‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التسول في اليمن امتهان التسول نِتاج خلفية اجتماعية واقتصادية قاسية

امتهان التسول نِتاج خلفية اجتماعية واقتصادية قاسية

صوت الأمل – عبد الجليل السلمي

تعددت العوامل الدافعة لظاهرة التسول في اليمن، وتنوعت، إلا أنّ الوقاية من هذه الظاهرة ومخاطرها تتطلب جهداً مجتمعياً ورسمياً، لتشابك منظومة الحلول وارتباطها في كافة المجالات القطاعية، طبقاً لخلاصة دراسات وتوصيات خبراء علم الاجتماع.

توارث التسول    

أكد تقرير (إيصال أصوات المهمشين) الصادر عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية _ سبتمبر 2020_ “أنَّ العديد من أسر المهمشين تقتات على الدخل الذي يكسبه الأطفال، عبر التسول في المقام الأول؛ لتبقى على قيد الحياة”.

وأضاف “يضطررن النساء المهمشات للخروج إلى الشوارع؛ لكسب لقمة العيش حيث يعملن في التسول وكنس الشوارع والبيع على الطرقات، مشيراً إلى أنّ معظم الأطفال المهمشين يتسربون من المدرسة ويذهبون إلى التسوّل”.

ذكر موجز (مجموعة الحماية في اليمن يناير 2021): “أنَّ المهمشين في اليمن واجهوا مستويات شديدة من سوء المعاملة والتمييز، والتي تفاقمت بشدة بسبب الأزمة المستمرة”.

“يقدر تعداد المهمشين في اليمن بنحو 3.5 ملايين فرد يتركز معظمهم في الحديدة وتعز وإب ولحج والمحويت وحجة ومحافظة حضرموت، يسكنون غالباً في مبانٍ خالية، وأحياء فقيرة وبالقرب من مواقع القمامة، أو معزولين في أحياء غير رسمية” وفقاً لمجموعة الحماية.

أظهرت دراسة (ظاهرة التسول في المجتمع اليمني.. العوامل المسببة والوقاية منها) “أنَّ العوامل الاقتصادية والمتمثلة في الفقر والمسكن غير الملائم والحي في مجملها أوضحت مدى العلاقة بينها وبين التسول”.

وأكدت الدراسة التي أعدها (الدكتور يحيى علي الخولاني – أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة المستقبل) _في عام 2020_ “أنَّ هذه العوامل قد تتظافر مع العوامل الأخرى؛ لتدفع الطفل المعرض للتسول إلى الوقوع في التسول فعلاً”.

يرى الخولاني “أنَّ الفقر والسكن في الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان التي تنتشر في الأماكن المهجورة تعد بيئة صالحة للتسول”.

وبحسب تقرير حالة اليونيسف في اليمن (تحديث خرائط المهمشين) “فإنَّ واحداً فقط من كل عشرة لديه مساحة الحصول على فرص كسب العيش، وبدون تعليم رسمي. يعمل معظمهم في القطاع غير الرسمي، وفي كثير من الأحيان في وظائف منخفضة الأجر مثل التنظيف والصرف الصحي”.

في دراسة حديثة (الاستبعاد من المساعدات الإنسانية في اليمن) _الصادر في 2020م_ عن المجلس الدنماركي للاجئين، أفاد “أنَّ 70٪ من المهمشين الذين شملهم الاستطلاع بأنَّهم مستبعدون من المساعدات الإنسانية، كما أنَّ استبعادهم مرتبط بالمشاركة من قادة المجتمع في تحديد المستفيدين”.

قالت الأخصائية الاجتماعية زاد الخير الهمداني لـ (صوت الأمل) “إنَّ بعض الآباء والأطفال من فئة المهمشين يتخذون التسول نشاطاً “تقليدياً” وأصبحت ظاهرة التسول شبه حتمية تنتقل من جيل إلى آخر” مؤكدةً “أنَّ هناك علاقة وثيقة بين الخلفية الاجتماعية والاقتصادية والتسول”.

وتابعت بالقول: “إذا كان الوالد يتسول فالأمر هو نفسه بالنسبة للطفل، إنَّه وراثي في بعض الأحيان”.

وجد تقرير (النوع الاجتماعي وتحليل النزاع في اليمن) أجرته منظمتي كير وأوكسفام _في أكتوبر 2016_ “أنَّ الرجال من فئة المهمشين يتخذون من تعداد الزوجات استراتيجية لزيادة دخلهم من خلال التسول الذي يقمن به”.

نازحون أرسلوا أطفالهم للتسول  

قالت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الصادر -في فبراير 2022م-: “إنَّه يوجد في اليمن حالياً أربعة ملايين نازح داخلياً، منهم 2.2 ملايين كانوا من الأطفال، وهو رابع أكبر عدد من النازحين داخلياً في جميع أنحاء العالم؛ بسبب الصراع”.

وبحسب المفوضية الأممية “فإنَّ معظم النازحين في المحافظات أرسلوا أطفالهم للتسول في الشوارع والأسواق بعدما فقدوا وظائفهم بعد فرارهم من منازلهم، كما أُجبرت العديد من النساء في مخيمات النازحين على التسول”.

إجراءات تأقلم ضارة

تشير التقديرات العالمية لمنظمة الصحة العالمية إلى “أنَّ أكثر من 4.6 ملايين شخص في اليمن يعانون شكلاً من أشكال الإعاقة، إلا أنَّه يعتقد أنَّ الرقم أعلى مع استمرار حدوث الإصابات المرتبطة بالنزاع وسوء التغذية والأثر الشديد للصراع والنزوح على الصحة العقلية”.

 يلجأ الأشخاص ذوو الإعاقة إلى التسول لمجرد أنَّه ليس لديهم خيارات أخرى، وفي ذلك تؤكد الأخصائية الاجتماعية زاد الخير الهمداني “أنَّ شريحة المعاقين ممثلة تمثيلاً زائداً بشكل ملحوظ بين الفقراء وممثلة تمثيلاً ناقصاً داخل القوى العاملة الوطنية”.  

وأوضحت “أنَّه في ضوء هذه التحديات، فإنَّ قرار المعاق لكسب لقمة العيش بالتسول قد يكون قراراً اقتصادياً عقلانياً، بغض النظر عن الجانب الاجتماعي والخسائر النفسية التي يتكبدها”.

“يصبح التسول أيضاً استراتيجية بقاء للعمال المهرة وغير المهرة في شيخوختهم عندما لا يعودون قادرين على العمل، وليس لديهم معاشات تقاعدية كافية أو دعماً مالياً لتلبية متطلباتهم”.  

“في اليمن أكثر من 1.3 ملايين شخص يبلغون من العمر 60 عاماً أو أكثر، ونظراً لأعمارهم ونقاط ضعفهم المحددة، كان للأزمة تأثير غير متناسب على كبار السن”، وفقاً لمجموعة الحماية في اليمن.

 وتضيف “يكافح كبار السن للحصول على الخدمات الأساسية، وتكلفة الخدمات غالباً ما تكون مع كبار السن أسوأ حالاً من الناحية المالية، واحتياجاتهم أعلى لبعض الأدوية للأمراض المزمنة والمساعدات على الحركة غير متوفرة أو باهظة الثمن”.

 ووفقاً للتقييم السريع لاحتياجات كبار السن في اليمن، اضطر 67% من كبار السن إلى الاقتراض منذ اندلاع الصراع، وفي الوقت نفسه، فإنهم غالباً ما يتحملون المسؤولية الصعبة المتمثلة في العناية الكبيرة بعائلاتهم.

وأظهر التقييم الذي غطى محافظات: لحج، تعز، وصنعاء، والذي أجرته منظمة هيلب إيج إنترناشيونال _في 2019_ “أنَّ الكثيرين من كبار السن اضطروا إلى اتخاذ إجراءات تأقلم ضارة مثل بيع ممتلكاتهم والتسول”.

الوقاية من ظاهرة التسول

قدمت دراسة (ظاهرة التسول في المجتمع اليمني.. العوامل المسببة والوقاية منها) حزمة من الحلول للوقاية من ظاهرة التسول في اليمن، شملت قطاعات التعليم والصحة والإعلام والشؤون الاجتماعية، والرياضة والثقافة والإرشاد.

وأوصت الدراسة “بأن تعيّن وزارة التربية والتعليم مشرفين اجتماعيين ونفسيين في كل مدرسة، والعمل على حل كل ما يعيق الطالب عن إتمام الدراسة”.

وأوصت الدراسة التي أعدها الدكتور يحيى الخولاني “بوضع خطط وبرامج تثقيفية تستهدف الأبوين للارتقاء بمستواهم الثقافي وتعليمهم الأساليب الحديثة للتنشئة الاجتماعية، وزيادة عدد الأخصائيين الاجتماعيين العاملين في المدارس، كونهم عناصر أساسية لحل المشكلات الاجتماعية”.

وشددت على “ضرورة اهتمام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالأسر الفقيرة، ومساعدتها، وتخصيص راتب شهري لهذه الأسر، وتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي”.

 كما دعت إلى “ضرورة قيام وزارة الصحة برعاية الأسرة والاهتمام ببرامج تنظيم الأسرة، وصولاً إلى أسرة صغيرة يتمكن فيها الوالدين من ممارسة الأساليب الصحيحة للتنشئة الاجتماعية”.

 وأكدت الدراسة على “ضرورة قيام وسائل الإعلام المختلفة بوضع خطط وبرامج توعوية شاملة للحد من التفكك الأسري كونه سبباً للتسول، وكذا قيام وزارة الأوقاف بوضع البرامج التوعوية لتوعية الأسرة بضرورة التمسك بقيم الإسلام الحنيف، وتقوية الوازع الديني بين أفراد الأسرة”.

وأوصت “بضرورة إنشاء نوادٍ رياضية واجتماعية وثقافية للأطفال، حتى يجدوا المكان المناسب لقضاء أوقات فراغهم، وأيضاً القيام بدراسات مكثفة للتعرف على الأسباب النفسية والاجتماعية والتربوية والأسرية لتسول الأطفال، من أجل وضع برامج وخطط لعلاجها والوقاية منها”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع..  %44الأطفال أكثر الفئات تسولاً في اليمن

صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر أبري…