ما متطلبات تحقيق دور فاعل لليمن في عضوية المنظمات الصناعية؟
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
لم يكن قطاع الصناعة في اليمن بمعزل عن العولمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم، إذ تستمر جهود اليمن في أن تكون حاضرة في التطورات الصناعية الإقليمية والدولية رغم تحديات الصراع.
يأتي ذلك من خلال محاولتها في تطوير وتحسين المنتجات المصنعة محليًا، ومنافستها للسلع في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، أو من خلال المشاركة في المؤتمرات والفعاليات المواكبة للتطور الصناعي العالمي.
وكان آخر مؤتمر حول القطاع الصناعي تشارك به اليمن في العاصمة المغربية الرباط، وذلك في الدورة الـ27 للجمعية العامة للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين عام 2022م.
فرص ومخاطر
“تتوافد كثير من المنتجات الصناعية اليمنية إلى دول مختلفة، وتجد إقبالاً من المستهلك في تلك الدول التي تصدِّر اليمن منتجاتها إليها” هذا ما أكده عبدالله رويس (نائب مدير عام الصناعة والتجارة في شبوة)، مستشهدًا بسفره إلى مصر، ولقائه بشخصيات مصرية تُقبل على شراء المنتجات الغذائية اليمنية.
وفي معرض رده عن ما هي الفرص والمخاطر الناتجة عن انضمام اليمن لمنظمات التجارة الحرة؟ يقول رويس: “الفرص كبيرة ومبشرة في حال الاستقرار الأمني والسيطرة على العملة من حيث الصادرات، في المقابل المخاطر كبيرة، والخوف هنا من طمع التجار إذا لم تفرض الدولة ضوابط وقوانين ربحية معروفة، وتوفر الاعتمادات اللازمة والسيولة النقدية”.
من جهته يذكر الأكاديمي فهمي الصلوي (رئيس قسم علوم البيانات وتكنولوجيا المعلومات- كلية العلوم الإدارية جامعة تعز) أنَّ الفرصة الوحيدة المتاحة تكمن في استقطاب الاستثمارات الصناعية الإقليمية أو الدولية عن طريق خطط ترويجية، وتبني مشاريع رائدة في هذا المجال، وهذا لا يتأتَّى إلا من خلال الاستقرار السياسي، وسيادة القانون، وبناء مؤسسات مالية ونقدية قادرة على التحكم والرقابة والسيطرة في جميع النواحي المالية والنقدية والتمويلية.
وعن المخاطر يقول الصلوي: “تتمثل عدم جدوى الانضمام لتلك المنظمات على مستوى الاقتصاد الكلي، فاليمن سوق استهلاكية، وليست إنتاجية، ولسنا -اليمنيين- قادرين على مجاراة التدفق الذي من الممكن أن يصبح تسونامي يجرف مشاريعنا الصناعية المتواضعة، وأقول “المتواضعة” هنا واضعاً في الحسبان عدم امتلاكنا لصناعات استراتيجية تعتمد على موارد محلية، فنحن مستهلكون للمواد الأولية (الخام) القادمة من تلك الدول، وكذلك مستهلكون للمنتجات النهائية وبأسعار منافسة”.
عضوية اليمن في المنظمات الصناعية والإقليمية والدولية
توجد العديد من المنظمات الصناعية بين إقليمية ودولية في العالم، مثل منظمة التجارة الحرة، والمنظمة العربية للتنمية الصناعية، والمركز العربي للمواصفات، والاتحاد العربي لتنمية الصادرات الصناعية، واتحاد جمعيات التجارة الدولية، وهيئة التقييس لمجلس للتعاون الخليجي، ومجلس التنمية الصناعية، وقد انضمَّت اليمن إلى العديد منها، إلى جانب المنظمات التي تهدف إلى دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والأصغر والحد من الفقر عبر أساليب متنوعة مثل: مراقبة أسعار السلع والمواد الغذائية، ومنح شهادات التصنيع والتسويق وحرية التجارة بين الدول، منها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو).
