الصراع يعيق استكمال مشاريع توليد الطاقة في اليمن
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
يعد قطاع الكهرباء في اليمن من أكثر القطاعات التي تشهد تراجعًا ملحوظًا منذ سنوات ليست بقليلة، يرجع ناشطون السبب في ذلك إلى عدم امتلاك الحكومات المتعاقبة خططاً واضحة ورؤية واقعية لتطوير المشاريع التي تتبع القطاع وتحسين جودة عملها، وتنفيذ مشاريع جديدة تكمل مسيرة المشاريع القديمة وتخفف الضغط عليها، والاعتماد على المشاريع الجديدة بوصفها بديلاً لها في حال تعرضت القديمة للتوقف.
المهندس أمين أحمد الحاج(رئيس لجنة الدفاع عن ممتلكات كهرباء تعز) يقول: “مشاريع الكهرباء في اليمن تحتاج إلى وعي وإحساس بالانتماء من قبل المواطن والحكومة ومؤسساتها قبل كل شيء، حتى قبل احتياجها لنفقات البناء والصيانة؛ ليكون الهدف هو بناء مشاريع خدمية، وليس استنزاف خزينة الدولة، وحرص المواطن على أن يعمل تلك المشاريع بجودة بقدر حرصه على حقوقه وممتلكاته الخاصة”.
وتعد اليمن من أقل بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الحصول على التيار الكهربائي، بحسب تقرير رسمي نُشر على موقع وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية، بعنوان: “وثيقة معلومات المشروع (PID)”، وجاء فيه أنَّ ذلك من العوامل الرئيسة التي تحول دون نمو الاقتصاد في البلاد وتعرقل تقدمها ونموها وتطور قطاعاتها المختلفة في شتى المجالات.
وأثبت التقرير أنَّ نصيب الفرد في اليمن من التيار الكهربائي لا يزال ضعيفًا مقارنة بنصيب الأفراد في كثير من الدول المتطورة، حيث إنَّ التيار الكهربائي يصل إلى حوالي 42% فقط من سكان البلاد، وأنَّ نصيب المناطق الريفية يصل إلى 20%.
وهذا ما يؤكد تراجع اليمن في مجال الكهرباء رغم إعلان الحكومات السابقة في البلد عن العديد من المشاريع، ومنها جاء في تقرير سابق نشر على الموقع الرسمي لوزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الإلكتروني: “إنشاء محطة توليد غازية، المرحلة الأولى (بقدرة 264 MW) وإعادة تأهيل محطة الحسوة الكهروحرارية في عدن، وإنشاء محطة توليد (بقدرة 30MW) تعتمد على الغاز والمازوت في مدينة زنجبار محافظة أبين”.
مضيفًا “إنشاء محطة غازية (بقدرة 50 MW)في شبوة وبناء محطة توليد (بقدرة 40 MW)تعمل بالغاز والمازوت في المهرة، ومحطة توليد (بقدرة 30 MW) في محافظة تعز وهي الأخرى تعمل بالغاز والمازوت، ومشروع مزرعة الرياح بالمخا غير أنَّ كثيراً من هذه المشاريع لم تعرف طريقاً للنور ولخدمة الإنسان اليمني وقليل منها ما نُفّذ على الواقع”.
وفي تقرير حديث للبنك الدولي بعنوان: “مراجعة لوضع الطاقة الحالي في اليمن والتحديات والاستراتيجيات وآفاق استخدام أنظمة الطاقة المتجددة”، نُشر في 21 يونيو2022م، ذكر أنَّ اليمن تمتلك أربع محطات لتوليد الطاقة الكهربائية وهي -حسب التقرير- محطة مأرب الغازية في مأرب، وقدرتها التوليدية من 350 إلى 400 ميجاوات، ومحطة الحسوة الغازية في مدينة عدن، ومحطة محروقات المخا بتعز، ومحطة رأس كثيب في الحديدة، وذكر التقرير ترقب بناء محطة توليد في مدينة ذمار تعمل بجهد 132ك.ف.
