‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن التعليم الفني طريق مختصر إلى التنمية الاقتصادية

التعليم الفني طريق مختصر إلى التنمية الاقتصادية

صوت الأمل – رجاء مكرد

     في الآونة الأخيرة أدى التعليم الفني حول العالم دورًا بارزًا في الحركة التنموية والاقتصادية، إذ أسهم برفد سوق العمل بكوادر تشغيلية مؤهلة في مختلف المجالات؛ الأمر الذي أسهم في حل مشكلة الفقر والبطالة.

     والتعليم الفني مرحلة تعليمية تتضمن الإعداد التربوي وإكساب المهارات في مدة تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات بعد الثانوية العامة، عبر مؤسسات ومعاهد تعليمية؛ لتدريب كوادر مهنية في مختلف التخصصات الصناعية والصحية والزراعية والإدارية وغيرها.

     في اليمن مع استمرار النزاع الذي كان أبرز نتائجه التدهور الاقتصادي الحاصل، وتضرر قطاع التعليم الفني والتدريب المهني ازدادت نسبة البطالة بين أوساط القوى العاملة، وتدهور رافد سوق العمل (التعليم)، وأصبح المجتمع يعاني من الفقر والجوع.

أرقـــــــــام

    استطاعت “صوت الأمل” أن تحدد حجم الفجوة الحاصلة بين مخرجات التعليم الفني ووضع سوق العمل، وذلك عن طريق حصولها على إحصائيات أخيرة توضح حجم البطالة، ونسبة الفقر، وحجم الأضرار التي لحقت بقطاع التعليم الفني والتدريب المهني.

    في آخر إحصائية صادرة عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي فبراير 2021م، تبين أن معدل البطالة بلغ 32% (في آخر مسح عام 2019م)، وأن 16.2 مليون شخص يعانون من الجوع في الوقت الحالي  2021م.

    وتوضح الإحصائية أن معدل الشباب خارج نظام التعليم والتدريب، وخارج سوق العمل في العام 2013م بلغ 44.8%.

   ووفقًا لوثيقة البنك الدولي تقييم الاحتياجات في اليمن الصادرة 2020م، فأن الوضع التشغيلي لقطاع التعليم بصورة عامة 80% يعمل، 11% لا يعمل، 9% غير معروف إن كان يعمل أو لا.

     كما حصلت “صوت الأمل” على إحصائية للعام 2021م من الجهات ذات العلاقة – تحتفظ صوت الأمل بالمصدر- توضح حجم الأضرار التي لحقت بقطاع التعليم الفني سواء المنشآت أم التجهيزات الخاصة بالمعاهد، و بلغ الإجمالي الكلي لتكلفة الأضرار 208.986.384 دولارًا.

     ومع الأضرار التي لحقت بالمباني والتجهيزات الخاصة بمؤسسات التعليم الفني ومعاهده، والتدهور الحاصل في الأوضاع الاقتصادية في اليمن جراء النزاع وارتفاع البطالة والجوع؛ إلا أن الكثير من الناس يرون أن هناك علاقة بين التعليم الفني وتطور الوضع الاقتصادي، وأن عملية التخطيط الجيد بين مخرجات التعليم الفني واحتياجات السوق قد تنقذ اليمن وتقوده إلى عجلة التنمية.

التعليم الفني ودوره في التنمية

     تُعدُّ مخرجات التعليم الفني أهم عامل للتنمية الشاملة، فهي دعامة قوية للاقتصاد اليمني، وتزداد أهميتها في ظل الأوضاع الحالية في البلد، وتدهور الوضع الاقتصادي، وعدم وجود مصادر للدخل.

      سليم أحمد (خريج اقتصاد) يرى أن مخرجات التعليم الفني ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسياسات التنمية الاقتصادية، وأن الموارد البشرية هي الأساس التي تقوم عليها تلك السياسات، كونها صانعة التنمية وهدفها، ويرى أن أولى خطوات الإنعاش الاقتصادي هي التنمية البشرية.

     ويضيف أحمد: “من الضروري الاهتمام بالقوى البشرية وتدريبها في المعاهد الفنية والتقنية؛ ليكون لدى الأيدي العاملة أو خريجي التعليم الفني القدرة على التعامل مع المعلومات والتقنيات، وتحقيق الميزة التنافسية في الوطن؛ لإخراج أفضل المنتجات التصنيعية الفنية”.

     مؤكدًا أن الاهتمام بالتعليم الفني سيضمن تحسين الاقتصاد والتنمية، لأنه المعني بتزويد العملية الإنتاجية في أي مجتمع بالقوى العاملة والمدربة في مختلف المجالات المهنية، خاصة أن العالم يشهد حركة إنتاجية بتغيرات متسارعة في أساليب العمل والإنتاج.

    من جانبها سُعاد آدم (مواطنة) تقول: إن الاهتمام بالتعليم الفني يُعد الركيزة التي ستستند عليها خطط التنمية الاقتصادية، وإن العمالة المؤهلة ستسهم في الوصول إلى مجتمع متطور، كما أن مخرجاته ستخلص المجتمع من أكبر مشكلاته  وهي الفقر والبطالة.

     خالد المنصوب (خبير اقتصاد) يقول لـ “صوت الأمل”: إن التعليم الفني يعدُّ المحرك الفعلي لعجلة  الإنتاج في كل دول العالم، ولايمكن أن ينهض أيُّ قطاع اقتصادي من دون تعليم فني.

   مضيفًا: “لذلك يهتم اليمن بالتعليم الفني اهتمامًا واضحًا عن طريق تضمين التشكيلة الحكومية وزارة مختصة بالتعليم الفني والتدريب المهني، فالبلد اليوم في حاجة شديدة لرفده بالتمويلات اللّازمة  لتطوير مؤسساته التعليمية المتمثلة في الكليات والمعاهد”.

     ويؤكد خالد أنه نظرًا للوضع الاقتصادي المتردي في اليمن، فإن المواطنين في حاجة إلى التركيز على التعليم الفني؛ لضمان القدرة على إدارة أنشطة الإنتاج، وكذلك تلبية الخدمات التي تعتمد على الكادر الفني المتخصص.

احتياجات السوق ومخرجات التعليم

     إن التخطيط الجيد  للخروج من دائرة الفقر والبطالة يمكن أن يحدث إذ  دُرست احتياجات السوق والمِهن التي يشتغل عليها اليمنيون دراسة جيدة، وعُرف مدى توافقها مع مخرجات التعليم الفني؛ لذا كان لـ “صوت الأمل” لقاء مع خبير الاقتصاد وعضو مجلس الشورى الدكتور أحمد سعيد شماخ للحديث عن احتياجات السوق اليوم في مختلف المحافظات اليمنية.

     يقول الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد شماخ: إن هُناك مهنًا وحرفًا تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي صنعاء هناك منتجات زراعية يمكن تجفيفها مثل: الزبيب، البن، البلس، كما أن أحزمة الجنابي تُصنَّع بعد التجفيف. ويوضح شماخ ضرورة أن تخصص معامل في المعاهد تشتغل على مثل هذه المهن.

    كما اقترح الدكتور شماخ أن تُفتح معامل خاصة بالاستخراج المنجمي، لتصنيع الصيغة الخاصة بالفضة، فهناك مناطق يمنية فيها معادن نقية، وبعض المعاهد بدأت تتخصص في هذه المجالات مثل المعهد التركي، والمعهد الصيني اللذين يعملان بتخصصات جديدة تتناسب مع المعادن في باطن الأرض.

       وأردف قائلًا: “في تعز توجد مهنة التغليف، وإعداد الجبن البلدي، والوزف (السمك المجفف) الذي يمكننا عمل حمضيات عليه ويصنع كمنتج غذائي مميز، بالإضافة إلى مهنة دباغة الجلود، وصناعة العُشار(الليمون المخلل)، وصناعة البخور، والتطريز. ويُقترح أن تخصص معاهد لتدرس هذه المهن، كونها تمثل احتياجات السوق المحلي”.

معالجات ودور الجهات المعنية

      إن الاهتمام بالتعليم الفني سيسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمجتمع، وسيدفع إلى زيادة دخل الفرد المعيشي، كما سيوفر فرص عمل، إذ يتفق الجميع من مواطنين وخبراء أن التعليم الفني هو المسؤول عن التكيف بين التحولات والتطورات في العالم وخطط التنمية خصوصًا في مناطق الصراع.

       الدكتور أحمد سعيد شماخ (عضو مجلس الشورى) يستعرض تجارب عالمية ناجحة يمكننا الاستفادة منها وتطبيقها في اليمن، فمن الدول التي نهضت بفعل هذه التجارب دول شرق آسيا كالصين وكوريا، واليابان والهند. لم تنهض هذه الدول بالتعليم النظري، بل عن طريق التعليم الفني والتقني والتطبيقي.

     ويؤكد شماخ أنه من الضروري أن تكون هناك استراتيجية وشراكة حقيقية بين القطاع الخاص والحكومي وليست شكلية، وذلك تلبية لاحتياجات مخرجات التعليم الفني.

     ويشير عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد شماخ إلى أن القطاع الخاص في التعليم الفني لا يتواكب مع مخرجات متطلبات سوق العمل، إذ إن كثيرًا من التخصصات يوجد منها اكتفاء ولا يحتاج إليها الشعب اليمني.

كيف يمكن إعادة خطوط الإنتاج؟

     وعن الحلول يقول شماخ: من الضروري مراجعة الفاتورة الاستيرادية، والعمل مع التكنولوجيا من ناحية تطوير أدوات معامل المعاهد، وعلى المصانع أو الجهات العاملة تشغيل القوى العاملة، فمن غير المعقول شراء آلة تقوم بكل العمل والاستغناء عن الأيدي العاملة، لابد من عمل مشاريع تحتاج إلى عمال كثيرين، لا أن نستورد آلات ونتخلى عن المورد البشري.

     مؤكدًا أنه لا يمكن التقدم إلا بوجود حاضنات، بنوك تمويل، ومخصصات حكومية، وأن الرؤية الوطنية 2030 يمكن أن تواكب مثل هذه الأشياء، لكن لابد من تمويلات، أمَّا عن الأيادي الشابة، فاليمن مليئة بالشباب القادر على النهوض بها، كما أنه لابد من إصلاح ما تدمر وإعادة خطوط الإنتاج، وإيجاد فرص جديدة تستوعب ذلك.

     ويشرح لنا العوامل التي ترفع من اقتصاد البلد وتساعد على التنمية، فيقول: إن من سُبل إعادة خط الإنتاج، تحسين نوعية التعليم وجودته، ولابد من أن يكون للحكومة تقنيون لهذا الجانب يركزون على أولويات مخرجات التعليم المهني التي يحتاج إليها البلد في جانب التنمية والنمو، والصناعة، والزراعة. هناك تنوع كبير في الاقتصاد، ولكن ذلك – في نظره- لا يعطي في سبيل الإنتاج سوى 30%، أما الإنسان 70% كونه صانع التنمية.

   وعن دور وزارة التعليم الفني والتدريب المهني في تطوير مخرجات التعليم الفني لتتناسب مع سوق العمل، مصدر مسؤول في الوزارة – طلب عدم ذكر اسمه- يقول: “إن الوزارة تسعى إلى تطوير مخرجات التعليم الفني، عن طريق فتح تخصصات جديدة مواكبة لمتطلبات سوق العمل، والتنسيق مع أصحاب العمل بأيِّ مجال أو تخصص لإيجاد احتياج مؤسساتهم من مخرجات التعليم الفني، مؤكدًا حرص الوزارة على توجيه المخرجات لاحتياج قائم في سوق العمل اليمني.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا

صوت الأمل – رجاء مكرد     أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…