‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التسول في اليمن التسول هروب خطير للمحاصرين في حلقة الفقر

التسول هروب خطير للمحاصرين في حلقة الفقر

صوت الأمل – عبد الجليل السلمي

بات التسول حاضراً بشكل كبير، وينتشر بشكل متزايد في المدن الحضرية اليمنية، وفي الواقع أصبح مصدر دخل حيوي للأشخاص الذين وجدوا أنفسهم بالنهاية في عمق الحلقة المفرغة من الضعف والفقر المطول، وغالبًا ما يكون اختيارًا من بين الخيارات غير المرغوب فيها على حد سواء.

تحدث معظم الأشخاص الذين يتسولون لـ(صوت الأمل) “بأنَّهم شغلوا وظائف متعددة، وانخرطوا أيضًا في أشكال هامشية من النشاط الاقتصادي في مرحلة ما من حياتهم، قبل أن يتحولوا إلى متسولين”. 

توسع حالة الفقر في المجتمع   

أدى الصراع في اليمن إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة، بعد سبع سنوات من العنف المستمر، ازداد الفقر في البلاد، ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، فإنَّ 71% إلى 78% من السكان اليمنيين قد سقطوا تحت خط الفقر في نهاية عام 2019م، وكانت النساء أشد تضررًا من الرجال.  

كما تسببت الصرعات الاقتصادية التي تتبناها أطراف الصراع، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، والخدمات الاجتماعية، مما أدى إلى زيادة حالات الفقر وخطر الموت جوعًا على ملايين السكان.

وجد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (تقييم تأثير الصراع في اليمن على تحقيق أهداف التنمية المستدامة) “أنَّ عدم الاستقرار في اليمن كان له آثار كارثية على اليمنيين، مشيرًا إلى أنَّ 11.7 مليون فرد أصبحوا فقراء”.

أكد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي نشر في 26 سبتمبر 2019م “أنَّه بدون أي تغيير في الوضع الراهن، ستصبح اليمن الدولة الأكثر فقرًا في العالم بحلول عام 2022م”.

“إلى جانب انكماش متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2014-2021م، بمعدل تراجع تراكمي بلغ – 63%، تآكلت القيمة الحقيقية لذلك الدخل بفعل التصاعد المستمر للتضخم، مسببًا سقوط ملايين من الناس في براثن الفقر المدقع”.

 تُشير نتائج استطلاع للرأي العام أجراه المركز اليمن للمعلومات (يمن انفورميشن سنتر) للبحوث والإعلام، منتصف سبتمبر 2021م، حول الفقر في اليمن، إلى “أنَّ الفقر سبب رئيسي لزيادة معدلات ظاهر التسول في البلاد”.

قال 87% من جميع المشاركين في الاستطلاع “إن زيادة ظاهرة التسول في اليمن سببها الفقر، فيما أعرب 4% من المستجيبين عن اعتقادهم أنَّ سبب زيادة ظاهرة التسول هو عملية مفتعلة”.

تقول منظمة العمل الدولية: “إنَّ هناك ارتباطاً قوياً بين الإعاقة والفقر، فالفقراء هم أكثر عرضة لخطر الإصابة، يصبحون معاقين بسبب نقص السكن اللائق والغذاء والمياه النظيفة والأساسية، والصرف الصحي وبيئات العمل الآمنة، فهي تعد التسول الملاذ الأخير للأشخاص الذين وجدوا أنفسهم في دوامة من الفقر والشدائد”.

فقدان سبل العيش

دمر الصراع الاقتصاد، حيث كان من أكبر التحديات صرف رواتب موظفي الخدمة المدنية، لا يزال حوالي 50% من موظفي الخدمة المدنية لا يتقاضون رواتبهم، وعندما يحصلون عليها، لا يتلقونها بالكامل.

وفقاً لاستبيان (مناخ الأعمال اليمني) الصادر عن وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر بالتعاون مع منظمة ال GIZ، للفترة من أغسطس- أكتوبر 2015م، الذي تم تنفيذه في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة، لوحظ “أنَّ 41% من المنشآت قامت بتسريح حوالي 55% من موظفيها في المتوسط”.

كثيرون من باتوا اليوم يمدون أيديهم للناس، أجبرتهم الحاجة وغياب فرص العمل على ذلك، وفي ذات السياق يقول أحد أئمة المساجد بمدينة عدن (الشيخ عمار): “إنَّ التسول في المساجد بات ظاهرة تحتاج إلى معالجة وأصبحت مزعجة للمصلين”.

ويضيف: “بعد كل صلاة يقف _على الأقل_ ثلاثة أو أربعة أشخاص أمام المصلين ويطلبون المساعدة وأغلبهم يقولون إنَّ غياب الدخل وفرص العمل أو الدعم العائلي لتلبية احتياجاتهم؛ أجبرهم على الوقوف، ولا يريدون مالًا بل يريدون شيئًا من الغذاء لسد جوعهم”.

فقد ما يقدر بنحو 40% من الأسر المعيشية مصدر دخلهم الرئيسي، ويشير (تحليل أوضاع الرفاه) إلى “أنَّ الصراع وما يرتبط به من عوامل، أدى إلى زيادة إجمالي معدل الفقر، فيما تضررت مصائد الأسماك بشدة وأصحاب المشاريع الزراعية، على وجه الخصوص”.

(الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي) يقول لـ (صوت الأمل) “إنّه نتيجة لفقدان سبل العيش التقليدية، والوظائف في القطاعين العام والخاص؛ دفع الرجال إلى أن يعملوا الآن في وظائف كانت غير مقبولة قبل الأزمة، بما في ذلك بيع السلع في الشارع والتسول”.

وعدَّ عبد الحميد المساجدي “الفقر سبباً رئيساً للتسول الذي تتوسع ظاهرته كل يوم، مؤكدًا أنَّ الفقر وعدم وجود دخل كافٍ للوفاء بالاحتياجات الأساسية هي الأسباب التي تقف وراء إجبار الأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، على التسول”.

ويرى المساجدي “أنّ التسول أصبح بمثابة هروب خطير من الفقر والحاجة، وعبء على الحكومة والشعب”.  

أكدت مذكرة المشاركة القُطْرية لمجموعة البنك الدولي بشأن اليمن 2020-2021م “أنّ الاتساع في رقعة الفقر، وانعدام الأمن الغذائي، والمرض، يشكل عجزًا هيكليًا مفجعًا، من شأنه أن يؤثر على تنمية رأس المال البشري على الأمد الطويل”.

ولفتت إلى “أنّ مؤشر رأس المال البشري يبين أنَّ إنتاجية الطفل المولود اليوم في اليمن ستبلغ 37% عندما يكبر، مقارنة مع نسبة إنتاجية كاملة إذا تمتع بقدر كامل من التعليم والصحة الجيدة”.

التسول رد فعل لنقص الطعام   

 توصلت دراسة مسحية إلى “أنَّ العائلات في اليمن تضطر إلى إرسال أطفالها للعمل والتسول مع تزايد المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الغذاء والمياه والوقود”.

وجدت لجنة الإنقاذ الدولية، التي قادت المسح _في مارس 2021م_ “أنَّ ما يقرب من ثلثي المستطلعين 62٪ أفادوا بأنَّهم غير قادرين على شراء الطعام ومياه الشرب”.  

أشار المستجيبون إلى “أنهم اضطروا من أجل إطعام عائلاتهم، إلى تحمل ديون لا يمكنهم سدادها، وتقليل كمية الطعام التي يستهلكونه، وبيع الأصول مثل الأرض أو الماشية، بل واضطر بعضهم إلى إرسال أطفالهم للعمل أو التسول”.

وخلصت الدراسة إلى “أنّ زيادة زواج الصغار وتسول الأطفال كان رد فعل لنقص الطعام، مع تقليل العائلات عدد الوجبات التي تتناولها”.

تتجلى العواقب غير المباشرة للنزاع في الصعوبات الاقتصادية والصحة وسوء التغذية، إذ يعاني أكثر من نصف سكان اليمن من الجوع، وسجلت حالات سوء التغذية الحادة للأطفال دون سن الخامسة أعلى مستوياتها على الإطلاق.

تشير خطة الاحتياجات الإنسانة لليمن 2022م، التي تقودها الأمم المتحدة، إلى “أنّ عدد المحتاجين في اليمن بلغ 23.4 مليون شخص في عام 2022م، بزيادة قدرها 13٪ مقارنة بالعام الماضي”.

ورجحت “أن يصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات جديدة مقلقة هذا العام، متوقعةً أن يواجه 19 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول يونيو 2022م، بزيادة تقارب 18٪ منذ بداية عام 2021م”.

وفي المقابل “سيواجه ما يصل إلى 161 ألف شخص ظروفًا شبيهة بالمجاعة خلال النصف الثاني من العام الجاري، حسب خطة الاحتياجات الإنسانة”.

التسول آخذ في الارتفاع

أفاد التقرير القطري للعام 2018م (تحليل تحويل التحويلات النقدية: وجهة نظر المستفيد والمجتمع بشأن برامج الحماية الاجتماعية) “أنَّ أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم قال إنَّ الرجال كانوا يرسلون عن عمد زوجاتهم وبناتهم للتسول كونها وسيلة للحصول على دخل للأسرة”.

وأكد التقرير الصادر عن وزارة التنمية الدولية البريطانية “أنَّ التسول في اليمن آخذ في الارتفاع، وشعر المستجيبون بوجود نساء وفتيات – بعضهن من المطلقات أو اليتامى – شوهدن في كثير من الأحيان يتسولن خاصة في تعز، أكثر من الرجال بسبب أنَّ الناس يقدمون الصدقات أكثر للنساء”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع..  %44الأطفال أكثر الفئات تسولاً في اليمن

صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر أبري…