التسول مهنة وعادة ام حاجة؟
صوت الأمل – حنين الوحش
(الشحاذة) أو ظاهرة التسول هي إحدى الظواهر التي تعاني منها المجتمعات كافة، وعلى وجه الخصوص المجتمعات النامية فتكون نسبة التسول فيها كبيرة؛ بسبب الفقر وقلة فرص العمل والصراعات والتشرد الذي يتعرض له الأفراد وغيرها من المسببات التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة.
اليمن الذي يعاني من نزاعات وأزمات في مختلف الأصعدة كان له نصيب كبير في التشرد وانتشار هذه الظاهرة سواء في البلاد نفسها، أو على مستوى اللاجئين إلى خارج الوطن، فمنهم من غلبتهم الحاجة ومنهم من اتخذها مهنة له واستغل تعاطف الناس مع الوضع السيئ الذي تمر به البلاد.
تحديات عيش وواقع مرير
(بشرى علي (22عامًا-الحديدة) إحدى النازحات إلى مدينة عدن تقضي يومها في الجولات والشوارع لجمع المال وإعالة نفسها وأسرتها المكونة من ثمانية أفراد تقول: “أنهض من الصباح الباكر أنا وإخوتي إلى الجولات لمسح السيارات ولطلب المساعدة من الناس؛ لنستطيع العيش ومجابهة الحياة”.
وتضيف علي “بأنَّها قبل الصراع كانت هي وأسرتها مقتدرين الحال وكان والدها يعمل صياداً ولكن مع الاشتباكات التي أدت الى إصابة والدها وخسارة ساقه اضطرت هيا وأسرتها للخروج؛ للبحث عن قوت يومهم”.
وحول البحث عن فرص للعمل عوضاً عن التسول ذكرت بشرى “أنَّها لم تتلق التعليم إلا إلى الصف السادس فحسب وبأنَّ معظم المؤسسات والمنازل الذين يحتاجون إلى عاملات يطلبون ضامناً؛ حتى تتمكن من العمل”.
وفي إطار المشاكل التي تتعرض لها بشرى في يومها تقول لـ “صوت الأمل”: “أتعرض للكثير من المضايقات منها اللفظية مثل الشتم والتنمر، ومنها العنف الجسدي مثل الضرب من قبل المارين وأصحاب المطاعم أثناء تواجدي هناك؛ لإجباري على الابتعاد، ولم أسلم حتى من التحرش الجنسي”.
ومن الحلول التي وضعتها بشرى؛ لتحسين حالهم كي يستطيعوا العيش بكرامة ويكسبون المال بعرق جبينهم قالت: “لا بد من تقديم تسهيلات للأعمال وأن يتم النظر إلى حال النازحين، وتوفير متطلباتهم الأساسية لكيلا يضطروا للبحث عن طرق أخرى لكسب المال”.
أضرار اجتماعية
“للتسول آثار تعود بالضرر على المجتمع كله وليس على الأفراد” بحسب ما قاله د.عمر خالد (دكتور علم الاجتماع) في حديث خاص عن أضرار التسول على المجتمع.
مضيفًا: “أنَّ التسول يساهم بشكل كبير في انتشار العادات والسلوكيات الخاطئة وغير الأخلاقية التي تتنافى تمامًا مع القيم والعادات المجتمعية الصحيحة، وقد تؤدي أحيانًا هذه الظاهرة إلى النهب (السرقات) واتخاذ الطرق غير المشروعة في حال لم يجد المتسول حاجته من المال؛ لأنَّ المهم بالنسبة للمتسول هو أخذ حاجته من المال ولا يهم الطريقة التي سيحصل فيها على المال”.
ويوضح خالد “أنَّ التسول يؤثر على مظهر الدولة بشكل عام، ويسبب إزعاجاً للمجتمع كله _خصوصًا_ وأنَّ الأساليب التي يستخدمها المتسولون تعتمد على إخراج المال بكثرة الإلحاح والقوة مما يشكل عدم الرضا النفسي والاجتماعي على هذه الظاهرة، وتصبح المشكلة أكبر عندما تمارس هذه الظاهرة مع الزائرين والسواح”.
مؤكدًا “أنَّ ظاهرة التسول تعمل أيضًا على رفع مستوى البطالة حيث يتخذها المتسولون مصدراً سهلاً للرزق، مما يؤدي إلى قلة العاملين في القطاعات، وكثرتهم في الشوارع والأماكن العامة، حتى إنَّها أصبحت مهنة لهم ليس للحاجة فقط”.
وفي إطار المعالجات يقول د.عمر: “ليس من الصحيح نبذ وإلقاء اللّوم على المتسولين بشكل كامل ورفضهم وجعلهم نكرة، لا بد من رؤية الموضوع بشكل كامل، واكتشاف الجانب الإيجابي في هؤلاء الطاقة الشبابية وإخراج جانب القوة لديهم واستهلاكها في أعمال تعود بالفائدة لهم وللمجتمع كله”.
الأضرار النفسية
للتسول أضرار نفسية تؤثر وتنعكس على شخصية المتسول بشكل عام، فبحسب ما قالت وفاء محمد (دكتورة في علم النفس): “أنَّ التسول يؤثر على المتسول بحيث ينظر له نظرة انتقاص وأحيانًا قد يتعرض للإساءة اللفظية والاعتداء الجسدي والجنسي ومضايقات أخرى أثناء محاولة حصولهم على المال”.
مضيفة: “أنَّ هذه الاعتداءات التي تؤثر على نفسية المتسول قد تعود بالضرر عليه وعلى مجتمعه، فتخلق من هذا الشخص مجرماً أو فرداً يكرس كل الطاقة السلبية التي اكتسبها أثناء عمله في الانتقام من أفراد منزله أو من الفئة الأضعف منه، وقد تؤدي _في معظم الأحيان_ إلى الانتحار واسترخاص النفس”.
أسباب وحلول
من وجهة نظر العامة لهذه الظاهرة التي أصبحت مصدر إزعاج وشفقة في آن واحد، يرى محمد عبد الوارث (55عامًا-تعز): “أنَّ الدولة هي المسؤول الأول والأخير عن تزايد هذه الظاهرة؛ كونها قصرت ولم تؤدي دورها وما يقع على عاتقها من احتضان هذه الشريحة وتوفير فرص للعمل فبتزايد مستوى البطالة تتزايد نسبة التسول، وترتفع نسبة الجرائم والانحرافات بمختلف الطرق والوسائل”.
ويؤكد عبد الوارث “على ضرورة وجود ضوابط تحكم هذه الظاهرة فمثلًا لا بد من الإمساك بالمدعين للفقر والمرض وجمع بيانات المتسولين، وبالتالي طلب التبرعات لهم أو قضاء حاجاتهم؛ فتتوفر متطلباتهم ولا يضطرون للخروج إلى الشوارع والأرصفة وإزعاج الناس وعمل زحام في الأماكن العامة”.
ومن جهة عبد المنعم المليكي (34 عامًا-إب) “أنَّ التسول أصبح مهنة متوارثة ينقلها الآباء إلى الأبناء؛ لأنَّها سهلة وتأتي بربح كثير بالنسبة لهم”.
وعن تجربة يقول المليكي “إنَّه عرض العمل على فتاة شابة لتعمل (عاملة نظافة) براتب 60 ألفاً في الشهر الواحد ولكنها رفضت كون النقود التي تجمعها من خلال التسول أكثر بكثير من هذ المبلغ”.
ويضيف المليكي: “اختلط الناس، فلم نعد نفرق بين المحتاج والمحتال؛ لذا من المهم جدًا عمل حلول من قبل القطاعين الحكومي والخاص، وعمل جمعيات تلبي احتياجاتهم وتحد من تزايد هذه الظاهرة التي بالفعل أصبحت مؤذية، فالمكان الحقيقي لهؤلاء الناس ليس في الشوارع ولكن في المدارس والجامعات والمؤسسات فالبلاد أحق باستغلال هذه الطاقات الخاملة لتعيد إنشاءها وصياغتها وتقديمها للمجامع بصورة لائقة تعود بالنفع للمجتمع”.
استطلاع.. %44الأطفال أكثر الفئات تسولاً في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر أبري…