الطاقة الشمسية بديل لليمنيين عن الكهرباء والوقود في ظل الصراع
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
تعد اليمن من الدول التي تمتلك موقعًا مهمًا لتوليد الكهرباء من خلال الشمس، وقد أشار تقرير لمركز صنعاء للدراسات، نشر في 11 نوفمبر 2021م، إلى أنَّ اليمن تمتلك مقومات رئيسة يمكن من خلالها توليد الطاقة من أشعة الشمس، والذي سوف يساهم في إنتاج طاقة متجددة وبديلة في البلاد.
التقرير ذكر أنَّ اليمن تمتلك موقع إشعاع شمسي يتراوح من 7,3 إلى 9,1 في الساعة؛ هذا ما يستدعي ضرورة استغلال هذا المصدر الهام لتوليد الكهرباء في بلاد يشهد فجوة حادة في الطاقة. -حسب مراقبين-.
بحسب تقارير، يعد قطاع الكهرباء من القطاعات التي تضررت بشكل كبير بفعل الصراع، فحسب ما أورده تقرير للبنك الدولي بعنوان: “مراجعة لوضع الطاقة الحالي في اليمن والتحديات والاستراتيجيات وآفاق استخدام أنظمة الطاقة المتجددة”، المنشور في 21 يونيو 2022م، أنَّ من أبرز الأضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء تعرض خطوط النقل الرئيسة للتخريب والهجمات المستمرة، وتدمير بعض المحطات وتوقفها في مدن متفرقة من البلاد وتعرض خطوط الإمداد لأضرار واحتمالية انهيار الشبكة الوطنية؛ بفعل الإهمال وعدم الصيانة.
وفي خضم هذه الفوضى التي يتعرض لها القطاع، وعجزه عن سد احتياج البلاد من الكهرباء، وجد المواطن اليمني الحاجة للبحث والحصول على طاقة بديلة، فكانت الطاقة الشمسية في الصدارة.
الطاقة الشمسية في اليمن
تزايد الطلب على منظومة الطاقة الشمسية بشكل كبير؛ مما ساهم في ازدهار تجارتها في أسواق المدن اليمنية بشكل لافت خصوصًا في السنوات الأخيرة، وبحسب الدراسة ذاتها التي أعدها مركز صنعاء للدراسات والبحوث في نوفمبر، فإنَّ الطاقة الشمسية بدأت بالانتشار في عام2017 م، ويعتمد عليها أكثر من75 % من سكان المدن و50% من سكان المناطق الريفية بوصفها طاقة بديلة للكهرباء، وأثبتت الدراسة أنَّ أنظمة الطاقة الشمسية المستوردة لليمن تبلغ قدرتها 500 ميجا وات في العام 2018 م.
بديل عن الكهرباء
وجد سكان المدن اليمنية، لا سيما المناطق شديدة الحرارة، ألواح الطاقة الشمسية طوق نجاة لمواجهة درجة الحرارة في فصل الصيف التي تتجاوز أربعين درجة مئوية، كما هو الحال في مدينة الحديدة. -حسب ناشطين من سكان المدينة-.
كما يرى المواطن أحمد حسن -وهذا اسم مستعار له حسب طلبه-، والذي يعيش في مديرية الحالي وسط مدينة الحديدة، أنَّ أنظمة الطاقة الشمسية صغيرة الحجم هي البديل الوحيد الذي وجده بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة منذ اندلاع الصراع الذي تسبب بغياب التيار لفترة طويلة، وعودته بأسعار تفوق قدرة المواطن الشرائية للكيلو الواحد الذي وصل إلى 250 ريال يمني للكهرباء الحكومية، وما يقارب500 ريال يمني للكيلو التجاري.
يواصل أحمد حديثه: “من خلال ألواح الطاقة الشمسية استطعنا إنارة المنازل، وتشغيل المراوح والأجهزة المنزلية مثل: الثلاجات والخلاطات والغسلات وشاشات التلفاز التي كنا قد عزفنا عن استخدامها؛ بسبب انقطاع الكهرباء. أصبحت الطاقة الشمسية عنصرًا مهمًا في حياتنا لا غنى لنا عنه”.
مضيفًا: “صحيح أن الطاقة الشمسية لا تسد كل احتياجاتنا الكهرباء خاصة في فصل الصيف الذي يتطلب منا تشغيل أجهزة التكييف، والتي لا تعمل إلا بالكهرباء، وبعض الأجهزة المنزلية تحتاج إلى منظومة طاقة شمسية متعددة القوة؛ نظرًا لقدرتها الاستهلاكية، إلا أنَّ الطاقة الشمسية غطت جوانب كثيرة وعالجت مشاكل متعددة”.
يؤكد أحمد لـ”صوت الأمل” أنَّ أغلب سكان الحي الذي يسكن فيه يعتمدون على الطاقة الشمسية، حتى في الوقت الذي توفر فيه التيار؛ لأنَّ الكثير من الأسر وجدت صعوبة في الاشتراك في التيار الكهربائي، ودفع قيمة الفاتورة؛ بسبب ارتفاع سعر الكيلو؛ الأمر الذي يضيف أعباء مالية كبيرة على الأسر التي تعاني من ضغوط اقتصادية.
الطاقة الشمسية تحل مشكلة الوقود
يقول أحمد مهيوب (وهو مزارع في محافظة تعز): “الطاقة الشمسية أتت للبلاد؛ لتنقذ الكثير من النباتات التي كانت قد بدأت تذبل؛ جراء ارتفاع أسعار الوقود. لجأ الكثير من أصدقائي المزارعين إلى شراء منظومات الطاقة الشمسية؛ لتشغيل مضخات الري التي كانت قد توقفت”.
ويضيف مهيوب: “مع بداية الصراع وحدوث أزمة المشتقات النفطية، الكثير من المزارعين يتكبدون خسائر فادحة، حتى أنَّ بعضهم توقفت مزارعهم عن الإنتاج، وذهبوا يبحثون عن مصدر دخل آخر، لكن منظومات الطاقة الشمسية ساعدت المزارعين على تجاوز المعاناة”.
مشيرًا إلى أنَّ المزارعين باتوا يفضلون الاعتماد على الطاقة الشمسية، حتى وإن عادت الكهرباء على ما كانت عليه؛ بسبب انخفاض التكلفة مقابل شراء الكهرباء، واستهلاك المشتقات لتشغيل مضخات الرأي.
منال عبدالعزيز (33عام) تقول: “نزحنا من مديرية حيس في محافظة الحديدة إلى مدينة تعز في ريف الصلو في العام 2018م، كانت المشتقات النفطية شبه منعدمة، وشهدت المنطقة أزمة في توفر مياه الشرب؛ بسبب قلة منسوب المياه في الآبار جراء قلة هطول الأمطار، كثير من الآبار جفت في قريتنا، لم يبق سوى بئر واحد فقط، وكان مالك البئر قد عجز عن توفير الوقود لتشغيل المولد الذي يستخرج الماء باطن الأرض”.
وتضيف منال: “علمت إحدى المنظمات بمشكلة الماء في المنطقة، وزودت البئر بمنظومة طاقة شمسية تتكون من ستة ألواح قدرتها200 وات ومضخة كهربائية غاطسة، تعمل بنظام الطاقة الشمسية من أجل ضخ المياه من البئر، فكان ذلك البئر مصدرنا الوحيد للحصول على المياه النظيفة في المنطقة، وبفضل تلك المنظومة؛ استطاعت كثير من القرى المجاورة الانتفاع، والحصول على الماء”.
متوسط كلفة منظومة الطاقة الشمسية
في الوقت الذي يقدر به بعض خبراء الاقتصاد أن إجمالي ما صرفه اليمنيون على شراء الطاقة الشمسية حوالي 17 مليار دولار، يرى آخرون أنَّ هذا رقم مبالغ فيه، وأنَّ إجمالي ما صرفه اليمنيون على شراء منظومات الطاقة الشمسية خلال سنوات الصراع فعليًا يصل إلى 12 مليار دولار، خلال ثمانية أعوام.
في المقابل تقرير للبنك الدولي بعنوان: “تقييم حالة أنظمة الطاقة الشمسية في اليمن” يؤكد أنَّ سوق الطاقة الشمسية في اليمن حقق خلال الأعوام من2014 -2016 م أكثر من اثني مليار دولار، وجاء في التقرير أنَّ القطاع السكني أنفق على شراء الطاقة ما يقارب مليار دولار أمريكي خلال 2011-2016م.
تقول أم مجد (57عامًا) وهي أم لثلاثة أبناء، وتعيش في محافظة الحديدة، أنَّ متوسط كلفة استهلاك الطاقة الشمسية في منزلها تصل إلى أربع الواح طاقة شمسية قدرة كل منهما 150 وات، وبطارية سعتها 150 أمبير لتشغيل المراوح، وشاشة التلفاز، والخلاط، ولوحين شمسيين قدر أحدهما بـ200 وات والآخر بـ100 وات، وبطارية سعتها مائة أمبير مخصصة للإنارة، مؤكدة أنَّ متوسط كلفة الطاقة في المنزل يزداد في فصل الصيف؛ بسبب زيادة الطلب على الطاقة؛ نظرًا لارتفاع درجة الحرارة، وحاجتها لتشغيل الأجهزة بشكل مستمر خاصة المراوح، وأجهزة التبريد.
بينما يقول المواطن محمد المخلافي -من تعز-: “متوسط كلفة الطاقة الشمسية في منازل المدينة تتمثل في بطارية قوة 100 واتK ولوح طاقة شمسية قوة150 ومنظم قوة 30 وات ومحول قوة 1000 وات، والتكلفة تكون بحدود 1300 ريال سعودي، وربما أكثر، حسب استخدامات كل أسرة”.
فيما يقول تجار في مجال بيع أنظمة الطاقة الشمسية في مختلف المحافظات، إنَّ المواطنين يقبلون على شراء ألواح الطاقة الشمسية، وتوابعها في فصل الصيف، ويتراجع الشراء في الشتاء، وأنَّ العمل في هذا المجال ينشط، خاصة تركيب المنظومات الشمسة وإصلاح البطاريات وصيانتها، فقد لاقت رواجًا كبيرًا خصوصًا في السنوات الأخيرة، مع اشتداد أزمة الكهرباء، وصعوبة حصول المواطنين على مادتي البنزين والديزل.
47% يرون أنَّ قطاع الصحة هو الأكثر تضرراً بسبب انقطاع الكهرباء في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني، أجرته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي ف…