خدمات النقل في اليمن في أزمة.. واقع في انتظار الحلول
صوت الأمل – د. محمد هادي أخرش
يعد قطاع خدمات النقل في اليمن بكافة فروعه أحد الأعمدة الأساسية في مجال الاقتصاد اليمني، حيث أهميته القصوى في المجالات الاقتصادية الأخرى، ويمكن من خلال هذا الموضوع تحديد مجالات هذا القطاع، والذي يتمحور في الخدمات البرية والخدمات البحرية والخدمات الجوية، ولكل نوع أو مجال من هذه الخدمات ظروفها وخصائصها الخاصة بها.
وقد وضعت العديد من التشريعات والقوانين المنظمة لخدمات النقل البري والبحري والجوي مع تشجيع وتوسيع الاستثمار في هذا المجال. من حيث أهميته الاقتصادية للبلد، ومما يجب التنويه إليه في هذا المسار أن أي مشكلات أو عوائق تحدث في خدمات النقل تؤثر سلبًا في إعاقة التنمية، خاصة على مستوى التنمية الريفية.
ويمكن هنا استعراض خدمات النقل البرية باعتبارها من بين خدمات النقل المتاحة والمهمة لأكبر شريحة من المجتمع، وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن الطرق البرية تمثل حوالي 34447.1 كيلو متر مربع، والمسفلت منها لا يتعدى 16347.1 كيلومتر، وعلى الرغم من أن خدمات النقل البري يفترض أن تكون ميسرة وفي متناول الجميع، ألا أن ارتفاع تكاليف النقل البري مع الصراع والظروف الاستثنائية التي يمر بها اليمن وصل إلى نحو 145% بسبب زيادة أسعار الوقود واعتماد الطرق البديلة التي أصبحت أطول مسافةً من سابقتها. كما منيت مشاريع الطرق بخسائر كبيرة نتيجة الصراع قُدرت بحوالي 1.3 مليار دولار أمريكي، إذ بلغ إجمالي الطرق المتضرّرة نحو 6,000 كم، إضافة إلى توقّف مشاريع الطرق بسبب شحة الإمكانات المالية، مما زاد من مشاكل خدمات النقل البري.
ومع طول فترة الصراع في اليمن تدهورت البنية التحتية لقطاع النقل البري والطرق، مما أدى إلى تراجع خدمات النقل في هذا المجال، ويأتي من أبرز التحديات التي واجهت هذا النوع من خدمات النقل عدم ملاءمة السياسات والتشريعات، وتهالك المعدات والآلات والأصول، وتسرب الكوادر البشرية في قطاع النقل وهو ما زاد الوضع تعقيدًا، مع ما شكلته أزمة الإمكانات المالية من عائق كبير في خدمات النقل والطرق.
كل ما سبق استوجب بذل الجهود للبحث عن حلول ومعالجات ممكنة وسريعة منها تطوير وتشغيل أنظمة النقل الذكية في قطاع النقل البري لحافلات الركاب وشاحنات البضائع لضمان سلامة الركّاب، وعدم تكرار دفع مبالغ مالية من شاحنات نقل البضائع، كما يجب سرعة معالجة مشكلة المشاريع المتعثرة، وبذل الجهود لإعادة تشغيل محطات الأوزان التي سبق أن تضرّرت جراء الصراع، وتطبيق قواعد السلامة المرورية على الطرق بين المحافظات للحد من حوادث الطرق المؤلمة والمتكررة بشكل ملفت، مع العمل على تطوير القدرة المؤسسية لشركات النقل والطرق.
كما ينبغي على الدولة إنشاء موانئ برية جافّة عند مداخل المُدن الرئيسة، وذلك على المدى المتوسط والطويل؛ كونَ ذلك يمكنه أن يسهم في تخفيف ازدحام الطرق والتخفيف من الحمولات الثقيلة على الطرق، وتقليل التكلفة لنقل البضائع، كما يجب إعداد برنامج استراتيجي للتوسع في مشاريع النقل والطرق الريفية في اليمن، وتنفيذ مسح شامل لمعرفة الوضع القائم لخدمات النقل وشبكة الطرق.
