ظاهرة التسول في وسائل الإعلام.. تناولات سطحية ومجزأة لا تقدم حلولاً
صوت الأمل – فاطمة رشاد
قضية تحدث عنها الجميع وشارك فيها الرأي وعُرضت وتناولتها جميع الوسائل الإعلامية وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعية التي تعد الأشهر في الوقت الحالي لقضية هي الأبرز والأهم في مجتمع تنتشر فيه المجاعة والفقر … التسول ظاهرة ليست بالقديمة ولا بالجديدة ولكنَّها باتت تؤرق بال الجميع؛ لأنَّها تعكس جوانب تفصيلية لمجتمع عرَّته الصراعات ليصبح على ما هو عليه اليوم.
في المقام الأول الإعلام مطالب من الرأي العام بالتناول الصحيح والعميق لهذه القضية ولا بد من وضع الحلول والمعالجات لها.
تناولات إعلامية
الإعلامي يحيى الربيعي والذي تحدث عن كيفية تناول الإعلام لهذه القضية بقوله:” للأسف الشديد يقتصر تناول قضية التسول على أنَّها ظاهرة اجتماعية سلبية، وأنَّ المتسول يمارس مهنة، وأنَّ التسول مصدر رزق يدر عليه دخلاً، وإن ثمة عصابات منظمة تتشكل لمزاولة هذه المهنة يتم من خلالها استغلال فئات معينة من المجتمعات الأشد فقراً كالأطفال والنساء وذوي الإعاقات وبوسائل وأساليب احترافية تستعطف فاعلي الخير”.
“لم يُنظر إلى هذه القضية من منظور أنَّها مشكلة اجتماعية تتطلب دراسة لأسبابها ومحاصرة عوامل زيادة انتشارها النفسية والأخلاقية والاقتصادية بما يكفل تأهيل المنخرطين في التسول وإعادة إدماجهم في المجتمع”.
ويؤكد الربيعي “على أنَّ هناك الكثير من المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام جهود محاربة هذه الظاهرة وعلى رأسها شحة الإمكانيات، ونظرة المجتمع ذاته تجاه هذه الفئة التي تصل إلى حد الانتقاص من قيمتهم الإنسانية”.
ويواصل يحيى حديثه قائلاً: “وجدت بعضاً من التناولات الإعلامية الإيجابية تجاه القضية، لكنَّها لم تحقق أي نسبة تجاوب من الجهات الرسمية والشعبية المعنية بقضايا التسول عدا تلك الإجراءات الشكلية والآنية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، إن لم تزد الطين بلة في بعض الأحيان”.
وأشار الربيعي “إلى أنَّ قضية التسول تحتاج إلى التفاف جماهيري ورسمي ينطلق من وعي الجميع بوجوب تأهيل هذه الفئة وإعادة دمجها في المجتمع خاصة الأيادي القادرة على العمل من خلال التدريب والتأهيل المهني وتوفير فرص عمل شريفة، وتوفير رعاية كاملة لذوي الاحتياجات الخاصة منهم والعاجزين”.
نظرة شمولية للتسول
ويذهب الإعلامي عبد الرحمن الزبيب في توضيح نظرته الشمولية لهذه القضية بقوله: “وسائل الإعلام تتناول موضوع التسول بشكل خاطئ جداً وتعد المتسولين أشخاصاً كاذبين يستغلون تعاطف المجتمع للحصول على مبالغ مالية؛ وهذا تسبب في سوء فهم مجتمعي عن المتسولين ويفترض أن يتم النظر إلى التسول بنظرة واسعة وأكثر شمولية”
“فهناك فئات وأشخاص في المجتمع انقطعت مصادر رزقهم وخرجوا للشارع، أشخاص كسروا كرامتهم مجبرين وقاموا بمد أيديهم للآخرين؛ طلباً للعون والمساعدة. أهمية البحث عن جذور المشكلة التي تسببت بوجود ظاهرة التسول باستقصاء أسبابها ومقترحات المعالجة وتسليط الضوء على مركز مكافحة التسول وإيواء المتسولين في صنعاء الحتارش وآليات عمله وإنجازاته واحتياجاته وإيجاد معالجات جذرية للتسول من تقديم مساعدات نقدية وعينية لهذه الفئة والتمكين الاقتصادي لهم بتمكينهم من أعمال وأنشطة تغطي احتياجاتهم “.
وأكد الزبيب “على أهمية اتخاذ إجراءات وقائية للحد من ظاهرة التسول بشكل عام سواء الأشد سوءاً التي تتشكل من عصابات تستخدم المتسولين للحصول على مبالغ مالية وهنا يكون المتسول ضحية انتهاك كرامته لمصلحة آخرين وهذا يستلزم ضبط تلك العصابات واتخاذ إجراءات رادعة لهم ووضعهم تحت أعين الأجهزة الرسمية المختصة، بالإضافة إلى أهمية اتخاذ إجراءات وقائية للمتسولين الذين خرجوا للتسول؛ بسبب الحاجة لطلب العون والمساعدة بتقديم المساعدات اللازمة لهم وتمكينهم اقتصادياً بأعمال تدر لهم دخلاً يغطي احتياجاتهم”.
وواصل الزبيب قائلاً: “أهمية تنفيذ الدراسات الاجتماعية والمسح الميداني باستمرار مع المتسولين لتحديد الأسباب والمعالجات لظاهرة التسول وتحديث تلك الدراسات؛ لتكون من منطلق علمي وواضح للمعالجات”.
“وعدم التقوقع في مربع القانون الذي يعد التسول جريمة، ومع ذلك لا بد من الاهتمام بقرار إنشاء مراكز مكافحة التسول كونها قضية قانونية لمعالجة الظاهرة خصوصاً ما تم من إجراءات مؤخراً لتطويرها والحفاظ على كرامة المتسولين والتعامل معهم كضحايا وليس متهمين”.
تناولات إعلامية
أما مهيب زوى والذي قال: “ما تزال قضية التسول – أو ظاهرة- مفتوحة للتناولات الصحفية في العديد من المجتمعات ليس فقط في اليمن التي تفاقمت فيه خلال سنوات الصراع فقد زاد انتشارها بشكل كبير جراء الظروف الاقتصادية والإنسانية المتردية، أما مسألة الإنصاف الإعلامي لها كونها قضية مجتمعية فهذه إشكالية أخرى، لأنَّها تقودنا إلى قضيتين: إما أن نعدهم ضحايا أو جناة، وغالبًا ما يتم تناول هذه الظاهرة من زاوية (جناة) على حساب الزاوية الأخرى! ومن هذا المنظور لن يكون هناك إنصاف، كون الكثير ممن هم ضمن تلك الشبكات _التي يركز في طرحها الإعلام_ هم ضحايا ويتم استغلالهم خصوصاً الأطفال وهم الفئة التي يتم الاعتماد عليها لديهم؛ لهذا نجد العديد من التناولات تركز على زاوية الإدانة ولا تغوص في تفاصيل الظروف التي جعلت هؤلاء يلجؤون أو يضطرون إلى شبكات تعمل على استغلالهم على الأقل خلال هذه السنوات من الصراع”.
ويواصل زوى حديثه: “لعقود طوال وما تزال الظاهرة بعيدة عن الرقابة أو المتابعة الأمنية، لكن الجميع ينتظر من الإعلام مواجهتها، وهذه أيضًا إشكالية، كونها تلقي بالعبء على الإعلام الذي لن يجد صدىً للحد من الظاهرة في ظل غياب جهات الضبط، وأحياناً يلجأ لاستغلال القضية بهدف الحصول على متابعات وقراءات! ومن ناحية أخرى فالإعلام أيضًا قد يقع في فخ الإساءة وهو يحاول حماية العديد من الضحايا بإبراز قضيتهم من خلال نشر صور أو فيديوهات للأطفال الذين هم أصلًا ضحايا إما لشبكات أو لأسرهم دون أن يتم مراعاة ما قد يعكسه هذا التناول من مخاطر نفسية ووصمهم مستقبلاً. فهل هذا الطفل سيظل متسولًا طوال حياته؟”.
ويوضح زوى قائلاً: “لم يعد تسول الشوارع مورقًا، فظاهرة التسول الإلكتروني باتت شائعة، أعتقد أنَّ هذا الجانب ما يزال غير مطروق إعلامياً بما يكفي ويجب أن يلتفت إليه باهتمام، فهناك من يحترف ذلك بشكل فردي وهناك من يقوم بتبني حالات جماعية والعمل على استغلالها عبر السوشل ميديا.. أتمنى أن يتم العمل على ذلك”.
ونصح زوى الصحفيين “على أن يكونوا يقظين تجاه هذا النوع من القضايا ومتسلحين بالمعرفة الحقوقية التي تعينهم على عدم الإساءة لأي قضية سواء كان يدافع عنها أو يحاول كشفها”.
اتهام
فاطمة بافطيم توجِّه أصابع الاتهام إلى وسائل الاعلام قائلة: “وسائل الإعلام لم تنصف القضية لأنَّها لم تأخد الموضوع بعين الاعتبار وبشكل جدي؛ لكي يتم القضاء على هذه الظاهرة أو حتى يقوموا بعمل حلول جذرية لها، للأسف. يجب تناول هذه القضية بشكل مكثف بحيث تقوم بحملات وعمل برامج إذاعية أو تلفزيونية موسعة؛ للحد أو التقليل من هذه الظاهرة بوصفها بدايةً أولية حتى يتم القضاء عليها بشكل نهائي لأنَّ أعداد المتسولين في اليمن انتشرت وصرنا لا نعرف المستحق للصدقة منهم”.
وحثت فاطمة الجهات المعنية على أن تعمل لهم أماكن تأويهم إن احتاجوا لذلك، وأيضاً الحد من انتشارهم بشكل عشوائي في الطرقات وإزعاج الناس لأنَّ بعض الاشخاص يتضايقون –خاصة- بعد انتشار ظاهرة توزيع القصاصات الصغيرة من بعض الأطفال”.
صوت الإذاعة
فاطمة نور مذيعة في إذاعة بندر عدن تقول حول هذا الموضوع: “ظاهرة التسول موجودة ومنتشرة في محافظة عدن بشكل ملفت للانتباه ورغم أنَّ هناك بعض الحلول والمعالجات وضعت من قبل وسائل الإعلام ورغم الحملات عبر قنوات وشبكات التواصل الاجتماعي فإنَّها لم تستطع القضاء الجذري على الظاهرة ونحن في إذاعة بندر عدن تناولنا القضايا المجتمعية والظواهر التي انتشرت في الآونة الأخيرة _وخاصة_ ظاهرة التسول لكنَّنا للأسف لم يُسمع صوتنا لدى الجهات المعنية لكي تحل هذه المشكلة التي تؤرق الكثير من المواطنين”.
وتشاركها الرأي الإعلامية هيفاء العديني التي قالت: “كثير من المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية تناولن تقارير لظاهرة التسول وما أسباب انتشارها في السابق، لكننا لم نلمس حلولاً واقعية للحد من هذه الظاهرة أو التقليل منها. للعلم أنَّ ظاهرة التسول انتشرت بتزايد في فترة الصراع، في وقت اتجهت فيه وسائل الإعلام إلى تغطية الصراع وضحاياه وقلة قليلة من تحدثت منهم عن التسول”.
استطلاع.. %44الأطفال أكثر الفئات تسولاً في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر أبري…