‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الصناعات الحرفية في اليمن حِرَفُ المرأة اليمنية إرث خالد وتاريخ عريق

حِرَفُ المرأة اليمنية إرث خالد وتاريخ عريق

صوت الأمل – علياء محمد

تحتفظ اليمن بنمط وأسلاف الأجداد، وتتوارث المهن التقليدية القديمة  على مر العصور،  وتعد الصناعات الحرفية في اليمن من أهم عوامل الجذب السياحي التي تضفي على المدينة طابعاً سحرياً خاصاً يعكس تاريخ اليمن وإرثه.

وتعد  المرأة اليمنية المكون الأساسي للمجتمع،  وجزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية الشاملة، ويحظى دور المرأة  بأهمية كبيرة سواء داخل الأسرة أو خارجها،  وارتبطت المرأة اليمنية على مر التاريخ ارتباطاً وثيقاً بالأنشطة الحرفية،  وبرزت أعمالها في قطاع الصناعة التقليدية والحرف اليدوية.

 وترى  ليلى أحمد (إحدى عضوات مؤسسة مجتمع واحد) أنَّ للمرأة الحرفية في اليمن دوراً بارزاً في دعم الاقتصاد الوطني،  وبرز أكثر في هذه الفترة،  وكان الدافع الأكبر لها الاستثمار وتحسين الأوضاع المعيشية للأسرة.

مشيرة  إلى أنَّ هناك عدداً من النسوة يعملن في عدد من المشاريع الحرفية أهمها: الخياطة، التطريز، الحياكة، صناعة المخللات، تصميم الأزياء الشعبية، وغيرها من الصناعات الحرفية.

وأضافت قائلة: “لدينا مشغل في قرية الحكمة، في منطقة الحسوة في عدن،  هذا المشغل تعمل فيه العديد من الفتيات في مجال الخياطة، ويلاقي هذا النشاط إقبالاً شديداً من جميع الأعمار، ويتميزن في خياطة الجلابيات والأزياء الشعبية”.

 هنا في اليمن دفع الصراع القائم في البلاد الكثير من النساء اليمنيات  إلى استغلال أعمالهن الحرفية؛ للدخول إلى سوق العمل، والتغلب على الظروف المعيشية الصعبة وتوفير مصدر دخل للأسرة.

 سمية عرفات (إحدى الفتيات التي تجيد خياطة عدد من حقائب اليد القماشية)  تقول: “أعمل في هذه المهنة منذ سبع سنوات،  دفعتني الحرب والأوضاع الراهنة إلى التفكير في عمل مشروعي الخاص،  فجاءت لي الفكرة بأن استغل موهبتي في الخياطة وأصنع عدداً من الحقائب القماشية، أجمع فيها بين الحضارة والماضي”.

مضيفة “يفضل الكثير من النساء شراء الحقائب القماشية، وتُستخدم للأعمال اليومية وفي المناسبات، وتلاقي رواجاً كبيراً”.

المشجب صناعة حرفية قديمة

لا يخلو أي منزل من منازل محافظات عدن ولحج وأبين  من “المشجب”  (عبارة عن أعواد ملفوفة ببعضها البعض لتكوِّن شيئاً يشبه علاقة وشماعة للملابس، تستخدمه النساء اليمنيات؛ لتبخير ملابسهن وإعطائهن رائحة جميلة، وذلك بوضع المبخرة تحت المشجب في منطقة الوسط وتعليق الملابس فوقها، وبهذه الطريقة ينتشر البخور في كافة الملابس).

أقدار أحمد (إحدى الفتيات الحرفيات اليمنيات والقاطنات في محافظة لحج) تمتهن حرفة صناعة المشاجب منذ نعومة أظافرها

تقول أقدار أحمد: “أصنع المشجب من خشب وأغصان عسف النخيل،  وتمر صناعة المشجب بعدِّة طرق، الطريقة الأولى تبدأ  بجمع الأغصان، تليها طريقة تقطيع الأوراق الملتصقة بها،  بعد ذلك نقوم بجمع الأغصان  وربطهم  ببعضهم البعض للحصول على شكل كشكل المشجب الذي نراه بالصور”.

مضيفة: “من الممكن أن نلون المشجب بالألوان التي نريدها، ومن الممكن أن نلفه بقماش الستان وبألوان مختلفة؛ لإظهاره بشكل جميل وملفت”.

 المنتجات العَزَفِية إرث يمني قديم

تعد  صناعة السلال والقبعات اليدوية  والحصائر من العزف صناعة شعبية قديمة، امتهنتها نساء الريف في اليمن والمناطق الساحلية، وتنتشر في المناطق التي تتوفر فيها الأشجار التي يستخدمونها في النسج.

تختلف أنواع السلال وأشكالها وتُستخدم لحفظ الطعام، وتُستخدم الحصائر بوصفها سفرةً يُقدم بها الطعام، وتُستخدم الأغطية عند البعض لتغطية الطعام.

فاطمة محمد (بالغة من العمر٤٥ عاماً، وقاطنة في محافظة أبين)  تتميز وتتفنن في صناعة السلال والقبعات اليدوية والمكونة من سعف النخيل.

تقول فاطمة: “سنوات طويلة وأنا أعمل بهذه المهنة وأصنع الكثير من القبعات والسلال، وهناك إقبال كبير عليها، خصوصاً عند من يهتمون باقتناء الأشياء التقليدية والتراثية”.

مشيرة  إلى أنَّ  هناك الكثير ممن يطلبن منها صناعة السلال والقبعات الخاصة وبأشكال وتصاميم مختلفة، والبعض الآخر يطلب منها صناعة الحصائر وأغطية الطعام  والمراوح القديمة.

صناعة البخور

تعد صناعة البخور من الحرف التقليدية  المتوارثة في محافظة أبين، وتمتهن النساء في أغلب المحافظات الجنوبية في اليمن مهنة صناعة البخور والعود والزباد والأخضرين (مواد عطرية).

ولا يخلو أي بيت من بيوت محافظة عدن من البخور، ويرتبط استخدامه  بالكثير من المناسبات العائلية ومناسبات الأفراح.

  تقول ابتسام عادل (إحدى نساء محافظة أبين اللاتي يمتهنَّ مهنة صناعة البخور والزباد والأخضرين (مواد معطرة للجسم)): “ورثت مهنة صناعة البخور من والدتي، فقد كنت أراقبها منذ الصغر، وأتابع خطوات صناعتها للبخور، واكتسبت الخبرة منها في كيفية اختيار المواد ودمجهم مع بعضهم البعض، والآن أصبحت هذه الصناعة مصدر دخل لي ولأبنائي والحمد لله”.

تمر صناعة البخور بمراحل متعددة تبدأ باختيار المواد العطرية والمواد المكونة للبخور، وتليها مرحلة الطبخ على النار، ثم تأتي مرحلة التجفيف والتعطير وتكسيره وتغليفه في علب، ومن ثم البيع

وعن المواد المستخدمة في صناعة البخور تقول ابتسام: “يدخل في صناعة البخور عدد من المواد  التي نجلبها من محلات العطارة، كالعادة والعنبر ومادة تسمى بالمسك والصندل،  وأخرى تلقب بالعفص والظفري، ومادة السكر وبعض من أنواع العطور تختلف بحسب الجودة والسعر،  وطريقة الصناعة من امرأة لأخرى،  ويعتمد ذلك على الخبرة في اختيار المواد وتقديرها في الطبخة”.

للمرأة الريفية دور هام في التنمية

لا تقل المرأة الريفية  أهمية عن المرأة في المدينة في الدور الذي تقوم به في سبيل  تحقيق التنمية  في المجتمع، فقد سطرت المرأة الريفية  أجمل سطور الكفاح والعزيمة، وأصبحت  جزءاً لا يتجزأ من أفراد المجتمع المنتج، وامتهنت العديد من الصناعات الحرفية والتقليدية.

وتؤكد  المهندسة نادية حميد سلطان (مدير عام تنمية المرأة الريفية) أنَّ المشاريع الصغيرة والصناعات الحرفية ساعدت المرأة على تحسين أوضاع أسرتها المادية،  وأصبحت من أهم المصادر لإدرار الدخل على الفرد  في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد جراء الصراع، والذي لعب دورًا محوريًا في  تفشي ظاهرة الفقر.

وأضافت قائلة: “وفرت الصناعات الحرفية  الكثير من متطلبات السوق اليومية، ووفرت فرص عمل للكثير من النسوة،  ومن هنا نستطيع القول أنَّنا وصلنا  إلى مرحلة  التعافي”.

وأوضحت أهم ما تقدمه الإدارة العامة لتنمية المرأة الريفية  من مساعدات وخدمات تدريبية وإرشادية وبرامج تستهدف النساء الريفيات، بالإضافة إلى  تقديم عدد من البرامج التدريبية في مجالات الإنتاج، والمساهمة في إيجاد قنوات تسويقية لمنتجات المرأة.

 معوقات وحلول

أشارت المهندسة الزراعية فتحية إرشاد (مديرة تنمية المرأة الريفية بمحافظة لحج)  إلى العديد من العوائق التي تواجه المرأة الحرفية أبرزها: نقص  المواد الخام بكميات كبيرة وعدم توفرها، وصعوبة الوصول إليها -خصوصًا للقاطنات في الأماكن الريفية-،  بالإضافة إلى عدم وجود جهة  مختصة بالحرفيين تهتم بأمورهم وتنظم أعمالهم في السوق، وتوفر المواد الخام بأسعار مخفضة.

واقترحت  إرشاد  تدريب ودعم وتنمية المرأة الحرفية، وتشجيعها  ودعمها،  وإكسابها المعلومات الخاصة بمفاهيم التسويق ومعرفة متطلبات السوق، وذلك عن طريق توفير مراكز التدريب المهني، وإقامة مراكز حرفية لتطوير الإنتاج.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

المرأة اليمنية والطهي.. قَدَرٌ منذ الولادة أم مجرد مهارة؟

صوت الأمل – حنين الوحش في مجتمع غلب عليه طابع الحكم على أساس الموروثات والعادات والتقاليد …