وعلى مستوى خدمات النقل البحري توجد في اليمن ستة موانئ بحرية دولية هي: ميناء عدن، وميناء الحديدة، وميناء المكلا، والمخاء، والصليف، ونشطون، وهي مجهزة نسبيًا لاستقبال البضائع والسفن، وتقديم خدمات الشحن، في حين يمتاز النقل البحري بوجود طول ساحلي يصل إلى 2000 كيلو متر مربع.
فيما يمتاز قطاع النقل البحري في اليمن كذلك بكونه يطل على مضيق باب المندب الذي يعد الممر الرئيس للسفن العملاقة الناقلة للنفط، وهو ما يجعل حجم نشاط الملاحة البحرية كبيرًا، إذ تمر ما يقارب من عشرين ألف نسمة سنويًا عبر المياه الإقليمية اليمنية تدخل منها قرابة 3000 سفينة إلى الموانئ اليمنية.
ولا يخفى ما يمثله ميناء الحديدة من أهمية كبرى في حجم البضائع التي يتم استيرادها مع حجم الإيرادات التي يحققها، وتمثل الرسوم الجمركية المتحصلة من جميع الموانئ في اليمن نسبة 70 % من إجمالي الإيرادات الجمركية في اليمن، حصيلة الحديدة منها 50 %.
أما فيما يخص خدمات النقل الجوي فقد حققت قبل سنين مضت تقدمًا مقبولًا، خاصة بعد الوحدة اليمنية، حيث بلغت عدد المطارات الداخلية ثمانية مطارات دولية تخدم أكثر من مليون راكب بشكل سنوي، كما تراوحت حركة الطائرات ما بين (18 – 22 ) ألف طائرة سنويًا، في حين بلغت حركة الشحن للبضائع ما بين ( 15 – ( 22 ألف طن سنويًا في المتوسط.
وقد أثرت الحرب سلبًا في تدمير البيئة التحتية لخدمات النقل، إضافة إلى ما سببه ارتفاع أسعار الوقود في السوق السوداء مما نتج عنه زيادة تكاليف النقل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف القيمة، وفي الوقت ذاته أدى الصراع داخل اليمن إلى توقف كافة مشاريع الطرق أو أغلبها.
فيما أشارت تقارير إلى حدوث تضرر كبير في الطرق بمحافظات عدة داخل اليمن، تمحورت في صعدة، وعمران، وصنعاء، وتعز، وأبين، ولحج، حيث تضرر اثنان وستون جسرًا، وتدمرت ثلاثة جسور بالكامل، كما خلف الصراع أثرًا كبيرًا على وسائل النقل الأخرى، إذ تحتاج المطارات والموانئ إلى صيانة وإعادة تأهيل سريعة، ومنها مطار عدن، ومطار صنعاء، وميناء الحديدة، ومطارها، ومطار تعز، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع كبير في خدمات النقل داخل اليمن، مؤثرًا على مجالات التنمية والاقتصاد والسياحة داخل البلاد. من هنا يمكن القول إن خدمات النقل بمجالاتها الثلاث ( البري، والبحري، والجوي) ذات بعد اقتصادي غاية في الأهمية لأي مجتمع كان، يصعب الاستغناء عنها، أو التهاون في الاهتمام بها، وهو عنوان شاهد على تقدم ورقي هذا المجتمع أو ذاك، ووسيلة فاعلة في نهضة ذلك المجتمع وتقدمه.
63.6% من المشاركين في الاستطلاع قيَّموا خدمات قطاع النقل في اليمن بالضعيفة
صوت الأمل – يُمنى أحمد يعد النقل أحد العوامل الحيوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي …