أسباب التغيرات المناخية المحتملة… ثلاثة سيناريوهات محتملة تواجه اليمن خلال السنوات القادمة
صوت الأمل – هبة محمد
تعد اليمن جزءًا من العالم، ومن ثم فإن التغيرات المناخية التي تحدث على مستوى العالم تؤثر بشكل كبير على المناخ في اليمن. ومن أبرز هذه التغيرات الارتفاع في درجة حرارة الأرض وزيادة التركيزات الجوية لغازات الاحتباس الحراري. وتعد تغيرات الطقس والمناخ أحد عوامل التغيرات المناخية؛ حيث يوجد في اليمن مناخ صحراوي وجاف، وتتأثر الأجواء فيها بتغيرات المناخ الموسمية والعواصف الرملية والتيارات الهوائية المتغيرة.
تغييرات في البيئة والتنمية
اليمن من الدول الفقيرة والمتضررة بشكل كبير من التلوث البيئي والتغيرات المناخية الناجمة عن النشاط البشري، مثل التصحر والتآكل البيئي والتصنيع والتلوث الصناعي والنفطي والإفراط في الاستغلال الزراعي والمائي والصيد الجائر وتلوث المياه والهواء والتغيرات في الاستخدام الأرضي، وغير ذلك.
يقول الدكتور عبده الحدي -مختص في المجال البيئي والزراعي-: “أكدت الدراسات والنماذج المناخية وجود ارتفاع في درجة حرارة مياه البحار والمحيطات المدارية بحدود درجة واحدة مئوية على الأقل، ونتيجةً لذلك ستزداد معدلات التبخر فتزداد كمية بخار الماء في الهواء الجوي بنسبة أكبر من 4% مما يؤدي إلى حالة عدم الاستقرار الجوي (بسبب تغيّر مراكز الضغط الجوي، وتغيّر الرياح، وزيادة نسبة تكون السحب العملاقة 45% وزيادة العواصف الشديدة بنسبة 6%).
ووفقا للحدي، ينتج عن حالة عدم الاستقرار الجوي زحزحة حقيقية لنطاقات الضغط الجوي وحركة الرياح في المناطق المدارية، ومنها اليمن، فيتزحزح معها مواقع التيارات النفاثة والكتل والجبهات الهوائية، مما يجعل اليمن ضمن نطاقات الضغط الجوي للمنطقة الاستوائية (البحر العربي وشمال المحيط الهندي)؛ حيث يتوقع حدوث زيادة في قوة الرياح الموسمية وتوسع نطاقها نحو الشمال مع إمكانية توفر فترة نمو طبيعية في بعض المناطق.
ويوضح الحدي: “تشهد البلاد تقلبات في الأنماط المطرية مما يسبب تبايناً في كمياتها وفترات هطولها؛ حيث يتكرر نزول الأمطار بشكل غير منتظم وغير متوقع، مما يؤثر على الإنتاج الزراعي والحياة الأسرية والاقتصادية للمواطنين. وهذه التقلبات ناتجة عن حالة عدم الاستقرار التي سينتج عنها زحزحة في الأقاليم المناخية، وهنا سيكون لدينا ثلاث روايات (سيناريوهات) لسير العوامل الطقسية وأهمها سقوط الأمطار، وذكرها كالآتي:
السيناريو الأول: يتوقع فيه تناقص معدلات الأمطار، مما يترتب عليه زيادة الجفاف وتفاقم الأزمة المائية.
السيناريو الثاني: يتوقع فيه زيادة معدلات الأمطار وغزارتها نتيجة زيادة العواصف الرعدية، فتزداد السيول الجارفة والفيضانات، مما يؤدي إلى انجراف التربة والعناصر الغذائية وتدمير المدرجات الزراعية والمزارع والبنى التحتية.
السيناريو الثالث: يتوقع فيه زيادة معدلات الأمطار وجودة توزيعها خلال الموسم، فتتكون فترة نمو طبيعية مما يؤدي إلى زيادة فعلية في إنتاجية المحاصيل الزراعية”.
وذكر أيضا أن الانشطارات البركانية هي أحد العوامل التي تؤثر على المناخ المحلي وتغيرات الأرض في اليمن؛ حيث تؤثر هذه العوامل على المناخ في اليمن بشكل كبير، وتسبب تغيرات في درجات الحرارة والأمطار والرياح والرطوبة. وتعاني السواحل اليمنية من تغيرات في منسوب البحر، مما يؤدي إلى تآكل السواحل وانخفاض مستوى المياه الجوفية وتدهور الفاعلية الزراعية، مما يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين ويضر بالزراعة والثروة الحيوانية.
تفاقم أزمة المناخ والوضع المعيشي
تشهد اليمن في الآونة الأخيرة تغيرات مناخية سيئة جدا ضاعفت من انتشار الفقر والبطالة والجهل، وخلقت أوضاعا مأساوية في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلد. يقول د. عبد الفتاح الغرباني -متخصص في التغيرات المناخية-: “يعتبر الصراع المسلح المستمر في اليمن منذ عام 2015 عاملاً رئيساً في تفاقم مشكلات التغيرات المناخية في البلاد، حيث أدى النزاع إلى تدمير البنية التحتية الزراعية والبيئية وتشريد الملايين من السكان، مما يزيد من الضغط على الموارد الطبيعية ويؤدي إلى تدهور البيئة”.
