الإعلام ومنظمات المجتمع المدني…قطاعان يكمّل أحدهما الآخر
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
تلعب وسائل الإعلام دوراً بارزاً في تناول القضايا وتغطية الموضوعات المختلفة داخل المجتمعات ومنها تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني بوصفها المنبر الذي يتناول حملاتها في التوعية والتعبئة والمتابعة والرصد والتنظيم ومراحل التخطيط لتلك الحملات التي تقوم بها تلك المنظمات، بل تعد وسيلة التواصل بين الجمهور وتلك المنظمات أو بين المنظمات والجهات المانحة، لإظهار الصورة التي توضح الجهود المبذولة من قبل العاملين في المنظمات.
فجوة في العلاقة
منصور القدسي رئيس مركز “مرايا الإعلام للتنمية”، قال: “إنَّ هناك فجوة كبيرة في علاقة وسائل الإعلام اليمنية ومنظمات المجتمع المدني، ولا بد من سد تلك الفجوة؛ استجابةً لحاجة مجتمعية ماسة تستدعي ضرورة التعاون بين وسائل الإعلام والمجتمع المدني في إحداث التغيير المجتمعي لمختلف المستويات”.
يشير منصور القدسي إلى أنَّ على منظمات المجتمع المدني في اليمن ألا تكتفي بنشر تغطيات خبرية لأنشطتها الموسمية عبر وسائل الإعلام للظهور أمام الجهة المانحة بوجود حضور لنشاطها؛ بل عليها أن تستغل قوة تأثير وسائل الإعلام في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، في خلق وعي مجتمعي حول ثقافة المساءلة والتفاعل مع حملات المناصرة لكثير من القضايا التنموية التي تركز عليها كثير من أنشطتها بهدف تعزيز المشاركة المجتمعية في صناعة التحولات الكبيرة في المجتمع اليمني.
تقول مروة العريقي -مديرة تحرير منصة هودج- لـ”صوت الأمل”: “تؤمن منظمات المجتمع المدني بدور الإعلام الفاعل ولذا تعمل على نشر أنشطتها عبر وسائله، على الرغم من ذلك لا تعطي اهتماماً كبيراً له فنجد مثلاً عدة منظمات لا تمتلك قنوات إعلام توصلها بالجمهور وإن وجدت منصات السوشيال ميديا؛ فغالباً لا تتجاوب مع الجمهور في التعليقات أو في الرد على الرسائل”.
أهمية الوسائل الإعلامية للمنظمات المجتمع المدني
من المسلم به ألَّا غنى عن وسائل الإعلام بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني، ولا تستطيع العمل بدون الإعلان والنشر عن أنشطتها وحملاتها، خصوصاً أنَّ إظهارها للجمهور من خلال الوسائل الإعلامية المختلفة وإظهار تأثير مساعيها على المجتمعات المستهدفة يكسبها الثقة من المجتمع والجهات وبالتالي تزيد أنشطتها كما تحصل على الدعم الكافي، فدون الإعلام لا يمكن التعريف بالمجهودات التي تبذلها منظمات المجتمع المدني.
في هذا الشأن، أكدت القدسي أنَّ المجتمع المدني اليمني لعب خلال فترة الحرب دوراً محورياً في ظل انهيار مؤسسات الدولة والعجز عن التعريف بأهمية ذلك الدور؛ بسبب الفجوة الكبيرة القائمة بينه وبين وسائل الإعلام ولا بد من معالجة هذا الخلل الكبير وبناء شراكة حقيقية بين وسائل الإعلام والمجتمع المدني فكلاهما يهمه تثقيف المجتمع وتمكينه من بلوغ تطلعاته المنشودة في العيش الكريم والحياة الآمنة.
إعلام منظمات المجتمع المدني
لا توجد منظمة أو مؤسسة أو جمعية إلا ويتبعها مسؤول إعلامي يمثل الجانب الإعلامي لها الذي عادة ما يتمثل دوره في إعداد التقارير وتصويرها إلى جانب التصميمات والمونتاج، كما يمثل المنظمة في التعامل مع الوسائل الإعلامية سواء في التصريحات للصحفيين أو الإعلاميين أو في التنسيق مع الوسائل الإعلامية في تغطية الأنشطة والفعاليات عند الترويج لها -إضافة إلى ذلك- إدارة صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المسؤوليات التي تقع على عاتق الفريق الإعلامي في المنظمات أو المؤسسات والجمعيات، تعرف بوحدة الإعلام في المنظمة والتي يلعب موظفيها دوراً كبيراً في خلق توافق بين الوسائل الإعلامية والمنظمات، وبناء الثقة؛ لذا من المهم أن تكون وحدة الإعلام في المنظمات تمتلك فريقاً إعلامياً يمتلك مبادئ العمل الإعلامي والتقني و يمتلك الرغبة في تقوية العلاقة بين الإعلام والمنظمة، والاتفاق حول طرق تناول أنشطة وبرامج وخطط المنظمة في الإعلام بحيث يتفاعل مع عرضها الجمهور وبالتالي يحدث تأثيراً ويتم الحصول على نتائج.
علق الصحفي محمد محروس قائلاً: “إنَّ منظمات المجتمع المدني لا تتعامل مع وسائل الإعلام بوصفها وسيلة تتواصل من خلالها عملياً مع جمهورها إلا عند الحاجة إليه، وليس عند حاجته إليها. هناك قصور كبير جداً في هذه الجزئية، تؤكد عدم وجود توجه بأن يكون هناك إدارات متخصصة يعمل فيها أو يرأسها صحفيون أو إعلاميون أو مصورون لهم علاقة بالجانب الصحفي والإعلامي وأيضا مهارات الاتصال بالجمهور”.
وأضاف محروس أنَّ: “هناك العديد من المنظمات أو المؤسسات المحلية تتبنى رؤية الموظف الذي يسمع ويطيع في كل الأحوال ولا يناقش من يرأس هذه المنظمة أو من يتبنى توجهها ولا يكون هناك في العادة اعتبار فعلي وعملي للجمهور المستهدف أو حتى دراسة حالة لهذا الجمهور أو دراسة الاحتياج فيه أو الآلية أو المنهجية أو النفسية التي وفقها يتم النشر أو التوجيه أو على الأقل البث أو حتى المنشورات التي من فترة إلى أخرى فيها إشارات توجه إلى هذا الجمهور بما يكسب وده بشكل مباشر أو غير مباشر”.
فيما يرى الكاتب الصحفي عادل ثامر أنَّ مسؤولي الإعلام في منظمات المجتمع المدني تواجههم الكثير من العوائق والصعوبات التي تقف أمامهم حجر عثرة في تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم من يوم إلى آخر أهمها عدم توفير الدعم لأنشطة الإعلام في منظمات المجتمع المدني وعدم تفاعل القائمين على مؤسسات المجتمع المدني مع وسائل الإعلام بكافة أشكالها وأنواعها المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة.
ويضيف ثامر: “النظرة القاصرة عن دور وسائل الإعلام بالنسبة لمؤسساتهم نابعة من عدم إدراكهم لفعالية هذا القسم وفي أغلب الأحيان للتهرب من المساءلة أثناء تنفيذهم الأنشطة والمشاريع والبرامج بحجة عدم حصولهم على تراخيص وغيرها من الأعذار الواهية”.
ويشير ثامر أيضًا إلى أنَّ حوافز مسؤولي الإعلام والاتصال في منظمات المجتمع المدني أقل مقارنة ببقية الإدارات، فضلًا عن شحة المعدات المساعدة لهم وغياب التدريب وبناء القدرات للعاملين في مجال الإعلام والاتصال في مؤسساتهم إضافة إلى توظيف مسؤولين للإعلام والاتصال في أغلب منظمات المجتمع المدني ليسوا متخصصين في المجال الإعلامي.
اختلالات وقصور
إنَّ اهتمام مختلف وسائل الإعلام بمنظمات المجتمع المدني، يركز على تغطية الأنشطة التي تقوم بها تلك المنظمات بصورة بسيطة وسطحية، دون متابعة أهم القضايا التي تثيرها تلك المنظمات في المجتمع، بينما لكي تكون قوية وفعالة تحتاج إلى وسائل إعلامية حرة ومستقلة تدعمها وتنشر أفكارها بين الجماهير، وتخدم عملية التغير والتنمية من أجل إيجاد تعاون وشراكة حقيقية في إحداث عملية التغيير داخل المجتمع، كما يجب على الوسائل الإعلامية تسخير طاقاتها وإعطاء مساحة كافية لتناول القضايا الحساسة التي تبذل منظمات المجتمع المدني طاقة كبيرة وجهداً لمعالجتها داخل المجتمع.
يتحدث أستاذ الإعلام بكلية الآداب في جامعة الحديدة قائد معوضة عن دور بعض الوسائل الإعلامية في تغطية أنشطة بعض المنظمات: “من خلال ملاحظتي لكثير من الإعلاميين بمختلف الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، إنَّهم لا يراعون أخلاقيات المهنة، فمثلا: لا يقومون بتغطية أي فعالية لأي منظمة ما لم يحصلون على مردود مادي”.
ويؤكد معوضة أنَّهم لا يكتفون بعدم تغطية أنشطة وفعاليات تلك المنظمة بل يقومون بمهاجمتها ونقدها نقداً هدَّاماً لا يتوافق مع أخلاقيتهم الإعلامية، ويرى أنَّ البعض من الإعلاميين والصحفيين يلتزمون بأخلاقيات المهنة.
الكاتب الصحفي عادل ثامر يقول: “إنَّه لا يختلف اثنان في العلاقة التي تربط ما بين وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في أنَّها علاقة تكاملية مترابطة حيث يمكن القول إنَّها (علاقة تأثير وتأثر). الإعلام الفعال هو الذي يرصد النجاحات التي تحققها منظمات المجتمع المدني والذي بدوره يخلق ثقافة التأييد والمناصرة للقضايا التي تتبناها وتريد الوصول إلى تحقيقها من خلال تنفيذ حملات الدعم والمناصرة وكسب التأييد وحشد الدعم، فهو إعلام يستند إلى منظمات المجتمع المدني بفعالية ويعمل على خلق ثقافة حقوقية لقضايا المرأة أو الطفل والرجال الأكثر ضعفاً، مستندة إلى أسس قانونية تقوم على المراقبة وكشف الحقائق والوقوف أمام الانتهاكات وغيرها”.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …