرحمن: “لقد كلفنا برنامج التدريب مبلغ 100دولار إلى جانب المساهمة والتطوع من المدربات اللواتي دربن بدون أي مقابل  وهناك من أحضرت بعض المعدات لأجل إنجاح الدورة”.

صندوق الرعاية الاجتماعية

(ماجد الشاجري -مدير الصندوق لرعاية الاجتماعية- محافظة عدن) قال لصوت الأمل: “نحن نسعى إلى مساعدة الناس الأكثر فقراً من خلال برامج الإعانة الذي ينفذ عبر صندوق الرعاية الاجتماعية ومن ضمن المشمولين المتسولون حيث يعدون من الفئات الأكثر فقراً وهذا الهدف الأول من عمل الصندوق؛ للتخفيف من معاناة الناس”.

ويواصل الشاجري “إنَّ هناك برامج تنفذ من قبل الجمعيات في محافظة عدن للتخفيف من معاناة المتسولين من خلال توزيع المساعدات وإقامة التدريبات التأهيلية للحد من هذه الظاهرة التي انتشرت في محافظة عدن ورغم الجهود التي تبذلها الجمعيات والمنظمات والبرامج الدولية التي تنفذ في اليمن من خلال مشروع الحوالات النقدية الذي يرى الشاجري أنَّها توزع على معظم سكان محافظة عدن ومن بينهم الوافدون والنازحون من المحافظات الأخرى”.

ودعا الشاجري المنظمات والجمعيات إلى الوقوف في صف هؤلاء الفئة التي تحتاج الدعم الدائم لكي نخفف من هذه الظاهرة فقد أصبحت تشكل منظراً سيئاً أمام الزائرين لليمن من الخارج.

وشدد على “ضرورة تفعيل دور الملاجئ والمراكز التي تهتم بإيواء الأطفال وخاصة أطفال الشوارع أو كما يعرف بالمتسولين وكذلك توزيع المساعدات عليهم إلى جانب مطاردة من يتورط في جعل الأطفال يتسولون خاصة وإنَّ هناك شبكات كبيرة ومنظمة لممارسة هذا السلوك المهين للفرد قبل أن يهين البلد بشكل عام”.

في شهر الخير

سلوى عارف عملت في عدة منظمات تقول: “ليس هناك خطط برامجية لاحتواء المتسولين ولكن يغلب على أنشطة وبرامج عدة جمعيات ومؤسسات الاهتمام بهؤلاء في شهر رمضان؛ من خلال إعطاءهم سلالًا غذائية تساعدهم على العيش ولكن لا يوجد أي برنامج لتأهيلهم التأهيل الصحيح “.

وتواصل سلوى قائلة: “هناك مبادرات لا بأس بها قدمت من قبل بعض الناشطين العاملين بالجانب الإنساني ولكنَّها عبارة عن مبادرات لم تجد من الجهات المعنية الاهتمام بحيث تشمل أعداداً كبيرة من المتسولين الذين يحتاجون إلى التوعية والدعم النفسي والمعنوي ويجب الاهتمام بالأطفال المتسولين الذين أصبحوا يتسولون عبر شبكات منظمة تستخدمهم وتتاجر بهم أيضاً؛ لممارسة التسول. وفي شهر رمضان  -حقيقة- يتم توزيع السلال الغذائية ولكن لا يتم إعارة الاهتمام إلى المتسولين بكفاية حاجتهم عن سؤال الناس. هناك فعلاً أناس أجبرتهم الظروف على ممارسة التسول ولكن البعض يستهين بوضع هؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة “.

وشكرت سلوى بعض الجهات في المؤسسات الخاصة والجمعيات القليلة التي رأينا همتها في مساعدة المتسولين عبر تقديم المساعدات لهم، كما ذكرت أنَّ هناك أناساً يتولون بأنفسهم جلب المساعدات للمتسولين وتوفير أماكن الإيواء خاصة للنازحين الذين قدموا من محافظات أخرى.

وقالت (منى العودي -من جمعية المجد للتنمية) عن استهدافهم للمتسولين في جمعيتهم قائلة: “نحن نستهدف الأسر الأشد فقراً وبينهم متسولون غير أنَّ هناك مشاريع غير مباشرة تحمي المستفيد من التسول مثالاً على ذلك كفالات الأيتام وغيرها من الحلول الموجهة للأسر الأشد ضعفاً؛ للدعم الاقتصادي، التعليمي، التربوي، التوعوي”.

جهود من الجهات المعنية

هناك جهود طفيفة؛ لمحاولة تقديم الدعم لهؤلاء المتسولين من خلال الجهات المعنية _وفي شهر أغسطس من العام المنصرم_ بدأت في العاصمة صنعاء حملة قامت بها الجهات المختصة  لمعالجة هذه الظاهرة وحثت وسائل الإعلام على تنفيذ برامج وحملات توعوية وكما قدمت دعوة من دعوات تقديم الحلول لهذه الظاهرة وهي توفير الرعاية اللازمة  للأطفال المتسولين وإيداعهم في مراكز رعاية مختصة كمركز الطفولة الآمنة الذي تم تجهيزه من قبل الهيئة العامة للزكاة وذلك بتقديم برامج تأهيلية وتدريبية على العمل من خلال وزارة التعليم الفني والتدريب المهني لإدماجهم وفقاً للاتفاق المبرم بين الوزارة وهيئة الزكاة مع إمكانية تمويل الشباب الجادين من قبل الهيئة؛ للبدء في مشاريعهم الخاصة بقروض حسنة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع..  %44الأطفال أكثر الفئات تسولاً في اليمن

صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر أبري…