قطاع الكهرباء الخاص خدمة مقتصرة على ميسوري الحال في اليمن
صوت الأمل – هبة محمد
“بدأت فكرة المولدات التجارية بالانتشار في الأحياء والشوارع الرئيسة؛ بسبب رداءة بعض مستلزمات الطاقة الشمسية بعد سنة أو سنتين من التركيب، وعدم قدرة المواطنين على تكرار الشراء خاصة للبطاريات ذات الأداء السيئ والتي تتلف سريعًا؛ لذا اقتنع الناس بتوصيل الكهرباء من المولدات التجارية التي تعمل بالديزل في عموم محافظات الجمهورية، وقد حُصر عدد المولدات التجارية وقدراتها حيث وصل عددها إلى 495 مولدًا يعمل بالديزل وبطاقة توليدية هي 108,594 كيلو وات أي 108ميجا وات فقط”، بحسب ما نشره المهندس علي عبدالله (باحث في مجال الطاقة الكهربائية).
دور القطاع الخاص في توليد الطاقة الكهربائية
“انتشرت المولدات التجارية في مناطق مختلفة في اليمن، على سبيل المثال في الأحياء السكنية بمدينة إب، ووُصِّلت بشكل كبير خاصة في العام2017 م وما بعده من الأعوام المتلاحقة بعد قناعة الناس بعدم جدوى الطاقة الشمسية؛ لأسباب أهمها سوء الجودة، والتلف السريع للبطاريات المنتشرة في السوق، وأنَّ التوصيل من هذه المولدات هو الأنفع رغم ارتفاع سعر الكيلو وات المباع من أصحاب هذه المولدات حتى وصل عددها إلى 75 مولد ديزل مختلفة القدرات وبقدرة إجمالية19.420 كيلو وات”. -وفقاً للتقارير السنوية لوزارة الكهرباء والطاقة-.
وليد العديني (مدير الكهرباء في منطقة حراثة المهندس) يقول لـ “صوت ألأمل”: “القطاع الخاص أتى في حين أنَّ الكهرباء كان بمقدورها توفير الطاقة، وأيضًا مشاركة (عصابة) الكهرباء أجهض هكذا مشروع؛ لأنَّ العائدات من القطاع التجاري مهولة، وبدأ أغلب مسؤولي الكهرباء في التوجه التجاري الشخصي، وحاربوا نهضة القطاع الحكومي؛ لأنَّ ما يجنونه كبيراً مقابل نفقاتهم التشغيلية، وأصبح القطاع التجاري يضاهي القطاع الحكومي، وقد يتفوق عليه وهذا ما هو حاصل فعلاً على أرض الواقع”.
من جهته المهندس خالد الجويد (المدير التجاري في المؤسسة العامة للكهرباء) يقول: “فيما يخص مشاركة القطاع الخاص مع الدولة في توليد الطاقة الكهربائية، كان هناك أطروحات لمنح القطاع الخاص إمكانية المشاركة في إنتاج وتسويق الطاقة الكهربائية، لكن القطاع الخاص يريد استقلالية، ولا يرغب بالشراكة؛ لأنَّه لا يريد أن يتقيد بتسعيرة محددة من الدولة لوحدة الطاقة المباعة، ولا يريد أن يتحمل فاقد الطاقة، ففي المقابل أي فاقد للطاقة سيُعكس على شكل زيادة سعرية على فواتير المستهلكين؛ لذلك السبب القطاع الخاص كان يطرح أنَّه مستعد لإنشاء محطات توليد للطاقة الكهربائية على أن تباع الطاقة المنتجة من تلك المحطات للدولة من خلال وحدات قياس (عدادات احتساب طاقة) تركب داخل تلك المحطات، ويبيع –القطاع الخاص- وحدة الطاقة للدولة بالتسعيرة التي تضمن له المكسب”.
مضيفًا “والدولة، عبر وزارة الكهرباء والطاقة ومؤسسة الكهرباء، تقوم بتسويق تلك الطاقة من خلال منظومتها الكهربائية وبالتسعيرة التي تريدها، لكن ذلك ليس الاختيار الأمثل لا للدولة ولا للمؤسسة، فُطرحت فكرت أن تُقسم مؤسسة الكهرباء إلى ثلاثة قطاعات هي قطاع التوليد، قطاع النقل والتحكم، قطاع التوزيع، مع الإبقاء على قطاعي التوليد والنقل والتحكم للمؤسسة (الدولة)، ومنح القطاع الخاص فرصة الاستثمار في قطاع التوزيع ضمن تسعيرة الدولة المحددة، وعلى أساس أن تُأجَّر فروع محطات تحويل ومحاسبة المتعهدين من خلال عدادات احتساب الطاقة التي ستركب على أن تُخصم نسبة محددة لفاقد الطاقة، وإذا زاد الفاقد عن النسبة المحددة يتحملها المتعهد (المستثمر)”.
ويستدرك المهندس الجويد بالقول: “لكن لم يبادر أي متعهد بالاستجابة، ولا بد من التأكيد على أنَّ القطاع الخاص لم يتمكن من الاستثمار ضمن مناطق محددة بصورة مستقلة؛ بسبب التسعيرة المدعومة من الدولة لوحدة الطاقة المباعة، إلى جانب ذلك فالمستثمر يريد بضاعة يغلق عليها الأبواب، ويأمن عليها من السرقة أما شبكات المؤسسة المنتشرة بالحارات والشوارع، وعلى جدران المباني، وقرب الشرفات، والبلكونات، فإنَّه لا يمكن حمايتها من السرقة، وهذا ما وقف حائلاً دون الاستثمار في هذا المجال”.
كان لـ “صوت ألأمل” زيارة لـ المهندس علي الموشكي (مدير التحكم والتوليد الفرعي في محافظة إب) حيث قال: “بدأ دور القطاع الخاص في توليد الطاقة الكهربائية بعد الانقطاع الكامل للكهرباء الحكومية بخروج جميع محطات التوليد عن الخدمة، وذلك عبر مولدات الديزل التي انتشرت في أحياء وشوارع المدن الرئيسة للمحافظات، والذي ساعد على ذلك هو رداءة مستلزمات الطاقة الشمسية خاصة البطاريات (وهو التوجه الأسبق الذي لجأ إليه المواطنين) والتي كان عمرها الافتراضي أقل بكثير من المتوقع، و كل ذلك سببه ضعف القدرة الشرائية المتكررة وارتفاع سعر الدولار” .
مردفًا “فكانت ظاهرة المولدات التجارية، هي أقرب الحلول المنطقية والمنفعية خاصة لذوي الأحمال التجارية والصناعية؛ خوفًا على بضائعهم الغذائية وأعمالهم الأخرى، حيث تذكر الإحصائيات أنَّه قد وصل عدد المولدات التجارية تقريبًا إلى٦٠٠مولد، وبقدرة تصل إلى 150ميجاوات في عموم محافظات الجمهورية”.
و أردف الموشكي أنَّه بالرغم من دور القطاع الخاص في تغطية الحاجة الماسة للكهرباء وانفرادهم بذلك خلال الفترة 2015-2019م، فإنَّ سعر الكيلو وات المباع كان مجحفًا بحق المواطنين؛ إذ وصل سعر الكيلو وات إلى ما بين 450-600 ريال أي ما يعادل دولاراً واحداً، وهذا يدل على مدى استغلال القطاع الخاص لحاجة الناس في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وبالتالي فإنَّه يسجل أعلى سعر بالعالم بالمقارنة مع بعض الدول العربية والأوروبية.
ويضيف الموشكي: “قام القطاع الخاص بالاعتداء على شبكة وزارة الكهرباء والطاقة باستعمال الكابلات والأعمدة في توصيل التيار لعداداتهم التجارية، وكان الأمل أن يشارك القطاع الخاص بإيجابية في توفير خدمة حياتية هامة للمواطنين، ويدخل شريكاً فاعلاً مع وزارة الكهرباء بأسهم توزيع الطاقة على غرار النجاح الذي حُقّق في سلطنة عمان أو الأردن أو بعض دول العالم الذي كان فيها القطاع الخاص شريكًا فاعلًا يضمن حقوق وجودة مبيع الطاقة”.
رأي المواطنين في جودة كهرباء القطاع الخاص
حسن الخولاني (مواطن يمني يبلغ من العمر سبعين عامًا عاقل الظهرة السفلى في مدينة إب) في حواره مع “صوت الأمل” أوضح أنَّه في منزلهم الكائن في حي الظهرة، كان لديهم كهرباء حكومية تعمل لمدة ست ساعات فقط، لكن بسبب الانقطاع المتكرر لها اضطر إلى توصيل الكهرباء التجارية (الخاصة) لمنزله، ووجد أنَّ الأخيرة لا تنقطع ومستمرة 24ساعة، وجودة الخدمة قوية -حد وصفه- مقارنة بالكهرباء الحكومية، لكنَّ الخولاني يشتكي من سعرها الغالي في التعرفة، حيث يصل سعر الوحدة فيها إلى 400 ريال يمني، مع أنَّ دخل الفرد ضئيل جدًا في ظل الصراع الحاصل وانقطاع الرواتب.
في حين أنَّ (المواطن خالد باسلامة) يقول إنَّ القطاع التجاري غطى جوانب كثيرة من الاحتياجات في القطاع الصحي، والمراكز الخدمية، لكن لا يستفيد منه إلا ذوي الدخل الكبير والثابت لكنَّ المواطن البسيط لا يستفيد منها.
يتطلب عمل الشابة سعاد عبدالله أن تقضي معظم أوقاتها أمام جهاز الكمبيوتر، موضحة أنَّها لجأت إلى إدخال القطاع الكهربائي الخاص إلى منزلها؛ بسبب الأعطال المستمرة في الأجهزة التي تسببها الطاقة الشمسية.
وتؤكد عبدالله أنَّها اضطرت إلى إدخال الكهرباء التجارية للمنزل، واستفادت من الخدمة غير أنَّ تكاليفها باهظة الثمن، وترجع سعاد السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
تتفق وداد محمد (مواطنة في أحد أحياء محافظة إب) مع خالد وسعاد في ارتفاع أسعار فاتورة الكهرباء الخاصة، وتزيد أنَّ هناك تلاعباً في أسعار فواتير الكهرباء التجارية من شهر إلى آخر، مؤكدة أنَّه حين قام القطاع الخاص بإلغاء رسوم الاشتراك الشهرية، أضافوا نيابة عنها رسوم وخدمات، وبسبب الضرورة؛ تقبَّل المواطنون تلك الإضافات؛ لتغطية احتياجات الكهرباء الأساسية.
محمد حسين (أب لسبعة أولاد من سكان محافظة إب) مشترك في الكهرباء الخاصة لأحد المستثمرين في المدينة يتحدث لـ “صوت ألأمل”: “أدفع خمسة عشر ألف ريال يمني كل شهر، ومنزلي صغير وأمنع أولادي من تشغيل الأجهزة الإلكترونية إلا للضرورة القصوى؛ لأنني معلم في أحد المدارس الحكومية، ولا يوجد لدي راتب شهري يُمكنُني من دفع الفاتورة الباهظة، إذا زاد الحد فيها عن خمسة عشر ألفاً، إذ بصعوبة أغطي مصاريف الأولاد، وأحيانًا لا أستطيع دفعها وسأضطر أن ألغي الاشتراك فيها لتصبح حكرًا على ميسوري الحال فقط”.
يواصل محمد وملامح الحزن في وجهه قائلًا: “لا يوجد رقابة على أصحاب المولدات التجارية (الخاصة)، وعلى فواتير الكهرباء التي ترتفع باستمرار حتى بعد أن تنخفض أسعار المشتقات النفطية”. وبدا متألمًا وهو يتساءل متى تعود الكهرباء الحكومية؟ فيتخلص المواطن من هذه المعاناة؟.
47% يرون أنَّ قطاع الصحة هو الأكثر تضرراً بسبب انقطاع الكهرباء في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني، أجرته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي ف…