مكافحة الفساد في اليمن يتطلب التنسيق بين المنظومة والمجتمع المدني
صوت الأمل – أحمد عمر
مع تعاظم تحديات الفساد التي استشرت في العديد من الدول في العالم، وأصبحت العائق الأكبر أمام تطور بعض البلدان وتقدمها في جميع المجالات، إذ يصعب القضاء عليها في الأمد القصير؛ نظرًا لتمدد الفساد في جميع مفاصل الدولة أو حياة الفرد العادي.
فمن الضروري مضاعفة جهود تعزيز أنظمة النزاهة الوطنية والاستراتيجيات التي تعمل على مكافحة الفساد بمختلف أشكاله؛ لأنَّ التعاون في مجال الوقاية منه ومكافحته من قبل جميع الأطراف يعد أمراً جوهرياً وضرورياً للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة والفتاكة.
علاقة المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد بالهيئة
تعد المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد منظومة حكومية يمنية تُعنى بمكافحة انتشار الفساد والقضاء عليه بكل أشكاله وظواهره.
أكدت القاضي أفراح بادويلان (رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد)، في 29 أبريل 2019م عبر موقع الهيئة، على أهمية الشراكة بين الهيئة ومنظمات المجتمع المدني.
قائلة: “الشراكة التي تطمح لها الهيئة، وتسعى إلى تحقيقها مع منظمات المجتمع المدني تجسد حاجتنا إلى شراكة المجتمع؛ كون المنظمات هي الفاعلة داخل المجتمع، ومن خلالها نسعى إلى تأطير كل مكونات المجتمع، للمشاركة في مكافحة الفساد الذي أصبح منتشراً في كل مفاصل السلطة والمجتمع، ويمثل أبرز الأخطار على المجتمع والتنمية والمستقبل”.
وأوضحت بادويلان أنَّ الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تسعى إلى توسيع عملها في المجالات التوعوية والثقافية والتعليمية، من خلال توقيع اتفاقيات عمل مشتركة مع كل من جامعتي حضرموت وعدن.
مكافحة الفساد
حول مكافحة الفساد، نشر البنك الدولي تقرير، في 12 من أبريل 2014م، يوضح أنَّ أدوار البرلمانات في العالم -خاصة في البلدان الديمقراطية- كبيرة ومتعاظمة؛ لأنَّ تلك البرلمانات هي الممثل الأول والحقيقي للشعوب، والصيغة الأمثل لإبراز إراداتها سواء عن طريق سن القوانين المنظمة لذلك، أو عبر مراقبة تلك القوانين المنظمة لمختلف شؤون البلاد.
وأكد البنك الدولي أنَّ الدور الفعلي للبرلمان اليمني يشوبه حاليًا الكثير من القصور؛ لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها: التكوين الحالي للبرلمان، وضعف وهشاشة البناء والقدرة الداخلية للبرلمان بوصفه مؤسسة، إضافة إلى أنَّ الأغلبية البرلمانية في الفترات السابقة كانت تشكل حجر عثرة أمام مساءلة الحكومات المتعاقبة؛ كون تلك الأغلبية تتحول إلى مدافع عن الحكومة وسياستها أيّاً كانت.
موضحًا أهمية دور البرلمان في مكافحة الفساد، إذ تمر البلاد بمرحلة انتقالية كثيرًا ما تنشط أثناءها شبكات الفساد وعصابات الإفساد، في ظل انشغال السلطة التنفيذية بالأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد، وترهل أجهزة الرقابة ومكافحة الفساد الأخرى.
دور المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد
استعرضت القاضي أفراح بادويلان (رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن) الإنجازات التي حققتها هيئة مكافحة الفساد في مضمار اختصاصاتها ومهامها، والتي شملت العديد من الخطوات منها: استعادة عشرات المليارات إلى خزينة الدولة، ومساحات مهولة من أراضي الدولة التي صُرفت بعقود أضرت إضراراً بالغاً بالمصلحة الوطنية، على حد تعبيرها.
حيث قامت الهيئة بمراجعة اتفاقيات وعقود النفط، وإحالتها إلى النائب العام؛ لاستكمال التصرف بها، إضافة إلى إنجازات الهيئة بالتعاون مع شركائها بمحور التشريعات من خلال تقييم منظومة التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد، وتحديد أوجه القصور فيها، والعمل على استكمال منظومتها باستصدار قانون “تعارض المصالح” الذي يأتي في صدارة الاهتمام الوطني والدولي.
وكما أُنجز مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، وفُعِّل قانون الذمة المالية، حيث بلغت الإقرارات المقدمة إلى الهيئة أكثر من ثلاثين ألف إقرار من المشمولين به، كما تطرقت إلى جهود الهيئة العليا لمكافحة الفساد مع شركائها في مختلف القطاعات.
آراء مواطنين وخبراء حول دور المنظومة
يرى عمر عبد السيد (الناشط المجتمعي) أنَّ تفعيل دور الرقابة والتفتيش في الدوائر الحكومية والخاصة عامل مهم في مجابهة ظاهرة الفساد في اليمن؛ حيث إنَّ الفساد المنتشر في بعض القطاعات حال دون النهوض أو التقدم والتنمية في البلاد.
ونوه عمر في تصريح خاص لـ “صوت الأمل” إلى أنَّ التهاون في قضايا الفساد لدى المحاكم، وعدم البت فيها ساعد على توسعة رقعة ظاهرة الفساد في اليمن بشكل عام.
مشيرًا إلى أنَّ الدور المناط بالمنظومة الوطنية لمكافحة الفساد يتطلب بذل جهد أكبر في التوعية؛ حتى تكون نتائجه ملموسة على أرض الواقع.
الدور المطلوب من المنظومة تجاه مكافحة الفساد
نشر البنك الدولي، في 14 من مايو 2014م، استراتيجيات مطلوبة لمكافحة الفساد في اليمن، منها دفع أجور كافية لموظفي الخدمة المدنية؛ لتحسين دخلهم لأنَّ ذلك يؤثر كثيراً على الدوافع والحوافز، وإذا كانت الأجور في القطاع العام منخفضة جداً، فقد يجد الموظفون أنفسهم تحت ضغط لتكملة دخلهم بطرق “غير رسمية”.
مضيفًا “خلق الشفافية والانفتاح في الإنفاق الحكومي، والحد من الروتين” وتتمثل هذه الاستراتيجية وراء العديد من التدابير الرامية إلى مكافحة الفساد والحد منه في القضاء على فرص الفساد، عن طريق تغيير الحوافز وذلك من خلال سد الثغرات، والقضاء على القواعد التي تنطوي على مفاهيم خاطئة تشجع على السلوك الفاسد.
تحديات المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد
نشر موقع الإنسانية الجديدة، في الأول من أكتوبر 2015م، مقال بعنوان “مكافحة الفساد تتعثر في اليمن على الرغم من بدء عهد جديد” يبين أنَّ هناك كثيراً من المخاوف ليست سياسة -فقط- إنما توجد مخاوف أخرى حقيقية تتعلق بسلامة المخبرين، ففي إطار حملة جديدة تسمى “حافظ على نظافة دخلك” يقوم بها الفرع المحلي لمنظمة الشفافية الدولية (وهو الفريق اليمني للشفافية والنزاهة (YTTI)) الذي يسهم بنشر الوعي حول الفساد في القطاع الأمني، من خلال التحدث إلى السكان المحليين عن تجاربهم مع حالات الرشوة والابتزاز التي يتورط فيها رجال الشرطة والجنود كثيرًا.
أدى غياب قوانين حماية المبلغين إلى تفاقم المخاطر المتعلقة بفضح الفساد، وذكر تقرير حقوق الإنسان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية عن اليمن، في عام 2013م،: “المنظمات غير الحكومية أبلغت عن العديد من حالات فقدان الأفراد لوظائفهم، أو تعرضهم لأضرار أخرى بعد كشفهم عن حالات فساد”.
وذكر التقرير أيضًا: “وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية عرقلت منح تراخيص لبعض منظمات حقوق الإنسان التي يُنظر إليها بعين الريبة، بما في ذلك المنظمات التي تركز على المساءلة والعدالة الانتقالية، بينما شهدت منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي لا تركز على هذه القضايا فرض الحد الأدنى من القيود على أنشطتها”.
مقترحات لتحسين العلاقة بين المنظومة والهيئة
في خطة العمل التنفيذية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، من 2010-2015م، صيغت منظومة قانونية فاعلة وطُوِرَت آليات إدارية ومؤسسية واضحة؛ لتعزيز المساءلة، والوقاية من الفساد، ومنع ممارسته، وتحسين عمل المنظومة، منها: إزالة التعارض والتـداخل القائم في مهـام أطـراف المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد، وتنسـيق الأدوار بينهم، حصر التشـريعات التـي تعيق جهود مكافحة الفساد، استكمال الإطار التشريعي الداعم للشفافية ومكافحـة الفساد.
إضافة إلى تعزيـــز الإجراءات التي تقـي من الفساد وتمنـــع حدوثه، بناء قدرات المنظومة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد، وإيجاد بيئة مجتمعية تناصر قيم النزاهة والشفافية، وتحض على المساءلة والمحاسبة، وتناهض أي ثقافة متسامحة مع الفساد، وإيجاد بيئة مجتمعية تناصر قيم النزاهة والشفافية، وتحقيق المواءمة بين التشريعات الدولية والتشريعات المحلية. تعقد الكثير من الآمال على المنظومة الوطنية للنزاهة؛ لكبح ظاهرة الفساد التي تغلغلت في جميع مرافق وأجهزة الدولة اليمنية والتي حالت، بالإضافة إلى الصراع المحتدم منذ عدة سنوات، دون نهوض البلاد وتقدمها.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …