كيف تكافح مؤسسات المجتمع المدني عمالة الأطفال في اليمن؟
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
تلعب المؤسسات المحلية دورًا مهمًا في احتواء الكثير من المشاكل الاجتماعية بمنع توسعها، ابتداء من التوعية وحتى معالجة الضحايا، وتقع على عاتقها مسؤولية مكافحة الظواهر الاجتماعية منها عمالة الأطفال، إلى جانب عملية التنمية والإغاثة وغيرها من الأدوار التي تلعبها داخل المجتمع، -خاصة- في ظل انشغال الجهات الحكومية والسلطات المحلية المعنية بالصراع في اليمن.
في الوقت الذي تبذل فيه المنظمات الدولية جهودًا حثيثة في كثير من المجتمعات –لا سيما- المجتمعات المتضررة بفعل النزاعات، من خلال تقديم المساعدة في مجالات مختلفة، ومحاربة الكثير من المشاكل الاجتماعية- تُعدُّ المؤسسات المحلية وسيطاً مهماً لها في المجتمعات التي يصعب على الجهود الدولية الوصول إليها، ومعرفة احتياجاتها وظروفها، من هنا تأتي أهمية المنظمات والمؤسسات المحلية ويتجسد محور عملها.
وهذا ما أكده محمد علي النسور(رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، في تقرير أممي نُشر في مايو من العام2018 م، عندما قال: “لا يمكن لمكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان أن ينتشر في كلّ أصقاع الأرض، بما فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ بسبب النزاعات المتفشيّة فيها، كما تبرز هوّة كبيرة بين الالتزامات الدوليّة والمعاهدات من جهة، والسياسات والثقافة على مستوى بعض الممارسات من جهة أخرى؛ لذا لا بدّ من اللجوء إلى المنظّمات غير الحكوميّة في بعض الأحيان من أجل تنفيذ المشاريع».
لعبت الكثير من المؤسسات المحلية في البلاد أدواراً في محاربة الكثير من الظواهر الاجتماعية منها: الزواج المبكر، والتسول، والاتجار وعمالة الأطفال وغيرها، ونفذت العديد من الأنشطة والبرامج التي تساهم بشكل كبير في محاربة هذه الظواهر.
عمالة الأطفال من الظواهر التي عملت الكثير من المؤسسات المحلية في البلاد على مكافحتها والحد منها، ونفذت الكثير من الأنشطة والبرامج، وكان لتلك الأنشطة صدى واسع في المجتمع للحد من العمالة، وما إن دقت طبول الصراع (بدأ الصراع) في البلاد حتى اختفت هذه الأدوار وانشغلت الكثير من منظمات المجتمع المدني بقضايا أخرى خلفتها أزمة الصراع، أعظمها الاحتياجات الإنسانية، والتنموية، كما اتجهت الكثير منها نحو قضايا المرأة والطفل.
دور المؤسسات المحلية في مكافحة عمالة الأطفال
عن دور المؤسسات المحلية في مكافحة عمالة الأطفال، تقول أقدار مختار باشجيرة(رئيس مؤسسة CPDS): «لا توجد برامج وأنشطة أو خطط استراتيجية واضحة، ومتعلقه بآليات مكافحة عمالة الأطفال بشكل مستدام؛ لمواجهة هذه الظاهرة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن لمؤسسات المجتمع المحلي، ولكن هناك مؤسسات مجتمع مدني يكمن نشاطها في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهذه الشريحة».
تضيف باشجيرة لـ «صوت الأمل”: “للأسف منذ بدء الصراع، هناك عدد من البرامج النوعية، من ضمنها: برامج مكافحة عمالة الأطفال، لا يتم تسليط الضوء عليها؛ جراء الالتفات لبرامج الإغاثة والأعمال الإنسانية، على عكس البرامج التي كانت تنفذ قبل الصراع، كان هناك عدد من المشاريع والبرامج الممولة الخاصة بعمالة الأطفال، وتسليط الضوء على آلية رصد هذا الانتهاك، والظروف المقننة التي قد يُسمح للطفل العملُ فيها، وقائمة الأعمال المحصورة للأطفال دون سن الـ15”.
من جهته يرى صالح المنصوري (المسؤول الإداري لموسسة انسجام للتنمية)، أنَّ دور المؤسسات المحلية مغيَّب على الإطلاق، ويكاد لا يوجد لها دور فيما يخص مكافحة ظاهرة عمالة الأطفال أو الحد منها مؤكدًا: “إن كان لها دور، فدورها خفيف ولا يؤثر في هذه المشكلة، أو يخفف منها بل الملاحظ أنَّ الظاهرة في ازدياد وبشكل مخيف، وغياب دور مؤسسات المجتمع المدني، ساهم في توسع عمالة الأطفال”.
أنشطة تحتاج لدراسة جدوى مسبقة
يواصل المنصوري حديثه عن الأنشطة والبرامج لمؤسسات المجتمع المدني لمكافحة عمالة الأطفال، أنَّها إن وجدت تكاد تكون مشاريع ليست ذات جدوى وغير مستدامة، مجرد أنشطة منفذة بداعي صرف التمويل المرصود، كما يرى أنَّ أغلب الأنشطة التي تستهدف الأطفال غير مدروسة ولا تلبي احتياجات الطفل لإخراجه من أزمته.
ولا يختلف رأي ناصر الخليفي(ناشط في مجال حقوق الإنسان) عن سابقيه، حيث يقول: “دور منظمات المجتمع المدني للأسف ضعيف، -خاصة- في مجال التوعية بمخاطر عمالة الأطفال التي انتشرت بشكل كبير في مناطق ومحافظات مختلفة؛ بسبب الفقر وانقطاع الرواتب؛ مما اضطر كثير من الأسر إلى السماح لأطفالهم بالعمل –خاصة- النازحين من مناطق الصراع”، مضيفًا: “تابعنا الكثير من الحوادث والمخاطر لعمالة الأطفال منها: التحرش، وخطر الإصابة أثناء العمل –خاصة- الأعمال الخطرة”.
يؤكد الخليفي على ضرورة التوعية المجتمعية، عبر عُقاّل الحارات، وخطباء المساجد، وورش العمل؛ لإشراك المجتمع المحلي في عمليات التوعية، وتقديم الدعم لأنشطتها، مشيرًا إلى الدور الذي قدمته (مؤسسة ضمير) في مكافحة عمالة الأطفال، بقوله: “تمَّ إقامة ورشة عمل لتربويين وأخصائيين اجتماعيين وتم مناقشة أسباب الظاهرة، والخروج بتوصيات منها: النزول للمدارس، وعمل توعية، وبرامج ثقافية عن عمالة الأطفال، ثم أوبريت يتحدث عن خطورة عمالة الأطفال”.
فيما تقول ناشطة في إحدى المنظمات المحلية،- فضلت عدم ذكر اسمها- «أغلب المؤسسات المحلية أعمالها إغاثية، لم تهتم بجانب الأطفال ومشاكلهم، فبرامج الحماية تُعد غير كافية، ولم تضع برامج خاصة بالأطفال في مجال مكافحة عمالة الأطفال”.
وعن الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات المحلية اتجاه مكافحة عمالة الأطفال، تقول الناشطة: “ظاهرة عمالة الأطفال ظهرت نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة، وعدم قدرة بعض الأسر على دعم أطفالهم لاستكمال التعليم؛ لذا وجب على المؤسسات رصد حالات الأطفال المنخرطين في العمالة، وعمل استبيان عن الأسباب التي أدت إلى ظهور عمالة الأطفال، وبذلك سيتم معالجة الوضع من خلال تقديم الدعم والمساعدة للأطفال وأسرهم”.
وتزيد: “يمكن للمؤسسات أن تعمل على تدريب الأطفال المنخرطين في العمل، وإدماجهم في برامج سبل العيش، حتى لا يعملوا في أسوأ أشكال عمالة الأطفال، التي يمكن أن تعرض الطفل للمخاطر”، معاذ الصوفي (باحث ومدرب في فض النزاعات وبناء السلام) يقول: “دور المؤسسات المحلية سواء الرسمية وغير الرسمية، لا يتناسب مطلقًا مع حجم الظاهرة، فدورها ضعيف جدًا لا يرتقي إلى مستوى انتشار الظاهرة وخطورتها في المجتمع وينحسر كثيرًا، ويتراجع لصالح مزيد من عمالة الأطفال وتسربهم من التعليم”.
ويؤكد معاذ أنَّه لا بد من أن يكون هناك دور حقيقي وفاعل لكثير من المؤسسات المحلية، ويجب على منظمات المجتمع المدني أن تساهم في تغطية نفقات كثير من الأسر التي لا تجد عائلاً إلا هذا الطفل، بحيث تقل ظاهرة عمالة الأطفال، وأنَّه من الضروري أن يكون هناك رقابة محلية وتشريعية صارمة وقوية للحد من العمالة، كما أنَّه لا بد من تنفيذ بنود اتفاقية حقوق الطفل، والاهتمام بكل الإجراءات التي تحد من هذه الظاهرة.
خطة عمل لمحاربة الظاهرة
في العام 2007م، حددت وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خطة العمل الخاصة بالأنشطة والمشروعات المتعلقة بمكافحة عمالة الأطفال في اليمن للفترة ما بين 2008- 2013م، أي لمدة تمتد لخمس سنوات.
وتتضمن الخطة الصادرة عن وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والمنشورة في وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» -بشهر مايو 2011م- ثلاثة مكونات رئيسة، منها: عقد الدورات التدريبية حول مكافحة عمالة الأطفال تستهدف بها الجهات الحكومية المختصة، ومنظمة المجتمع المدني، مع إجراء الدراسات والبحوث.
وشملت الخطة التوعية والتثقيف عبر الوسائل الإعلامية حول مخاطر ظاهرة عمالة الأطفال، والآثار المستقبلية لها، كما تضمنت الخطة توفير فرص عمل لأسر الأطفال العاملين، وتهيئة البيئة المدرسية، وبناء المدارس.
تُجمِع الكثير من مؤسسات المجتمع المدني على اختلاف الوضع سابقًا عما هو عليه الآن، إذ أنَّ الكثير من الخطط والأنشطة والبرامج تعرقلت؛ جراء استمرار الصراع.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …