دور منظمات المجتمع المدني في تدريب صنَّاعِ الأفلام
صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ
حظيت الشابة رنا الحبيشي بالمشاركة في دورة تدريبية حول صناعة الأفلام وإخراجها، واستطاعت من خلال ذلك التدريب إنتاج فيلم قصير يحاكي إحدى المشاكل التي تواجه الإنسان اليمني، حمل الفيلم اسم (قطرة حياة).
لم تكن رنا وحدها في هذا العمل، وإنّما العديد من زملائها المشاركين في البرنامج التدريبي نفسه. تقول: “البرنامج التدريبي (الكاميرا صوت الشباب) تجربة جميلة بالنسبة لي، استطعت من خلالها صُنع أفلام قصيرة بأبسط الوسائل”.
وتتابع: “أضاف لي هذا التدريب العديد من المهارات والمعلومات القيمة التي ساعدتني على المشاركة في صناعة الفيلم وتقديم الكثير من الأفكار، وكان الفضل في ذلك لكل ما اكتسبناه، أنا ورفاقي، طيلة مدة التدريب”.
تخرجتْ رنا الحبيشي من جامعة الحديدة، كلية الفنون الجميلة، وتخصصت في قسم الفنون الإذاعية والتلفزيونية. وإلى جانب ما اكتسبته من دراستها الجامعية، استفادت من هذا البرنامج التدريبي، الذي ساعد العديد من الشباب المبدعين في الحصول على مهارات متعددة وفي جوانب كثيرة، مثل التصوير والمونتاج وكتابة السيناريو، وغيرها من المهارات المطلوبة لصناعة محتوى قوي ومؤثر.
لم تكن رنا وزملاؤها من الحديدة وحدهم المشاركين في برنامج (الكاميرا صوت الشباب)، بل توسع هذه البرنامج ليستهدف شبابًا من مختلف المحافظات اليمنية، مثل صنعاء وإب وتعز وعدن وحضرموت؛ إذ هدف البرنامج التدريبي الذي نفذته مؤسسة (تنمية القيادات الشابة) إلى استفادة هؤلاء الشباب مهارات التعامل مع الكاميرا، واستخدام برامج المونتاج، وكتابة المحتوى، وغيرها من المهارات، حتى يستطيعوا صناعة أفلام تناقش العديد من القضايا داخل المجتمع.
دور منظمات المجتمع المدني
تنفذ الكثير من منظمات المجتمع المدني مشاريع خاصة بالتدريب على صناعة الأفلام وإخراجها؛ حرصًا منها على استفادة العديد من الشباب المتخصص في مجال الإعلام والصحافة، وتقدم لهم الدعم المادي لصناعة أفلام تناقش قضايا معينة.
ففي نوفمبر من العام 2021م اختتمت ورشة تدريبية حول صناعة الأفلام القصيرة ودورها في نشر رسائل التعايش، نفذتها منظمة (ديم) للتنمية. هدفت الورشة التي استمرت يومين إلى تشجيع المتدربين على صقل مواهبهم وإبداعاتهم في هذا الجانب.
ومثلها دورة تدريبية أقيمت في ديسمبر من العام 2020م نفذتها مبادرة (داعم) الشبابية، التي أسهمت في دعم إنتاج الأفلام القصيرة وتشجيعها، واستهدفت 12 إعلاميًّا وإعلامية. نُفذ هذا البرنامج التدريبي بهدف تعزيز دور الإعلام في نشر ثقافة السلام والتعايش.
إبراهيم المسلمي من مؤسسة (تمدين شباب) قال “إنّ المؤسسة قدمت العديد من الأنشطة في هذا الجانب، أبرزها التدريبات التي تقدمها بين مدة وأخرى. كذلك أتاحت الفرصة للمنافسة على صناعة الأفلام للشباب والمهتمين والفوز بجوائز مالية”.
ويأتي أهمية هذا الدور الذي تقدمه منظمات المجتمع المدني في وقت يتغيب الجانب التطبيقي في الجامعات والمعاهد المتخصصة في هذا المجال، خاصة مع مغادرة العديد من كوادرها وانقطاع رواتب موظفيها أو تأخيرها؛ إذ تكون العملية التعليمية في هذه المؤسسات هشة وغير مجدية، لا سيّما مع غياب الإمكانيات التي تطور الجانب العملي فيها، ويكتسب ملتحقوها خبرات أكثر ومهارات كبيرة تساعدهم في صناعة أفلام بالمستوى المطلوب.
تقول أسماء أحمد (29 عامًا): “لقد استفدنا كثيرًا من الورش التدريبية التي أقامتها بعض المؤسسات في مجال صناعة الأفلام، من خلال إقامة ورش تدريبية لتعلم برامج المونتاج وكيفية التعامل مع الكاميرا، إلى جانب تعلم كتابة السيناريو، وغيرها من المهارات التي مكنت العديد من الشباب من الانطلاق نحو صناعة محتوى قوي ومؤثر، خاصة في مجال صناعة الأفلام التوعوية أو القصيرة أو الوثائقية أو الدرامية”.
وعن هذا الدور الذي تقدمه منظمات المجتمع المدني، يقول محمد إسماعيل (المدير التنفيذي لمركز الإعلام الاقتصادي): “في الحقيقة لعبت منظمات المجتمع المدني دورًا كبيرًا في تأهيل قدرات الصحفيين وبنائها في مختلف الأشكال الصحفية، بما فيها صناعة المواد المرئية والأفلام، لا سيما في ظل ضعف قدرات العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية في تأهيل مراسليها أو المتعاونين معها”.
ويضيف في حديثه لصحيفة «صوت الأمل»: “بلا شك أنّ منظمات المجتمع المدني تقوم بهذا الدور، من خلال شراكات وتعاون مع العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية، وبالتالي يخضع الأمر بشكل كبير إلى حجم التمويل والتعاون بين المؤسسات المحلية والدولية”.
من جهته يقول ماجد الخليدي (رئيس منظمة شباب بلا حدود): “إنّ دور منظمات المجتمع المدني المتخصصة في صناعة الأفلام ليس فقط بناء قدرات، بل أيضًا تقديم منح صغيرة ومساعدات مالية، أو أدوات تصوير مثلًا، أو إشراك صناع الأفلام في المؤتمرات والمهرجانات”.
ويتابع الخليدي حديثه: “الجانب الآخر من المجتمع المدني هو الذي يسعى، كمنظمة شباب بلا حدود، إلى تبني قدرات الشباب بالجوانب المعرفية؛ أي بالقضايا التي يتم تسليط الضوء عليها من خلال صناعة الأفلام مثلًا في جانب حقوق الإنسان والسلام وفي العدالة الانتقالية، وأمور متعلقة بالصراع. لقد أصبح مجال التوثيق المرئي من خلال صناعة الأفلام مهمًّا لدى المنظمات في تناول مشاريعها وقصص نجاحها”.
يتطرق الخليدي في حديثه إلى بعض إسهامات منظمة (شباب بلا حدود) في دعم مجال صناعة الأفلام وتشجيعه؛ إذ يقول: “مهرجان الكرامة الأخير الذي أقامته منظمة (شباب العالم معًا) كنا جزءًا ممولًا لتكلفة المهرجان، إلى جانب أننا نفذنا برنامجًا تدريبيًّا، دربنا فيه صناع أفلام مبتدئين، وأنتجوا فيلمًا عرض في مؤتمرات دولية”.
وأضاف الخليدي: “مولنا كثيرًا من صناع الأفلام في إنتاج أعمال تتناول الكثير من القضايا، مثل العنف ضد المرأة والسلام، والنوع الاجتماعي، وغيرها، إلى جانب أنّنا دربنا شخصيات مؤثرة في المجتمع، من ضمنهم صناع أفلام، على قضايا محددة، وهم بدورهم يكتبون سيناريوهات أو ينتجون أفلامًا، فتمَّ اختيار أفضلها وقمنا بتمويلها”.
دعم مناسباتي
في هذا الشأن يقول الخليدي: “الإمكانيات هي التي تلعب دورًا؛ فالمنظمات عادة تكون مواردها محدودة، وأحيانًا يكون لديها مشاريع لا تكفي سوى لتغطية الأنشطة الرئيسية، إلى جانب أنّ مجال صناعة الأفلام مكلّف؛ فالفيلم الواحد يكلِّف مبلغًا كبيرًا، وهذا ما يجعل دعم صناعة الأفلام موسميًّا”.
موضحًا “أنّ المنظمات المتخصصة في صناعة الأفلام على تواصل ودعم وتدريب دائم لصناع الأفلام، بعكس المنظمات التي تعمل في مجالات غير مرتبطة بصناعة الأفلام تكون ميزانيتها محددة لنشاط تدريبي يتعلق بصناعة الأفلام، فتجد دورها في هذا المجال محدودًا”.
من جهته يقول إبراهيم الغزالي (رئيس مبادرة داعم، متخصص في الإخراج والإنتاج التلفزيوني): “الإمكانيات والتقنيات التي يحتاجها منتجو الأفلام كبيرة، وهذا ما جعل معظم المنظمات والمؤسسات والجهات والفرق الشبابية تعاني من إقامة هكذا برامج باستمرار، وبحكم أن مصادر التمويل المحلية والدولية تقتصر على الإغاثة والدور الإنساني في الوقت الراهن، بحكم الصراع، فقد قلل هذا من الحصول على الدعم، وجعل من مهنة إنتاج الأفلام مهنة تلاقي التحديات والصعوبات”.
ويشير في حديثه إلى “أنّ صناعة الأفلام تحتاج الإمكانيات الكبيرة والقدرات والمهارات المؤهلة القادرة على الإنتاج والإخراج، فإننا –أي مبادرة داعم- قطعنا مشوارًا كبيرًا في هذا المجال، ولم تأتِ ثمرة تلك الجهود إلا بالفرص والبرامج التي عملت عليها منظمات المجتمع المدني، التي تمكّنا معها، كشركاء، من القيام بالعديد من البرامج”.
ويتابع: “أهمها تدريب الشباب وتأهيلهم في صناعة الأفلام، واكتساب المهارات والقدرات التي تمكنهم من الإنتاج والإخراج والإعداد للخروج بمجموعة من الأفلام تناقش القضايا المجتمعية، وتعزز من دور السلام والتعايش والأمن وحل النزاعات. إنّ من ينتسب إلى هذه الفئة من مهنيين ومتخصصين يجدون أنفسهم في تحديات عدة وفي أوضاع معيشية صعبة، وفي مجتمع لا يقدّر رواد هذه المهنة، رغم القدرات والمهارات التي يمتلكونها. وباعتقادي أن ذلك يأتي لغياب الوعي بأهمية الأفلام ودورها، ولقلة الدعم، وهذا ما قد يؤثر على القدرات والكفاءات”.
72.2% من المستطلَعين يرون أنَّ السينما اليمنية ستكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد عالمياً، ما تزال السينما -منذ بدايتها في نهاية تسعينيات القرن التاس…