دور وسائل الإعلام في مناقشة قضايا فن العمارة اليمنية
صوت الأمل – أفراح بورجي
لا شكَّ أنّ الإعلام له دور كبير في التنبيه على أهمية الحفاظ على الفن المعماري في اليمن، تعمل برامج إذاعية وتلفزيونية تتطرق إلى التوعية المستمرة بضرورة الحفاظ على المباني التراثية وإعادة ترميمها، والحد من التطور العمراني الحديث، على حساب فن العمارة القديم، والموروث التاريخي المتجسد بمعالم أثرية وتاريخية فريدة تتميز بها اليمن، ولا توجد في بلد غيرها، مثل فن العمارة المتجسد بمباني صنعاء القديمة، وغيرها من العمارات في حضرموت وزبيد وكثير من المدن اليمنية؛ وكما أنّ للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في لفت نظر المسؤولين والمعنيين في الدولة للالتفات إلى الأماكن التراثية والمباني القديمة، وترميمها باستمرار، والحفاظ على فن العمارة اليمنية الأصيل؛ حتى تظل شامخة تلهم بوجود حضارة عريقة كاليمن.
دور وسائل الإعلام (الإذاعة)
قالت المذيعة أمل وحيش: “لا شكَّ أنّ للإذاعة دورًا بارزًا في مناقشة قضايا الفن المعماري اليمني، وضرورة الحفاظ عليه، وذلك من خلال استضافة الجهات المعنية للحفاظ على المعالم التراثية؛ لمناقشة أهمية ترميم المباني المتهالكة وتحسينها وإعادة بناء ما تهدم؛ حتى لا تتشوه تلك المعالم، وكذلك يتمثل دور المذياع في التوعية المستمرة من خلال إنتاج الفلاشات التوعوية، التي تحث المواطنين على أهمية الاهتمام بالمباني التراثية، وعدم تشويهها بأي شكل من الأشكال”.
وشددت وحيش على ضرورة تكاتف الجهود ما بين المختصين في الدولة، والمختصين في وسائل الإعلام؛ لعمل برامج مختلفة تروّج للحفاظ على المباني اليمنية التاريخية، وعدم المساس بها، ومنع أي توسع عمراني حديث قد يضر بفن العمارة اليمنية.
ومن جهته يقول المذيع رامي البريهي: “إنّ لوسائل الإعلام في المجمل دورًا مهمًّا في مناقشة القضايا الخاصة بفن العمارة اليمنية، وللإذاعة بشكل خاص؛ لكونها أكثر وصولًا إلى الجمهور من الوسائل المرئية”.
وأكمل البريهي: “فمن الممكن مناقشة كل ما يختص بفن العمارة اليمنية عبر البرامج الإذاعية، التي يصل تأثيرها للمستمعين في الريف، الذين هم في العادة يستمعون للإذاعة في وقت طويل من اليوم، وأيضًا للمستمعين عبر وسائل النقل الخاصة أو العامة، الذين هم ينتمون لمتابعة الإذاعة في ساعات الصباح، كما أنّ الإذاعة تصل لأصحاب المحالّ، وخاصة الحرفية، الذين تجدهم في العادة يفتحون الإذاعة في الصباح والظهيرة”.
وأكد المذيع رامي البريهي قائلًا: “لا يقتصر دور الإذاعة فقط في إيصال الرسائل عن فن العمارة اليمنية، بل يمتد إلى التأثير في المستمعين من خلال البرامج التي تقدم، إما المعلومة أو تناقش كل ما يتعلق بالعمارة اليمنية وفنونها”.
دور التلفزيون
ومن جهته يقول الأستاذ توفيق الشرعبي: “إنّ دور وسائل الإعلام، بما في ذلك التلفزيون، دور مهمٌّ في مناقشة قضايا فن العمارة اليمنية والحفاظ عليها”. وأوضح أنّ هناك بعض المهام التي يمكن أن تلعبها وسائل الإعلام منها، توعية الجمهور؛ إذ يلعب التلفزيون دورًا مهمًّا في توعية الجمهور بشأن القيمة الثقافية والتاريخية للعمارة اليمنية، من خلال عرض برامج توضح مكونات العمارة اليمنية الفريدة، وأساليب البناء التقليدية، والتصميمات الزخرفية الجميلة. وهذا يزيد من الوعي والتقدير لدى الجمهور، ويعزز الحفاظ على هذا الفن التقليدي.
وأكمل الشرعبي: “التوثيق والبحث، يعدّ أيضًا من المهام التي يسهم بها التلفزيون في توثيق العمارة اليمنية وتاريخها، من خلال عرض برامج وثائقية ومقابلات مع خبراء ومهنيين في المجال، ودعم الأبحاث الأكاديمية والمشاريع الميدانية، التي تهدف إلى دراسة العمارة اليمنية والتراث المعماري وتوثيقهما”.