ويواصل: “تتأثر الموارد المائية في اليمن بشكل كبير بالتغيرات المناخية، حيث تشهد بعض المناطق تقلبات في كميات الأمطار ومواسم الري، مما يؤثر على الإمدادات المائية للمدن والقرى والمزارع، ويزيد من الصعوبات التي تواجه المواطنين في الحصول على مياه الشرب والري، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد”.
ويؤكد أن محافظة إب مهددة بانهيارات صخرية في طرق جبال بعدان وغيرها من المناطق؛ بسبب التخطيط العشوائي الذي يسبب ضياع مياه الأمطار عن المدينة وأحواضها المائية. وكذلك محافظة صنعاء، ستكون مهددة بفيضانات نتيجة لسوء تصريف مياه الأمطار، وستظهر بحيرات مائية في الكثير من الأماكن التي تبدو كمسطحات وهي في حقيقة الأمر بحيرات جفت من ملايين السنيين.
ونوَّه إلى أن غياب المخططات الخاصة بالمناطق المرتفعة وأماكن هطول الأمطار جعلت الكثير من المواطنين يبنون مساكنهم عند مجاري مياه الأمطار، وتتسبب ذلك في زيادة التشرد والنزوح في اليمن؛ حيث يعاني الكثيرون من فقدان مصادر الرزق والمأوى بسبب الجفاف والفيضانات والأحوال الجوية القاسية. مشددًا على أنه يجب على الحكومة والمجتمع الدولي توفير الدعم اللازم للمتضررين، والعمل على تحسين ظروف الحياة وإيجاد حلول مستدامة لمشكلات التغيرات المناخية في اليمن.
حلول مقترحة
إن التغيرات المناخية في اليمن تشكل تحدياً كبيراً أمام التنمية المستدامة في البلاد، وتتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمجتمع الدولي للتصدي لهذه التغيرات وتخفيف تأثيراتها السلبية على الحياة في اليمن. يوضح بعض هذه الجهود المطلوبة الأستاذ جمال الصديق، مسؤول محطة الأرصاد الجوية في إب؛ حيث يقول: “تتضمن هذه الجهود تنمية المزارع الصغيرة وتحسين إدارة الموارد المائية والزراعية، وتطوير البنية التحتية في البلاد وتشجيع الاستخدام الأمثل للطاقة، والحد من انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة، بالإضافة إلى تعزيز الوعي والتثقيف بشأن التغيرات المناخية، وتشجيع الابتكار والتكنولوجيا النظيفة والمستدامة”.
ويرى الصديق أن اليمن تحتاج إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة للحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، ذكر منها الآتي: “الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، وتقليل انبعاثات الكربون، وتشجيع الحفاظ على الغابات وزيادة مساحاتها، والاستثمار في زراعة الأشجار؛ إذ تساهم الأشجار في امتصاص الكربون من الجو، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة في المباني والمنشآت، وتحسين العزل الحراري لتقليل الاعتماد على تكييف الهواء والتدفئة”.
فيما ذكر الدكتور علي خليل -مختص في مجال التغييرات المناخية- ضرورة تشجيع استخدام وسائل النقل العامة، والتحول إلى الدراجات الهوائية والمشي كوسائل للتنقل، والتقليل من استخدام السيارات الخاصة، وتحفيز التعاون الدولي والتبادل التكنولوجي في مجال الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتحسين تخزين الطاقة وتطوير التكنولوجيا النووية الآمنة والنظيفة، وتشجيع البحث والتطوير في مجالات تحسين كفاءة الطاقة وتكنولوجيا الطاقة المتجددة.
وأضاف: “ولتعزيز قدرة اليمن على التكيف مع التغيرات المناخية وتحسين الظروف المعيشية للسكان، ثمة جوانب أساسية يجب التركيز عليها، وهي: تطوير البنية التحتية، الزراعة المستدامة، تحسين إدارة الموارد المائية، تعزيز التوعية بأهمية التكيف مع التغيرات المناخية، تطوير الممارسات الزراعية المستدامة. كما يجب تعزيز القدرة على التنبؤ بالأحوال الجوية، وتقديم الدعم اللازم للمجتمعات المتضررة من الفيضانات والجفاف وغيرها من الظواهر الطبيعية المتعلقة بالتغيرات المناخية ، ويجب أيضا تعزيز التعليم والتوعية بأهمية التغيرات المناخية وكيفية التكيف معها، وتشجيع المشاركة المجتمعية في تطوير الحلول الملائمة لمواجهة هذه التحديات”.
وعلى الرغم من أن هذه الحلول ليست شاملة، فهي قد تساعد في التخفيف من آثار التغيرات المناخية وتحسين جودة الحياة على الأرض.
وختامًا، تمثل التغيرات المناخية تحديًا كبيرًا لليمن وللعديد من الدول في العالم، ويتطلب مواجهتها جهودًا شاملة ومشتركة من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي بأسره. وعلى الرغم من صعوبة هذه التحديات، فإن من الممكن تحقيق التقدم والتغيير إذا توفر الدعم اللازم والتحفيز على الابتكار والتعاون المشترك. ويمكن لليمن وغيرها من الدول المتضررة من التغيرات المناخية أن تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الاستدامة والتكيف مع التحديات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…