منها الطاقة النظيفة، المخترع باعشن يحصل على أكثر من 20 جائزة براءة اختراع مختلفة
صوت الأمل – أحمد باجعيم
في بلد يعاني من كوارث بيئية، ونقص مصادر الطاقة التقليدية، يظهر بين الحين والآخر شخصيات استثنائية تسطر قصص نجاحها في مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة.
المخترع الحضرمي المهندس فهد باعشن إحدى هذه الشخصيات الملهمة، التي من الممكن أن يحدث ثورة في هذا المجال عالميًّا، لولا بعض العوائق التي سنتطرق إليها من خلال هذه القصة العظيمة، التي تعود إلى سنوات طفولته البسيطة في مدينة المكلا؛ إذ كان يعيش في بيئة تعاني من انقطاعات مستمرة في الكهرباء، وتعتمد كُلّيًّا على مصادر الطاقة التقليدية.
من هو باعشن
تخرج المهندس فهد باعشن عام 2005م، من كلية الهندسة الإلكترونية والاتصالات، جامعة حضرموت، يبلغ من العمر (43) عامًا، متزوج ولديه أربعة أولاد، بدأ قصته مع الاختراع منذ الصغر، وكانت انطلاقته الحقيقة في هذا المجال عام 2004م، شارك باختراعاته في عدد من الدول العربية والإقليمية، وحصد العديد من الجوائز العالمية، لم تكن اختراعاته في الطاقة النظيفة فحسب، بل لديه الكثير من الإنجازات في مختلف المجالات؛ كالصحة والسلامة المهنية وغيرها الكثير.
وفي نفس الإطار حقّق باعشن منذ العام 2004م وحتى اليوم أكثر من (20) جائزة دولية في مجال الاختراع والابتكار، ويعدّ أول شخص حصل على جوائز وميداليات عالمية على مستوى اليمن.
فهد والاختراع
بدأ المهندس فهد بسرد قصته المليئة بالابتكار قائلًا: “الحاجة أم الاختراع، ونظرًا لما تشهده مدينتي المكلا خاصة، ومناطق اليمن عمومًا من انقطاعات متواصلة للتيار الكهربائي؛ نتيجة اعتمادها على الطاقة التقليدية، والمشاكل المترتبة عليها من نفقات طائلة، وانعدام المحروقات، وتأخر وصولها لمحطات التوليد، وصيانة وغيرها”.
ومن هذا المنطلق يقول باعشن: “كان لي أول اختراع في مجال الطاقة النظيفة وهو عبارة عن (الحذاء المولد للطاقة) من خلال المشي باستخدام هذا الحذاء ينتج كهرباء، وبعد اختراع هذه الطريقة، وجدت أنّه تمَّ اكتشافه في المملكة المتحدة، وسُجّل أنه مِن اختراع رجل بريطاني”.
بعد ذلك، وبالتحديد عام 2008م، اختراع باعشن (البساط العجيب) وهو عبارة عن قطع إلكترونية يتم وضعها تحت الموكيت (السجَّاد) أو العشب أو السيراميك في الأماكن العامة، من أسواق ومتنزهات وحدائق وملاعب ومساجد وغيرها، التي تشهد ازدحامًا من قبل السكان؛ إذ يتم توليد طاقة من حركة البشر عليها.
ويتابع باعشن حديثه: “شاركت بهذا الاختراع في برنامج العلوم بدولة قطر، كممثل لليمن، واختير الاختراع من ضمن أفضل (16) اختراعًا في الوطن العربي، من بين (5600) اختراعًا شارك في البرنامج، كما قدمت هذا الاختراع بعد ذلك في سلوفينيا، وحصد الميدالية الذهبية من دولة تايلند خلال ذلك العام”.
وأردف المهندس باعشن: “كان اختراع (البساط العجيب) أول مشاركة لي أمام المشاركات والمهرجانات الخارجية، بعدها اخترعت العديد من المشاريع في مجالات مختلفة، ولكن بسبب مشاكل الطاقة، وما تعانيه اليمن بهذا الشأن، كانت الطاقة من أكثر المجالات التي تشغلني؛ كون بلادنا تمرُّ بمشاكل كبيرة في هذا القطاع”.
مضيفًا: “في عام 2012م أسّسنا مؤسسة حضرموت للاختراع والتقدّم العلمي، بالشراكة مع صاحب اختراع (ساعة المكلا العملاقة) الراحل هاني باجعالة، وبروح الفريق حققنا العديد من الإنجازات الدولية في الاختراع بمجالات متعددة”.
مؤسسة حضرموت للاختراع
أوضح باعشن أنّ الهدف من إنشاء مؤسسة حضرموت للاختراع والتقدم العلمي بدرجة أساسية هو لاحتضان الأفكار الشابة، وتدريبها، وتأهيلها، وإبرازها للساحة المحلية والدولية في كل المجالات، ومنها الطاقة النظيفة.
ويتابع: “في بدء انطلاق المؤسسة رحل المخترع باجعالة إلى ربّه، إلّا أنني أتممت المهمة كرئيس للمؤسسة، ولكن كان موضوع تمويل المؤسسة صعبًا للغاية في ظل عدم توفر جهات داعمة”.
ويضيف: “فكرت في إنشاء معهد تدريب داخل المؤسسة يحمل شعار (أكاديمية الاختراع)؛ لتوفير احتياجاتها المالية من دخْل التدريب، ولتحقيق اكتفاء ذاتي، وهذا عملَ على إحداث نقلة نوعية في رعاية المخترعين وتأهيلهم، وتقديم الاستشارات لهم عبر هذه الأكاديمية”.
وفي ذات الإطار بقول باعشن: “قدمنا اقتراحات ودراسات عبر المؤسسة للسلطة المحلية في حضرموت، للتخفيف من الأحمال على مولدات الطاقة بتحويل إضاءة شوارع مدينة المكلا والحدائق العامة والمتنزهات، وكذا المستشفيات والمرافق الحكومية إلى الطاقة النظيفة عبر الألواح الشمسية، التي يوجد بها خازن كهرباء؛ للاستفادة من أشعة الشمس في الليل”.
موضحًا: “أنّ الهدف من الدراسات التقليل من الاعتماد على الوقود في الكهرباء، والتخلص من عجز التيار في تغطية المدينة إلى نحو (60%)، وبعد جهود تمّ الاستجابة من قبل الجهات المعنية في السلطة، وتم تنفيذ المقترح بشكل كامل”.
مزيد من الاختراعات
وفي الحديث حول بقية الاختراعات التي قام بها، وخاصة في الطاقة النظيفة، يقول باعشن: “من ضمن اختراعاتي استخدام المياه كوقود لتوليد الكهرباء عن طريق الهيدروجين، وكان التركيز في تشغيل محركات الدراجات النارية، وذلك في سبيل انخفاض مواد المحروقات، والتقليل من التلوث البيئي، والتركيز على الطاقة المتجددة في كافة مفاصل الحياة، وليس فقط الكهرباء”.
توقف الاختراع بشكل مؤقت؛ حتى تتوفر وسائل السلامة المهنية لحل الإشكاليات، بسبب خطورته التي قد تتسبب بانفجارات وضعف الحماية لديه، ولهذا عملنا على توعية المجتمع في التقليل من الاعتماد على المحركات التي تعمل بالوقود، واستخدام محركات تعمل بالكهرباء (للسيارات والدرجات والمولدات الخاصة أو العامة).
لم تنتهِ أفكار باعشن واختراعاته في مجال الطاقة، ولم يكتفِ بهذا العطاء، اخترع فيما بعد طريقة لكيفية توليد الطاقة النظيفة من حرارة الرمل؛ لكي نتخلص من عيوب الطاقة الشمسية التي تستمد الطاقة من أشعة الشمس في النهار وتتوقف بالليل.
وعليها ابتكر المهندس باعشن ألواحًا شمسية تدفن تحت الرمال في المناطق الصحراوية؛ تحتفظ الرمال بالحرارة المكتسبة من الشمس في النهار، وتنتج الطاقة على مدار اليوم، وقدّم هذا الاختراع بمؤتمرات خارجية في الكويت وماليزيا وأستراليا.
يشرف باعشن على أكثر من (500) مخترع بمختلف المجالات، من جميع محافظات الجمهورية، وقبل أن تخرج اختراعاتهم للعرض والسوق يقوم باعشن بحمايتها عبر مكاتب براءة اختراع، وهي تؤكد للمخترع ملكية الاختراع، وتتيح لهم المشاركات في المؤتمرات الدولية.
وعمد المخترع باعشن على إنشاء مدرستين أهليتين في مدينة المكلا تحتضن الأطفال، ويتم استقبالهم بمعايير خاصة ودقيقة، وكان الهدف الأول هو توفير تمويل مستدام لمؤسسة حضرموت للاختراع والتقدم العملي.
أمّا بالنسبة للهدف الثاني فهو إنشاء جيل مبتكر ومخترع قادر على إحداث نقلة نوعية في مستقبل اليمن من ناحية المواهب المبدعة، كما أنّ الطلاب المقبولين في المدرستين فور تخرجهم من المرحلة الأساسية والثانوية، سينطلقون قريبًا إلى جامعة أهلية تنتظرهم بنفس المعايير؛ إذ تكون مراحل التعليم من الروضة وحتى التخرج من الجامعة تعتمد على تلقيح الأفكار وتغذيتها؛ لتصبح قادرة على صناعة اسم البلد في مجال الصناعة والابتكار عالميًّا.
أكثر من عشرين جائزة وميدالية ذهبية وفضية وبرنزية حصدها وما يزال العطاء يرافق المهندس فهد باعشن، حتى أنّه نفذ في الآونة الأخيرة معرض حضرموت الأول للاختراع بمشاركة (170) مخترعًا، بنحو (190) اختراعًا، في (100) مشكلة تعاني منها اليمن، مصاحبة بكيفية معالجتها. وحظيت الطاقة النظيفة في المعرض على أكثر من (10) اختراعات. الإرادة والتصميم والابتكار تعكس قوة العقل على تحويل الأفكار إلى حقائق ومنافع، لهذا البلد ما زالت بخير بفضل وجود هذه النماذج الكبيرة.
91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…