وأردف الشرعبي: “التواصل والحوار في التلفزيون يعدُّ منصة للحوار والنقاش حول قضايا فنّ العمارة اليمنية، والحفاظ عليها، من خلال تنظيم برامج حوارية مع الخبراء والمهتمين، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه العمارة اليمنية، وسبل الحفاظ عليها. يمكن لهذه البرامج أن تعزز الوعي، وتشجع المشاهدين على المشاركة في جهود الحفاظ عليها”.
دور غائب
يعتقد الصحفي معتصم عبد السلام أنّ الإعلام مقصر في مجال فن العمارة اليمنية، ويغيّب هذا الجانب؛ لانشغال مجال الصحافة والصحفيين بالقضايا المتعلقة بالوضع الراهن، وما يتعلق بها، بالتالي غابت قضية فن العمارة والتركيز عليها، رغم دخول التحديث على العمارة في اليمن، وكان من المفترض التركيز على هذا الجانب، وتوعية الناس في الحفاظ على التراث المعماري في اليمن، وحشد الدعم للاهتمام بهذا الجانب، ويعود أيضًا لسياسة تلك الصحف، والممول الذي يتحكم في مواضيع الأخبار.
وشدد معتصم على أنّه يجب على الإعلاميين إعطاء هذا الجانب اهتمامًا أكبر، خصوصًا ونحن في وضع هدنة، لا توجد مواضيع كثيرة، ولا بُدَّ من إبراز جمال العمارة اليمنية، التي تتميز عن غيرها من دول المنطقة التي تفتقد هذا الفن.
وفي ذات السياق يقول فهمي البريهي (صحفي وصانع محتوى بود كاست): “حقيقة وسائل الإعلام بشكل عام، وليست الإذاعة فقط، لا تهتم لقضايا فنّ العمارة اليمنية مع التركيز فقط على تخصيصها فقرات، وبالنادر، لبعض قضايا فن العمارة؛ كالتركيز مثلًا على مبنى أثري تأثّر بفعل الصراع، أو متحف سرقت محتوياته، لكن يبقى تخصيص مساحة إعلامية واسعة للحديث عن العمارة اليمنية كفنٍّ وحضارة وعراقة محدودًا”.
وعن دور الإذاعة في مناقشة قضايا فن العمارة اليمنية والحفاظ عليها يسرد البريهي: “بالتأكيد للإذاعة دور يتلخص في تضمين خارطة برامج وسائل الإعلام، ومنها الإذاعة والتلفزيون، برامج ثقافية خاصة بإبراز فن العمارة اليمنية، وترويجها لخارج اليمن كحضارة، مع مناقشة قضايا هذا الجانب، من حيث الاهتمام بترميم ما هو متهالك منها، ووضع خطط للحفاظ على ما هو باقٍ، وكذا فرض عقوبات صارمة على كلِّ من يمسّ هذا التراث الثقافي الحضاري؛ أكان من الداخل أم من الخارج”.
دور الصحافة الإلكترونية:
أكد الصحفي فتحي بن لزرق (رئيس تحرير صحيفة عدن الغد) : “أن هذه أهم مرحلة من المراحل التاريخية لليمن منذ عقود، لمناقشة قضايا العمارة اليمنية خصوصًا أنّنا نمر في السنة التاسعة للصراع الدائر في اليمن، كونها دمرت بشكل كبير معالم تاريخية وتراثية في عموم محافظات اليمن، إضافة إلى جانب التوسع العمراني غير المنضبط في كثير من المدن، التي هي بالأساس تحتوي على نماذج مختلفة من فن العمارة تحديدًا عدن، التي فنُّها المعماري شبيه إلى حد كبير بدول الساحل الإفريقي أو الدول الهندية، وأيضًا زبيد التي تتفرد بمعاملها الخاصة، وكذلك شبام حضرموت لها معاملها التاريخية الخاصة، وصنعاء وفنها المعماري المتفرد، كلّ هذه الفنون للأسف تعرضت لمخاطر كثيرة”.
وأشار بن لزرق إلى كيفية الحفاظ على العمارة اليمنية ودور الصحافة في ذلك، من خلال تشجيع دور العمارة اليمنية، من خلال تعزيز الثقافة اليمنية، إذ إنّ الحضارة أو الفكرة أو رُبّما الموروث الشعبي والموروث التراثي فيما يخصُّ العمارة اليمنية هو جزء من تشكيلة الإنسان اليمني، وبالتالي وسائل الإعلام لها دور مهم في أنها تعزز حضور انتماء الإنسان اليمني في التمسك بالموروث فيما يخص العمارة، وكذلك، حث الدولة على الاهتمام بما يخص الترميم وصيانة الكثير من المباني التاريخية، وتسهيل الموارد المالية للعاملين في مجال التراث الفني والمعماري، لهذا فالصحافة لها دور كبير في هذا الجانب، لكن في الأخير بنا حاجةٌ تدفع نحو توقف الصراع؛ كونه تسبب في أضرار كبيرة جدًّا في العمارة اليمنية.