مشروع المحطة الغازية (1) و (2)
وفقاً لدراسة أصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، بعنوان: “أولويات تعافي وإصلاح قطاع الكهرباء في اليمن”، نُشرت بتاريخ11 نوفمبر2021م، فإنَّ محطتي مأرب الغازية من المشاريع الاستراتيجية لقطاع الكهرباء في البلاد، وتعد من المحطات ذات الكفاءة العالية في مجال توليد الطاقة الكهربائي بالغاز، وتعد محطتا مأرب الأولى والثانية السبَّاقتين في توليد الكهرباء بالغاز في البلاد، وذكرت الدراسة أنه في حال شُغِّلت المحطتان، وضُمَّت إلى قطاع الطاقة في البلاد ستكون النتيجة هي الحصول على التيار الكهربائي بتكلفة أقل مقارنة بتكلفة توليدها بالوقود.
حسب الدراسة ذاتها، فإنَّ “محطة مأرب الغازية 1” موجودة في منطقة صافر أغنى المناطق اليمنية التي تتوافر بها حقول الغاز في اليمن، والتي تغذي محطة التوليد (مأرب 1) عن طريق أنابيب، وإنَّ التكلفة الفعلية لتوليد الكهرباء لها في الصيف 113م، أما عن “محطة مأرب2 ” فقد أكدت الدراسة أنَّ بنائها كان في عام 2013م وبدأ تشغيلها في العام 2014 م ومن ثم توقفت جراء الصراع.
وحول الحديث عن المحطة الغازية 1و2، الدكتور عبد الغني عبدالله جغمان (استشاري تنمية الموارد الطبيعية) يذكر لـ “صوت الأمل” أنَّ محطة مأرب الغازية أول محطة لتوليد الكهرباء بالغاز في البلاد، وتنقسم في تنفيذها إلى ثلاث مراحل، المرحلة الأولى “مأرب1” والتي بدأ العمل التجريبي لها في العام 2009م، ودخلت الخدمة في العام2010 م وتتكون من ثلاث وحدات تربينات غازية بقدرة إجمالية 341 ميجاوات.
ويشير جغمان في حديثه إلى أنَّ “المحطة الغازية مأرب 2” بُنِيت بطاقة إنتاجية تقدر ب400 ميجاوات وأنَّه كان هناك خطة لتوسع المحطتين الأولى والثانية، وبسبب الصراع؛ علقت المرحلة الثانية “مأرب 2”.
مشروع المحطة الغازية معبر
بحسب عبد الغني جغمان، كان يفترض أن تُنفَّذ محطة معبر الغازية في مدينة مأرب، ولكن بسبب عدم تخصيص كمية كافية من الغاز يضمن عملها لمدة25 عاماً من قبل وزارة النفط؛ نُقِلت الخطة إلى محطة غازية في منطقة معبر في محافظة ذمار من قبل وزارة الكهرباء بالشراكة مع القطاع الخاص بتكلفة تقدر بـ400 مليون دولار.
يواصل جغمان حديثه لـ “صوت الأمل”: “أُعلن عن مناقصة الخطة في عام 2009م، ومن متطلباتها أن تتضمن أربعة توربينات غازية تعمل بوقود الغاز الطبيعي الذي سيصل من منطقة صافر في مأرب، ويمر عبر أنبوب إلى منطقة معبر بذمار، ويمر بالتوازي مع أنابيب النفط للتصدير عبر رأس عيسى، وقدرة تكلفة إنشاء الأنبوب 250 مليون دولار مع مجمع لمعالجة الغاز”.
مشيرًا إلى أنَّ الغاز من أهم مصادر الوقود، وأقلها تكلفة ويدعو الحكومة اليمنية إلى المحافظة على هذا المخزون المهم، ووضع حد لأي تجاوزات تهدف إلى استنزافه أو التلاعب به، والحفاظ على هذا المورد الهام؛ من أجل استدامته في توليد الكهرباء في البلاد في الأعوام القادمة بتكلفة وقيمة أقل، خاصة أنَّ تقدم قطاع الكهرباء عامل مهم في نمو وتقدم العديد من القطاعات، منها القطاع الصناعي والتجاري والبناء والنقل والتعليم والصحة وغيره.
