تأثيرات الصراع على العملية التربوية… انقطاع الرواتب، النزوح، انعدام التأهيل، تهدم المدارس، التسرب من المدارس تأثيرات الصراع على العملية التربوية…
صوت الأمل – علياء محمد
أدى الصراع القائم في اليمن منذ العام 2015 إلى تزايد حالات العنف والانقسام في البلاد، وطالت تداعياته كافة قطاعات الدولة وكان أهمها قطاع التعليم، فقد تعرضت الكثير من المدارس للتدمير والبعض من المدارس أغلقت نتيجة للانفلات الأمني.
وتعرض المعلمون في اليمن لأوضاع اقتصادية صعبة جراء انقطاع الرواتب واضطر الكثير منهم للنزوح من مناطقهم والانتقال إلى مناطق أخرى أقل ضررا.
معلمون خارج عملية التدريس
ذكر التقرير الصادر عن منظمة اليونيسف في العام 2021 أن ما يقارب 171.600 معلم ومعلمة لم يستلموا رواتبهم بشكل منتظم، الأمر الذي فاقم من حدة الوضع، وتوقف البعض منهم عن التدريس وبحثوا عن فرص أخرى لإعالة أسرهم.
أحلام علي البالغة من العمر ٣٥ عاما، إحدى المعلمات اليمنيات التي عملت في مجال التدريس تركت مهنتها لتبحث عن مجال آخر وبفضل لغتها الانجليزية عملت سكرتيرة لعدد من المكاتب .
تقول أحلام: “أجبرت على ترك مهنة التدريس بسبب انقطاع الرواتب والتي كانت مصدر رزق لي ولأسرتي فزوجي يعمل في محل لبيع الملابس وراتبه قليل لا يكفي لسد احتياجاتنا فاضطررت للبحث عن مهنة أخرى حتى أساعد زوجي في توفير احتياجاتنا واحتياجات أطفالنا “
مضيفة: “لم أترك بابا إلا وطرقته، حتى أني قمت بالعمل كمدرسة خصوصية لكثير من الطلاب، ولكن الوضع الذي ألم بنا كان أكبر من تحقيق أحلامنا في مهنة التدريس وأصبحنا عاجزين عن العطاء في وقت شعرنا فيه باليأس”.
لم يختلف وضع أحلام عن وضع عبد الله يحيى أحمد (معلم في أحد المناطق الريفية)، والذي أجبر على ترك مهنته والبحث عن مصدر آخر للرزق.
وأوضح في حديثه إلى أنه اختار الاغتراب والعمل كعامل بناء بإحدى الدول المجاورة بسبب انقطاع الرواتب، ويقول: “عملت بنصيحة رجال القرية المغتربين والعاملين في مهنة البناء بعد أن انقطع راتبي وساء وضع أسرتي المعيشي وانقطعت كافة السبل في البحث عن فرصة عمل بديلة داخل القرية “.
نازحون خارج مناطقهم
أجبر منصور محمد علي الزراعي (مدرس) على النزوح هو وأسرته إلى محافظة البيضاء، رداع، بسبب المعاناة التي واجهها جراء انقطاع الراتب وانعدام الغذاء والدواء.
ويتحدث بوجع عن وضعه ووضع زملائه ويقول: “أنا وغيري من المعلمين أجبرنا على ترك مناطقنا والنزوح إلى محافظات أخرى، وبالرغم من ذلك مازلنا نعاني من تدهور الوضع الاقتصادي فما نتقاضاه لا يكفي أن نعيش عيشة كريمة في مناطق النزوح، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار في المناطق التي نقطن فيها وهناك الكثير ممن لم يستطع دفع إيجارات بسبب التأخر في صرف الرواتب”.
مضيفا: “بسبب الصراع أصبح الكثير من المعلمين عازفين على التعليم. والبعض منهم بحثوا عن فرص عمل أخرى، وأصبح التعليم مهنة ثانوية “.
ناصر حسين (أحد المعلمين الذين نزحوا إلى محافظة عدن) بدأ بمتابعة إجراءات ضم اسمه إلى كشوفات المعلمين النازحين في المحافظة ولكنه تفاجأ بضم اسمه إلى الدفعة الرابعة وتوقف الصرف لهم بسبب عجز الدولة عن دفع رواتبهم واضطر للعمل في مدارس خاصة في المحافظة .
الصراع وتدني المستوى التعليمي
أثر الصراع سلبا على دور المعلمين في القطاع التعليمي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض مستوى التعليم وتدني مستوى الطلاب بسبب عدم توفير البيئة المناسبة للمدرس وعدم توفير احتياجاته.
