دور المبادرات الشبابية في مكافحة ظاهرة التسول
صوت الأمل – أمل المحمدي
ظاهرة التسول من الظواهر السلبية التي انتشرت في المجتمعات في الوقت الراهن، وهي تنتج عن عوامل عدة، يجب علاج هذه الظاهرة وتسليط الضوء عليها نظراً لخطورتها ونتائجها غير المتوقعة لو استمرت.
يكون التسول بطلب المال من غير جهد، ومن يُقبل عليه يسمى متسولاً. ويتخذ بعض الأشخاص التسول مهنة بديلة عن أي عمل آخر، ويتكل عليه في توفير متطلباته اليومية.
يستخدم المتسولون أساليبَ مختلفة لإقناع الآخرين بإعطائهم بعضًا من المال، وهي تختلف من متسول لآخر؛ فمنهم من يستخدم البكاء والتذمر من أجل جذب الآخرين، ومنهم من يقوم بانتحال بعض العاهات والأمراض عن طريق استخدام مستحضرات التجميل طلباً للتبرعات لغرض ما أو ادعاء الإصابة بخلل عقلي من خلال التلفظ بكلمات غير مفهومة والتلويح بالإشارة، وفي بعض الأوقات يتم استخدام الأطفال الرضع أو ذوي الاحتياجات الخاصة في عملية التسول من أجل جذب عاطفة الناس واستغلال الوثائق مثل وثائق فواتير الماء والكهرباء أو وصفات الدواء كونها أداة لجلب المال خاصة في مواسم الأعياد أو في شهر رمضان المبارك.
تنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير وسريع، ويتزايد عدد المتسولين في الشوارع والجولات والأسواق يوماً بعد يوم؛ فهناك إحصائية، صادرة عن مركز دراسات وبحوث يمنية في 2017م بعد أربعة أعوام من الصراع، تؤكد أنَّ عدد المتسولين في اليمن ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من مليون ونصف مليون متسول ومتسولة. وأكدت الإحصائية أنَّ هذه الظاهرة باتت واضحة في المدن اليمنية الكبرى أكثر من غيرها، خصوصاً في العاصمة صنعاء الخاضعة للنزاع. ويتوقع أكاديميون ارتفاع أعداد المتسولين إلى أكثر من 90 ألف شخص بسبب موجات النزوح وتفشي البطالة وانقطاع المرتبات عن موظفي الدولة وانقطاع مصادر الدخل لدى غالبية الأسر اليمنية، تلك التوقعات تمثل ثلاثة أضعاف آخر الإحصائيات العلمية الصادرة عن أكاديميين بجامعة صنعاء قبل وقوع الصراع في 21 مارس 2014م، التي قدرت عدد المتسولين بنحو 30 ألف طفل وطفلة دون سن الـ18، ولا يشمل هذا العدد كبار السن من الذكور والإناث الذين خرجوا للتسوّل تحت وطأة الظروف المعيشية الصعبة والفقر الشديد.
ووفقاً لهذه الإحصائيات المدروسة والمتوقعة من خلال الدراسات؛ فإنَّ التسول يظهر نتيجة لعوامل مختلفة ومتعددة تختلف من متسول لآخر، ومن هذه العوامل اندثار الكرامة والحاجة إلى المال بسبب انعدام الأعمال، وهذا ما يدفع البعض إلى التسول لإعالة أسرهم وتوفير بعض من متطلباتهم الأساسية التي يحتاجونها.
ويعد الفقر في المجتمع السبب الرئيس للتسول، بالإضافة إلى البطالة وانتشارها وغلاء المعيشة؛ فبعض الأشخاص يفضلون الراحة على العمل، فيتجهون إلى التسول الذي يعدونه تجارة مربحة دون بذل أي جهد، وآخرون يدفعهم المرض إلى التسول بسبب تكلفة العلاج المرتفعة، والبعض يتخذون التسول مهنة من آبائهم يتداولونها؛ فتجد أنَّ جميع أفراد الأسرة يعملون في التسول ولا يرون في ذلك عيباً. وفي بعض الأوقات قد يكون التسول مرضًا نفسيا يعاني منه المتسول، أما من ناحية أسباب انتشار التسول في السنوات الأخيرة فهي تتمحور في الصراعات والنزاعات وما تسببه من هجرة الأشخاص ولجوئهم وتشردهم وفقرهم أو حاجتهم أو إصابتهم بالأمراض والإعاقة وغيره، وذلك ما يساهم في ازدياد ظاهرة التسول بشكل كبير يوماً بعد يوم.
لكن ظاهرة التسول لا تقف عند هذا الحد؛ فهناك سلوك سلبي يكتسبه المتسولون –لا سيما كبيري السن- يدفعهم إلى السرقة والاحتيال على حقوق الآخرين. أما الكارثة الأدهى والأشد مرارة فهي دفع الأطفال إلى التسول وأخذها مهنة متوارثة تبدأ من رب الأسرة إلى أصغر فرد فيها بما فيهم النساء.
ومن هنا، لا بد من التركيز والانتباه إلى مبدأ المساءلة القانونية عن الأطفال العاملين في التسول، وتوضيح خطورة إلحاقهم بهذه المهنة. ومن الواجب أن تُصدر قوانين صارمة بمنعهم من العمل أو التسول، وأن يُعمل على تنفيذها بجدية وإلزامهم بالدراسة حتى سن معين، ومحاولة تدريب الأطفال والشباب المتسولين على بعض الحرف التي تعود عليهم بالفائدة، ومن ثم تأمين أماكن للعمل لهم ومتابعة أخبارهم بين الحين والآخر لإبعادهم عن هذه الظاهرة السلبية.
تتعدد المبادرات الخيرية والإنسانية في محافظة الحديدة، وتتنوع أعمالها ومشاريعها بين الإنسانية والإغاثية والتنموية، وهي تعمل على التخفيف من واقع المجتمع وما يعانيه من ظواهر منتشرة في محيطه تعكس صورة غير حضارية تنتشر بسرعة فائقة في أوساط المجتمع، ومن ثمَّ لا بد من التركيز على هذه الظواهر وتسليط الضوء عليها لمعالجتها أو لبترها.
في لقاء لصحيفة “صوت الأمل” مع الأستاذة صباح أحمد معوضة (رئيسة مبادرة “يلا سوا” الإنسانية التنموية) حول موضوع دور المبادرات الشبابية في مكافحة ظاهرة التسول، فكانت إجابتها أنَّ التسول مرض خبيث ينتشر بصورة سريعة في المحافظة، وذلك حادث نتيجة لما تمر به البلاد من الأوضاع التي تفاقمت في هذه الآونة، وكذا نتيجة لانعدام الوعي بخطورة هذه الظاهرة، ليس على مستوى المحافظة وحسب؛ بل على مستوى اليمن بشكل عام. ولكونها مبادرة شبابية إنسانية فلها الدور الأكبر في إحداث توعية حول خطورة هذه الظاهرة، وهذا ما يقوم به شباب المبادرة في كثير من ورشات العمل الخاصة بالجانب التوعوي. أما بالنسبة للجانب الإنساني، فهم يحاولون -قدر المستطاع- تقديم المعونات لأسر المتسولين ليخففوا من هذه الظاهرة. ليست مبادرة “يلا سوا” وحدها من يقوم بذلك؛ بل هناك العديد من المبادرات الشبابية التي تهتم بالجانب الإنساني للحد من ظاهرة التسول وغيرها من الظواهر السلبية التي تهدد المجتمع.
استطلاع.. %44الأطفال أكثر الفئات تسولاً في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر أبري…