متطلبات تشجيع تعليم الفتاة اليمنية
صوت الأمل – علياء محمد
في العام 1992م، أصدر القانون اليمني العام للتربية والتعليم المادة رقم (45) ساوى فيها بين الجنسين في حق التعليم، بالمقابل قوبل القانون بمؤشرات وإحصائيات، بينت تدني مستوى التعليم للفتيات؛ نتيجة عدد من العوامل التي شكلت حجر عثرة أمام عدد كبير من الفتيات في المدن والأرياف.
هذا وقد ساهم عدد من الأعراف القبلية، والموروثات التقليدية، وظاهرة الزواج المبكر، وخوف الفتيات من الاختلاط في تقليل نسبة التحاق الفتيات بالتعليم في اليمن، واحتلت اليمن أدنى مستوى في معدل التحاق الفتيات بالتعليم من بين دول الشرق الأوسط.
(كتاب مؤشرات التعليم في الجمهورية اليمنية للعام 2012- 2013) الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء، أشار إلى أنَّ نسبة الطالبات في اليمن لا تتجاوز (37%) من إجمالي عدد الملتحقين بالتعليم.
ويشكل هذا الرقم مؤشرًا خطيرًا لالتحاق الفتيات بالتعليم؛ مما استدعى تكثيف الجهود للوصول إلى درجة وعي كاملة بأهمية التعليم للفتاة، وأصبح هناك عدد من المتطلبات والاحتياجات لزيادة الوعي بالتعليم.
واقع تعليم الفتيات
“واقع تعليم الفتيات في اليمن ينزلق نحو الهاوية” هذا ما أكده فتحي علي (أستاذ المحاسبة في مركز التعليم المستمر في تعز) أثناء حديثه عن واقع التعليم، مضيفًا أنَّ قضية تعليم الفتاة من القضايا الهامة والشائكة في المجتمع، وكان سيأخذ له مجالاً بحثياً واسعاً وطرحاً كبيراً، ونقاشات، وورشاً، وتوعية مجتمعية كبيرة إن كان واقع التعليم –حاليًا- في وضع سليم، بيد أنَّه من المشين مناقشة موقف المجتمع السلبي من تعليم المرأة، والتعليم يتدهور يومًا بعد يوم.
ويضيف فتحي أنَّ مناقشة قضايا تعليم الفتاة له أبعاد اجتماعية عرفية يجب أن يسلط الضوء عليها مع واقع التعليم الحالي، والذي أكبر مشاكله التعليم الأهلي الذي سمح للأوضاع المادية أن تكون عائقًا أمام التعليم، خاصة تعليم الفتاة.
بدورها أشواق طه(مديرة مدرسة الفقيدة نور حيدر – عدن) حول تسرب الفتيات عن التعليم أوضحت أنَّ هناك فئة قليلة من البنات يتسربن من التعليم؛ نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن، بالإضافة إلى تعلق الفتيات بمواقع التواصل، وانشغالهن بالعالم الافتراضي، والذي أثر كثيرًا على معدل التحاق الفتيات بالتعليم.
مشيرة إلى أنَّ الوضع في الأرياف مختلف عن المدينة؛ نظرًا لقلة المدارس المتمركزة في القرى، إذ لا توجد مدارس خاصة للفتيات وأخرى للفتيان، ولذلك تقوم عدد من المدارس بخلطهم في مدرسة واحدة، والكثير من الأسر ترفض الاختلاط، فتضطر لمنع بناتها من الدراسة؛ وهذا سبب تدنياً كبيراً في مستوى التحاق الفتيات بالتعليم في المناطق الريفية.
القضاء على الصعوبات مطلب أولوي
“تمثل المرأة شريحة كبيرة من المجتمع وبقاؤها بلا تعليم يعني بقاء جزء كبير من المجتمع رهن العادات والتقاليد، والعجز والفقر” هذا ما صرحت به ابتسام صالح (مديرة عام المشاركة المجتمعية بقطاع تعليم الفتاة وزارة التربية والتعليم عدن ).
موضحة أنَّ التعليم ركيزة المجتمع، ومحركه نحو التقدم والنماء، وأنَّ العلم ضرورة للمرأة، لأنَّها تلعب دوراً إيجابياً في دفع حركة التنمية الشاملة والمستدامة، فهي كما يقال “نصف المجتمع”، ولكن كونها أم فهي تصفها بالوعاء الذي يحتوي بداخله النصف الآخر، معللة: “إذاً هي المجتمع بأكمله”.
وترى صالح أنَّ معرفة الصعوبات هي أولى متطلبات إنجاح الوعي بتعليم الفتاة، ولن يحدث ذلك ما لم يُقضى على المعوقات بشكل كلي، مستدركة الحديث بأنَّ هناك عدداَ من الصعوبات التي تواجه العملية التعليمية للفتاة، أبرزها: تدني الوعي المجتمعي تجاه تعليم الفتاة، وانتشار المواقف السلبية، وظاهرة الزواج المبكر، خاصة في المناطق الريفية، بالإضافة إلى القصور في دور الإعلام بشكل عام.
وتضيف “الظروف المعيشية الصعبة لدى الكثير من الأسر، وعدم قدرة الأسر على تحمل أعباء ومتطلبات الدراسة، ووجود فجوة كبيرة في المساواة بين الجنسين في التعليم؛ كون الكثير من الأسر تفضل تعليم الذكور على الإناث، وتكتفي بالاعتماد على الإناث بعدِّهن مورداً اقتصادياً من خلال عمل البنت في الرعي أو الزراعة أو التحطيب أو جلب الماء وغيرها”.
مواصلة حديثها لـ “صوت الأمل” أنَّ قلة عدد المدارس المخصصة للإناث، وعدم تأهيلها تأهيلًا كاملًا، وبعدها عن سكن الطالبات كلها عوامل تؤثر على استمراية تعليم الفتاة، وهناك أسباب أخرى زادت من معدلات تدني التحاق الفتيات بالتعليم: كغياب الكتاب المدرسي، وقلة الكادر النسائي من المعلمات بالذات في المناطق الريفية، وغياب دور مجالس الآباء والأمهات داخل وخارج المدرسة، ومحدودية دور الأخصائي الاجتماعي في المدارس.
متطلبات إنجاح الوعي بتعليم الفتاة
يبين فتحي علي (أستاذ المحاسبة في مركز التعليم المستمر في تعز)، أنَّ الدراسات المقارنة بين اليمن وبين الدول الأقل حظًا منها والأكثر حظًا، وكيف تأثرت التنمية في تلك البلدان بواقع التعليم، سيكون له دور كبير، خاصة لو جُنِّبت لغة الأرقام العلمية، وقدِّمت نماذج للرفاهية والاستقرار بصورة تحليلية في تلك البلدان، فالشعب اليمني –حاليًا- أكثر تعطشًا للاستقرار الأمني والمعيشي، والذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتعليم. مؤكدًا على أنَّ التعليم المجاني له دور كبير في دفع المجتمع لتعليم فتياتهم.
بدورها أوضحت ابتسام أنَّ الحكومة أولت اهتمامًا بالغًا في جانب تعليم الفتاة، جاء في مقدمتها تعليم الفتاة ضمن قطاعات وزارة التربية والتعليم؛ لذلك يمكن التغلب على عقبات واقع تعليم الفتاة، وذلك من خلال تضافر الجهود سواءً كانت من الجانب الحكومي، أو من منظمات المجتمع المدني، ويتمثل ذلك جليًا في إنشاء مدارس خاصة للفتيات، والتوعية بالعوامل المترتبة على التمييز بين الذكور والإناث، وكذلك التوعية بمخاطر الزواج المبكر ونتائجه وأضراره على الأسرة والمجتمع.
مضيفة يجب أن توضع الحلول المناسبة لمشكلات الاختلاط بالتعليم، عن طريق استخدام المدرسة فترتين تُخصص إحداهما لتعليم البنات، وأيضًا العمل على إلحاق الفتيات في عمر العاشرة ضمن إطار جهاز محو الأمية، ليتمكنَّ من مواصلة التعليم النظامي، والعمل من خلال وسائل الإعلام المختلفة على نشر الرسائل التوعوية لتوعية المجتمع، وغرس المفاهيم التي تؤدي إلى احترام إنسانية المرأة ومشاعرها.
وتُذكِّر مديرة عام المشاركة المجتمعية بقطاع تعليم الفتاة، وزارة التربية والتعليم في عدن، أنَّ دور وزارة التربية والمنظمات الدولية هو توفير عقود لمعلمات الريف، وهذا بدوره يقلل من نسبة تسرب الفتيات، ويؤدي إلى زيادة إقبالهن على التعليم، والجدير بالذكرَّ أنَّ واقع تعليم الفتاة استطاع تخطي الكثير من الصعوبات والعقبات بتضافر جهود جميع أطراف العملية التعليمية والتربوية، وإعطاء أهمية بالغة لتفعيل دور مجالس الآباء والأمهات، وذلك بعدِّه محور اهتمام وزارة التربية والجهات المانحة.
وبدورها أكدت (مديرة مدرسة الفقيدة نور حيدر – عدن الأستاذة أشواق طه) أنَّ للتثقيف والتوعية وتكاثف جهود أولياء الأمور والشخصيات المجتمعية ورجال الأعمال وخطباء المساجد ووسائل الإعلام بأنواعها والنشرات التوعوية دور كبير وبارز في زيادة الوعي بأهمية تعليم الفتاة، بالإضافة إلى توفير المستلزمات الدراسية، ووجبات الإفطار للطلاب ذوي الدخل المحدود والطالبات المتعثرات، مشددة في حديثها على أهمية الإيمان بأنَّ تعليم الفتيات لا يقل عن تعليم الفتيان، وأنَّ المرأة المتعلمة قادرة على إخراج جيل واعٍ ومسؤول.
نماذج ناجحة
الفقيدة نور حيدر (إحدى النماذج النسوية البارزة في محافظة عدن) بدأت تعليمها بما يسمى “المعلامة والكتاتيب” على يد والدها حيدر سعيد في أحد أحياء الشيخ عثمان، وكانت تتعلم حينها هي وأختها مع الأولاد، وصارت أول امرأة تتلقى التعليم في عدن والجزيرة العربية.
وتؤكد -الأستاذة أشواق طه- أنَّ الفقيدة نور حيدر بعد أن أكملت تعليمها لم تتوقف بل طرقت باب كل منزل تتواجد فيه الفتيات لتعليمهن، وكانت في بادئ الأمر تُقابَل بالرفض، لكنَّها بذلت جهودًا كبيرة لتعليم الفتيات في منزلها.
مضيفة أنَّ الفترة التي بدأت بها الفقيدة نور حيدر حركة التعليم، كانت عدن تحت حكم الاستعمار البريطاني، وحينها قامت بريطانيا بتشجيع الحركة، فقررت بناء دورين دور سكنت فيه الفقيدة مع أسرتها ودور كان للتعليم.
ومع ازدياد توافد البنات للتعليم طلبت الفقيدة نور حيدر بناء مدرسة لتكون النواة الأولى لتعليم الفتيات داخل عدن، وتوافد إليها الفتيات من كافة المناطق في عدن، وتخرجت فيها الكثير من الشخصيات البارزة والتي لعبت دوراً كبيراً في الحركة الثقافية والسياسية والفنية.
وفي محافظة أبين نهجت الكثير من الفتيات نهج الفقيدة نور حيدر وغيرها من النساء الرائدات المتعلمات، “سعيدة أحمد” إحدى الفتيات المناضلات والتي استطاعت بعزيمتها وإرادتها أن تكمل دراستها رغم الظروف المادية الصعبة لأسرتها قائلة: “كنت في المرحلة الأساسية، وحينها عملت ودرست في نفس الوقت حتى أستطيع توفير مستلزمات دراستي، عملت في البيوت وفي أعمال أخرى واستطعت أن أكمل دراستي”.
مضيفة “درست التمريض والقبالة والآن أساعد بناتي في إكمال دراستهم، وأساندهم وأريدهن أن يحققن ما حققته من نجاح؛ لأنَّ بدون التعليم ما كنت أستطع الوصول إلى ما وصلت إليه”.
وختمت حديثها برسالة موجهة إلى المجتمع بشكل عام وإلى الأسر بشكل خاص، تدعوهم فيها إلى ضرورة تعليم بناتهم؛ لضمان عيش حياة كريمة.
استطلاع.. 90%: يوجد تمييز نوعي في نيل فرص التعليم باليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد توصلت نتائج استبيان إلكتروني نفذته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في…