‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الإعلام في اليمن الإعلام ساهم بدفع الوضع الاقتصادي نحو عدم الاستقرار

الإعلام ساهم بدفع الوضع الاقتصادي نحو عدم الاستقرار

صوت الأمل – عبد الجليل السلمي

ساهم الإعلام الاقتصادي بالدفع بالأمور نحو عدم الاستقرار ولم يحمل تطمينات للمواطن أو يسهم في تهدئة المخاوف أو تهيئة بيئة الاستثمار

تقع مسؤولية الحديث عن الظروف الاقتصادية على عاتق الإعلام؛ إذ أنّ دراسات عن المشهد الإعلامي اليمني وصحفيين يرون أنَّ التقارير الصحفية الحالية تسهم في حد ذاتها بصورةٍ متكررة في التدهور الاقتصادي العام نظراً لافتقارها إلى المهنية.

يشكو العديد من الصحفيين الذين يعملون في الوسائل الإخبارية التي تدعمها أطراف الصراع من تدني أجورهم مع عملهم لساعات طويلة وافتقارهم للتجهيزات اللازمة.

وقال الصحفي نبيل الشرعبي -المتخصص بالشؤون الاقتصادية- لـ «صوت الأمل»: «إنّ الصحفيين كسائر السكان معنيون في المقام الأول بتأمين سبل العيش لأسرهم، وتحتل جودة العمل الإعلامي درجة أقل في الأولوية».

وأضاف الشرعبي «تؤثر الأزمة الاقتصادية على العاملين في وسائل الإعلام على المستوى الفردي، وعلى وسائل الإعلام بشكل عام على المستوى التنظيمي».

أدى تقسيم البلاد بين مناطق السيطرة إلى خلق مشهدين إعلاميين متوازيين في اليمن يعكسان الوضع السياسي، وهناك نسختان من كل وسيط، يعكس كل منهما موقف المراقب الفردي.

 وترى دراسة «دور الإعلام في بناء السلام باليمن» أنّ نشر شائعات لا أساس لها من الصحة كحقائق، يتسبب في تغذية مخاوف السوق وتقليص النشاط الاقتصادي وتثبيط الاستثمار.

 وبحسب الدارسة فإنَّ تزايد عدد المواقع الإخبارية الإلكترونية المبتدئة وغير المحترفة وحالة الاستقطاب الإعلامي أدى إلى نشوء بيئة إعلامية أكثر تنافسية.

ونوهت إلى أنّ تزايد عدد المواقع الإخبارية والبيئة التنافسية، ولد ضغوطات متعاظمة لنشر القصص والأخبار المثيرة في أسرع وقت ممكن، وهو بدوره ما أسفر عن تراجع جودة المادة الصحفية.

 وضربت مثلاً «أدى نشر وثائق مزورة في عام 2018م تدعي أنَّ سعر صرف العملة المحلية سيكون مرتبطاً بالدولار إلى انخفاض المعروض من العملات الأجنبية مما أثر سلباً على العمليات المصرفية في أسواق الصرف الأجنبي، واستغل المتداولون في السوق السوداء الطلب المتزايد على العملات الأجنبية واستثمروا المخاوف من نقص العملة».

لا يملك الإعلام اليمني قدرة رقابية، في ظل غياب آليات المراقبة المنهجية للتطورات الاقتصادية أو المالية، حسب الدراسة.

تؤدي وسائل الإعلام في الأنظمة الديمقراطية بشكل أساسي دور الرقيب على السلطات بغية تعزيز الشفافية المالية والاقتصادية، ووفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، تحتل اليمن المرتبة 177 من بين 180 دولة في مؤشر التصورات بخصوص الفساد.   

كانت وسائل الإعلام قبل الصراع تنشر إعلانات الوظائف بشكل متكرر -وقد توقف هذا تماماً- فضلاً عن غياب التقارير حول تطورات أو متطلبات سوق العمل.

 وقال نجيب العدوفي -الكاتب والباحث المتخصص بالشؤون الاقتصادية- لـ «صوت الأمل»: «إنّ الصحافة الاقتصادية في اليمن لا تزال مغيبة في الكثير من وسائل الإعلام، وبرزت هناك بعض الجهود لأعداد محدودة من الصحفيين».

وأضاف، لكن تجاهل القائمين على الوسائل الإعلامية لأهمية الصحافة الاقتصادية يحد من دورها في تغيير الواقع الاقتصادي للبلد.

 وأوضح «أنّ وسائل الإعلام اليمنية تفتقر إلى تقارير استقصائية معمقة حول اقتصاد الصراع، ويُعزى ذلك أساساً إلى نقص القدرات في الصحافة الاستقصائية، ويرتبط كذلك بالمخاطر الأمنية».

 وتابع العدوفي «ظهرت بعض الوسائل الإعلامية كالصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية المهتمة بالشأن الاقتصادي إلا أنَّها لا ترقى إلى المطلوب كون تلك الوسائل تعاملت مع هذه الرسالة بطابع تجاري ما أفقدها دورها الحقيقي».

وأردف «الآن لا نستطيع القول إنَّ ثمة إسهام في تحسين الواقع الاقتصادي للبلد في ظل الانتهاكات التي تمارس ضد الصحافة ومنتسبيها فضلاً عن التغييب لدورها في وسائل الإعلام المختلفة».

وأعرب العدوفي عن أمله بأن يقوم الصحفيين المهتمين بالشأن الاقتصادي بتأسيس رابطة تسهم في تطوير مهنة الصحافة الاقتصادية وتكون قادرة على زيادة فاعليتها في التنمية الاقتصادية.

تؤكد الدراسات إلى إمكانية الإعلام في المساهمة بشكل إيجابي في تطوير سوق العمل، والمساعدة في تخفيف المعاناة الاقتصادية، لكنَّ الإعلام اليمني ليس له في الوقت الحاضر دور بناء في هذا الصدد.

 يتردد الصحفيون المتواجدون داخل البلاد في كتابة تقارير تفصيلية خوفاً على أمنهم، بينما لا يتمتع الصحفيون العاملون في بيئة آمنة في الخارج بالقدرة على الوصول إلى المعلومات والوثائق التفصيلية لإعداد تقاريرهم على نحو فعال.

من جهته يرى الصحفي معتز الميسوري -رئيس تحرير صحيفة التنمية اليوم وموقع التنمية برس من عدن– «أنّ وضع الصحافة الاقتصادية في بلادنا ضعيف جداً، ويفتقد إلى العديد من الإمكانات المتاحة من أدوات وأساليب وكذا عدم حصوله على المعلومات اللّازمة من مصادرها إما تهرباً من أصحابها أو نظراً لخطورة وحساسية النزاع الحاصل في البلاد».

وأوضح أنّه بسبب الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية فإنَّ الصحافة المتخصصة بالشأن الاقتصادي أصبحت لا تواكب متطلبات العصر وتكنولوجيا المعلومات، مُرجعاً تأخر الصحافة الاقتصادية إلى نقص التمويل وعدم توفر كوادر ذي كفاءة عالية.

يؤكد الميسوري، أنّ تمويل الصحافة الاقتصادية أصبح عالمياً محل اهتمام وعناية كبيرة كون هذا النوع من الصحافة يشكل حجر الزاوية للعديد من القطاعات الحكومية والخاصة في مجالاتها الاستثمارية والتنموية.

 على الرغم من امتلاك اليمن للعديد من وسائل الإعلام الحديثة مثل الصحف والإذاعة والتلفزيون وخدمات الإنترنت فإنَّ تأثيرها على الإعلام الاقتصادي لا زال محدوداً. 

كما يؤكد الصحفي مصطفى نصر -رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي- «أنّ الإعلام اليمني الفضائي والصحفي يظل غير مواكب للتطورات الاقتصادية، بسبب غياب الشراكة الحقيقية بين الإعلام الاقتصادي والقطاع الخاص في اليمن، ومنه فشل تجارب القطاع الخاص في الاستثمار في قطاع الإعلام».

مضيفاً «فشل القطاع الخاص في إدارة منظماته المدنية، ومنه ضعفت فعالياته المطلبية، والحقوقية أدى ذلك إلى غياب نشاطه في الإعلام».

ولفت نصر إلى أنَّ ندرة المحللين الاقتصاديين المحايدين والموضوعيين في نظرتهم للاقتصاد اليمني، وغياب الإحصائيات والدراسات والمؤشرات التي يفترض أن تقدمها الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص للإعلام عبر منظماته المختلفة، من أبرز التحديات التي تواجه الإعلام الاقتصادي في اليمن.

أكّدت دراسة «دور الإعلام في بناء السلام في اليمن» أنَّ وسائل الإعلام تنشغل في الوقت الحاضر بتغطية تفاصيل الصراع في خطوط المواجهة، أو بكتابة تقارير تتهم الطرف الآخر في الصراع، بينما لا تتوفر سوى نقاشات قليلة ومحدودة للغاية حول شكل الدولة اليمنية المحتمل أو دستورها.

من جانبه يؤكد رشيد الحداد – الباحث الاقتصادي- لـ «صوت الأمل» أنّ الصحافة الاقتصادية انحرفت مع الصراع وفقدت الكثير من أهميتها وأصبحت موجة لخدمة أطراف الصراع وتركت المواطن يدفع ثمن الصراع والانقسام.. وكان الأحرى أن تبقى على «الحياد».

 وأضاف «على مدى السنوات الماضية ساهم الإعلام الاقتصادي بالدفع بالأمور نحو عدم الاستقرار ولم يحمل تطمينات للمواطن أو يسهم في تهدئة المخاوف أو تهيئة بيئة الاستثمار».

 وأرجع الحداد سبب الرسائل السلبية التي تثير مخاوف السوق وتثبط الاستثمار إلى توقف الصحافة الاقتصادية المستقلة؛ لعدم تلقيها الدعم الكافي، ولكونها وقفت على مسافة واحدة من أطراف الصراع.

يقول الصحفي معنز الميسورين لـ»صوت الأمل»: «إنّه يتوجب على الإعلام بمختلف وسائله وتوجهاته تكثيف الجهود للمساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي، من خلال تسليط الأضواء على أبرز القضايا والتحديات الاقتصادية والتنموية الراهنة».

ويضيف الميسوري «أن على وسائل الإعلام طرح الحلول والمعالجات للقضايا الاقتصادية وإيصالها لأصحاب القرار والجهات الخارجية الفاعلة، وأن تتساوى تغطيات الشؤون الاقتصادية مع الأخبار والتقارير للقطاعات الأخرى».

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه

صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم)  يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…