‫الرئيسية‬ تقارير وتحقيقات 1.6 مليون  طفل عامل في اليمن.. والعدد في تزايد جراء استمرار الصراع

1.6 مليون  طفل عامل في اليمن.. والعدد في تزايد جراء استمرار الصراع

صوت الأمل – علياء محمد

1.6 مليون  طفل يمني  يعملون في مهن مختلفة، محرومون من أبسط حقوقهم، جاء هذا في نتائج المسح الميداني الذي أُجري في العام 2010م، بالتعاون مع البرنامج الدولي للقضاء على عمل الأطفال التابع لمنظمة العمل الدولية  والصندوق الاجتماعي للتنمية وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة اليونيسف وصدرت  نتائجه في العام 2013م، وأشارت  تقارير أخرى  إلى أنَّ العدد قد يتضاعف؛ بسبب استمرار الصراع .

لقد انعكست التغيرات التي شهدتها اليمن منذ ثمان سنوات على توسع ظاهرة عمالة الأطفال؛ إذ ظهرت العديد من العوامل  والتحديات التي تركت أثرها الواضح  في انتشار هذا الظاهرة بالمجتمع اليمني.

تحديات اقتصادية

حذرت الأمم المتحدة من خطر الكارثة الإنسانية  التي تطال اليمنيين؛ جراء انخفاض قيمة الريال اليمني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والاستهلاكية؛ الأمر الذي فاقم حالة الجوع في اليمن.

وأوضحت في تقريرها الصادر في العام 2021م، أنَّ انعدام الأمن الغذائي يتصاعد في 20 دولة ومنطقة وفي مقدمتها اليمن وإثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان.

ووفقًا لتقرير “نقاط الجوع الساخنة” الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، فإنَّ اليمن لا تزال من البلدان الأكثر إثارة للقلق. ويؤكد أيضًا أنَّ نصف العائلات اليمنية تستهلك الآن طعامًا أقل مما يحتاجه جسم الإنسان ليعيش سليمًا.

“وَقعُ النزاع قاسٍ على الأطفال؛ قتلَ طفولتهم المبكرة، وحرمهم من أبسط حقوقهم، وأصبح الطفل الحلقة الأضعف بين فئات المجتمع”، هذا ما قالته لـ “صوت الأمل” سماح الخولاني (مدير عام المكتب اليمني للتنمية والاستشارات).

مشيرة إلى  أنَّ الأزمات الاقتصادية والمالية  أوصلت عدداً كبيراً من الأسر اليمنية إلى  خط الفقر؛ الأمر الذي  زاد من انتشار عمالة الأطفال، فقد خرج الكثير منهم للبحث عن فرص عمل تلبي احتياجات أسرهم، لا سيما الأسر التي فقدت عائلها في الصراع القائم، وأنَّ هُناك أسباباً أخرى، كانقطاع الرواتب والتسريح من العمل وزيادة نسبة البطالة وارتفاع الأسعار وتدني مستوى الدخل.

وفي ذات السياق، ترى الخولاني أن عمالة الأطفال تُوقع أجيالاً في مستنقع الجهل فلا تستطيع النهوض بأمتها، ولا المساهمة في تطورها، سواء في ميدان الاقتصاد أو غيره من الميادين؛ فيجد المجتمع نفسه واقعاً بين الفقر والجهل في آنٍ واحد.

مضيفة أنه لا توجد معالجات من قبل الدولة للحد من انتشار الظاهرة؛ بسبب ما تمر به البلاد من أوضاع اقتصادية صعبة حالت بينها وبين إطلاق مشاريع تنموية، لا سيما لذوي الدخل المحدود وتبنيهم ومساعدتهم على النمو الاقتصادي.

تحديات اجتماعية

يرى الباحث الاجتماعي (منصور الصلوي) أنَّ التدني التعليمي للأسرة وكبر حجمها بزيادة عدد أفرادها؛ يجعل الأب غير قادر على تلبية احتياجات أفراد الأسرة. وهنا تبدأ الخلافات الاجتماعية وتكثر المشاكل وتشتد  يومًا بعد يوم، مما قد يؤدي إلى التفكك الأسري، الأمر الذي قد يدفع عدداً كبيراً من الأطفال للخروج إلى سوق العمل لمساعدة أسرهم.