دور الصحافة الورقية:
وفي هذا السياق يقول حمدي دوبلة (مدير عام الأخبار بصحيفة الثورة- صنعاء): “هذا الوعي المجتمعي القاصر يشمل الجانبين الرسمي والشعبي، ويعكس بطريقة أو بأخرى قصورًا وعدم كفاءة وسائل الإعلام المحلية بمختلف أنواعها، وفي طليعتها (الصحافة الورقية)، التي تبقى الأكثر قربًا وتأثيرًا على المجتمع، ومحدودية التناول الإعلامي لقضايا فنّ العمارة اليمنية التقليدية والتحديات والصعوبات التي تهدد وجودها”.
ومن وجهة نظره الشخصية يضيف دوبلة : “أنّ غياب التناول الإعلامي وخصوصًا الصحفي منه لقضايا فن العمارة اليمنية على أهميته يبقى على صلة بعدم الاستقرار (السياسي والأمني)، الذي تعيشه البلد منذ سنوات طويلة، وهو الواقع الذي جعل من هذه القضايا تبدو في نظر كثير من الإعلاميين وأصحاب القرار في المؤسسات الصحفية الكبرى كقضايا ثانوية، وبالتالي طغت التناولات السياسية والتجاذبات بين أطراف العملية السياسية على أداء وتناولات الصحافة بكل أصنافها؛ لتصبح قضية مثل فن العمارة اليمنية غائبة شبه كليّ من صفحات الصحف، على الرغم من كل أنواع العبث والإهمال بجهل أو بشكل متعمد، وبات هذا الفن الإنساني الثري في أسوأ حالاته تحت وطأة طغيان وسائل البناء الحديث”.
ويرى دوبلة : أنّ الحفاظ على فنون العمارة اليمنية التقليدية أصبح أمرًا عسيرًا؛ إذ لا يمكن التناول الصحفي المجرد، أو التوعية الصحفية بأهميته أن يحدَّ من المهددات والمخاطر، التي تحيط به من كل حدب وصوب، وإنّما يحتاج الأمر إلى قرارات سياسية، وإجراءات قانونية، وتحرك فعّال وإيجابي من قِبل مختلف مكونات المجتمع؛ شعبيًّا ومدنيًّا ورسميًّا؛ لتنفيذ إجراءات حماية فعلية على الواقع، مع إشراك الصحافة في الأمر كعامل مساعد في التوعية والإرشاد؛ إذ لا غنى عن دور الصحافة في مختلف مراحل العمل في هذه القضية الإنسانية المهمة والحيوية.
دور مواقع التواصل الاجتماعي
يفيد المصور الفوتوغرافي علي السنيدار أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا إيجابيًّا وفعالًا في مناقشة قضايا فن العمارة اليمنية، والحفاظ عليها، ونشرها للعالم ” عندما يتم التقاط صور فوتوغرافية لفن العمارة اليمنية في صنعاء أو غيرها، ويتم نشرها في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تحصل على كثير من القبول والاستجابة والإعجاب”.
ويعبر السنيدار: “كنتُ أسمع أنّ مدينة صنعاء تتعرض لتحديثات تشوهُ معالمها التاريخية، وبناء عشوائي، وعندما نشرت تلك الصور التي التقطتها عدستي، حصلت على استجابة وتفاعل من هيئة التراث العالمي، والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية”.
يكمل علي: “في العام الماضي كانت الأمطار غزيرة جدًّا، ما أدّى إلى هدم كثير من أسطح المنازل القديمة، لهذا نزلتُ إلى تلك المنازل للتوثيق كصور فوتوغرافية لعرضها في (وسائل التواصل الاجتماعي)؛ إذ رأيت كثيرًا من الناس والجهات المعنية يتفاعلون لإصلاحها، ويعود هذا الفضل بعد الله -عز وجل- إلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي لها دور إيجابي في الحفاظ على فنّ العمارة اليمنية”. العمارة اليمنية تتميز بأصالتها العريقة، ولكن دور وسائل الإعلام أصبح غائبًا نوعًا ما، بسبب انشغال الصحف المحلية والقنوات الفضائية والإذاعات، بالوضع الأمني الذي طرأ على البلاد منذ الصراع آذار/ مارس 2015م، لهذا نرى أنّ العمارة اليمنية بحاجة إلى إبراز أصالتها والحفاظ عليها من خلال القيام بالبرامج التوعوية لمعرفة العالم بعراقتها وأصالتها التاريخية.
82% يرون أن انتشار طابع العمارة الحديث من أكبر المشكلات التي تواجه الحفاظ على الطابع التقليدي للعمارة اليمنية
صوت الأمل – يُمنى احمد عرفت اليمن منذ زمن بعيد بجمال عمارتها وتفرد مبانيها بطابع خاص ومميز…