توجيه الأموال للإغاثة دون التنمية قلل من أهميتها
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
نشوء عدد كبير من المنظمات لأسباب ربحية لا إنسانية
تضمنت جهود الإغاثة في اليمن تدفقات هائلة من الأموال لمواجهة تداعيات الصراع على اليمنيين، معتمدةً على قدرات الشركاء المحليين لدعم فرص العيش وإنقاذ الأرواح والحفاظ على كرامة الإنسان والحد من المجاعة، إلا أن نتائج الدراسات الاقتصادية والاجتماعية تؤكد أن توجيه جميع تمويلات المانحين للإغاثة دون التنمية قلل من أهميتها.
وعلى الرغم من العدد الضخم لمنظمات المجتمع المدني المحلي التي وصلت إلى حوالي 13000 مؤسسة ومنظمة أهلية نهاية عام 2018، مقارنة بالمنظمات العاملة والفعالة في الميدان، فإنه لا يمكن إنكار أهمية دورها البارز في إيصال المساعدات للمحتاجين، لكن الباحثين رصدوا بعض المظاهر السلبية التي رافقت تأسيس هذا العدد الكبير من المنظمات.
قالت الباحثة إيمان عبد الرحمن شريان، في دراستها “تقييم الوضع الإنساني في اليمن” إنه على الرغم من أهمية دور المنظمات ودورها البارز في إيصال المساعدات للمحتاجين فإن هناك مظاهر سلبية رافقت تأسيسها، من خلال تدني قدرات وكفاءة المؤسسين والعاملين فيها وضعف مستوى العمل المؤسسي، ابتداء من وظائف الحصر وبناء قاعدة البيانات وانتهاء بوظائف الإدارة والتخطيط والرقابة والتقييم. مؤكدة أنه في بعض الحالات نجد سيطرة بعض الأفراد المؤسسين على جميع المهام الفنية في بعض المؤسسات.
وأضافت: “الوضع الأمني المتدهور وصعوبة تنفيذ بعض التدخلات وإيصال المساعدات للمحتاجين في مناطق الصراع، يؤدي ذلك اللجوء الاضطراري لبعض منظمات المجتمع المدني المحلي في مناطق الصراع إلى خلق فرصة لممارسات الفساد للاحتكار الميداني”.
وزادت: “على الرغم من أن القانون يمنع التأسيس لأغراض سياسية فإن الواقع يثبت وجود التبعية السياسية والحزبية لبعض المنظمات التي أثرت سلبًا على الحياد والمساواة أثناء العمل في الميدان”.
وأشارت إلى أن نشوء عدد كبير من المنظمات لأسباب وأهداف غير معلنة قد تكون ربحية في بعض الأحيان؛ فقد يكون تأسيس المنظمة ذريعة للحصول على تمويل مالي من المنظمات الدولية أو من الحكومة وليس لدوافع إنسانية، أو للاستفادة من التسهيلات والإعفاءات الجمركية والضريبية المسموح بها لمنظمات الأعمال الإنسانية.
ولفتت الباحثة إيمان شريان إلى وجود قصور واضح في البيئة التنظيمية والتشريعية لمنظمات المجتمع المدني المحلي، فضلاً عن غياب بعض ممارسات النزاهة والشفافية في المؤسسات الحكومية المنظمة لها، منوهةً إلى أن معظم المؤسسات والمنظمات الأهلية لا تلتزم بنص القانون الذي يلزمها بإشعار الجهات المعنية في الحكومة في حال الحصول على تمويل أجنبي من المنظمات الدولية أو السفارات أو الأشخاص الأجانب.
وأكدت شريان أن انعدام التنسيق والتشبيك في أنشطة وعمل المنظمات المحلية يؤدي إلى ازدواجية التدخل في نوع النشاط ومكان الاستهداف، والافتقار إلى قاعدة بيانات ومعلومات متبادلة بين المنظمات، وهذا يؤثر سلباً على جودة العمل المقدم من هذه المنظمات.
وكشف أحد العاملين في واحدة من المنظمات المدرجة في قائمة الشركاء المحليين للمنظمات الدولية –اشترط أن لا يذكر اسمه-، لـ”صوت الأمل” أن بعض مُلاك المنظمات غير الحكومية الوطنية “المحلية” يتربحون من العمل في المنظمات بتقديم موازنات ضخمة للمشاريع التي ينفذونها، وتحت مسمى المساعدة المنقذة للحياة والاحتياجات الاستراتيجية، والوكالات التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، تعتمد هذه المشاريع بموازناتها.
وقال إن المنظمة التي يعمل لديها تقدم موازنات كبيرة للمشاريع التي تنفذها، فيها قوائم رواتب الموظفين، وإيجار مقر وفروع المنظمة، وأجور تنقل، إضافة إلى النسبة التي تخصص لهم في كل مشروع، وما يتم تنفيذه لا يصل إلى ربع المبلغ المخصص للمشروع.
تتسم المرحلة التي تعيشها اليمن بكثافة التدخلات الإنسانية في معظم القطاعات التي خففت إلى حد ما من المعاناة الإنسانية في معظم مناطق البلاد، إلا أن المؤشرات لم تشهد تحسنًاً ملموسًاً على أرض الواقع؛ بل إنها استمرت في التصاعد من عام لآخر.
وأكدت دراسة “محدودية التمويل للاستجابة الإنسانية في اليمن وتداعياته على الوضع الاقتصادي والاجتماعي” أن تركيز الأمم المتحدة على الإغاثة، دون الانتقال إلى الجوانب التنموية قد قلل من أهمية وقيمة خطط الاستجابة من الناحية الاقتصادية والتنموية.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي يوليو 2020، والممولة من اليونيسف، أن المبالغ التي بُددت في الإغاثة، لو وجهت إلى الجوانب التنموية لتكون أداة مساهمة في إيجاد حلول ومعالجات مستدامة للجوانب الإنسانية والتنموية لكن أفضل بكثير.
وأشارت الدراسة إلى أن تجاهل البرامج المتعلقة بخلق فرص العمل ودعم مشاريع سبل المعيشة للسكان المتضررين والاستعاضة عن سلال الغذاء وأكياس القمح بوسائل رأسمالية إنتاجية والاستعاضة عن جالونات المياه بحفر آبار مياه للشرب والزراعة معًا لم يقدم شيئاً مستدامًا.
ولفتت الدراسة إلى الانتباه إلى خطط الاستجابة في إطار رؤية اقتصادية كلية لتنمية الأصول الإنتاجية للعاملين وإيجاد فرص عمل للعاطلين من الشباب وإعادة بناء القدرات والطاقات الإنتاجية للنازحين تفضي إلى النمو المستدام وتعزيز النشاط الاقتصادي.
وأشارت الى أن تنفيذ وإدارة برامج الإغاثة الإنسانية عبر الوكالات والمنظمات الدولية -دون المؤسسات الوطنية- يتطلب تكاليف إدارية عالية تصل أحيانا الى 30% من حجم المساعدات، مؤكدًا أن تخفيض التكاليف الإدارية تظل قضية محورية واستراتيجية في العمل الإنساني.
وشددت الدراسة على ضرورة إمعان النظر في خيارات وطنية بديلة أقل كلفة وأجدى نفعًا وأكثر استدامة مع أهمية التنسيق والشراكة مع المنظمات الدولية.
وقالت دراسة جديدة بعنوان “المساعدات الخارجية بين الإغاثة والتنمية” إن المساعدات الإغاثية تعد ذات أهمية قصوى للاقتصاد اليمني في المرحلة الحالية، سيما أن حجمها الإجمالي يكاد يساوي حجم الموازنة العامة للدولة.
وأشارت الدراسة الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي -حصلت “صوت الأمل” على نسخة منها- إلى أن المساعدات أوجدت اقتصادًا موازيًا للاقتصاد الرسمي، واستمرار الإغاثة الإنسانية في اليمن أمر بالغ الأهمية للتخفيف من تدهور الوضع الإنساني وحماية الفئات الأكثر ضعفًا من الجوع والمرض.
ودعت الدراسة المنظمات العاملة في اليمن إلى التحول والانتقال من الإغاثة إلى التنمية والتعافي، بما في ذلك البرمجة الأفضل لمشاريع التنمية المستدامة مثل إعادة الإعمار والمشاريع كثيفة العمالة، لتحسين مستوى المعيشة لأفراد المجتمع.
استطلاع.. الغذاء أهم الاحتياجات الإنسانية لليمنين في ظل الصراع بنسبة %36.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر ينا…