تمويلات المنظمات ذات أهمية قصوى للاقتصاد اليمني
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
تأثر الاقتصاد اليمني بالصراع بصورة قوية، وطالما استمرت تلك النزاعات فلن يتحسن إلا ببطء شديد، في حين أن الاستهلاك المحلي الخاص يضعف باستمرار بسبب النقص في السلع الأساسية والارتفاع الحاد في التضخم.
ويتم تمويل عجز الاقتصاد إلى حد كبير من خلال تحويلات المغتربين والمساعدات الدولية التي عانت من جائحة كورونا. وفي سبتمبر 2021، قدمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى ما مجموعه600 مليون دولار لدعم المساعدات الدولية لرعاية الصحية والغذاء ومياه الشرب والتعليم، في ظل توقف الاستثمار العام في البلاد.
وتفيد المؤشرات الاقتصادية أنّ التضخم سيظل مرتفعاً في عام 2022، لا سيما في المحافظات الجنوبية، حيث يساهم تمويل العجز النقدي في انهيار قيمة الريال المحلي، وستستمر مشاكل الإمداد بسبب عوائق التجارة مما يدفع بأسعار السلع الأساسية إلى الارتفاع.
يعاني القطاع الزراعي الذي يساهم بنحو 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي و65٪ من الوظائف ويركز على زراعة القمح والدخن والقات والقطن والبن من مشكلة حقيقية من حيث البنية التحتية، لا سيما أنظمة الري وتنقية المياه.
وأثر الانخفاض الحاد في التحويلات التي تمثل 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتشكل المصدر الرئيس للعملات الأجنبية، بشكل كبير على ميزان المدفوعات، ومع انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي سيعتمد التمويل على المساعدات الدولية؛ حيث بلغت التعهدات في عام 2021 ما قيمته 2.33 مليار دولار.
أما تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “الأبعاد الاقتصادية للصراع في اليمن” في أكتوبر عام 2020 فقد وضح آثار النزاع على الاقتصاد في اليمن بتدمير البنية التحتية الحيوية والقدرة الإنتاجية، والسيطرة الاحتكارية على القطاعات الاقتصادية الرئيسة.
وأضاف التقرير أن الصراع: «خلق طبقات متعددة داخلية وخارجية وحواجز أمام التجارة، مما تسبب في انقسام البنك المركزي والمؤسسات». وذكر أيضًا أنّ الاقتصاد اليمني يعمل بشكل متزايد تحت طائفتين نقديتين مختلفتين والأنظمة المالية، بعملتين منفصلتين، مما أوجد العديد من التشوهات المكلفة للجهات الفاعلة الاقتصادية، ووضع ضغطاً شديداً على النظام المصرفي.
وقال البنك الدولي إنّ الأوضاع الاقتصادية في اليمن تشهد تدهوراً سريعاً، مدفوعة بانخفاض صادرات النفط وتقلص حجم الدعم الإنساني، وضعف البنية التحتية، والكوارث الطبيعية، وتجزّؤِ السياسيات الاقتصادية.
وأوضح البنك في تحديثه الأخير، “الآفاق الاقتصادية اليمنية أكتوبر 2021”، أنّ تجزّؤ سياسات الاقتصاد الكلي زادت الضغوط على الظروف الاقتصادية الضعيفة، وترتبت عليه عواقب إنسانية خطيرة.
وأضاف: “أدت التشوهات الناجمة عن تجزئة قدرات البنك المركزي، وتضارب قرارات السياسات بين مناطق السيطرة، إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية»، مؤكداً أنّه مع استمرار تدهور الأوضاع السياسية والأمنية، فإن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لا تزال بالغة الصعوبة.
فيما حدد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “الأبعاد الاقتصادية للصراع في اليمن” أربعة تدخلات على أنّها ذات التأثير الفوري الأكبر في تحفيز النشاط الاقتصادي، وتحييد الاقتصاد من الصراع.
وتمثلت المعالجات التي خلص إليها تقرير «الأبعاد الاقتصادية للصراع في اليمن» بتسهيل التجارة وسلاسل التوريد، لحل وطأة الإمداد ومشكلة السلع الرئيسية، بما يساعد في خفض الأسعار. وكذا إعادة إنشاء بنك مركزي يمني محايد وموحد وعملة واحدة لتوفير حالة اقتصاد كلي أكثر استقراراً لتمكين الواردات والصادرات، والحد من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية في جميع أنحاء البلاد، وتحقيق الاستقرار في أسعار المستهلك والمساعدة في إعادة تأهيل القطاع المالي.
إضافة إلى فتح الطرق وتمكين التنقل الداخلي دون عوائق لتسهيل التجارة وخفض تكلفة السلع الاستهلاكية وزيادة أمن التجار ومنتجاتهم، ودفع رواتب موظفي الخدمة العامة لتحقيق الاستقرار في دخل الأسرة وتعزيز الطلب المحلي.
يؤكد البنك الدولي أنّه ما لم يتم اتخاذ خطوات لتوحيد البنك المركزي واستعادة حيادته والتأكد من الفصل بين السياسة المالية والنقدية، فإنّ احتمالات الانتعاش الاقتصادي في اليمن محدودة، وكذلك أي أدوار تمكينية من قبل القطاع الخاص.
وقال الباحث الاقتصادي سلطان الصغير لـ «صوت الأمل» إنّ الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ركزت على الاستجابة لعواقب الانهيار الاقتصادي، وتقديم المساعدة الغذائية والإغاثة في حالات الطوارئ للسكان.
وأضاف: «لا يعني هذا التقليل من أهمية العمل الحاسم الذي تقوم به الوكالات الإنسانية لإنقاذ ملايين اليمنيين من المجاعة، لكن الصراع الاقتصادي بين الأطراف المتنافسة أدى إلى تفاقم الانهيار الاقتصادي في البلاد، وتعميق الأزمة الإنسانية، وفي كثير من الحالات، إلغاء تأثير المساعدة الإنسانية الطارئة».
تعد المساعدات الإنسانية قطاعاً اقتصادياً رئيسياً للاقتصاد اليمني، وجزءاً من البعد الاقتصادي للصراع في اليمن، ويبلغ إجمالي المساعدات حوالي 4 مليار دولار سنوياً، وفقاً لبيانات برنامج الأمم المتحدة الانتمائي.
وتمثل تمويلات المنظمات الدولية في اليمن قطاعاً اقتصادياً مهماً ومصدراً للنقد الأجنبي، إلى جانب التحويلات وعائدات النفط.
أما خطة استجابة الأمم المتحدة لليمن 2021 فتؤكد أنّ العمليات الإنسانية تحافظ على خدمات الكفاف والصحة الرئيسة لجزء كبير من السكان، وتركز الجهات الفاعلة الإنسانية في المقام الأول على انعدام الأمن الغذائي والاستجابة له وتفشي الأمراض وشبكات الأمان الاجتماعي للسكان المستبعدين والأقليات.
وتشير خطة الأمم المتحدة إلى أنّ هذه العمليات حافظت على الحياة الأساسية بمساعدة جزء كبير من سكان اليمن، بما في ذلك من 13 إلى 14 مليون شخص للحصول على مساعدات غذائية ودعم 2.5 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.
وينصب تركيز المنظمات التي تتلقى تمويلاتها من الأمم المتحدة، في التدخلات الإنسانية بالدرجة الأولى في قطاعات الحماية والمياه والصحة، والتعليم، وسوء التغذية، والأمن الغذائي، والمأوى وإدارة وتنسيق مخيمات اللاجئين.
وقالت دراسة “المساعدات الخارجية بين الإغاثة والتنمية” إنّ المساعدات الإغاثية تعتبر ذات أهمية قصوى للاقتصاد اليمني في المرحلة الحالية، بالنظر إلى أن حجمها الإجمالي أصبح يكاد يساوي حجم الموازنة العامة للدولة.
واعتبر تقرير مشروع الشرق الأوسط للأبحاث والمعلومات “المساعدات الإنسانية في اليمن” المساعدات الإنسانية الآن واحدة من أكبر المساعدات للقطاعات الاقتصادية في اليمن.
وأوضح أنّه بين عامي 2015 و2019، تلقى اليمن ما يقدر بنحو 15 مليار دولار من إجمالي المساعدات الإنسانية وأكثر من 2.5 مليار دولار في شكل دعم ثنائي سعودي يهدف إلى استقرار الاقتصاد ومنع انهيار العملة اليمنية (الريال).
وأضافت: “شهد عام 2018 ذروة المساعدات الخارجية عندما وصلت إلى 5.2 مليار دولار، أو 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لليمن لعام 2012 البالغ 35.4 مليار دولار وما يقرب من 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في زمن الصراع في عام 2018».
استطلاع : 56 % عمل المنظمات الدولية في اليمن حاليًا غير مؤثر
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر مارس 2022 م حول …