‫الرئيسية‬ الاقتصادية قطاع الكهرباء في اليمن.. نشأة وتطور يعقبهما تعثر وسقوط

قطاع الكهرباء في اليمن.. نشأة وتطور يعقبهما تعثر وسقوط

صوت الأمل – أفراح أحمد

قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م ظلت اليمن، لعقود طويلة، ترزح تحت وطأة التخلف وشتى صنوف الحرمان والجهل والفقر والاستبداد والاستعباد والإذلال الذي طال كل شيء.

وما إن قامت ثورتي الـ(26) من سبتمبر -عام 1962م- والـ(14) من أكتوبر -عام 1963م- حتى شهدت اليمن تطورًا كبيرًا تتجلى صوره في كل مجالات الحياة على صعيد البنى التحتية، والتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والخدمية، ومن بينها قطاع الكهرباء والتي ظل الشعب اليمني محروماً منها في الوقت الذي كانت البشرية تنعم بها وبفوائدها.

تاريخ الكهرباء في اليمن

وبحسب تقرير صادر عن وزارة الكهرباء والطاقة، فقد عرفت اليمن الكهرباء لأول مرة عام 1926م، حيث أنشأت القوات البريطانية محطة بخارية في منطقة حجيف بمدينة المعلا بطاقة (3 ميجاوات)، تلتها محطة أخرى في الثلاثينات تحت جبل حجيف بطاقة (16 ميجاوات)؛ جاء ذلك نتيجة لتزايد الأهمية الحيوية والاستراتيجية لمدينة عدن كونها قاعدة عسكرية لها في منطقة الشرق الأوسط، ومركز هام لحماية مصالحها في الجزيرة، والخليج العربي وشرق آسيا لا سيما بعد انتصار بريطانيا في الحرب العالمية الأولى.

وأضاف التقرير أنَّه في عام 1954م أنشئت محطة ثالثة خاصة بمصافي عدن بطاقة (21 ميجاوات)، ثم تلاها إنشاء محطة التواهي عام 1960م، ومحطة خور مكسر عام 1961م خاصة باحتياجات القاعدة الجوية البريطانية، حيث بلغ إجمالي القدرة الكهربية المركبة في مدينة عدن، حتى 30 نوفمبر 1967 (يوم الاستقلال)، (64.5 ميجاوات) منها (34) ميجاوات فعلية.

وعلى النقيض من ذلك، شمال اليمن الذي حكمه نظام الأئمة ظل بعيداً عن كل تطورات العصر، ولم تعرف المناطق الشمالية توليد الكهرباء سوى عند عام 1947م، وذلك عندما قام أحد التجار يدعى “سالم علي” بتمويل مشروع في مدينة الحديدة من مولدين بطاقة 150 كيلوفولت أمبير، بدأ تشغيلهما في عام 1950 بمعاونة خبير إيطالي، تلاهما في عام 1954م مولدين بقدرة 250 كيلوفولت أمبير لكل منهما قام بشرائهما الشيخ علي محمد الجبلي.

وبحسب التقرير ذاته، فإنَّ مدينة تعز لم تعرف إنتاج التيار الكهربائي إلا في عام 1955م، من خلال مولدات صغيرة تابعة للإمام بقدرة (600 كيلو فولت أمبير)، تلا ذلك إنشاء شركة كهرباء تعز الأهلية وفق اتفاقية تأسيس بين حكومة الإمام بعدِّها طرفاً أول ومجموعة من التجار بعدِّهم طرفاً ثانياً، وبرأسمال (250 ألف ريال ماريا تريزا).

أما في مدينة إب فقد قام القاضي أحمد بن أحمد السياغي (نائب الإمام أحمد) عام 1957م بتأسيس أول شركة أهلية للكهرباء، بتكلفة بلغت (40550 ريال ماريا تريزا)، بمشاركة مكتب الأوقاف والبلدية وبعض التجار والمواطنين الميسورين، كما أُسست أول شركة كهرباء أهلية في صنعاء في عام 1959م بقدرات بسيطة جدًا وبطاقة لا تتجاوز (315 كيلووات فقط).

الكهرباء بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر

عقب ثورة 26 سبتمبر1962م شمالًا وجلاء المستعمر البريطاني في 30 نوفمبر 1967م شهدت البلاد تحولات كبيرة، ودخلت في منعطفات تاريخية هامة، وبدأ اهتمام الحكومتين يتجه نحو إنشاء محطات كهربائية ومد شبكات التوزيع الكهربائي؛ لتوفير احتياجات السكان المنزلية، ولخدمة قضايا التنمية الاجتماعية والصناعة.

وفقًا لما تضمنه التقرير السابق، فإنَّ أهم المشاريع الكهربائية التي أُنجزت منذ ذلك الوقت وحتى قيام الثورة: إنشاء محطة تولید (خور مكسر) بعدن عام 1970م بقدرة (34 ميجا وات)، ثم محطة جعار- أبین عام 1975م بقدرة (5.5 ميجا)، تلتها محطة تولید (عصیفرة) بتعز، عام 1976م بقدرة (16 ميجا)، وإنشاء محطة تولید صنعاء عام 1977م بقدرة (10 ميجا)، فمحطة تولید الكورنیش بالحدیدة بقدرة (5.7 ميجا) عام 1977، تلتها محطة تولید ذھبان بصنعاء في صيف عام 1980م  بقدرة (20 ميجا).

وفي نفس العام أنشئت محطة تعمل بالمازوت في المنصورة بعدن بطاقة  (64 ميجا وات)، ومحطة خلف بالمكلا بقدرة (8 ميجا)، ثم محطة توليد الحالي بالحديدة بقدرة (7.10 ميجا) في العام 1981م، تلتها في عام 1982م محطة التوليد بوادي حضرموت بقدرة (16 ميجا)، ثم إنشاء محطة التوليد بالمنورة – حضرموت في عام 1987م بقدرة (8 ميجا)، ومحطتي عتق- شبوة (6.3 ميجا) ولودر- أبين (6.6 ميجا) أُنشِئا في العام 1989م.

وبحسب تقرير نشرته وكالة (سبأ) اليمنية في العام 2004م، فإنَّه في شمال اليمن دُمجت شركات الكهرباء في كل من صنعاء، الحديدة، وتعز في مؤسسة جديدة تتبع وزارة الاقتصاد؛ بهدف تطوير نظام اقتصادي كفء للإمداد الكهربائي، وذلك وفقًا للقانون رقم (12) الصادر في مطلع العام 1975م.

وأفاد التقرير، أنَّه منذ العام 1975- 1986م، ارتفعت القدرة الكهربائية المركبة في المحافظات الشمالية عما كانت عليه لتصل إلى (414 ميجاوات)، وزادت الطاقة المولدة من (228 جيجاوات/ساعة) عام 1981م إلى (606 جيجاوات/ساعة) في 1986م، وارتفع عدد المشتركين إلى (203 ألف) عام 1986م بنسبة زيادة بلغت 81% عن عام 1981م، فيما زاد استهلاك الطاقة المباعة حوالي (1.5 مرة)، بينما ارتفعت القدرة المركبة في المحافظات الجنوبية والشرقية بنهاية العام 1991م  لتصل إلى (186 ميجاوات) مقارنة بـ(64.5 ميجاوات) عام 1967م.

تحولات جديدة في مجال الكهرباء والطاقة

منذ قيام الوحدة اليمنية في الـ(22) من مايو للعام 1990م، شهدت الجمهورية اليمنية مرحلة بالغة الأهمية في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتنموية والاجتماعية والثقافية -على حد سواء-، كما شهدت تحولات كبيرة في مجال الكهرباء والطاقة، حيث أشار التقرير الصادر عن وزارة الكهرباء أنَّ القدرة التوليدية المركبة في عام الوحدة بلغت (714 ميجا وات)، والبخارية (435 ميجا)، والتي تعمل بالدیزل (279 ميجا وات)، وبلغ عدد المشتركين 433 ألف مشترك، حيث وصل نصیب المشترك من الطاقة المركبة (7.1 كيلو وات).

وبناء على ما جاء في التقرير، فإنَّ المستفيدين من الكھرباء المنتجة عبر المؤسسة العامة للكهرباء في ذلك الوقت بلغت نسبتهم (6.22%) من مجموع السكان الذين وصل تعدادهم حينها إلى (12.93) مليون نسمة.

واستيعابًا لواقع قطاع الكهرباء والصعوبات التي تعيق نموه وتطوره، سعت المؤسسة العامة للكهرباء إلى تحقيق إنجازات كبیرة بتنفيذها العديد من المشاريع الاستراتيجية الھامة، وشهد قطاع الكهرباء تطوراً كبيراً، حيث زادت الطاقة المركبة والمولدة بمتوسطات سنوية تتراوح بين (5.1)% إلى 6%، بحسب تقرير وكالة سبأ ذاته.

مضيفًا أنَّ المؤسسة العامة للكهرباء تمكنت من رفع معدل نمو الطاقة المولدة خلال العام 2003م، بنسبة (8.86)%؛ لتحقيق التوازن مع زيادة معدل نمو المشتركين والذي بلغ (7.4)%، وأنَّ تغطية المؤسسة توسعت إلى (42.9)% مقابل (40.52)% في العام 2002م، وأنَّ طاقة الحمل الأقصى للكهرباء بلغت (766.23 ميجا وات) في عام 2003م، بنسبة نمو (13)% عن العام السابق له.

تدهور كبير

منذ بداية الصراع في اليمن، تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتنموية والخدمية بشكل كبير، وانتشر الفقر والبطالة، وتزايدت المعاناة والمآسي على الشعب اليمني، وكان من بين أهم القطاعات تدهورًا قطاع الكهرباء؛ حيث يعيش معظم أبناء اليمن محرومين من هذه الخدمة منذ ثمان سنوات. وخلف انقطاع الكهرباء وتدني الأوضاع في البلاد معاناة لا تنتهي، لا سيما في المناطق الحارة؛ حيث انتشرت الأمراض والأوبئة، فبالإضافة إلى ما تشهده البلاد من وضع مأساوي ينذر بحدوث كارثة إنسانية كبيرة قد لا يتحملها السكان، تأتي موجة الحر هذه فيتفاقم وضع الناس هناك؛ في ظل انقطاع مستمر في التيار الكهربائي، أدخلهم في معترك مأساة جديدة توشك ألا تنتهي.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه

صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم)  يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…