خطط واستراتيجيات لتطوير وسائل النقل
صوت الأمل – علياء محمد
يمتلك قطاع النقل أهمية كبيرة لأنه يمثل حلقة الوصل بين مناطق اليمن ويربطها ببعضها، ويساهم بشكل كبير في مد المجتمع بالمستلزمات الأساسية للتنمية، بالإضافة إلى المساهمة في الدفع بالحركة التجارية والصناعية وتيسير انتقال الأفراد.
ويأتي تطور النقل بناءً على تطور الحياة المعيشية، ومن ثم تتحسن خدمات النقل المقدمة. ومما لا شك فيه أن قطاع النقل في اليمن حظي باهتمام كبير من قبل الدولة، حيث ساهمت في تطوير وسائله من خلال شق الكثير من الطرق. وقد شهدت اليمن تحولات كبيرة في قطاع النقل خلال الفترات السابقة، ووفقًا للدراسة التي حملت عنوان “قطاع النقل البري والطرق في اليمن: القضايا الحرجة والسياسات ذات الأولوية” فقد ارتفع ترتيب اليمن عالميًا من المرتبة 112 في العام 2007 إلى 63 في العام 2012، وشهدت الطرق الإسفلتية نموا من العام 1990 إلى عام 2014 بزيادة قدرت بـ284.2%.
وبالرغم من التقدم الملحوظ في السنوات الماضية، فإن قطاع النقل في اليمن ما زال يعاني من تدهور مؤسسي وإعداد ميزانيات لا تنطبق مع التطور الحاصل حاليا؛ الأمر الذي يفتح الآفاق للبحث عن استراتيجيات وخطط ورؤى اقتصادية تُحسّن من أداء قطاع النقل وخدماته.
يرى الدكتور ناجي السهم (أستاذ في علوم الجغرافيا الاقتصادية) أن النشاط الاقتصادي والتجاري يعتمد بصورة أساسية على خدمات النقل حيث تعتبر القوة الدافعة للتنمية الاقتصادية، موكدًا على أن خدمات النقل هي أحد أهم القطاعات التي تلعب دورًا كبيرًا في التنمية ويتأثر بتأثرها عددٌ من النظم الاقتصادية والاجتماعية والصناعية الأخرى.
وأوضح الدكتور السهم أن نظام النقل يتكون من عدد من النظم الفرعية، كنظام الطرق ونظام المرور وغيرها، التي تتفاعل مع بعضها تأثرا وتأثيرا لإنجاز أهداف النظام ككل. وأضاف: “تستخدم خدمات النقل كنظام مدخلات متعددة (بشرية ومادية)، ويهدف نظام النقل إلى تيسير انتقال الأشخاص من مكان إلى آخر. كما أنه يعمل على انتقال المنتجات المختلفة، من خامات وسلع تامة الصنع، على أن يكون ذلك في الوقت المناسب، فإن لم يتحقق شرط الوقت المناسب فلن يحقق النقل هدفه، ومن الممكن أن يؤدي إلى خسائر تتمثل في تكلفة النقل وتكلفة الشيء المنقول”.
وأشار في حديثه إلى أن تحقيق النظام لأهدافه يعتمد على تحديد المدخلات المناسبة التي تفي بالغرض منها؛ فكفاءة اختيار الوسيلة المناسبة يؤدي إلى التقليل من تكاليف التشغيل.
خطط واستراتيجيات لتحسين خدمات النقل
أعدت وزارة النقل في إطار خطة التنمية الثالثة سياسات واستراتيجيات لتنمية قطاع النقل البري، أبرز ما جاء فيها: تطوير قطاع النقل البري بأنواعه المختلفة، التحول التدريجي داخل المدن مع ربط جميع المدن الرئيسة، تشجيع الاستثمارات الخاصة بالمجال، تسيير رحلات منتظمة إلى الدول المجاورة، تحسين خدمات النقل بما يتوافق مع التطورات الاقتصادية.
أما الخطة فقد حددت لوزارة النقل أهدافًا استراتيجية، أهمها: إعداد وتطوير وتحديث التشريعات والسياسات التي تحكم عمل القطاع، إنشاء قاعدة بيانات إحصائية، استكمال عدد من مشاريع الهيكلة المنجزة في الهيئات والمؤسسات التابعة للوزارة، بالإضافة إلى عدد من السياسات الاقتصادية والمالية والإصلاحات المؤسسية لقطاع النقل الأخرى.
وذكرت الخطة عددًا من الإجراءات والمشاريع لتحسين خدمات النقل أبرزها: إعداد استراتيجية وطنیة لقطاع النقل الجوي، الربط الشبكي بین المركز الرئيسي للهيئة والجهات المعنیة المرتبطة بالنقل البري بما یكفل تعزیز الموارد العامة للدولة، توسيع وتطوير المنزلق البحري، إنشاء مركز للتدريب والتأهيل، توفير وتحديث وتطوير أنظمة الوزارة الإلكترونية (الآلية) للتخلص من المعاملات الورقية، تسهيل وتبسيط إجراءات الحصول على الخدمات.
وذكرت الورقة البحثية التي أعدها نبيل الطيري بعنوان “قطاع النقل البري والطرق في اليمن”، الصادرة عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في العام 2022م، عددا من التوصيات لتعزيز دور قطاع النقل البري في اليمن، كان من أهمها: بذل الجهود العاجلـة لتحييـد قطـاع النقـل البـري والطـرق عـن الصراعـات لتقديـم الخدمات بكفاءة وفعاليـة، ضمان رفع المعاناة عن المسافرين وتسهيل تنقلهم بين المحافظات، بالإضافة إيجاد آليات واضحة للرسوم المفروضة بحسب الخدمات.
وأشارت الورقة البحثية إلى أهمية سرعة معالجة مشاريع الطرق المتعثرة من خلال حصرها وتصفية ما تم التعاقد عليه سابقا، وتطوير أنظمة النقل الذكية في قطاع النقل البري، وتطبيق وتشـغيل أنظمة النقـل الذكية فيه، وربط حافلات النقل الجماعي بشبكة إلكترونية بين المحافظات لتقييم كفاءتها، والحد من الصعوبات التـي تواجـه حركـة نقـل الـركاب الدولـي والمحلي.
واقترح الباحث عددًا من البرامج على المدى القصير والمتوسط تتمثل في الحفـاظ على الـموارد البشـرية وتنميتهـا من خلال صرف مرتبات موظفي وكادر النقل البري والطرق، وتحسين الأجور والحوافز في الحد الأدنى مقابل الإنجاز، وتوفير برامج التدريب والتأهيل، وتوفير التمويلات اللازمة للصيانة والتشغيل ورفع الجاهزية.
ومن جانبه أفاد أحمد حسن -أحد موظفي شركة للنقل البري- أن الاستقرار والأمن يلعبان دورًا حيويًا في حركة النقل، ويرى أن “ازدهار شركات النقل يعتمد على وجود بيئة سليمة ومواتية يمكن من خلالها دعم وتشجيع وسائل النقل بكافة أنواعه”. موكدًا على أن تطوير الطرق والمطارات والموانئ سيحقق نقلة نوعية وفعالة في خدمات النقل، مما يعزز الاقتصاد في البلاد، وأن الاستثمار في البنية التحتية من أهم الخطط والاستراتيجيات التي نستطيع من خلالها تحسين خدمات النقل في اليمن.
ويضيف: “يجب على الجهات المختصة في وسائل النقل تبني سياسات وخطط تشجع على مشاركة القطاعات الخاصة في تطوير البنية التحتية لخدمات النقل من خلال الإعفاءات الضريبية الجمركية والتنظيمات المبسطة، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال واستثمارها في إنشاء ممرات للدراجات ومسارات للمشاة وصيانة البنية التحتية للشحن، بما في ذلك الموانئ والمطارات؛ لدعم نمو الاقتصاد وإنشاء شبكات نقل أكثر كفاءة، وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع داخل البلاد.
وأشار إلى ضرورة اتخاذ تدابير لتحسين السلامة على الطرق للتقليل من الحوادث المنتشرة التي تسبب خسائر مادية وبشرية، بالإضافة إلى تطوير أنظمة النقل ودمجها بالتكنولوجيا للرفع من كفاءة وسائل النقل .
وفي سياق متصل، أكد الدكتور السهم على ضرورة مواكبة المطارات وشركة الطيران التطورات التكنولوجية، ولخطة الملاحة العالمية، وتطوير الأنظمة الملاحية لكي تتماشى مع خطة الملاحة العالمية الموصَّى بها من المنظمة الدولية للطيران.
وتابع القول: “يجب أن يتم وضع إطار يتسم بالشفافية لسياسات الفضاء الجوي وفق الإطار الثانوي والسياسي، ووضع أبحاث علمية بما يخص قطاع الطيران المدني، وذلك بالتعاون مع الجامعات اليمنية المتعلقة بالطيران”.
وأشار إلى أهمية تحسين الإيرادات وتطوير التجارة الإلكترونية في الطيران المدني، وإيجاد نوع من التفاعل والتكامل بين الناقل الوطني وشركات الطيران الخاصة، وإدخال الطيران الاقتصادي كجزء مهم في مراحل التطوير. وأوضح قائلاً: “إننا بحاجة إلى تطوير المطارات المدنية الحالية وإنشاء مطارات جديدة وصالات للركاب وأخرى خاصة للشحن، بالإضافة إلى تحسين مستوى الطلب على الخدمات المقدمة من تلك المطارات من خلال تعزيز جودة مشاريع البنية التحتية من خلال وضع خطة مستقبلية لإنشاء شبكة هرمية من المطارات في جميع المحافظات”.
63.6% من المشاركين في الاستطلاع قيَّموا خدمات قطاع النقل في اليمن بالضعيفة
صوت الأمل – يُمنى أحمد يعد النقل أحد العوامل الحيوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي …