المشاركة الأجنبية في صناعة الأفلام اليمنية.. جودة سينمائية وتدريب الكوادر المحلية
صوت الأمل – أحمد باجعيم
لعب العنصر الأجنبي دورًا مهمًّا في تطوير صناعة الأفلام اليمنية وتحقيق التقدم والنجاحات الكبيرة على المستوى العالمي. وغاية مشاركة هذه العناصر هي التعاون المشترك بين الجانبين لخلق فرص للكادر المحلي، والاستفادة من الخبرات والمهارات الأجنبية في صناعة الأفلام، وكذا ظهور الأفلام اليمنية بصورة مختلفة وأكثر احترافية تضاهي الأفلام العالمية؛ من حيث جودة الإخراج والإنتاج والتصوير والإضاءة، وغيرها من الأمور الفنية التي تزيد من حظوظ انتشار العمل المحلي خارجيًّا من خلال المشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية.
وتعدُّ مشاركة العنصر الأجنبي في صناعة الأفلام فرصة مهمة وكبيرة نحو تطوير هذه الصناعة وتعزيز جودتها ومكانتها على الصعيدين المحلى والدولي، وتحقيق أفلام ذات جودة عالية ومحتوى مميز يسهم في نشر الوضع القائم في البلاد والمعاناة الإنسانية والاجتماعية بقالب سينمائي مشوق، وتعود مشاركة العناصر الأجنبية ولو لم تكن بالشكل المأمول بفوائد مهمة سنتطرق إليها في هذا التقرير.
إسهام العنصر الأجنبي؛ فيلم (المرهقون) أُنموذجًا
لخص مساعد المخرج لفيلم (المرهقون)، مروان مفرق، إسهام العنصر الأجنبي في الفيلم، قائلًا: “إنّ العنصر الأجنبي أسهم في هذا العمل بالجانب التقني بشكل أساسي، بسبب أنّ الكادر المحلي اليمني يفتقر إلى الخبرة والتجربة بهذا المجال، كما أن العناصر الأجنبية التي استعان بها القائمون على الفيلم تمتلك خبرة واسعة بصناعة السينما، خصوصًا التقني؛ كالتصوير والإضاءة والصوت، وهذا انعكس بشكل إيجابي في خروج منتَج سينمائي بمعايير عالمية ينافس على جوائز كبرى في المحافل الأوروبية”.
وأضاف مروان: “تكمن الاستفادة القصوى من وجود العناصر الأجنبية في إنتاج فيلم (المرهقون) وهي تحسين جودة العمل السينمائي للفيلم، وكذا عملنا على إشراك كادر محلي تحت إشراف الأجانب؛ وذلك لإكسابهم الخبرات والتجربة الكبيرة، والهدف من وجود العنصر الأجنبي في الأفلام هو رفع المعايير الفنية حتى أصبحت تساوي المعايير العالمية في صناعة السينما، وبهذا حقق فيلم (المرهقون) انتشارًا عالميًّا واسعًا، وحصد جوائزَ وتقييمًا دوليًّا، لذا فإنّ إنتاج الأفلام اليمنية في المدّة القادمة سيشهد نقلة نوعية، ويعود الفضل في ذلك للعناصر الأجنبية والقيمة الفنية التي تضفيها على الكادر المحلي”.
وظائف العناصر الأجنبية
شارك شخصان أجنبيان في إنتاج فيلم (المرهقون) الذي تم تصويره بمحافظة عدن إلى جانب الكادر المحلي، إذ أوضح منتج الفيلم محسن الخليفي لـ«صوت الأمل» أنّه تمت الاستعانة بكادرين متخصصين وذَوَي خبرة كبيرة في مجالهما، وهما: مدير تصوير من جمهورية الهند ويعيش في كندا يدعى (Mrinal Dsye)، شارك في أفلام عالمية عديدة ومهمة حاصلة على تقييمات سينمائية دولية، وذلك لإضافة لمسات فنية وإبداعية للفيلم اليمني الذي يحمل اسم (مرهقون) وأن يكون مكتمل الأركان الفنية التقنية. وتابع المنتج الخليفي الذي أنتج العديد من الأفلام لعل أبرزها الفيلم الشهير (10 أيام قبل الزفة) استعنّا أيضًا بشخص آخر فني صوت وهو (رواد حبيقة) لبناني الجنسية، وأسهم هذان الشخصان بالرفع من جودة العمل اليمني، وجعْله ينافس في المحافل الدولية.
مبينًا أنّ سبب استقدام العنصر الأجنبي لفيلم (المرهقون) هو أن يكون هذا الفيلم -خلافًا على الأعمال السابقة- ذا جودة سينمائية عالمية؛ كون الكادر المحلي يجيد الإمكانات التلفزيونية أكثر ممّا هي سينمائية؛ لذا فإنّ الأمور السينمائية فيها تفاصيل كثيرة، ما زال الكادر المحلي يجهلها، فتوجب علينا استقطاب العنصر الأجنبي لهذا الغرض.
وأشار الخليفي أنّ عدم توفر الصناعة السينمائية في اليمن بشكل عام لضعف الكادر المحلي؛ لذلك فإنّ صناعة الأفلام السينمائية قليلة، وإن وجدت فإنّها تستعين بخبرات من جنسيات مختلفة لتطوير جودة العمل والرفع من مكانة الكادر اليمني وقدراته؛ ليصبح أكثر احترافية وتعاملًا مع الأدوات السينمائية في المستقبل القريب. وأكد الخليفي: “أنّنا في فيلم (المرهقون) نفذنا العمل بكاميرا سينمائية واستخدمنا معدات صوت لأول مرة في أعمالنا السينمائية؛ لهذا توجب علينا استقدام كوادر أجنبية تجيد التعامل مع هذه المعدات والتقنيات بكل اقتدار”.
ولفت المنتج الخليفي أنّ العنصرين الأجنبيين هما من أدارا إنتاج فيلم (المرهقون) فنيًّا وتقنيًّا، وتحت أشرافهما يعمل مجموعة من أفضل شباب البلاد في مجال التصوير والإضاءة والصوت وغيرها؛ لمساعدتهما في الإنتاج، وكذا فرصة مهمة لهؤلاء الشباب للتدريب والاستفادة من الخبرات الأجنبية، واكتساب مهارات متطورة في الصناعة السينمائية، وكان الهدف الأسمى من استقطاب تلك العناصر الخروج بفيلم من الجانب التقني يواكب العناصر التقنية في الأسواق السينمائية العالمية، ويستطيع المتابع من عدن أن يطّلع على فيلم يمتاز بكل المعايير المطلوبة حول العالم.
الإسهام الأجنبية
مروان مفرق شدّد في تصريحه على أنّ إسهام العناصر الأجنبية في انتشار الأفلام اليمنية يعتمد على المشاركة في الصناعة بما يتواكب مع المعايير الدولية، وهذه تعدُّ أهم إسهام للأجانب في نقل الأفلام المحلية من المكانة أو النمطية الضعيفة إلى المحافل والمهرجانات العالمية، وذلك بالتطور والنقلة النوعية في جميع مراحل الإنتاج والصناعة وتنقية الأفكار بعناية، ومن المتوقع خلال المدّة القادمة أن نرى استثمارًا أجنبيًّا في هذا المجال، بعد النجاحات التي حققها فيلم (المرهقون) على الصعيد الدولي.
وفي ذات الصدد استبعد المنتج محسن الخليفي أن يكون هناك دور للعناصر الأجنبية في الإسهام بانتشار الأفلام اليمنية، مشيرًا أنّ انتشار الأفلام يعود على الفيلم نفسه؛ من محتوى وتصوير وإخراج واستخدام التقنيات الحديثة، وكذا القضايا التي يناقشها، وأيضًا مدى قبوله في السينمائيات والمهرجانات العربية والدولية، مبيّنًا متى ما وجد الاحتراف والأدوات الحديثة والمبتكرة يمكن أن يصل الفيلم للعالمية، وأن ينافس على جوائز كبيرة، ويحقق الانتشار المأمول منه.
جوائز الفيلم
في تقرير ذكره موقع (الجزيرة نت)، في 16 أغسطس 2023م تحت عنوان (اليمني عمرو جمال مخرج فيلم (المرهقون) يتحدث للجزيرة نت عن كواليس النجاح والجوائز)، تناول قضايا حقيقية شهدتها عدن عام 2019م بقالب درامي مشوق، ونتيجة مشاركة العناصر الأجنبية في الفيلم قدر أن يتخطى الواقع اليمني ويصل للعالمية، ويحصد العديد من الجوائز، بالإضافة إلى عرضه في الكثير من المهرجانات الدولية. ومن أبرز الجوائز التي حصل عليها، جائزة منظمة العفو الدولية، وجائزة المركز الثاني في تصويت جمهور قسم البانوراما.
وحسب تصريح مخرج الفيلم عمرو جمال لـ (الجزيرة نت) قال: “بعد ذلك حصد الفيلم جائزة لجنة التحكيم لأفضل إخراجًا وسيناريو من مهرجان فالنسيا السينمائي الدولي بإسبانيا، وأيضًا جائزة أفضل نص من مهرجان ديربان السينمائي الدولي”. وفي النهاية يمكن القول إنّ مشاركة العناصر الأجنبية في صناعة الأفلام أثرت في تعزيز جودة الإنتاج، وتوسيع مدى الابتكار، والتقنيات المستخدمة في الصناعة، أبرزها الفيلم العدني الشهير (المرهقون)، وكذا أسهمت في تسليط الضوء للعالم على قضايا محلية، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الشابة المحلية، وتأهيلهم على التعامل مع الأدوات السينمائية، وصولًا إلى الاحتراف والابتكار.
72.2% من المستطلَعين يرون أنَّ السينما اليمنية ستكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد عالمياً، ما تزال السينما -منذ بدايتها في نهاية تسعينيات القرن التاس…