حسب خبراء اقتصاد، فإنَّ اليونيدو تهدف إلى تعزيز العولمة التجارية؛ ولذلك لا يوجد فيها عضوية للبلدان، وما يتم من مشاركات للبلدان في فعاليتها يكون تحت مظلات متعددة، أبرزها: أنَّ البلد يقع ضمن خارطة الدول النامية المحتاجة إلى المشورة والدعم في مجال استقرار الأسعار، وكذلك تحتاج إلى تمويلات للحد من الفقر باتباع السياسات والتوجهات التي ترد في أهداف الأمم المتحدة في مجال مكافحة الفقر ووقَّع عليها البلد، وأن يكون البلد عضواً في منظمة التجارة الحرة، وأن يكون البلد مستفيداً من برامج وأنشطة البنك الدولي الرامية إلى الحد من الفقر، وفقر الغذاء، وتعد اليمن من الدول التي تشارك في الفعاليات التي تنفذها منظمة اليونسكو؛ ولذلك اليمن تشارك في فعاليات هذه المنظمة تحت مظلة هذه العوامل.
وأشار تقرير (المركز الوطني للمعلومات) بعنوان: “اليمن ومنظمة التجارة العالمية .. مسيرة طويلة من التفاوض وفوائد الانضمام” إلى مجموعة من الفوائد التي تعود إلى أي دولة انضمت لمنظمة التجارة العالمية، ومنها أنَّ البلد العضو في المنظمة يستطيع الحصول على الدعم التقني والقانوني، كما يمكن للبلد العضو الحصول على المساعدة من خلال المنظمات الدولية أو الأعضاء التجاريين في المنظمة، إضافة إلى إقامة أسواق مشتركة بين الدول الأعضاء في المنظمة، والدول المنظمة وتنشيط الحركة التجارية والاستثمارية بين الأعضاء.
الأكاديمي محمد علي قحطان(أستاذ الاقتصاد-تعز) يرى أنَّ الحديث عن انضمام اليمن للمنظمات الصناعية سابق أو أنَّه لما يشهده البلاد من أزمات وصراعات؛ فغير ممكن قائلًا: “الانضمام إلى المنظمات الصناعية غير ممكن الحديث عنه في الظروف الحالية التي تمر بها اليمن، فاليمن إلى جانب أنَّها هامشية للغاية في مجال التصنيع فهي مدمَّرة مع استمرار النزاع، فالانهيارات مشهودة في مختلف المجالات الاقتصادية وغيرها”.
ويردف قحطان: “بعد أن يضع الصراع أوزاره (ينتهي) سيلزم البلاد فترة طويلة لإعادة إعمار ما دُمِّر أثناء النزاع، خصوصًا البنية التحتية؛ لتتمكن من النهوض الاقتصادي والتصنيع”.
“منذ ثمان سنوات، اليمن غارقة في الصراع القائم، وقد تدمرت بنيتها التحتية وانهار اقتصادها” هذا ما أكده مجاهد القملي(كاتب صحفي ومهتم بالشأن الاقتصادي)، والذي قال: “في ظل الصراع الذي تشهده اليمن حتى هذه اللحظة، هناك عدة تأثيرات تحول دون الوصول إلى الانفتاح الاقتصادي، وتطور قطاعات كثيرة في الاقتصاد؛ مما أثر ذلك على العلاقة بين الصناعة والتجارة، فمع تدني قطاع التجارة والخدمات يقل إسهام الصناعة في إجمالي الناتج القومي للبلد، وهو الأمر الذي يدركه المسؤولون عن أجندة التنمية الاقتصادية وأهمية الاستثمار في القطاع الصناعي؛ كونه الداعم الرئيس لنمو اقتصادي ثابت ومتطور”.
الإسهامات والمنافع من انضمام اليمن للمنظمات الصناعية الإقليمية والدولية
وفي هذا الشأن يرى عبد الله رويس (نائب مدير عام الصناعة والتجارة في شبوة) أنَّ انضمام اليمن للمنظمات الصناعية والمشاركة في فعالياتها له منافع ومميزات كثيرة، منها تغطية الأسواق بالمنتجات المحلية، والذي يعد رافداً ونافعاً للاقتصاد الوطني، إضافة إلى توفير رأس المال الأجنبي من الصادرات الوطنية، وتشجيع رأس المال الاستثماري بالتدفق إلى اليمن؛ حيث إنَّ كل الفرص الاستثمارية موجودة، ومتاحة لجميع الفئات الاستثمارية.
من جهته يذكر مجاهد القملي (كاتب وصحفي مهتم بالشأن الاقتصادي)، في حديثه عن الإسهامات والمنافع من انضمام اليمن للمنظمات الصناعية، أنّها تكمن في جرأة التغييرات الجوهرية في المرافق، وإقرار مفهوم جديد لكيفية إدارة الاقتصاد الوطني، وفتح ورش لإصلاح العدالة، وإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وغير ذلك من الأوراش الاستراتيجية الكبرى التي يجب أن تعمل الحكومة على استثمارها، وتكريس أثرها الإيجابي على حياة المواطنين؛ لتعزيز بناء دولة الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والمجالية القادرة على لعب دور تنموي استراتيجي في خضم التحولات الإقليمية والدولية المحيطة بها.
ويرى القملي أنَّ من إسهام ومنافع انضمام اليمن للمنظمات الصناعية الإقليمية والدولية تجديد الروح التكاملية والتناسق التلقائي الناجع، كما أنَّ هناك حاجة ملحة اليوم إلى تحيين هذه الفرصة للعمل الوطني في مجال الصناعات الوطنية؛ بهدف تطويرها وتجويد محاورها من أجل تقوية مسلسل الإصلاح الاقتصادي في بلادنا، وضمان فاعلية حقوق الإنسان بكل أجيالها؛ تعزيزاً لدينامية الوعي الحقوقي بوطننا، وحيوية ثقافته وهويته، وتنوع إمكانياته، مستشرفاً لآفاق التنمية المندمجة والمستدامة.
متطلبات تحقيق دور فاعلي لليمن في عضوية المنظمات الصناعية
“إنَّ كسب الثقة بجودة المنتجات من أهم الركائز الفعالة الذي يمكن أن يدفع اليمن إلى أن تكون عضواً مهماً في المنظمات الصناعية الدولية والإقليمية” بحسب حديث الكاتب مجاهد لـ “صوت الأمل” عن انضمام اليمن للمنظمات الصناعية.
مضيفًا أنَّ من متطلبات تحقيق دور فاعلي لليمن في عضوية المنظمات الصناعية: الاستثمار في مشروعات صناعية كبيرة مثل الصناعات التحويلية وغيرها، إلى جانب الاستثمار في الصناعات الذكية التي تمثل مستقبل الصناعة الحديثة وتفتح مجالًا كبيرًا للتفوق والتنافس مع الدول الصناعية؛ وبالتالي سيكون هناك توجُّه حقيقي لها إذا تحقق السلام الداخلي بين فئات الشعب.
فيما يرى الأكاديمي فهمي الصلوي (رئيس قسم علوم البيانات وتكنولوجيا المعلومات -كلية العلوم الإدارية جامعة تعز) أنَّ متطلبات تحقيق دور فعَّال في عضوية المنظمات الصناعية كثيرة ومتشعبة ومرتبطة في الأساس بالاستقرار السياسي، الذي بدوره يمكن أن يحقق استقرارًا اقتصاديًا عن طريق تبني توجه حقيقي ضمن خطط ورؤى استراتيجية استبدال المنتجات المستوردة بمنتجات محلية، وتمويل المشاريع الصغيرة والرائدة، وتشكيل مؤسسات تمويل وتسويق على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
مشيرًا إلى أنَّ الدخول في معمعة العضوية لمنظمات صناعية تضم الكثير من الدول المتقدمة صناعيًا فهو توجه عبثي غير واقعي -حد وصفه-، ولا يمكن أن تتبنى أي دور فيها ما لم تكن لدى اليمن بنية تحتية صناعية تعتمد على مدخلات محلية أو مشاريع صناعية استراتيجية تساهم في عمل نمو اقتصادي حقيقي.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …