دور القطاع الخاص في دعم التعليم الفني

صوت الأمل – علياء محمد

فجوة واسعة في العلاقة التي تربط القطاع الخاص بمؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني. مختصون يؤكدون: القطاع الخاص من الركائز الأساسية للتعليم الفني، إذ لا يمكن أن يكون هناك تعليم فني من دون قطاع خاص

يؤدي القطاع الخاص دورًا محوريًّا في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية عن طريق خلق فرص عمل جديدة تسهم في الوصول إلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

     كما أسهم القطاع الخاص في فتح أبوابه أمام العديد من شرائح المجتمع وفئاته الباحثة عن فرص للعمل، ومن الفئات التي احتضنها القطاع الخاص خريجو التعليم الفني والتدريب المهني.

    ومع ذلك وفي ظل الأوضاع الراهنة واستمرار الصراع، ظهرت فجوة واسعة في العلاقة التي تربط القطاع الخاص بمؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني.

دور القطاع الخاص

    يقول سيف الحماسي (أمين شؤون التدريب والتأهيل بالاتحاد العام للمقاولين اليمنيين): إن القطاع الخاص يؤدي دورًا بالغ الأهمية في دعم مخرجات التعليم الفني والمهني وتأهيلها وتحسينها وتطويرها  بما يواكب متطلبات سوق الإنتاج  وخدمة الاقتصاد الوطني.

     ويرى الحماسي أنه يمكن للقطاع الخاص أن يسهم بدور فاعل وإيجابي في هذا المسار عن طريق معالجة الانفصام القائم حاليًّا بين المخرجات التعليمية الفنية ومتطلبات سوق الإنتاج في الواقع المعاش، ولن يحدث ذلك إلا بعدد من الخطوات أهمها  المشاركة الفاعلة في إعادة صياغة المناهج التعليمية لقطاع التعليم الفني والمهني لمنشآت التعليم الحكومية القائمة.

      مؤكدًا “أهمية طرح رؤية علمية وعملية لتعديل المنهج التعليمي الفني وتطويره، وهذا بدوره سيؤدي إلى تحسين مخرجات هذا القطاع التعليمي، وبذلك سيكتسب الخريجون الخبرة والكفاءة الممتازة التي تمكنهم من تأدية مهامهم الفنية والوظيفية المطلوبة منهم تبعًا لتخصصاتهم، وبما يتطلبه الواقع العملي، الأمر الذي سيدفع بعجلة الاقتصاد الوطني في جميع مجالاته بصورة إيجابية ونوعية”.

    ويشير الحماسي إلى أن تمكين هذه الكوادر الفنية الوطنية من الحصول على التعليم الفني السليم والمطابق لواقع سوق العمل ومتطلباته على المستوى الوطني والدولي سيساعد خريجي المعاهد الفنية والتقنية على ممارسة تخصصاتهم بجدارة وكفاءة عالية سواء داخل اليمن أم خارجه، وهذا لن يكون إلا في حال أصبحت شهادات التخرج لهذا القطاع بجميع تخصصاته جديرة بالثقة على المستوى الوطني والدولي، وذلك عبر تطبيق معايير الكفاءة العالية والجودة الممتازة للتعليم الفني والمطبقة في الدول المتقدمة التي قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المضمار.

شراكة وترابط

     عبدالملك أحمد البحش (عميد المعهد التقني الصناعي الحوك -الحديدة) يؤكد أن القطاع الخاص من الركائز الأساسية للتعليم الفني، إذ لا يمكن أن يكون هناك تعليم فني من دون قطاع خاص؛ لأن القطاع الخاص هو المستهلك لمخرجات التعليم الفني والمهني، حيث إن الغرف التجارية تسهم في دعم التعليم الفني والمهني  بنسبة 49% ويأخذ القطاع الحكومي نسبة 51% من الإسهام.

      ويقول البحش: إن الإدارة في القطاع الخاص ووزارة التعليم الفني والتدريب المهني يجب أن تكون إدارة مشتركة وحقيقية أثبتتها  التجارب السابقة في دول العالم، كالتجربة الألمانية والصينية والمصرية والمغربية ودول أوروبا، لكن اليمن لم يصل إلى هذه الشراكة للأسف.

     من جانبه الدكتور عدنان الصنوي (الخبير الاقتصادي ) يؤكد أن هناك دورًا مشتركًا بين الدولة والقطاع الخاص في تأهيل قطاع التعليم الفني والمهني ودعمه عن طريق قيام الدولة بتشجيع  القطاع الخاص وتحفيزه، ثم تأتي بعد ذلك خطوة ربط المعاهد التعليمية والفنية بالقطاع الخاص.

     ويتابع الصنوي القول: في هذه المرحلة أصبح تأثر القطاع الخاص سلبيًّا نتيجة تدهور الاقتصاد الوطني جراء الصراع، وأصبح الاقتصاد قائمًا على إمكانات يسيرة جدًا، وعلى الرغم من ذلك يستطيع القطاع الخاص أن يكون نقطة محورية في دعم التعليم الفني والمهني وفقًا لسياسة الدولة ودورها، فعلى سبيل المثال يجب أن توضع خطط واضحة لتنفيذ المشاريع المختلفة المختصة في القطاع الفني والمهني والتي عن طريقها ستُوفَّر فرص العمل.

     ويؤكد الصنوي أن العملية ليست بتلك السهولة، وأن هناك دولًا نجحت في هذا المجال، ولكن بعد عمليات دعم كبيرة للقطاع الخاص.

 تجارب قديمة في اليمن

   عبدالملك أحمد البحش (عميد المعهد التقني الصناعي) يوضح أن هناك عددًا من التجارب نُفِّذت في اليمن وكانت جيدة، كتجربة الحديدة التي حملت اسم ( التدريب التعاوني ) وكانت في العام 1995م.

     ويضيف عبدالملك  لـ “صوت الأمل”: “كان القطاع الخاص في السابق يرفض قبول خريجي المعاهد الفنية والتدريبات المهنية بحجة عدم فهمهم للعمل، وكانوا يختارون العمالة الهندية والبنغالية  والفيتنامية  والمصرية”.

    وأردف قائلًا: من هنا أتت فكرة التجربة التي نُفِّذت  تدريباتها في الإجازة الدراسية التي استمرت مدة ثلاثة أشهر، وكانت الفكرة أن يوزع الطلاب على المصانع لعملية التطبيق العملي.

    مضيفًا: “واجهنا العديد من المشكلات في بداية المشروع حينها شُكِّل المجلس المحلي للتدريب المهني المكون من القطاع الخاص، وعضو من الغرفة التجارية، ومن المعاهد الحكومية، ومن نقابة العمال في كل محافظة”.

    وأوضح أن المجلس أصدر قرارات بشأن إقامة ورش عمل وتقديم معدات، ولاقى الطلاب استفادة كبيرة. يقول عبد الملك: “كنا نقدم عشرين طالبًا للتدريب ونتفاجأ بعد شهرين بطلب من المصنع نفسه  لتوظيفهم، وهكذا استمرت العملية إلى أن وصل تقديم بعض المصانع  بطلبات رسمية إلى المعاهد نسبة 80%”.

    مؤكدًا أن التجربة مثلت علاقة قوية بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص وأصبحت مثالًا حيًّا للشراكة الحقيقية.

تحديات القطاع الخاص

        خالد المقطري (عميد المعهد التقني للآليات والمعدات الثقيلة) يقول: إن هناك عددًا من التحديات المتجذرة في القطاعات الخاصة والتي تصاعدت أكثر جراء الصراع القائم، وبذلك احتلت المراكز الأخيرة لمؤشرات الأعمال العالمية؛ بسبب ضعف الدعم المالي وخروج العديد من رجال الأعمال ونقل أعمالهم إلى الخارج، ومن قرر البقاء واجه العديد من التحديات أبرزها صعوبة إقامة الأعمال الخاصة، وتدهور بيئة الاستثمار عمومًا.

    مؤكدًا أن كل ذلك أفقد القطاع الخاص قوته، وأصبح عاجزًا عن تغطية فجوات الكثير من الأعمال ومن ضمنها تأهيل التعليم الفني والتدريب المهني ودعمه.

     وكشف عبدالملك أحمد البحش (عميد المعهد التقني الصناعي)عن أن التعليم الفَني مكلف جدًا، وبحاجة إلى الكثير من التكاليف وَالاحتياجات المختلفة كالمكائن وآلات الكهرباء وَالمواد الأولية لعملية التطبيق العملي .

    مشيرًا إلى صعوبة قدرة الدولة على تحمل هذه التكلفة كاملة، وأنه من هنا يأتي دور القطاع الخاص في تجهيز العمالة المدربة، ثم تأتي لتأخذها جاهزة، وهذا مالم يقم به القطاع الخاص في اليمن.

    موكدًا أن القطاع الخاص يعاني من الركود وقلة الإنتاج، ويمر بظروف ومراحل صعبة نتيجة عدم توفر الموازنات والاحتياجات المطلوبة لإنجاز العمل من  كهرباء ومعدات وآلات؛ الأمر الذي تسبب في تراجع نسبة التحاق الطلاب بمعاهد التعليم الفني والتدريب المهني ، نظٌرًا لغياب الخطط.

.

حلول ومعالجات

  وحول الحلول والمعالجات التي يمكن تقديمها لضمان عملية الشراكة الحقيقية بين القطاع الخاص والتعليم الفني والمهني، اقترح سيف الحماسي (أمين شؤون التدريب والتأهيل بالاتحاد العام للمقاولين اليمنيبن) أن تتوجه رؤوس الأموال الكبيرة للاستثمار في هذا المجال عن طريق  إنشاء المعاهد الفنية الخاصة مثل ما هو قائم الآن في مجال التعليم المدرسي العام والجامعي.

    مضيفًا، يفضل أن يجري ذلك عن طريق استقدام كيانات تعليمية عالمية ومرموقة في هذا المجال وتشجيعها على فتح فروع لها في اليمن بحيث تطبق جميع معاييرها التعليمية كنظام متكامل، بحيث يصبح خريجو هذا الصرح التعليمي من المؤهلين والحاصلين على الخبرة والكفاءة العالية في تخصصاتهم الفنية، ويستطيعون المنافسة بقوة، وممارسة تخصصاتهم المهنية في الواقع العملي سواء في اليمن أم  في الدول الأخرى.

     مؤكدًا أن وجود مثل هذه الكيانات العلمية؛ ستؤدي إلى تطوير  هذا المجال التعليمي وتشجيع المنافسة في مؤسساته التعليمية القائمة سواء العام منها أم الخاص.

     ويرى عبدالملك أحمد البحش (عميد المعهد التقني الصناعي) أنه يجب تشغيل المعاهد فترتين أو ثلاث فترات، بالإضافة إلى أن تقوم كل شركة ومصنع بتقديم ميزانية خاصة لتدريب العمال وتجهيزهم للتطبيق العملي وبعد ذلك توظيفهم.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا

صوت الأمل – رجاء مكرد     أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…