‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة المخدرات في اليمن متطلبات مكافحة المخدرات في اليمن: تفنيدا للمشكلة ووضع الحلول

متطلبات مكافحة المخدرات في اليمن: تفنيدا للمشكلة ووضع الحلول

صوت الأمل – أحمد باجعيم

تعد مشكلة إدمان المخدرات أحد التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع اليمني في الوقت الراهن؛ حيث يعاني معظم السكان من توترات اجتماعية واقتصادية غاية في الصعوبة أدت إلى انتشار تعاطي المخدرات بشكل واسع بين الأفراد. ومع زيادة أعداد المدمنين، يُعتبر تقديم الرعاية والدعم المناسب لهذه الفئة شبه مستحيل مع قله الإمكانيات وانعدام المراكز الحكومية المتخصصة. ولتجاوز هذه التحديات فإن ذلك يتطلب نهجًا شاملاً ومتعدد التخصصات.

تتضمن طرق معالجة مدمني المخدرات في اليمن عدة جوانب مختلفة، بدءًا من العلاج النفسي والطبي، ووصولاً إلى الدعم الاجتماعي وإعادة التأهيل؛ حيث يتم تقديم دعم نفسي وعاطفي للمدمنين؛ لمساعدتهم في التغلب على إدمانهم، ومنها جلسات معالجة جماعية وفردية، حيث يتعامل الخبراء مع الأسباب العميقة للإدمان ويساعدون الأفراد في تطوير آليات تعامل صحيحة مع التحديات النفسية والاجتماعية.

متطلبات مكافحة المخدرات

 شهدت اليمن تدنيًا كبيرًا في طرق معالجة وتأهيل مدمني المخدرات، من تثقيفٍ وتوفيرٍ للرعاية الشاملة وفق ما أكده مختصون لصحيفة “صوت الأمل”، بينما تحتاج  البلاد إلى جهود مستدامة وتوعية مستمرة؛ للتأكيد على الأهمية القصوى لمعالجة المدمنين وتحقيق الشفاء وإعادة المصاب بحالة الإدمان إلى حياة طبيعية وإيجابية.

يقول الاستشاري وأستاذ علم النفس الطبية بجامعة حضرموت الدكتور عبد الحكيم بن بريك إن متطلبات مكافحة المخدرات من الجانب الاجتماعي تشمل التوعية وفهم المخاطر الناجمة عما يفعله الإدمان من تغيير في سلوكيات الفرد؛ إذ يجب إدراك خطورة المشكلة من قبل أرباب الأسر ومعلمي المدارس لتقديم توعية سليمة. وللجانب التوعوي وجهان، الإعلام والتثقيف والديني، وكل هذا يلعب دورًا كبيرًا في الحماية والوقاية والتقليل من سقوط الأفراد في هذه الآفة المميتة.

وأضاف بن بريك: “من أسباب انتشار ظاهرة المخدرات في اليمن بشكل عام زيادة نسبة البطالة وضعف عوامل المكافحة، كالمراكز النفسية أو الأماكن التي تحمي الشباب كالمنتديات، أو الأنشطة الرياضية أو الثقافية التي تستثمر وقت فراغهم؛ لذا فإن توفر هذه العوامل يعد سببًا مهمًا في الحفاظ على فئة الشباب من الانصياع خلف الآفات المدمرة. كما أن للجانب النفسي وكثرة المختصين دورًا بارزًا في تأهيل وتدريب المدمنين والحفاظ عليهم من العودة مرة أخرى إلى تعاطي المخدرات”.

الإخصائية النفسية حمدة باحميد تؤكد “أن مشكلة تعاطي المخدرات تعتبر العقبة الأصعب في سبيل تأهيل الفرد؛ فإن التعاطي طريق الهلاك الذي يسلكه الشخص فيقضي به على شبابه ومستقبله. أصبحت مشكلة الإدمان في تزايد مستمر، يقابل ذلك ضعفٌ شديدٌ في الإمكانات التي توفر الدعم الكافي للمرضى المدمنين وتعيد تأهيلهم؛ فعلاج مشكلة الإدمان تتطلب تضافر جهود عدة من قبل المريض والمحيطين به والطبيب المعالج”.

وأوضحت باحميد “أن المدمن يمر خلال رحلة العلاج في العيادات أو مراكز الدعم النفسي بسلسلة متواصلة من المراحل، ابتداء بإجراء الفحوصات المخبرية اللازمة وتقديم جلسات الدعم النفسي التي تساهم في رفع عزيمة المريض، وتشجيعه على العلاج، وتعليم المحيطين به من أسرته والمقربين طرق التعامل الصحيحة وأساليب التشجيع التي تساعده على الاستجابة أثناء فترة العلاج”.

وتضيف الأخصائية النفسية باحميد أن “بعض الحالات تتطلب إدخالها إلى المستشفى لتلقي العلاج، لكن البلاد –للأسف- تفتقر إلى المستشفيات الخاصة بالتأهيل والدعم النفسي؛ إذ إن مجتمعنا بحاجة مُلِحَّة جدًا لوجود مثل هذه المستشفيات، فالكثير من الحالات يحدث لها ما يسمى بالانتكاسة بسبب فقدان السيطرة على الأعراض الانسحابية التي تنشأ من استخدام العلاج، وكذلك ضعف إرادة الشخص وعدم التزامه بالعلاج وعدم الحصول على الدعم الكافي من البيئة المحيطة به خلال رحلة العلاج”.

وشددت الإخصائية النفسية مروى اليزيدي على أن مكافحة المخدرات تتطلب دعمًا مستمرًا ودائمًا من قبل الدولة للجهات المعنية بمكافحة هذه الظاهرة الفتاكة بالفرد والمجتمع. وأردفت قائلة: “يجب على الدولة توفير مراكز متخصصة في جميع المناطق، وبكل المستلزمات الطبية والتأهيلية، وسد الثغرات الأمنية، وتشديد الرقابة الصحية على المستشفيات والصيدليات في عدم بيع الأدوية إلا بوصفات طبية”، ونبها أن الاستمرار في مكافحة المخدرات بالطرق المختلفة كفيلٌ بتجفيف مستنقع انتشارها في المجتمعات، والتخفيف من ارتكاب الجريمة التي تعد المخدرات أحد أسبابها الرئيسة. 

طرق التأهيل

ذكر الاستشاري بن بريك أن برنامج التوجيه والإرشاد النفسي يقوم بتأهيل أعداد كبيرة سنويًا من خريجي كلية التربية بجامعة حضرموت لتنفيذ برامج وقائية وإنمائية وعلاجية في المدارس والعيادات المختصة للحالات الاجتماعية أو المرضية وحالات الإدمان بالممنوعات أيضًا، والتوعية بمخاطر انتشارها والتحذير من وقوع المدمنين في جرائم أكثر بشاعة لعدم قدرتهم على التحكم بكل قواهم العقلية والجسدية أثناء التعاطي. وأوضح أن وزارة التربية والتعليم لم تركز إلى اليوم على وجود المرشد النفسي في المدارس وأهميته في حماية جيل المستقبل.

وعن طرق التأهيل، أشار الدكتور بن بريك إلى أن هناك عدة خطوات تتم من خلالها عملية تأهيل الفرد المصاب بهذه الآفة، من البداية وحتى اندماجه مع المجتمع بصورة إيجابية؛ حيث تتم دراسة الحالة وتقييمها وفهم سلوكياتها، ومن ثم يتم تحديد نوعية العلاجات والدعم النفسي عبر الجلسات التي تعزز من حضوره الشخصي في مقاومة الإدمان والتغلب عليه مع مرور الوقت. وعلى الرغم من قلة المركز المهتمة بهذا الشأن فإن العيادات المنتشرة تقوم بدور كبير في سبيل انتشال المدمنين من المخدرات.

وفي ذات السياق قالت اليزيدي إن دور المختصين في مكافحة المخدرات تكمن في التوعية والتأهيل والتدخل إما بالعلاج الدوائي أو الإرشاد النفسي؛ فبعض الحالات تستدعي التدخل بالدواء والإرشاد في آن واحد. واستبعدت أن تتم معالجة الحالة بالطريقتين لعدم توفر فريق متكامل ذي اختصاص في مراكز التأهيل (نفسي واجتماعي)؛ لتغيير سلوكيات الحالة وحل مشكلاتها ومساعدتها على تحديد هدفها في الحياة من جديد.

 التوصيات

 وعن الخطوات التي يحتاجها المجتمع للتقليل أو الحد من انتشار هذه الآفة، قدمت الأخصائية حمدة باحميد عدة حلول، منها: “تقوية العلاقة بين الآباء والأبناء ومشاركتهم همومهم، توحيد الجهود لمساعدة المدمن على الإقلاع من تناول الممنوعات، تجنب التنمر والإقصاء الاجتماعي بحق الحالة والعمل على دعمها من مختلف شرائح المجتمع، رفع الوعي والتثقيف من مخاطر المخدرات في المدارس والجامعات وكذا وسائل الإعلام المتنوعة لما من شأنه أن يقلِّل من هذه الظاهرة”.

إلى جانب ذلك، حذر الاستشاري بن بريك من عامل الفراغ الذي يعاني منه معظم الشباب؛ بسبب عدم توفر فرص عمل أو وسائل ترفيه تساعد على قتل الفراغ الذي يعيشه كثير منهم، كما طالب بدعم مراكز الدعم النفسي لما لها من جهود عظيمة في تأهيل المدمنين وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية ومساعدة المجتمع في التنمية. وكذا القيام بدراسات وأبحاث في الجانب النفسي تساعد على كشف حالات الإدمان في أوقات مبكرة حتى تسهل عملية التأهيل، وأيضا دعم المدارس بمرشدين نفسيين يصححون مسار الكثير من الطلاب ويحسنون أساليبهم.

إن تعزيز التوعية المجتمعية حول المخاطر الناجمة عن المخدرات وآثارها السلبية هي أبرز متطلبات مكافحة الممنوعات في البلاد؛ لذا يجب على الجهات المعنية تنظيم حملات توعية تستهدف الشباب والأسر والمدارس والجامعات والمجتمعات المحلية، وتوحيد الجهود والتعاون بين الجهات الرسمية ومختلف شرائح المجتمع للتخفيف من وطأة الظاهرة والحد من انتشارها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات

صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…