‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الإعلام في اليمن بين أوساط حُطام الصراع… الإعلام اليمني يستنجد

بين أوساط حُطام الصراع… الإعلام اليمني يستنجد

صوت الأمل – رجاء مكرد

أصبحنا نفتقد أولئك الباعة المتجولين ملء الشوارع والأزقة يهتفون بعاجل الأخبار، وآخر المستجدات التي تحتل واجهات الصحف والمجلات في الإعلام اليمني فترة ما قبل الصراع أما في الوقت الحالي فيعاني هذا القطاع من انتكاسة وغياب شبه كامل لوسائل الإعلام المطبوعة، كالصحف المحلية والمجلات المتخصصة التي كانت تكتظ بها الأكشاك والمكتبات والمكاتب الحكومية والخاصة صبيحة كل يوم هذا ما قاله الدكتور هشام محمد الصليحي    -أستاذ الإعلام التنموي بقسم الإعلام، جامعة تعز- في مقابلة خاصة مع صحيفة صوت الأمل.

لم يعُد إنجاز القصص الإعلامية تفننًا مهنيًا، بل فصولًا من المعاناة _خاصة_ في ظل استمرار الصراع وتدمير البنية التحتية لكافة القطاعات في الدولة بما فيهم القطاع الإعلامي.

تواجه وسائل الإعلام اليوم في اليمن جملة من التحديات، متمثلة في آثار الأزمة الاقتصادية والافتقار للمهنية، فضلًا عن المخاطر المتعددة المرتبطة بالعمل الإعلامي.

وبالرغم من التحديات التي تواجه الإعلام، إلا أن هناك شراكات ومعالجات تأمل في تحقيق إصلاح لقطاع الاعلام مُتطلعة إلى الجوانب المشرقة؛ لخلق مساحة إعلامية من شأنها المساهمة في مد جسور التفاهم وخفض الصراع لتحقيق السلام.

تحديات مالية

توجد علاقة كبيرة تربط الإعلام بالاقتصاد، فالإنتاج الإعلامي والاعلاميون تأثروا كثيرًا بالأزمة الاقتصادية في اليمن، منها إنخفاض قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وتدني أجورهم الوظيفية وسط العمل لساعات طويلة في بعض الوسائل الإعلامية.

(ب : ن) _طلب عدم ذكر اسمه_ مصور لدى إحدى القنوات اليمنية، أفاد بأن الوضع الاقتصادي للإعلام أختلف عما كان عليه قبل الصراع، وأن الإعلامي كان في السابق دخله المادي مُناسب ولديه امتيازات وبدل ملابس ومواصلات وغيرها، أما الآن فالأجور متدنية جدًا ولا تكفي لتلبية احتياجات الموظف وأسرته.

وسرد تحليل لمستقبل الصحافة في الشرق الأوسط بعض المعوقات التي تواجه الاعلام في اليمن منها عدم وجود المؤسسات الإعلامية المستقلة مالياَ والمستقلة أيضاً عن القيود السياسية، وغياب نظام ديمقراطي ملتزم بمبادئ الديمقراطية وفق المعايير الدولية وغياب الشفافية والرابع هو غياب ثقافة المساءلة بين الصحفيين أو الشخصيات الإعلامية.

(الصُحفي أحمد الأسد) يقول، أن من أبرز التحديات التي تواجه الإعلام والإعلاميين هي فقدان مصادر التمويلات للأنشطة الإعلامية المختلفة؛ بسبب الصراعات السياسية في الوطن العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص، ونتجت عنها صراعات دمرت اقتصاديات الشعوب وأوقفت عجلت التنمية.

 ويضيف الأسد، بالتالي فإن الإعلام والإعلاميين هما جزء لا يتجزأ من بقية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تأثرت بتلك الصراعات، وتراجعت أنشطتها، وتوقفت معظمها وكانت النتيجة هي تسريح الكوادر الإعلامية من وظائفها، بالإضافة إلى هجرة البعض الآخر إلى الخارج بحثًا عن مصادر الرزق، أو هروبًا من الملاحقات من قبل مصادر القرار الجديدة الحاكمة؛ بسبب مواقفهم مع الحكومات السابقة.

 مردفًا، الإعلام اليمني هو جزء من العالم العربي الذي واجه المتغيرات الأخيرة، نال ما ناله من التأثيرات السلبية وتراجع نشاطه بنحو 95٪؛ بسبب الصراع الذي دمر البنية التحتية للبلاد بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها اليمن على مدى سبعة أعوام متتالية، ناهيك عن انقطاع الرواتب على الإعلام الرسمي الذي بدوره تسبب في تسريح كوادره، والقليل ممن بقي يمارس العمل يعاني من عدم القدرة على القيام بمهامه؛ نتيجة شحة الظروف المعيشية التي أثقلت كاهله، بالإضاف إلى صعوبة الحصول على المصادر الميدانية أو الوصول إليها.

تحديات مهنية

 ومن العوائق الرئيسية التي تحول دون أن تكون وسائل الإعلام فاعلة بشكل بناء هي الافتقار إلى المهنية على نطاق واسع، وفقاً لـ (دراسة تقييمية للأداء المهني لوسائل الإعلام المرئية اليمنية)، الصادرة عن مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي عام م2017.

وترجع الدراسة افتقار الوسائل الإعلامية اليمنية إلى المهنية، إلى ضعف الهياكل التعليمية والتدريبية للعاملين في وسائل الإعلام، والهيئات الممولة الحزبية التي ترتبت عنها التبعية السياسية للمؤسسات الإعلامية، وضعف المؤسسات التي تدعم الاستقلالية في الإعلام. 

فيما يؤكد صحفيون بأن عدم وجود ميثاق شرف إعلامي ليتقيد به الصحفيون اليمنيون، هو ما تسبب في التزييف الإعلامي وتظليل الحقائق، ونشر مواد إعلامية لا من الصحة.

 ولفتت دراسة (تقييم الأداء المهني لوسائل الأعلام المرئية اليمنية) إلى أنه، في الوقت الذي تقدم فيه العديد من البرامج والمقالات الإخبارية معلومات أساسية حول قضية محل اهتمام، فإنها تفشل في تزويد المشاهدين بمحتوى شامل موضوعٍ ضمن سياقه الصحيح، هذا عدا عن عدم لجوء الصحفيين إلى مصادر موثوقة، وندرة نشر حقائق يجري تدقيقها وفحص صلاحيتها عبر مصادر متعددة. 

وأكدت انه نتيجة لذلك، فإن كل مخرجات الإعلام تقريبًا تروج حصريًا لرأي واحد، بدلاً من تسليط الضوء على مختلف وجهات النظر، مشيرة إلى أنه يمكن الحيلولة دون هذا المسلك الصحفي الخاطئ عبر تمحيص الحقائق وتدقيق المعلومات بصورة شاملة وكاملة، وهي معايير يمكن تطبيقها على نطاق واسع بمساعدة برامج التدريب الممولة دوليًا.

وترى الدراسة، أن اعتماد الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار أثر بشكل سلبي على المهنية، وعلى مهنة الصحافة بحد ذاتها وذلك نظرًا لأن ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي ليسوا مدربين ولا يتم الدفع بهم لتقديم مادة صحفية في زمن الصراع، الأمر الذي أدى إلى تقويض الاعتماد على الصحفيين المدربين بل وحتى أضعف الرواتب التي يتقاضونها.

(ميثاق الصعيد: أستاذة في كلية الإعلام جامعة صنعاء)، توضح أن الإعلام الجديد ممكن أن يُهدد أمن الدولة واستقلاليتها، إذ أن الأخبار والشائعات تنتشر في دقائق عبر منصات تويتر وفيسبوك وغيرها.. من جهة أخرى قد يكون لوسائل التواصل الاجتماعي دورًا فعالًا وإيجابيًا في مرحلة مابعد الصراع؛ لتحقيق السلام وتهدئة الأوضاع.

الشراكة مع الجهات الدولية

توجد شراكة بين مؤسسات الإعلام اليمنية الخاصة والمنظمات والوكالات الدولية، التي تنفذ برامج إعلامية في اليمن، وتقدم تمويلات، حيث مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية الأمريكية تقدمه وزارة الخارجية، تمويلات للمشاريع التي تعزز وسائل الإعلام المستقلة.

وأطلق مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية الأمريكية في 17 فبراير 2022، إعلان عن فرصة تمويل تستمر حتى 18 من إبريل 2022؛ لتعزيز وسائل الإعلام المستقلة، وجهود العدالة الانتقالية ذات المصداقية في اليمن.

وبحسب بيان المكتب الذي نشره في موقعه الرسمي، يسعى البرنامج إلى ضمان وصول اليمنيين إلى محتوى إعلامي عالي الجودة وقائم على الحقائق ومناسب محليًا ويمكن تضخيمه ونشره دوليًا.

كما تسعى أنشطة البرنامج إلى توفير مساحة موسعة للكيانات الإعلامية المستقلة بأمان، والتأكد من أن الصحفيين قادرون على العمل، والإبلاغ عن الموضوعات الحساسة بأمان واستقلالية على الرغم من الصراع.

كما يشترط البرنامج أن تُظهر البرامج ممارسات أمنية مادية ورقمية محسّنة من قبل شركاء الإعلام اليمنيين المستقلين وعبر الإنترنت، وكذلك تسهيل وصول شركاء الإعلام اليمنيين إلى الشبكات الدولية ووسائل الإعلام لتضخيم رسائلهم وتقاريرهم.

الى جانب الدعم الأمريكي، تدعم الوكالة الفرنسية لتنمية الإعلام برامج الاعلام في اليمن، حيث أنشأت الوكالة الفرنسية للإعلام منصة نسوية في اليمن تديرها صحفيات دربتهن الوكالة.

وبحسب بيان المنصة فإن الوكالة الفرنسية ستمول المنصة التي أطلق عليها اسم «هودج» كما يشترك في التمويل وزارة الخارجية الفرنسية.

وبحسب البيان تعد منصة هودج الأولى في اليمن؛ لتشجيع الدور الريادي للنساء في الاعلام اليمني، وكجزء من (مشروع مكانتي) المنفذ من قبل الوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام بالشراكة مع مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي.

ووفقًا لبيان الإطلاق، تتكون هيئة تحرير المنصة من الصحفيات، لتكون أول منصة نسويه يمنية بفريق نسوي «منهن ولأجلهن»، وستعمل على مناصرة مشروع المساواة بين الجنسين في الإعلام.

أيضًا، مشروع مميز في العالم العربي ككل، إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) أول مؤسسة إعلامية مكرسة للنهوض بالصحافة الاستقصائية، تقوم بتدريب الصحفيين العرب وتساعدهم على التواصل مع وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، تأسست المنظمة لدعم دور الصحافة المتعمقة في الكشف عن الحقائق وتسخير القيم الأساسية للمجتمع المفتوح: المساءلة والعدالة.

على الرغم من وجود مؤسسات إعلامية مملوكة للقطاع الخاص، لكنها لم تكن مستقلة تماماً، حيث تأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر بالحكومة، وفقاً (لتحليل بعد مستقبل الصحافة في الشرق الأوسط 2016م، ماجد الزويميل).

وأضاف التحليل، أنه نادرًا ما توجد مؤسسة إعلامية مستقلة إداريًا، وحتى لو كانت مستقلة إداريًا، ومستقلة أيديولوجياً؛ ولا تنتمي إلى حزب معين، إلا أنها لها رأي سياسي خاص بها.

معالـــجـــات

وخلصت دراسة « اليمن: وسائل الإعلام غير المستقرة لبلد غير مستقر» الصادرة في مارس 2021م، للدكتور عبد الرحمن محمد الشامي، إلى أن أفضل نهج لتنظيم وسائل الإعلام اليمنية، هو الشراكة بين جميع أصحاب المصلحة والصحفيين الذين تمثلهم نقابة الصحفيين اليمنيين والنقابات الأخرى والأوساط الأكاديمية والخبراء.

ولفتت الدراسة، إلى أنه مثل هذه الجهود المشتركة قد تؤدي إلى قوانين لوسائل الإعلام من شأنها أن تحقق الحد الأدنى من الموافقة على كيفية عمل وسائل الإعلام في مثل هذا المجتمع المعقد.

من منظور تقني، شددت الدراسة على ضرورة خلق بيئة مواتية للاستثمارات الخاصة التي تشجع القطاع الخاص على الاستثمار في صناعة الإعلام والعمل بطريقة تنافسية.

وأكدت مخرجات الدراسة أن الحرية هي الدعامة الأساسية للإعلام: بدون الحرية، لن تذهب البلاد إلى أي مكان، ليس _فقط_ في مجال الإعلام ولكن أيضاً في جميع جوانب الحياة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…