توسّع اعتماد المواطنين على الطاقة الشمسية في المناطق الحارة
صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ
“لقد أصبحت الشمسُ فرصتنا الوحيدة للحصول على الكهرباء، حتى بعدما عاد التيار الكهربائي، هناك كثير من الأسر وجدت صعوبة في الاشتراك بالتيار الكهربائي؛ لعجزها عن دفع قيمة الاستهلاك. لقد حرصنا على شراء ألواح شمسية وبطاريات، وأصبح بإمكاننا تشغيل أجهزتنا المنزلية إلى جانب استخدام الطاقة في الإنارة”. بهذه العبارات تحدث محمد عباس، أحد سكان محافظة الحديدة، عن أهمية الطاقة الشمسية في حياتهم اليومية.
مضيفًا: “لا تستطيع الأسر في الحديدة الاستغناء عن الطاقة الشمسية، فقد دخلت كل بيت، وأصبحت حاضرة في جوانب حياتنا المختلفة، وقد توسّع الاعتماد عليها بشكل كبير، خاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت تدفُّقًا لكثير من الأجهزة، التي تعمل بها، إلى أسواق المدن والمناطق المختلفة في البلاد”.
لجأ كثير من سكان المحافظات اليمنية إلى البحث عن مصدر بديل للطاقة؛ لسدِّ احتياجاتهم من الكهرباء، وإن كانت لا تفي بالغرض، وقد اكتظت أسطح المنازل بالألواح الشمسية مختلفة الأحجام حسب القدرة الشرائية لدى كلِّ أسرة.
ومحافظة الحديدة من المدن التي ترتفع فيها درجة الحرارة بشكل كبير؛ لذا وجد سكانها الطاقة النظيفة، تحديدًا (الشمسية)، كحلٍّ أمثل؛ للتغلب على الظلام الذي خيّم على مدينتهم، إضافة إلى الاستخدامات الحياتية الأخرى، مثل التبريد، وتجهيز المشروبات الطبيعية، وغيرها. وقد أصبحتِ الطاقة الشمسية وسيلتهم الرئيسية للحصول على الكهرباء.
وبذلك استطاع المواطنون التغلب على أزمة التيار الكهربائي التي عانت منها مدينتهم كثيرًا؛ إذ استُخدمت الطاقة الشمسية في مختلف المباني؛ سواء في المنازل أو المحلات التجارية، وفي المقاهي والمطاعم، وفي المرافق الخاصة والحكومية وغيرها، خاصة بعدما فقدوا الأمل من عودة التيار الكهربائي.
في السنوات الأخيرة، عاد التيار الكهربائي، لكن ارتفاع سعر الكيلو الواحد إلى أكثر من مائتي ريال للكهرباء الحكومية، والتجارية إلى أكثر من أربعمائة ريال، لم يشجعْ كثيرًا من المواطنين في المناطق الحارة على الاستغناء عن الطاقة الشمسية.
الإنارة
“جاءت ألواح الطاقة الشمسية لتنقذنا من الظلام الذي أصبحنا نعيشه منذ انقطع التيار الكهربائي دون عودة؛ فقد كان نهارنا يمضي ونحن نبحث عن حلول لإنارة منازلنا في الليل؛ منَّا مَن يعتمد على مصابيح الكيروسين أو الكشافات اليدوية، وآخرون يشعلون النار في أسطح منازلهم وأفنيتها، أما المقتدرون ماديًّا فيلجؤون إلى شراء مولدات كهربائية صغيرة، أو غيرها من الحلول التي اعتمدوا عليها حتى تستمر حياتهم”. بهذه العبارات تحكي عائشة المقطري معاناتها جراء انقطاع التيار الكهربائي عن منازلهم.
وتضيف عائشة، التي تسكن في مديرية الحالي بمحافظة الحديدة، في حديثها: “اشتريتُ لوحًا شمسيًّا قدرته مائة وخمسون وات، وبطارية سعة مائة أمبير مخصصة للطاقة الشمسية، ومنها استطعتُ إنارة منزلي، بالإضافة إلى تشغيل مصباح خارج المنزل. جيراني وأهلي وأقاربي وكل الناس الذي أعرفهم، اضطروا جميعًا إلى شراء ألواح الطاقة الشمسية، وبطاريات بأحجام مختلفة، بعد أن داهمَ الظلام منازلهم”.
تقول عائشة إنّه لم يتم الاعتماد على الطاقة الشمسية في المنازل فقط، بل من خلالها تمَّ إنارة الشوارع الرئيسية والفرعية، وكذلك المنتزهات والمؤسسات والمدارس والجامعات، وأماكن إقامة المناسبات، وفي الأسواق والأحياء والمحلات التجارية وغيرها.
وتتابع: “كانت الحديدة أشبه بمقبرة، في الشوارع لا تجد إلَّا مصابيح المحركات، من باصات وسيارات وشاحنات ودراجات نارية، وفي ساعات الليل المتأخرة، ومع تراجع حركتها يخيم الظلام. المصابيح التي اعتاد السكان على تركيبها أمام المنازل في الحارات والأحياء انطفأت، وتحولت أزقة المدينة وأحياؤها إلى قرى صغيرة مظلمة. وحين بدأت أدوات الطاقة الشمسية تدخل البلاد عادت الحياة إلى المدينة، ونشرت النور في شوارعها وأزقتها ومبانيها”.
استخدامات أخرى
استطاع المواطنون في الحديدة وغيرها من المدن الساحلية، من خلال الطاقة الشمسية، تشغيل كثيرٍ من الأجهزة المنزلية المختلفة، كالمراوح التي تستخدم في تلطيف الجو، ولا تخلو منها المنازل ولا المباني الأخرى كالمؤسسات والمراكز والمستشفيات والمدارس والمنشآت.
يقول المواطن أحمد إدريس: “لا نستطيع أن نتخيل كيف ستكون حياتنا بدون الطاقة الشمسية. أطفالي لا يستطيعون النوم ليلًا إلَّا بعد تشغيل المراوح التي نحرص ألّا تعمل كثيرًا خلال النهار؛ لكي تسدَّ حاجاتنا لها في الليل”.
يُعيل أحمد خمسة أولاد (ثلاث بنات وابنَيْنِ)، وقد عجز عن الاشتراك في التيار الكهربائي؛ نظرًا لعدم قدرته على دفع قيمة الاستهلاك. كل ما استطاع القيام به هو شراء ألواح الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في منزله، والاعتماد عليها في الاستخدامات المختلفة.
يتابع حديثه: “منذ أن غادَرَنا التيار الكهربائي، ودخلت الطاقة الشمسية منازلنا، استبدلنا مراوح تعمل بالطاقة الشمسية بالمرواح التي تعمل بالتيار الكهربائي. وهذه الإجراءات قام بها جميع المواطنين في الحديدة، حتى بعد عودة التيار الكهربائي، واستطاعة بعضهم الاشتراك بالكهرباء، فإنّهم لم يستغنوا عن الطاقة الشمسية كي يقللوا من استهلاكهم للكهرباء”.
في صيف هذا العام، توفرت في أسواق المدن الحارة مكيفات هوائية تعمل بالطاقة الشمسية. وجودها شكَّل حلًّا جذريًّا للتخفيف من ارتفاع درجات الحرارة، بعدما وجدوا صعوبة في تشغيل المكيفات التي تعمل بالتيار الكهربائي، التي تستهلك من كيلو إلى أكثر من الكهرباء في الساعة الواحدة، الأمر الذي جعل كثيرًا من الأسر تعزف عن تشغيلها.
حول عمل هذه المكيفات الهوائية، يقول تاجر أدوات الطاقة الشمسية (فضل عدم ذكر اسمه): “هذه المكيفات ساعدت المواطنين في المناطق الحارة في تلطيف الجو وتعديل درجة الحرارة. وتختلف أحجامها، هناك مكيفات سعتها طن واحد، وهناك طنّان، ويوجد طن إلَّا رُبع، ونصف طن”.
ويضيف في حديثه: “تعمل هذه المكيفات بدون بطاريات، فقط يتم إيصالها بالألواح الشمسية مباشرة بواسطة أسلاك، وبحسب حجم المكيف يتمُّ تحديد عدد الألواح الشمسية، فمثلًا المكيف بحجم 2 طن يحتاج من 4 إلى 8 ألواح”.
كما استفاد السكان من منظومات الطاقة الشمسية في تشغيل الثلاجات؛ إمّا بتوصيلها بجهاز يعمل على تحويل التيار القادم من اللوح الشمسي إلى تيار كهربائي، أو بشراء ثلاجات تعمل بالطاقة الشمسية مباشرة. وتستخدم الثلاجات في تبريد مياه الشرب، وحفظ الوجبات والمواد الغذائية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الطاقة الشمسية في تشغيل أفران طهي الطعام، وتشغيل الخلاطات، وشاشات التلفزيون، وشحن الهواتف، وغيرها من الأجهزة المختلفة.
في سبتمبر من العام الحالي، تمّ افتتاح مشروع بالطاقة الشمسية بقدرة توليدية 20 ميجاوات من الكهرباء، وبحسب وسائل إعلامية حكومية فإنّ المشروع سوف يسهم في توفير احتياجات السكان، وذلك بتزويد ما يقارب 50 ألف منزل بالكهرباء.
تظل هذه المشاريع، خطوة مهمة لمساعدة السكان في توفير احتياجاتهم من الطاقة؛ لا سيّما أنها مدينة حارة، وتزيد احتياجاتهم للكهرباء على خلاف المناطق الباردة.
ويرى مختصون في مجال الطاقة أنّ تنفيذ الكثير من مشاريع الطاقة المتجددة في المناطق الساحلية والصحراوية وغيرها، ممن تشهد ارتفاعًا قياسيًّا في درجات الحرارة، له أهميته البالغة؛ إذ يسهم في خفض استهلاك الكهرباء، والتخفيف من معاناة السكان، خاصة مع حدوث أزمة كهرباء في معظم تلك المناطق.
وشدد آخرون على ضرورة تكثيف جهود الدول في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة في عموم مناطق البلاد، إلى جانب تشجيع منظمات المجتمع المدني والمبادرات على تنفيذ أنشطة في هذا المجال ودعمها.
91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…