من جهته يرى المهندس عبد السلام حمود الشايف (مدير الدائرة التجارية بمصفاة مأرب) أنَّ محطة مارب الغازية لها دور رائد في إنتاج جزء كبير من حاجة البلد للطاقة الكهربائية، قائلًا: “إن كتب لها النجاح في إنجاز المرحلة الثانية كانت غطَّت بعض النقص الحاصل في الطاقة، ولكن ظروف الصراع أوقفتها كلياً سنين طويلة، وقد أُعيد تشغيل أحد المولدات لسد الحاجة لمحافظة مأرب، ويعد ذلك إنجازاً”.
ويؤكد الشايف أنَّ الاستثمار في الكهرباء من أهم الاستثمارات؛ نظرًا للحاجة الكبيرة للكهرباء والطلب المتزايد عليها مستقبلاً، مشيرًا إلى أنَّ القطاع الخاص يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في هذا الجانب، وأنَّ كل هذا لن يتأتى إلا في أوضاع مستقرة وآمنة.
مشروع أنشطة توليد الطاقة بالرياح
في هذا السياق ذكر الصحفي محمد الحكيمي (صحفي مهتم بالشأن الاقتصادي) أنَّ الحكومة اليمنية أعلنت في عام 2007م اعتزامها إنشاء أول مزرعة رياح في اليمن، بقدرة أولية تتراوح ما بين١٠- ١٥ميجاوات، تحديداً في مدينة “المخا” التابعة إدارياً لمحافظة تعز جنوب غرب البلاد، إلا أنَّ هذا المشروع لم يرَ النور.
وأضاف الصحفي في حديثه لـ”صوت الأمل” أنَّ هذا المشروع إذا نُفِّذ سيساهم في زيادة كفاءة الطاقة المتجددة حتى العام 2025م، ويؤكد أنَّ هذا المشروع يعدُّ الأول من نوعه في البلاد وسوف يساعد في الحفاظ على البيئة، وتقليل نسبة الاحتباس الحراري، وزيادة استثمار مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء وتخفيض نسبة استهلاك الوقود، وتطوير وضع الطاقة في البلاد.
يشجع مراقبون تنفيذ مشاريع توليد الكهرباء عن طريق الرياح، ويرجعون سبب ذلك؛ إلى أنَّ توليد الطاقة بالرياح يحافظ على البيئة دون إلحاق أي ضرر بها، وأنَّ ذلك سوف يسهم في كمية استهلاك الغاز ومادة الديزل وغيرها من الوقود التي يحتاجها اليمن في قطاعات ومجالات عدة، كما يرى آخرون أنَّ موقع البلاد يتميز بأنَّه موقع استراتيجي لاستثمار الرياح وهو ما يدعو إلى استغلالها لتوليد الكهرباء.
كما أثبتت دراسة لمركز صنعاء للدراسات، نُشرت في نوفمبر 2021م، أنَّ سرعة الرياح في السواحل اليمنية تقدر بـ 8 أمتار في الثانية، بما فيها الجزر اليمنية والمناطق القريبة من باب المندب. وأكدت الدراسة أنَّ منطقة المخا في مدينة تعز من أفضل المناطق لاستثمار طاقة الرياح في توليد الطاقة الكهربائية.
ونظراً لهذه الأهمية الاستراتيجية التي تمتلكها منطقة المخا، جاء إعلان الحكومة عن إنشاء محطة لتوليد الطاقة بالرياح في المنطقة (مزرعة الرياح)، وبحسب تقرير البنك الدولي بعنوان: “منحة بقيمة 20 مليون دولار من البنك الدولي لتمويل مشروع توليد طاقة الرياح في اليمن”، والذي نُشر في الثالث من يوليو 2014م، فإنَّ البنك الدولي كان قد صادق على تقديم 20 مليون دولار، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على مبلغ 65 مليون دولار، ومجلس التعاون الخليجي والصندوق السعودي على مبلغ20 مليون من كل منهما.
المشروع حُظِي بترحيب دولي، ففي التقرير ذاته قال وائل زقوت (المدير القطري لليمن في البنك الدولي): “نحن سعداء بدعم أول حقل لتوليد الطاقة من الرياح بالاشتراك مع مانحين آخرين، فهذا الأمر سيرفع إنتاج الكهرباء بشكل فعّال من ناحية التكلفة، وهو أمر أساسي للحد من الفقر وللتنمية الاقتصادية”.
مشروع محطة توليد الكهرباء بالفحم الحديدة
وعن مشاريع توليد الكهرباء بالفحم في مدينة الحديدة نشرت الشركة الوطنية لصناعة الإسمنت في موقعها على الإنترنت أنَّه في عام 2012م وُقِّع على مذكرة تفاهم بين وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية والمؤسسة الصينية لبناء محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في محافظة الحديدة بطاقة إنتاجية تقدر ب600 ميجاوات، وذلك في تقرير نشرته الشركة في موقعها الرسمي باسم “توجه اليمن نحو إنتاج الطاقة الكهربائية بالفحم الحجري”.
وجاء في التقرير أنَّ توليد الكهرباء بالفحم الحجري يعد من البدائل المهمة في إنتاج التيار الكهربائي بصفتها من التقنيات الحديثة التي بها تُولَّد الطاقة بتكلفة اقتصادية أقل مقارنة بتكلفة توليدها عن طريق الوقود أو الديزل، وحسب ناشطين اقتصاديين لم يُنفَّد هذا المشروع.
في تقرير حديث نُشر في موقع وكالة الأنباء اليمنية سبأ بتاريخ27 سبتمبر 2020م، وقَّع محافظ محافظة الحديدة وثيقة شراء أرضية مساحتها 16مليون متر مربع؛ لبناء محطة لتوليد الكهرباء بالفحم الحجري، وجاء في التقرير أنَّ هذه المشروع سوف يُنفَّذ في الفترة القادمة بعَدِّه من المشاريع الاستراتيجية المهمة.
مشروع محطة عمران
في التاسع من يونيو 2020م أعلنت وزارة الكهرباء في حكومة صنعاء، عبر وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، عودة الكهرباء الحكومية إلى محافظة عمران، وذلك من خلال مد المحافظة عبر خطوط نقل من العاصمة صنعاء إلى مدينة عمران المجاورة لها، وذكرت وكالة الأنباء سبأ أنَّ المؤسسة العامة للكهرباء ستعمل على إعادة تشغيل خط النقل 132 كيلوفولت.
موظفون سابقون في كهرباء عمران أفادوا أنَّ هذا الإعلان قد جاء بعد توقف الشبكة العمومية التي كانت تربط جميع المحافظات من محطات مختلفة موجودة في بعض مناطق البلاد مثل: محطة رأس كثيب والمخا والحسوة ومأرب وغيرها؛ جراء الصراع، وكان لمدينة عمران نصيبًا مثل باقي المدن في انقطاع التيار الكهربائي.
ووفقًا لما قاله موظف سابق في محطة عمران –فضّل عدم ذكر اسمه- فإنَّ المدينة قبل العام1994 م كانت مجرد مديرية صغيرة، وكانت تعتمد على الكهرباء من محطة التوليد الخاصة بمصنع إسمنت عمران والتي كانت عبارة عن مولدات صغيرة، لكن بعد العام1994 م أُنشئت محطة تحويل في المدينة ورُبِطت بالشبكة العمومية من محطات التوليد في مناطق مختلفة.
47% يرون أنَّ قطاع الصحة هو الأكثر تضرراً بسبب انقطاع الكهرباء في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني، أجرته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي ف…