تحولات الاستثمار في اليمن تحددها البنية الاقتصادية والصراع
صوت الأمل – هبة محمد
تنفرد الجمهورية اليمنية بمقومات استثمارية عديدة جعلت منها محطة جذب للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، منها موقعها الاستراتيجي، وكما تملك شريطاً ساحلياً يمتد بمسافة أكثر 2500 كم وغيرها من المميزات.
وبالرغم من ذلك إلا أنَّ البيئة الاستثمارية اليمنية ما تزال في طور النمو، وفي باطنها الكثير من التحولات التي واجهتها خلال فترات متعددة. “صوت الأمل” هنا ركزت على واقع الاستثمار في اليمن وأبرز التحولات الحاصلة.
واقع الاستثمار في اليمن 2010- 2022م
في تقرير للهيئة العامة للاستثمار، تراجع الأخير في اليمن حيث سُجِّل 97 مشروعًا استثماريًا في 2011م مقابل 164 مشروعًا في 2010م بفارق 67 مشروعًا، وصنف تقرير “أداء الأعمال” الصادر عن البنك الدولي للعام 2010م اليمن في المرتبة 99 في مجال جذب الاستثمار وفي المرتبة 132 في مجال حماية المستثمرين من أصل 184 دولة.
وحدد خبراء اقتصاديون لـ “صوت ألأمل” المعوقات القانونية للمستثمر اليمني بأنَّها تكمن في مشاكل إثبات ملكية الأرض والعقارات؛ بسبب البسط عليها من قبل متنفذين والصراعات بين الأطراف المعنية على شراء الأراضي والعقارات، وهذا يعد بالنسبة للمستثمر مخاطرة بالنفس والمال.
مجمعين على أنَّ ارتفاع تكلفة البنية التحتية، وفرض الضرائب الباهظة، والرسوم والجمارك وغيره من المطالب ترهق المستثمر داخل اليمن.
فياض محمد شاب يمني أكمل تعليمه الجامعي في الخارج، وقرر فتح مشروعه الاستثماري بعد عودته للبلد، قام بعمل خطة استراتيجية كاملة للمشروع، ثم ذهب إلى المكاتب الحكومية للشروع في الإجراءات الأولية لتأسيس مشروعه.
يقول فياض لـ “صوت الأمل”: “لقد أضعت الوقت والجهد والمال داخل المكاتب الحكومية المختصة في المشاريع الاستثمارية، إذ لم أستطع إخراج تصريح لتأسيس مشروعي، بالرغم من أنَّه يتوافق مع المعايير المطلوبة؛ بسبب الفساد الحاصل داخل المكاتب الحكومية، فقد طلبوا مني رسوماً مبالغ فيها تتعدى رأس المال الموجود لدي فقررت العودة إلى الغربة، والاستقرار هناك، وفتح مشروعي الخاص؛ لأنَّ بلدي لا تشجع المستثمر بالعكس فالمستثمر يرهق نفسه ويضيع ماله داخل المكاتب الحكومية”.
وتوضح الإحصائيات الاقتصادية في الجهاز المركزي لعام 2010م أنَّ: “معدل النمو السنوي للناتج المحلي الحقيقي يسجل ارتفاعًا بسيطًا وقد يكون منعدمًا في بعض السنوات، فأكثر السنوات استقرارًا يُلاحظ أنَّ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فيها سجل ارتفاعًا طفيفًا نسبته 7.82 %، وذلك في العام 2010 م مقارنة بالعام السابق 2009 م الذي كانت نسبته 4.3 %، لكنَّ ذلك الارتفاع بدأ بالتدني إلى مستويات أقل في السنوات اللاحقة.
مضيفًا أنَّ النظام الاقتصادي تعرض لصدمات قوية؛ بسبب حالة التدهور في المشهد السياسي والأمني والتي أثرت بشكل كبير على مؤشرات التنمية الاقتصادية، وبحسب التقرير فإنَّ نمو الناتج المحلي قد انخفض حوالي 12.9% خلال العام2014 م؛ ونتيجة ذلك تراجع الإنفاق الاستثماري العام بواقع26.3 %، وبهذا تدنت ثقة الاستثمار المحلي والأجنبي، فعلى الرغم من وجود منظومة قوانين تشريعية مشجعة للاستثمار فإنَّ تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي تسبب بتفشي مشكلات اقتصادية كبيرة.
وأوضح التقرير الإحصائي السنوي للهيئة العامة للاستثمار لعام 2016م، أنَّ 55 مشروعًا استثماريًا سُجِّل برأس مال بلغ 16.3 مليار ريال، وموجودات ثابتة بقيمة 10.7 مليارات ريال وتوزعت على عشر محافظات.
وتشير تقديرات البنك الدولي الصادرة في مارس2017 م أنَّ الناتج المحلي الإجمالي لليمن انكمش منذ العام 2015م بنسبة 40 %، و17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي بما يمثل 60% من مجموع السكان إضافة إلى سبعة ملايين آخرين يعانون المجاعة، وارتفعت معدلات سوء التغذية بنسبة 57 % منذ العام 2015م.
ووفرت هذه المشروعات في تلك الفترة 1450 فرصة عمل، وشملت 38 مشروعًا في قطاع الصناعة، تشكل نسبة 62.6% من إجمالي المشروعات.
كما أرتفع عدد المشروعات الاستثمارية المسجلة، خلال النصف الأول من العام2017م، بنسبة 72% عن الفترة المقابلة للعام السابق، حيث بلغ عدد المشروعات الجديدة 43 مشروعًا وارتفع رأس المال الاستثماري بنسبة 46% للفترة ذاتها.
وتحدث لـ “صوت الأمل” القاضي محمد الغرباني (مدير الغرفة التجارية في محافظة إب) أنَّ أهم المعوقات التي تقف أمام عدد من المستثمرين هي عدم وجود أراضي مخصصة للمستثمرين ذات المساحات الواسعة؛ بسبب شراء أغلبية المغتربين في كندا وأمريكا أراض كبيرة المساحة، البناء العمراني فيها عشوائي، أضف إل ذلك ارتفاع أسعار الأراضي، حيث يصل سعر اللبنة الواحد إلى 150 مليون ريال يمني، ويؤكد الغرباني أنَّ مكتب الغرفة التجارية هم وكلاء مساعدون للمستثمرين ويقدمون لهم كافة التسهيلات.
ويضيف الغرباني أنَّه نتيجة الصراعات المستمرة داخل البلاد، قرر الكثير من رجال الأعمال في أنحاء البلاد نقل رؤوس أموالهم إلى خارج اليمن، واضطر بعضهم من الذين قرروا البقاء التضحية بنسب كبيرة من القوى العاملة. مؤكدًا أنَّ المؤشرات العالمية بما يخص اليمن توضح أنَّ البلد يواجه صعوبات في جذب الاستثمارات الأجنبية، وأيضًا صعوبات في إعادة رأس المال الوطني والشركات الأجنبية التي هربت خارج البلاد؛ للبحث عن بيئة عمل أكثر أمناً من اليمن.
مشيرًا إلى أنَّ المعوقات التي تعد طاردة للاستثمار يجب معالجتها؛ لإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار، وتدفق رؤوس الأموال، وضمان تحقيق شامل للدفع بالتنمية الاقتصادية.
وفي التقرير السنوي لوزارة الصناعة والتجارة للعام الحالي2021 م، قال وزير الصناعة والتجارة عبد الوهاب الدرة أنَّ الوزارة، في شهر يناير 2022م، وقعت عقود تخصيص لعشرات المواقع بغرض إقامة مشاريع استثمارية عليها في مجالات متنوعة، منها سُلِّمت خمسة مواقع من أرض المنطقة الصناعية في محافظة الحديدة بموجب عقد إيجار ومحضر تسليم أرض؛ لإقامة خمسة مشاريع استثمارية متنوعة.
موضحًا أنَّ الشركة اليمنية للطاقة المتجددة قد أُسست، وذلك بمساهمة القطاعين العام والخاص، وتخصيص نسبة للاكتتاب العام للمواطنين في إطار تنفيذ الخطط والاستراتيجيات للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، والتي ركزت على تطوير القطاعين التجاري والصناعي، وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، ودعم المنتج المحلي وحمايته.
ويؤكد الوزير عبد الوهاب الدرة أنَّ الوزارة دشنت النافذة الإلكترونية الموحدة التي ستعمل على إنجاز المعاملات إلكترونيًا، وتتحول الوزارة للعمل بالنظام الإلكتروني الرقمي؛ لتكون نواة لمشروع الحكومة الإلكترونية لمواكبة التحولات الرقمية للاقتصاد العالمي.
ويذكر التقرير السنوي لوزارة الصناعة والتجارة، للعام2021 م، أنَّه من ضمن معوقات الاستثمار في اليمن نقص عدد الكادر المؤهل والمتخصص والفني والتقني المطلوب على مستوى الوزارة والمؤسسات التابعة لها، وغياب المشاريع الاستثمارية الهادفة إلى تحقيق آفاق ملموسة في التنمية الصناعية، أيضًا عدم وجود مراكز للأبحاث والتطوير الاستثماري المتخصص.
وبحسب التقرير قامت الوزارة بوضع حلول ومقترحات لمواجهة بعض الصعوبات، منها: اعتماد مشروع تطوير وبناء القدرات ضمن الأنشطة (الرؤية الوطنية للعام 2022م)، وإصدار لائحة تنظم إدارة الأراضي للمشاريع الاستثمارية في المناطق الصناعية، وأيضًا تطوير القوانين والتشريعات المتعلقة بالاستثمار بوجه عام وكافة الاستثمارات الصناعية بصورة خاصة.
51% من الآراء تؤكد على وجود تأثير كبير للصناعات الصغيرة والمتوسطة تجاه الاقتصاد المحلي
صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني نفذته وح…