‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة دور الدول المانحة في مساعدة اليمن ما متطلبات عمل استراتيجية استثمار التمويلات الممنوحة من الدول المانحة؟

ما متطلبات عمل استراتيجية استثمار التمويلات الممنوحة من الدول المانحة؟

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

 تُعرف الاستراتيجية على أنّها خطة طويلة الأمد للوصول إلى هدف ما، وتُعد مهارةً لتحقيق النجاح في الصراع، أو السياسة، أو الأعمال، أو الصناعة، أو الرياضة، وغيرها، وتُعرف أيضاً على أنَّها الاستخدام الذكي للموارد عن طريق نظام مُعيّن للأعمال في سبيل تحقيق الهدف ويجب أن تتصف الاستراتيجية بعدة خصائص، منها القدرة على التعامل مع الأحداث غير المؤكدة والتي تُشكل بيئة العمل، والقدرة على التعامل مع التطورات طويلة الأجل بدلاً من العمليات الروتينية وهي بذلك تتعامل مع احتمالية الابتكار، أو المنتجات الجديدة، أو أساليب الإنتاج الحديثة، أو الأسواق التي سوف تتطور مستقبلاً.

أيضًا القدرة على التعامل مع السلوك المحتمل للعملاء، والمنافسين، وكذلك الموظفين بالإضافة إلى الشمولية والقدرة على تغطية مجموعة واسعة من الأنشطة التنظيمية، والقدرة على دمج أنشطة التوجيه والتحكم للمستقبل قريب المدى والمستقبل بعيد المدى، والقدرة على وضع إطار للقرارات الإدارية والتي يجب أن تكون متوافقةً مع أهداف الاستراتيجية.

متطلبات عمل استراتيجية 

يرى مراقبون أنَّ ما يعكسه واقع الدعم المقدم من الدول المانحة لليمن هو أنَّ هناك ضرورة ملحة لعمل استراتيجية استثمار للأموال الممنوحة لأجل استغلالها بالشكل الذي يخدم العملية الإنسانية التي من شأنها قدمت تلك الأموال، وبالتالي قد تتحقق استدامة نوعية لتلك الأموال تنعكس على حياة المواطن الذي هو بأمس الحاجة للاستفادة من الدعم الذي قدم من أجله، يذكر اقتصاديون أنَّ هذه الاستراتيجية بحاجة لمتطلبات ضرورية حتى تستطيع أن تحقق أهدافاً سامية لاستثمار الأموال الممنوحة للشعب اليمني.

تنفيذ مشاريع البنية التحتية

حول متطلبات عمل استراتيجية لاستثمار التمويلات الممنوحة من الدول المانحة يرى محمد صالح الكسادي (أستاذ مشارك بالأسواق المالية ورئيس قسم العلوم المالية والمصرفية بكلية العلوم الإدارية بجامعة حضرموت) أنَّها مراقبة تنفيذ المشاريع وهذه المشاريع تتمثل  في البنية التحتية من طرقات ومياه أو مستشفيات ومدارس وأن تقوم الجهات بالإشراف والمراقبة.

ويضيف الكسادي في حديثه لـ “صوت الأمل”: “أعتقد أنَّ الشفافية والإفصاح عن المشاريع  مطلوب؛ لأنَّ هذه المشاريع والتمويلات من قبل الدول المانحة يتم إرساؤها من مقاول  إلى مقاول آخر، هنا  يتم التلاعب، نتمنى من الجهات المانحة أن تقوم بالإشراف على المشاريع، وتحليل العروض والمناقصات وتُلزم الجهة المنفذة  بجودة المشروع”. 

تحديد الأولويات الإنسانية أولًا

فيما يقول محمد الداعري (الخبير الاقتصادي) في معرض رده على سؤال متطلبات عمل استراتيجية لاستثمار التمويلات  الممنوحة من الدول المانحة؟ “لا أوافقك أولاً بتوصيف استثمار التمويلات الممنوحة لليمن ووجود حاجة لاستراتيجية بهذا الشأن كون الأمر مرتبطاً أولاً بتحديد الأولويات الإنسانية، وفق الأكثر احتياجاً إليها وهذا يتطلب إيجاد شركاء محليين لتوزيع تلك المنح على مستحقيها وفق مسوحات ميدانية علمية وعبر جهات دولية مستقلة وشركاء محليين من المنظمات المجربة والمشهود لها بالنزاهة والشفافية وبعيداً عن روتين الجهات الحكومية من الطرفين المعيقة لإيصال المساعدات الدولية المخالفة لمستحقيها من الشعب اليمني المسحوق بكل الأزمات والويلات والمآسي بفعل الصراع”.

يضيف الداعري: “وأتحفظ مجدداً على توصيف استثمار التمويلات، لعدم تناسبه مع طبيعة التمويلات الإنسانية المجانية المقدمة لليمن بوصفها مساعدات مالية أو إغاثية للفئات الأكثر حاجة ومجاعة، ولا يمكن استثمارها إلا بما يتعلق بخدمة الهدف الإنساني وهذا لا يمكن وصفه باستثمار التمويلات وإنما بحسن توزيع أوإدارة تصريف تلك التمويلات التي يذهب ثلثاها –حقيقية- بوصفها نفقات تشغيلية لمنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الوسيطة محلياً والجهات التنفيذية ولا تصل منها في أحسن الأحوال للمواطن اليمني المستفيد إلا الثلث”.

معالجة مشكلة البطالة

موظفة في أحدى المنظمات -فضّلت عدم ذكر اسمها- تبين أنَّ استثمار الدعم المقدم لليمن من الدول المانحة بإمكانه أن يحل مشاكل كثيرة يعاني منها المجتمع اليمني مثل الفقر وذلك من خلال تنفيذ مشاريع في الأمن الغذائي لتغطية المجتمعات الصغيرة والأكثر تضرراً من الصراع ويتمثل في دعم الأفراد والأسر بالمواد الغذائية الأساسية، ووصول هذه المساعدات الغذائية إلى أكبر قدر من الأفراد المتضررين من الفقر والجوع.

مضيفة أنَّ استثمار الأموال الممنوحة (والتي وصفتها بالكبيرة) بإمكانها معالجة مشكلة البطالة “الكثير من الشباب والرجال وحتى الأطفال باتوا يبحثون عن فرص عمل، خاصة الخريجين من الجامعات حيث وجدوا صعوبة بالغة في الحصول على فرص حياة بعدما صدمهم واقع مؤسساتهم المنهارة  إثر النزاع”.

تمكين المرأة

ويشير المصدر إلى أنَّ برامج تمكين المرأة نموذج ناجح لاستثمار تمويلات المانحيين –لاسيما- وأنَّ هذه البرامج حققت نجاحًا كبيرًا في انطلاق الكثير من السيدات للعمل من خلال مشاريعهن في صناعة البخور والعطور والخياطة وغيرها من الفرص التي مكنت المرأة من الاعتماد على نفسها في توفير متطلباتها هي وأسرتها من مجهودها الخاص.

مردفًا في حديثه: “كثير من الأموال تم استثمارها بالشكل المفيد، لكن لا يزال هناك أهمية لاستثمار كثير من الأموال المهدورة بدون فائدة والتي بإمكانها أن تحقق تنمية مستدامة  في مجالات معظمها في الجانب الصحي والزراعي والمشروعات الصغيرة والجانب الخدمي وغيره، ومن خلال الاستثمار الصحيح لدعم الدول المانحة لليمن فإنَّه قد يتحقق القضاء أو على الأقل التخفيف من الأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلاد”.

الرجوع للجهات المعنية لاستثمار التمويلات

حول الرجوع للجهات المعنية لاستثمار التمويلات يذكر محمد الكسادي (رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية بكلية العلوم الإدارية بجامعة حضرموت) أنَّه يجب الرجوع إلى الجهات المعنية لاستثمار التمويلات تجنباً للخلل والتلاعب بتلك التمويلات، ويشير إلى أنَّ أي مشاريع تطرح للمناقصة بشكل علني ولا يتم إرساؤها إلى شركات مقاولات معينة.

أما رأي الاقتصادي محمد الداعري حول الرجوع للجهات المعنية لاستثمار التمويلات فيقول: “لا أعتقد أنَّ هناك أي أهمية للعودة للجهات الحكومية أكثر من الحصول على تراخيص عمل وإشراف مجاني دون أي مقابل مالي”.

 آلية استفادة من التمويلات 

أحمد شجاع الدين  (مدير عام الأسر المنتجة)  يتحدث لـ”صوت الأمل” عن جهود مشتركة  بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبين الهيئة العامة للزكاة وذلك من خلال توقيع مُذكرة تفاهم في العام الماضي والتي تضمنت تنسيق الجهود بين الوزارة والهيئة لتنفيذ المشروعات التي تكفل توفير فرص عمل إنتاجي لخدمات مراكز التدريب والأسر المنتجة العاملة في المنازل، أو الوحدات الإنتاجية.

يقول أحمد شجاع الدين: “لقد بدأ تنفيذ المشروع الأول الذي خُصص لإنتاج الملابس التي استهدفت أطفال الأسر الفقيرة من سن الواحدة وحتى الخامسة عشر، وقد تم استيعاب 1200 أسرة في هذا المشروع الذي بلغت تكلفته حوالي 600مليون ريال، وحصلت كل أسرة على حوالي 700ألف ريال في المتوسط مقابل إنتاج مائة فستان أو بدلة، ومن خلال هذا المشروع تم إنتاج مائة ألف فستان وبدلة أطفال لحساب الهيئة العامة للزكاة التي قامت بتمويل هذا المشروع وشاركت في إدارته عبر الإدارة العامة للتمكين الاقتصادي بالهيئة، مع الإدارة العامة للبرنامج الوطني للأسر المنتجة بوزارة الشؤون الاجتماعية”. 

ويضيف شجاع الدين أنَّه نهاية شهر شعبان الماضي تم توقيع اتفاقية بين الوزارة والهيئة على تنفيذ المشروع لإنتاج حوالي 30ألف فستان وبدلة مخصصة أيضاً للأطفال الفقراء، وتُشارك فيه 300 أسرة تحصل كل أسرة على حوالي 350ألف ريال مقابل إنتاج 50فستان أو بدلة، وقد بلغت تكلفة المشروع الثاني حوالي 216مليون ريال كما أنَّ الهيئة قد قامت خلال الفترة الأولى لتنفيذ المشروع بشراء كميات من البخور والإكسسوارات التي أنتجتها الأسر المنتجة في المنازل، بلغت قيمتها حوالي30مليون ريال استفادت منها حوالي 300أسرة، ومن الجدير بالذكر أنَّ الوزارة والهيئة تسعيان إلى افتتاح معارض دائمة لتسويق منتجات الأسر المنتجة بمختلف أنواعها على أن تكون هذه المنتجات قادرة على المنافسة في السوق من حيث الجودة والسعر، هذا إلى جانب المعارض الموسمية التي ينظهما البرنامج في أمانة العاصمة، وتشارك فيها عدد من المراكز التابعة له في عدد من المحافظات، والمشاركة في المهرجانات الخليجية الشتوية التي شاركت فيها الوزارة من 2008م وحتى بداية عام 2015م،ثم توقفت المشاركة فيها منذ بدأ الصراع.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع .. (94.4%) المنح والمساعدات الدولية لا تصل بشكل كامل إلى المستفيدين

صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن إنفورميشن سنتر في بداية يونيو…