تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد
يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة، ويتميز بتنوعه وغناه بالنكهات والمكونات الطبيعية الصحية. وقد لاحظ الكثير من غير اليمنيين جاذبية المطبخ اليمني وتفضلوا بتجربة الأطباق اليمنية المختلفة، ويمثل المطبخ اليمني جزءًا مهمًّا من الثقافة اليمنية، ويعكس تاريخ البلد وتراثه، وهو ما يجعله مثار اهتمام الجنسيات الأخرى.
اليمنيون ونشر ثقافة الطهي اليمني في العالم
ينتشر اليمنيون في كثير من الدول العربية والأجنبية، ويعملون في كثير من المهن المختلفة، وينشرون عبرها ثقافة بلدهم اليمن بأجمل صورة؛ فمنهم من نشر للعالم تراث الطهي اليمني من خلال فتح العديد من المغتربين اليمنين للمطاعم اليمنية، التي جذبت الكثير من الأجانب وتعرفوا من خلالها على تراث وثقافة اليمن.
قول الشيف وضاح اليمني الذي يقيم في الأردن ويعمل في سلسلة من المطاعم اليمينية الموجودة في المملكة الهاشمية “لصوت الأمل”: ” في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن ينتشر اليمنيون في أنحاء العالم لأجل العمل والبحث عن لقمة العيش وتوفيرها لأسرهم في الداخل أو في الخارج، فأبدعوا في عرض تراث المطبخ اليمني بصورة جميلة عبر أكلاته سواء الشعبية كالسلتة، والفحسة، والمحروقات عامة أو المندي والزربيان العدني والمضغوط، والمدفون والمظبي.
وعن أهم الأطباق اليمنية التي يحبها الأجانب ويطلبونها بكثرة يقول الشيف وضاح: “السلتة والفحسة والمعصوب والعريكة والخبز الملوح هي التي تجذب كثيرًا من الزبائن لغرابتها ولذة طعمها، موضحاً أنّ أهم ما يميز المطبخ اليمني هي البهارات المختارة من الطباخ، واللمسات السحرية في تحضير الطبخ، والنكهة الجميلة في تشكيل البهارات بالمقاييس والمعايير الدقيقة، التي تتميز عن باقي الأكلات العربية الأخرى، ولكل طباخ نكهته الخاصة، ونفسه الطيب في الطبخ، وهو أساس لذة أي طبق يمني أصيل.
السر وراء الانجذاب لتراث الطهي اليمني
وعن السبب وراء انجذاب غير اليمنيين للأكلات اليمنية يقول وضاح: تتميز الأطباق اليمنية بالنكهات الغنية والفريدة، مما يجذب الكثير من الجنسيات الأخرى لتجربتها، كما أنّ الأطباق اليمنية تعتمد على مكونات طبيعية وصحية، مما يجعلها خيارًا صحيًّا للأشخاص الذين يهتمون بالتغذية الصحية، وأنّ جودة الطبخ اليمني هي التي تجذب كل من يتذوّقها من غير اليمنيين.
ويؤكد الشيف محمد الخطيب أحد مالكي المطاعم اليمنية في العراق في مدينة كربلاء أنّ الأكلات اليمنية سيطرت على جميع الدول العربية والأجنبية، وتنجح أينما وجدت، والسبب أنّها صحية 100%، وذكر منها السّلتة اليمنية والمندي والفحسة، وهذه الأكلات منتشرة في العراق، ويزداد الطلب عليها بشكل غير عادي، خلاف بقية الأكلات اليمنية.
ويوضح الخطيب أنّ المطاعم اليمينية في العراق أكثر بكثير من المطاعم العراقية وخاصة في كربلاء، وحتى خارج العراق في جميع الدول العربية والأجنبية تنتشر المطاعم اليمينية ولها شهرتها الواسعة في أجود وألذ الأطباق اليمنية التراثية، ونلاحظ أن هناك إقبالًا كبيرًا جدًّا عليها من قبل الجنسيات المختلفة؛ وذلك لروعة المأكولات اليمنية وجمالها وجودتها.
ويشير الشيف الخطيب أنّ العديد من زبائنه من غير اليمنيين يطلبون الأكلات اليمنية في وجباتهم؛ لأنّها حسب قولهم: “تتميز بتنوعها ونكهاتها الفريدة التي تجمع بين البهارات والتوابل والأعشاب الطبيعية، كما أنها تعتمد بشكل كبير على المكونات الطازجة والمحلية، وتحتوي على مكونات غنيّة بالمغذيات والفيتامينات والألياف الغذائية، وهو ما يجعله خيارًا صحيًّا للكثير من الناس”.
علاوة على ذلك، يقول الشيف جمال اليمني الذي يعمل في مطعم شواطئ اليمن في الإمارات العربية المتحدة: “إنّ الأكلات اليمنية تتميز بالإفراط في الكميات والتنوع، وهو ما يجعلها تلائم الأذواق المختلفة، وتناسب العديد من الثقافات، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الأكلات اليمنية غنية بالتاريخ والتراث، وتمتزج فيها الثقافات العربية والإسلامية واليهودية والإثيوبية والهندية، ممّا يجعلها مثيرة للاهتمام من قبل الجماعات الثقافية المختلفة”.
شهرة تراث الطهي اليمني حول العالم
انتشر جمال المطبخ اليمني الفريد والمتنوع وانطلق كالصاروخ في العقود الأخيرة ليصل إلى أرجاء العالم حاملًا بين يديه تشكيلة تراثية وشعبية متنوعة من الأكلات الشهية والمميزة؛ كالمندي الحضرمي، والسلتة الصنعاني، والشفوت المحويتي، والزربيان العدني، وبنت الصحن، وعشرات من الأصناف اللذيذة ذات النكهات المتنوعة.
ويؤكد الشيف جمال اليمني وكثير من الطهاة اليمنين خارج اليمن، أنّ شهرة الأكلات اليمنية في العالم تعود إلى العديد من العوامل؛ منها الهجرة، والتجارة، والسفر، حيث قام اليمنيون المهاجرون بنشر تراثهم الغني والمتنوع في العديد من دول العالم، بما في ذلك السعودية والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وكندا واليابان والصين وغيرها.
ويضيف الشيف جمال اليمني أنّ الأكلات اليمنية أصبحت متاحة للجمهور العام في العديد من المطاعم العالمية، ممّا يساعد في تعريف المزيد من الناس على هذا التراث الغني واللذيذ، ولكونها وجبات شعبية ومتاحة بأسعار معقولة، فإنّ الأكلات اليمنية تجذب اهتمام الكثيرين، وتحظى بشعبية كبيرة في العالم.
ويرى الشيف محمد الخطيب أنّ المطبخ اليمني خيارٌ ممتازٌ للأشخاص الذين يرغبون في تجربة أطباق شرق أوسطية مختلفة وغير معتادة، وصحية، بالإضافة إلى أنّه يتمتع بتراث عريق وتاريخ ثريّ، ويتميز بالتقاليد والعادات الخاصة في تناول الطعام وتقديم الضيافة.
ويشير إلى وجود الكثير من المطاعم اليمنية في بعض المدن الكبرى في العالم، مثل نيويورك ولندن وباريس ودبي والرياض وجدة وغيرها، وتقدم تلك المطاعم العديد من الأطعمة اليمنية الشهية، ويلاحظ الإقبال الشديد عليها من قبل اليمنيين وغير اليمنيين.
ولفت الخطيب إلى أنّه لا يستطيع غير اليمنيين أن يعدوا الأكلات الشعبية اليمنية، حتى لو استعانوا بالوصفات المكتوبة في الكتب أو الإنترنت، وإن حصل ذلك تكون لذة الطعام غير موجودة؛ لأنّ اليمنيين لديهم حكمة وخبرة طويلة في مقادير البهارات والتوابل، والأكلات اليمنية ليست كالأكلات العربية التقليدية، كالفلافل والكبة المقلية، بل هي تاريخ عريق ممتدّ على طول اليمن ميّزها بمذاق فريد يُقبل عليها كل من يتذوقها.
تراث الطهي اليمني بين النسيان وغياب التشجيع
على الرغم أنّ المطبخ اليمني من المطابخ العريقة والمتنوعة في الشرق الأوسط، ولكنه يعاني من النسيان وغياب التشجيع من قبل وسائل الإعلام المختلفة في اليمن، وغياب الترويج والتشجيع على تعريف العالم بثقافته وتراثه الغني، يقول الشيف أبو وضاح اليمني: “لم نلمس أيَّ اهتمام من وسائل الإعلام اليمني في التشجع أو التحفز أو النشر لمشاهير الطهاة اليمنيين الذين يعملون خارج اليمن، ولم يساعدوا على تعريف العالم بعراقة وأصالة المطبخ اليمني، وبالعكس نلمس اهتمام الإعلام الخارجي بالثقافات الغذائية اليمنية والمطبخ اليمني، وغياب الإعلام اليمني الذي ينشغل بالظروف الحالية من الصراع المستمر”.
ويرى الشيف أبو وضاح اليمني أنّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليمن كانت السبب الرئيس وراء انتشار ثقافة الطهي اليمني في الوطن العربي وخارجه؛ بسبب لجوء الكثير من اليمنيين للهجرة وفتح مشاريع خاصة بهم كانت معظمها مطاعم يمنية عديدة، عرضت من خلالها تشكيلات وأطباق يمنية متنوعة تعرّف من خلالها السكان الأصليون على ثقافة المأكولات اليمنية الشعبية، في حين أننا لم نشهد داخل البلد أيّ جهود تذكر للنهوض بتراث المطبخ اليمني الأصيل. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ المطبخ اليمني لا يتمتع بنفس الشهرة والانتشار التي يتمتع بها بعض المطابخ الأخرى في العالم، ويعاني من عدم الترويج والتشجيع على مستوى عالمي، ويمكن للجهود المستمرة والتحفيز الإيجابي من المؤسسات الثقافية والاقتصادية والسياحية أن تعزز المطبخ اليمني وتشجّع على تعزيزه للعالم، وتُسهم في زيادة الوعي الثقافي بالمجتمع العالمي حول الثقافة والتاريخ الغني لليمن.
43% يعتقدون أن تنوع المطبخ اليمني أسهم بشكل مباشر في تعزيز التماسك المجتمعي اليمني
صوت الأمل – يُمنى أحمد تلعب الأطعمة الشعبية دورًا هامًا في تعزيز الهوية الثقافية للشعوب؛ ف…