دور وسائل الإعلام في استعراض حالة الأطفال في الصراع

صوت الأمل – حنان حسين

تعدُّ وسائل الإعلام من أهم الطرق التي يمكن استخدامها لنشر الوعي حول قضية الأطفال في الصراع؛ إذ يمكن لها أن تلعب دورًا مهمًّا في رفع مستوى الوعي بالمشاكل والانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في النزاعات والأزمات، وتعزيز الفهم للآثار السلبية للصراع على الأطفال، والعمل على معالجتها، والبحث عن حلول بشكل واقعي وقريب من الناس.

الدور الإيجابي

تلعب وسائل الإعلام دورًا محوريًّا في استعراض حالة الأطفال في الصراع، من خلال القيام بعدة مهام؛ منها ما أوضحته الإعلامية بثينة القرشي، رئيسة مؤسسة سام للطفولة والتنمية، التي تحدثت عن دور وسائل الإعلام؛ إذ قالت: “يلعب الإعلام بوسائله المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة، دورًا كبيرًا في نقل القضايا، وتسليط الضوء على قضايا الطفولة؛ كونها تشكل الشريحة الأضعف في المجتمع، التي تعاني كثيرًا من التهميش وافتقار الخدمات الواجب توفرها لهم؛ من تعليم وصحة وعيش كريم وترفيه، تصل بهم إلى تأمين حقوقهم”.

محمد الرعوي- مدير إذاعة مودة إف إم، تحدث عن دور وسائل الإعلام بقوله: “وسائل الإعلام لها تأثير كبير في تحديد سلوكيات الأطفال وبنائها، من خلال إتاحة الفرصة لهم وتشجيعهم للتعبير عن أبرز ما يعانونه، سواء في المنزل أو المدرسة أو الشارع”.

ويضيف الرعوي: “البرامج الاذاعية المباشرة تعمل على أن يتم تعليمهم على الكتابة والصياغة للمواضيع التي يرغبون في أن يناقشوها، وتدريبهم على الإلقاء والإعداد والتقديم، ممّا يؤهلهم لأن يكونوا قدوة لزملائهم ولأسرهم، فلوسائل الإعلام دور كبير في رسم شخصية الطفل؛ إذ إنّه يتأثر بالبيئة المحيطة به”.

 كما تحدثت عن الدور الإيجابي لوسائل الإعلام بثينة القرشي، بقولها: “تعمل وسائل الإعلام على نقل معاناة الأطفال الناتجة عن الصراعات والأزمات، وما ألقت به الحياة على الأطفال؛ إذ أصبح بعضهم عرضة للتشرد والنزوح، وهنا تتحمل الطواقم في الوسائل الإعلامية واجبها في إظهار هذه القضايا، والبحث لها عن حلول ومعالجات، كون الإعلام سلاحًا ذا حدين، فيجب استخدامه لصالح التوعية بأهمية الحفاظ على الأجيال القادمة”.

الدور السلبي

وكما هناك دور إيجابي لعبته وسائل الإعلام، فبالتأكيد هناك أدوار سلبية عديد في زمن الصراعات والنزعات، ومنها ما ذكرته آية خالد، مالكة منصة إكسير للطفولة، التي تحدثت عن دور وسائل الإعلام، بقولها: “في الوقت الذي يمتد فيه الصراع لسنين طويلة في بعض البلدان، نجد أنّ وسائل الإعلام تركز على قضايا جمّة، وتتطرق خلالها بشكل سريع على قضايا الأطفال دون توسع، فنجدها تسيّس القضايا الإنسانية وفق توجه الوسيلة، ممّا يضر القضية ويفقدها إنسانيتها ومعاناتها”.

وتضيف آية: “نجد كثيرًا من الوسائل تتعامل مع الطفل كسلعة للبيع والشراء، ونجد كثيرًا من الصحفيين يجادلون ويبتاعون في قصة معينة لمن يدفع أكثر، مع تغيير تفاصيلها حسب الجهة”.

وهذا ما أكدته الإعلامية بثينة القرشي، من أنّ هناك دورًا سلبيًّا وقعت فيه بعض وسائل الإعلام، قائلة: “الدور السلبي أنّ هناك بعض البرامج الإعلامية المختلفة، يقدم الإعلامُ الصورةَ سلبيةً وغيرَ لائقةٍ للأطفال، واستخدامهم في النازعات المسلحة، التي قد ينتج عنها التسرب من التعليم وارتكاب الجريمة وغيرها”.

منصات إعلامية متخصصة بالطفل

من بين العديد من المنصات التي ظهرت مؤخرًا، برزت بعض المؤسسات المتخصصة للطفل، ومنها منصة إكسير للطفولة، وهي منصة إعلامية إلكترونية، مستقلة، متخصصة بالطفولة بدرجة أساسية، تهتم بنقل الواقع وقصص المعاناة للطفل اليمني، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، والدفاع والمناصرة لقضاياهم وإظهارها للرأي العام. تأسست كمبادرة في العام 2019م، ومِن ثَمَّ تحولت لمنصة إلكترونية رسمية.

تتحدث المؤسسة آية خالد، عن فكرة منصتها (منصة إكسير للطفولة) المتخصصة بالطفل وقضاياه، وكيف جاءتها الفكرة وعملت على تنفيذها، بقولها: “من منطلق عدم وجود أي عمل إعلامي يهتم بالطفل أو يخاطب الطفل، وهذا كان عقبة بالنسبة لي في دراستي، وكلّما أردت إجراء دراسة أو بحث علمي لا أجد جهة معنية أجري عليها البحث كجهة مختصة بالطفل، فكان من اللازم جدًّا أن تخلق (إكسير)”.

وتردف آية قائلة: “أسست (إكسير) في 2019م، كنتُ حينها سنة أولى في مرحلة دبلوم الدراسات العليا في المعهد العالي لفنون الطفل، بأكاديمية الفنون- القاهرة، سافرتُ الأردن وحضرتُ ورشًا كثيرة، وكان المطلوب مشاريع تقدّم كمقترحات، فخطر في بالي فكرة إكسير، وبالفعل بدأت بالعمل عليها ووضعت الفكرة”.

“الفكرة كانت تتبلور برأسي كل يوم وكل سنة، وكلّما كنتُ أدرس عن التأليف والكتابة للطفل كانت تنضج الفكرة لديَّ بشكل أكبر، إلى أن خضنا تجربة التأليف والكتابة، ونظم القصص والروايات للأطفال، شعرت بمدى افتقار أطفالنا للكتيبات والمنشورات الموجهة لهم، وعدت مجددًا لفكرة إكسير”.

وتضيف: “خضت بعدها تجربة الإرشاد النفسي وعلم نفس الطفل، وكيف تكون مختصًا تقدم جلسات دعم نفسي للأطفال، وكم نحن بحاجة لهذا المجال ببلادنا، وتعمقت أكثر فيه”.

“هنا عزمت على أن تخرج الفكرة لحيز الوجود، فعملت على البحث عن طرق للترويج والتسويق للمنصة خارجيًّا قبل الداخل، والعمل على بنائها بهيكل قوي، حتى لو تأخرت الانطلاقة والتدشين، وبالفعل بدأت أدرس احتياج أطفالنا، وما الذي يمكن تقديمه لهم في الوضع الراهن، خاصة أنّها المنصة الأولى في اليمن المخصصة للأطفال، ووصلت لفكرة أنّه من الأجدر البدء بجلسات الدعم النفسي والاستماع، والإرشاد للطفل ولأولياء الأمور”. كما تسرد آية عن بداية منصتها (إكسير للطفولة): “حينها بدأت أعمل باسمي ضمن نطاق منصة إكسير، وبدعم ذاتي من الألف إلى الياء، حتى حان لها الوقت لترى النور وتخرج للعالم بعد حصيلة خمس سنوات دراسة وبحث وقراءة في المجال. شعرتُ بأنّ لديّ الخبرة الكافية لإطلاق كيان مختص بالطفل وإدارته، يكون بمثابة مساحة أمان للطفل، كذلك نسعى لتوفير محتوى آمن للطفل من خلال إكسير”.

التحديات

آية خالد تتحدث عن التحديات التي قد تواجه الإعلام في تغطيته لقضايا الأطفال في الصراع، بقولها: “أظنُّ أنّ وسائل الإعلام لا تواجه سوى صعوبة واحدة، وهي عدم الحصول على رواج واسع لقصص الأطفال، خاصةً أنّ الأغلب يستخدم القصص بطريقة سياسية؛ ممّا يفقدها إنسانيتها، وإن وجدت جهات تنشر، تجدها تهضم المادة ولا تعطيها حقها الكامل والإنتاج اللازم”.

بثينة القرشي، توضح أبرز العقبات والصعوبات التي قد تواجه وسائل الإعلام، إذ تقول: “العقبات التي يواجهها الإعلام بوسائله المختلفة، صعبة للغاية؛ وذلك لعدم إدراك أهمية هذه الشريحة الصغيرة، التي تكون كالورق الأبيض”.

وأضافت: “أبرز الصعوبات هي تغافل أصحاب القرار في السلك الإعلامي عن أهمية إقامة برامج موجهة خصيصًا إلى الأطفال، وعدم الاهتمام بهذه النوعية من البرامج، والتوجه إلى صناعة البرامج السياسية، وتغطية الأخبار الخاصة بالصراعات بشكل كبير، وإهمال شريحة الأطفال واحتياجاتهم الفكرية والمعرفية والترفيهية في وسائل الإعلام”.

 محمد الرعوي، أوضح أنه كمالك إذاعة مودة (مواهب سابقًا) المخصصة للأطفال، واجهتهُ كثيرٌ من التحديات خلال مدّة الصراع، إذ يقول: “أبرز الصعوبات هو أنّ إذاعتنا تأسست كأول إذاعة مهتمة بالطفل والمرأة، في 2016م؛ إذ أُنشئت بجهود ذاتية في أوج بداية الصراعات في اليمن؛ إذ كانت أبرز التحديات هي غلاء تكلفة الكهرباء حينها، وكذلك الأجهزة الخاصة بالبث الإذاعي تكاد أن تكون معدومة، وإن وجدناها فهي بأضعاف السعر المستحق لها”.

المعالجات

 أوضح الرعوي أنّ الحلول والمقترحات تكاد تكون موجودة على أرض الواقع، إن وجدت الرغبة والنية الصادقة لدى المنظمات والجهات الناطقة باسم الطفل؛ فهناك دور إيجابي كبير للمنظمات الداعمة للأطفال، في تشجيعهم ومساعدتهم في صقل الأطفال وتأهيلهم إعلاميًّا، عن طريق خلق شراكات حقيقية تهدف إلى خلق بيئة حاضنة وداعمة للطفل بين الوسائل الإعلامية وهذه الجهات.

يمكن أن تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًّا في حماية الأطفال في الصراع، من خلال القيام بدورها المسؤول في استعراض حالة الأطفال في الصراع، وأن تساعد في رفع مستوى الوعي بالقضايا التي يواجهها الأطفال في النزاعات المسلحة، وتعزيز الضغط على الأطراف المعنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأطفال.