السينما وصناعة الأفلام في اليمن.. تاريخ يجسد الدور الثقافي والاجتماعي
صوت الأمل – حنين الوحش
امتد تأثير الاحتلال البريطاني لمدينة عدن من الثمانينات إلى الوقت الحاضر، على جميع الأصعدة ومنها تاريخ السينما وصناعة الأفلام في اليمن، مع فارق الإمكانيات؛ فقد احتضنت مدينة عدن في القرن الماضي دار سينما سميت بـ”هُورِيكان” (Hurricane) نسبة لطائرة بريطانية مقاتلة حملت نفس الاسم، وهي أول سينما عملت على عرض سينمائي محلي. وبالرغم من أن الاحتلال البريطاني سيطر على موارد البلاد واقتصادها، فإنه حمل معه العديد من أوجه النهضة الثقافية والصناعية، فقد عرفت عدن السينما في ثلاثينيات القرن الماضي.
جاء في كتاب «مقدمة في الإعلام اليمني» للكاتبة الدكتورة سامية الأغبري، ومقال للكاتب محمد الخيواني عن السينما في اليمن بعنوان «ذكريات وجدران تصحو من السبات» لــ«الميادين الثقافية» “أن العاصمة صنعاء افتتحت أول صالة سينما في العام 1959، كما افتتحت سينما بلقيس صنعاء في العام 1967 لرجل الأعمال سيف ثابت، وتم افتتاح فرعٍ لها في تعز، كانت تقام فيها حفلات غنائية ومسرحيات”.
وعرفت مدينة زبيد التاريخية السينما منذ السبعينيات، بعد افتتاح شركة السينما الأهلية، التي استمرت حتى الثمانينيات، ثم أقفلت بعد ذلك إلى يومنا هذا. وكذلك بدأ انتشار قاعات السينما يتوسع؛ فبحلول العام 1972 ارتفع عدد صالات العرض السينمائي في مدينة عدن إلى عشر صالات تقريبًا، بالإضافة إلى أربع صالات امتلكها طه حمود المعروف باسم “ملك السينما”. وشهدت عدن منافسة قوية لدور العرض السينمائية، إلى درجة أنه بعد تأسيسه لدار عرض سينما الجديدة، كان يصل رواد السينما إلى قرابة 5000 مشاهد.
وكنموذج للسينما الموجودة في اليمن آنذاك، هناك السينما الأهلية، أو (سينما البادري)، لصاحبها حسين إسماعيل خدابخش، وتقع في كريتر- عدن، وسينما البنيان أو (برافين) في كريتر أيضًا، و(سينما بلقيس) لصاحبها جعفر مرزا، و(سينما ريجل) أو (شاهيناز) للملقب بـ”مستر حق” في الخور.
تراجع دُور السينما اليمنية
في مقال تاريخي، يقول الكاتب محمد الخيواني: “واجهت السينما اليمنية الكثير من التحديات، خصوصًا في العقد الأخير من القرن العشرين، بعد إعلان الوحدة اليمنية، وعرقلت تلك التحديات والصعوبات، التي أفرزتها المتغيرات السياسية والثقافية فيما بعد، قدرتها على الاستمرار؛ إذ فرضت بعض القيود على عرض بعض الأفلام التي ناقشت مواضيع أو قضايا أو شخصيات ذات صلة بالقومية العربية. بعد ذلك برز مطلب إغلاق السينما، في ظل حرص الدولة وجهودها على إرضاء جميع المنظومات الفكرية في المجتمع اليمني، وتحديدًا المنظومة أو التيار الديني.”
مضيفًا: “في سنوات الصراع الذي حل على البلاد تعرضت بعض دور السينما للإهمال والهدم، مثل (سينما الشرقية)، في مدينة عدن، التي تعرضت للهدم في العام 2019 ليحل مكانها مركز تجاري على الرغم أنها إحدى أقدم دور السينما؛ فقد أنشئت عام 1965 في مديرية الشيخ عثمان.”
انطلاقة جديدة
على الرغم من توقف السينما وتهميش دورها في تعزيز الثقافة المجتمعية في اليمن، هناك نجاح حققه بعض الشباب اليمنيين الذين حاولوا، إما بجهود شخصية أو مؤسسية، تنشيط السينما والمنافسة بما ينجزونه. وقد فازت بعض هذه الإنجازات بجوائز عربية ودولية.
وكمثال عن الأفلام التي برزت وحصدت نجاحات، الفيلم القصير (صورة) الذي لا تتجاوز مدّته أربع دقائق متناولًا قضية تهميش المرأة، وأنجزته المخرجة سوسن العريقي. حصل هذا الفيلم على جائزة أفضل فكرة في مهرجان طيبة للأفلام القصيرة في القاهرة سنة 2012. ونال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان مكناس الدولي لسينما الشباب في المغرب.
وفي نفس السياق، كان فيلم (ليس للكرامة جدران)، للمخرجة سارة إسحاق، مرشحًا لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم وثائقي قصير طرح في أكتوبر من العام 2012، وهو يحكي قصة خروج مظاهرات غير مسلحة في شوارع العاصمة صنعاء أيام ثورة 2011.
وفي إطار الطموح الشبابي الذي نجح في طرح القضايا ومناقشتها في الأفلام وإخراجها إلى العالم، أخرجت اليمنية خديجة السلامي فيلم (أنا نجوم، ابنة العاشرة ومطلقة) في العام 2014، الذي يروي قصة الطفلة نجود محمد علي، أول طفلة يمنية تحصل على الطلاق متمردةً بذلك على والديها بعد أن زُوِّجت قسراً.
وكان فيلم (عشرة أيام قبل الزفة) الذي صدر في أغسطس من العام 2018، للمخرج عمرو جمال، أول فيلم طويل يعرض جماهيريًا في صالةِ عرضٍ للجمهور المحلي في اليمن منذ 40 سنة.
حقق هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا على المستويين المحلي والعالمي، وعرِض في صالات سينما في كل من الولايات المتحدة، وكندا، وألمانيا، ودبي، والقاهرة. كما تم عرضه أيضًا في العديد من المهرجانات السينمائية العربية والعالمية، التجارية والخاصة، وحاز على جوائز عديدة، وتم ترشيحه ضمن أفضل فيلم أجنبي لجائزة الأوسكار في العام 2019.
فيلم (المرهقون) أول فيلم يمني يُعرض في مهرجان برلين، وقصته مأخوذة من الواقع اليمني؛ إذ تدور أحداثه عن زوجين وأولادهما يعيشون في مدينة عدن ويعانون من أوضاع اقتصادية صعبة مما يدفع إسراء (بطلة الفيلم) إلى التفكير في إجهاض نفسها رغم ما تعلمه من عواقب اجتماعية إزاء هذا التصرف. فكرة الإجهاض كانت رمزية لإجهاض أحلام الشباب اليمني بسبب الوضع الذي يعيشونه. مدة الفيلم ساعة ونصف، وقد حصل على جائزة منظمة العفو الدولية بمهرجان برلين السينمائي.
وأخيرًا فيلم (سطل) الذي فاز بجائزة مسابقة الأفلام القصيرة “حكاية أثر” التي نظمتها هيئة التراث السعودية بالتعاون مع المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي. الفيلم من تصوير وإخراج ومونتاج ثلاثة شباب يمنيين، هم: علي السنيدار، عادل الحيمي، مروان المارش. ويروي قصة الحاج عبد الله أحمد دويلة، المسن الذي يعمل في ترميم منازل مدينة صنعاء القديمة لعقود من الزمن، متحدثًا طيلة الفيلم عن مدينة صنعاء بشكل حميمي وجذاب، وكيف أنها تعرف عنه ويعرف عنها الكثير.
72.2% من المستطلَعين يرون أنَّ السينما اليمنية ستكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد عالمياً، ما تزال السينما -منذ بدايتها في نهاية تسعينيات القرن التاس…