مؤكدًا على وجود عوامل ثقافية تزيد من انتشار ظاهرة عمالة الأطفال أهمها: المعتقدات، والأعراف الاجتماعية –خصوصًا في المناطق الريفية- واعتقادهم بأنَّ عمل الأطفال يُحافظ  على حرفة الآباء والأجداد، وأنَّها أمانٌ لهم من الفقر في المستقبل، بالإضافة إلى عدِّ الطفل مُلكاً للأسرة، وتنشئته من الصغر ليكون أفضل من الأطفال في بقية الأسر – من ناحية تحميله المسؤولية-، غير مدركين أضرار وتأثير العمل على حالته الجسدية والنفسية.

كما يشدد الصلوي على أهمية  توفير الأمن، والاستقرار الاجتماعي للمواطنين؛  ليتمكنوا من ممارسة حياتهم الطبيعية كما يكفلها الدستور والقوانين، وصياغة سياسات تراعي مصلحة الأسر في ميادين العمل والتعليم والصحة والإسكان والضمان الاجتماعي؛ لإيجاد بيئة داعمة للأسر. بالإضافة إلى وضع آليات مناسبة تساعد الأسر التي ترعى أطفالًا، كما تُعين أفراد الأسرة الذين يعانون من حالة العجز، وبذل الجهود للمساعدة في بناء الروابط الأسرية في الظروف التي تتميز بالصعوبة –خاصة- الظروف التي تشمل أطفال الشوارع.

تحديات قانونية

تنص المادة  (32)  في الاتفاقية الدولية المعنية بالأطفال، التي صادقت عليها اليمن في العام 1991م، على حماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرًا وعائقًا أمام تعليم الطفل أو أن يضر بصحته.

وبدوره يُشير مطهر الخضمي (ناشط حقوقي) إلى أنَّ مواد قانون حقوق الطفل في اليمن،  تحظر عمل من هم دون سن الرابعة عشرة، كما تحظر تشغيل الطفل في الأعمال الصناعية  قبل بلوغه الخامسة عشرة، ولكن نتيجة لغياب تطبيق مواد القانون وما جاء  فيها من نصوص  معنية بحقوق الطفل العامل؛ زاد انتشار ظاهرة عمالة الأطفال، بالرغم من مصادقة اليمن على اتفاقية حقوق الطفل.

ويضيف الخضمي: “هناك قصور كبير في  تطبيق القوانين والتشريعات الخاصة بالأطفال وحمايتهم، وقصور في تفعيل نقابات وهيئات تضمن حقوقهم. بالإضافة إلى عدم وجود رقابة على أرباب العمل الذين يقومون باستغلال الأطفال في العمل بأعمال شاقة وبأجور قليلة؛ لذلك يجب  أن تفعل القوانين الخاصة بالطفولة، سواءٌ القوانين اليمنية أو القوانين والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها بلادنا، وعمل غرامات وعقوبات رداعة لأصحاب العمل المستغلين لحاجة الأطفال وعوزهم».

التغلب على التحديات

وحول أهم الطرق للتغلب على التحديات التي  تقف أمام الحد من انتشار ظاهرة عمالة الأطفال، يوضح مطهر الخضمي أنَّ الحلول تكون بتحسين الظروف الاقتصادية للأسر؛  حتى لا يلجأ الوالدان إلى دفع أبنائهم لسوق العمل، بالإضافة إلى  وضع حلول ملموسة للأسر التي ليس لها عائل سوى الطفل، ومنح الأسرة إعالة شهرية أو أي مصدر يساعدها في العيش.

مضيفاً إلى الحلول إيجاد مؤسسات ودور رعاية متخصصة بمواجهة عمالة الأطفال، وتقديم الرعاية الكاملة مما يضمن لهم حياة كريمة، وتفعيل دور المنظومة التعليمية بشكل جيد؛ من أجل أن يحد ذلك من انخراط الأطفال في سوق العمل.

ينتظر أطفال اليمن  بصيص أمل  ينتشلهم من مستنقع الجهل، والجوع، والفقر، ويعيد لهم حقهم الضائع  في الطفولة، فهم الحلقة الأضعف في بلد مزقه الصراع .

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…