هذا ما أكد عليه خالد خلدون (مدرس في أحد المدارس الحكومية) حول تأثير الصراع على المعلمين والتلاميذ، وأشار إلى التأثير المباشر الذي خلفه الصراع على المعلمين في مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والنفسية.
وعن التأثير من الناحية الاقتصادية يقول خلدون خالد: “كان راتبي في بداية توظيفي في العام 2011 ما يعادل 200 دولار، أي ما يقارب 42000 ريال يمني، وحاليا أصبحت أتقاضى ما يقارب 53700 ريال، وأصبح يعادل 40 دولارا فقط.
مضيفا: ” لم يعد المعلم يقدم أفضل ما لديه بسبب ما يتقاضاه من راتب ضئيل لا يحقق له أن يعيش عيشة كريمة في ظل ارتفاع الأسعار وسوء المعيشة، فمهنة التدريس تحتاج إلى ذهن صافٍ يفكر بإبداع، فكيف يستطيع المعلم أن يؤدي مهامه بدون تقصير وهو يفكر من أين سيلبي احتياجات أسرته وكيف يصرف راتبه ؟”.
وفي سياق متصل، أكد أحمد مسعد (مدير مدرسة) أن انعكاس آثار الصراع سلبا على مخرجات التعليم والمستوى العلمي لدى أبنائنا الطلاب. وأفاد أن المعلم في اليمن أصبح عاجزا عن تقديم أفضل ما لديه في مهنة التدريس وخاصة في المدارس الحكومية التي تكتظ بالطلاب وتفرض عليك عددًا كبيرًا من الحصص.
مضيفا: ” يواجه المعلم صعوبات عدة تمنعه من ممارسة مهامه بالشكل المطلوب بسبب عدم توفر الأدوات والوسائل التعليمية بالإضافة إلى عدم استلام أجورهم لفترات طويلة والتدهور المستمر في الوضع الاقتصادي في البلاد، وبالرغم من ذلك نحاول بقدر المستطاع تقديم أفضل ما لدينا دون أي تقصير من أجل رفع مستوى التعليم “.
انعدام الأمن والانفلات الأمني
أشار خالد خلدون إلى حالة الانفلات الأمني الذي يعيشه المعلمون جراء الصراع نتيجة غياب القانون وعدم توفر أي حماية للمعلم.
ويؤكد على ارتفاع حالات الاعتداءات على المعلمين من قبل أولياء الأمور، قائلًا: “تغيرت طباع الكثير من الناس والأسر بسبب النزاع المستمر وانعكس ذلك على أخلاق الطلاب، وأصبحنا نخاف أن نعاقب الطلاب نتيجة إصرار الأسر على أن تصرفات أبنائهم عادية لا أخطاء فيها “.
ويرى خلدون أن المعلم في اليمن يحتاج إلى بيئة تعليمية مناسبة للاستمرار في التعليم في ظل الصراع، بالإضافة إلى توفير الدعم المادي والنفسي للمعلم لضمان استمرار العملية التعليمية.
دعم دولي لضمان استمرار عملية التعليم
قدمت منظمة اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة إنقاذ الطفولة بشكل مشترك على مدى ثلاث سنوات دراسية (2021-2024)، الدعم ل 580,000 طفل في أكثر من 1,000 مدرسة في جميع أنحاء اليمن؛ لاستمرار العملية التعليمية في اليمن عبر مشروع استعادة التعليم.
وركز المشروع على تقديم مجموعة من وسائل تنمية قدرات المعلمين وتدريبهم، بالإضافة إلى توفير المواد التعليمية للمدارس لتحسين نوعية التعليم وتلقى 117،554 من المعلمين والموظفين العاملين في المدارس، حوافز نقدية لضمان استمرار المعلمين بالتدريس، إضافة إلى تلقي أكثر من 2,000 معلمة في المناطق الريفية مرتبات منتظمة.
وقدمت اليونيسف الدعم المالي والتقني لإجراء الاختبارات الوزارية للصف التاسع من المرحلة الاساسية والثاني عشر من المرحلة الثانوية عن طريق توزيع معدات الحماية الشخصية في 4,250 مركز اختبار، فيما تم تدريب 1,200معلم ومعلمة في 247 مدرسة على بروتوكولات المدارس الآمنة.
ويمكن القول إن الصراع المستمر مازال يؤثر على وضع المعلمين في اليمن وما زال المعلم اليمني بحاجة ماسة إلى الدعم والمساعدة، ولن يتم ذلك إلا بتكاتف جهود الجهات المختصة ومنظمات المجتمع المدني والدولي.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…