أسباب اقتصادية واجتماعية تدفع الطفل في اليمن للعمل
صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ
اتجه الطفل أحمد سالم أخيرًا إلى محافظة ذمار للبحث عن عمل، ظنا منه أن ذمار ربما تكون المدينة التي تقل بها القوى العاملة وتتوفر بها فرص عمل عكس مدينته ومدن أخرى ذهب لها زملاء له وعادوا خائيبين.
الطفل أحمد (15عاما) ينحدر من إحدى المحافظات اليمنية التي يتجرع أبناءها مرارة الصراع وويلاته، أجبره وضع أسرته أن يترك تعليمه ويتجه للعمل، والده الذي يعمل في صندوق النظافة والتحسين، ومع استلام والده جزء من الراتب، وليس كاملا وعجزه عن توفير كل ما تتطلبه أسرته المكونة من سبعة افراد، رحب بعمل طفله وشجعه على السفر والبحث عن عمل، حتى يتسنى لابنه أحمد مساعدته في متطلبات الأسرة.
يتكرر سيناريو هذه القصة في أكثر من مجتمع وداخل الكثير من الأسر في البلاد، فالظروف المعيشية أجبرت غالبية الأطفال على التخلي عن طفولتهم الناعمة والانخراط في مهن مختلفة؛ لانقاذ اهاليهم من الجوع والفقر الذي يطحن البلاد -لاسيما- في سنوات الصراع.
دوافع عمالة الأطفال في اليمن
(تقول الأكاديمية منى الميري-استاذ علم نفس جامعة صنعاء) لـ “صوت الأمل” أن ظاهرة عمالة الأطفال أكبر أسبابها هو الفقر وما يترتب عليه من تداعيات، بالإضافة إلى البطالة التي يعاني منها كثير من معيلي الأسر، قلة الدخل الذي يؤدي إلى حدوث الشجار بين الوالدين؛ وذلك يؤثر في نفسية الطفل الذي يشعر بأن من واجبه مساعدة أهله، فيساعد في توفير المصروف بخروجه للشارع بقدراته البسيطة وهي بيع مناديل أو مسح سيارات وقد يكون العمل فوق مستوى تحمله جسديًا.
تضيف الميري عن أسباب عمالة الأطفال: “ما تمر به اليمن من أزمات بسبب الصراع؛ أدى إلى أسوء الحالات للبلاد بشكل عام وبالتالي المجتمع والأسرة وتؤثر على الفئة الأضعف وهو الطفل وأول تضحية يقدمها هو خروجه من المدرسة فيعمل من أجل أسرته.
مواصلة حديثها قائلة: “الأطفال العاملون في اليمن يشكلون نسبة كبيرة حد وصفها-؛ بسبب الصراع يعملون بدون اي خبرات، أكثرهم حالات تسرب من التعليم؛ بسبب انشغال وقتهم و ارتفاع تكلفة التعليم بالنسبة لهم وهذا واقعهم.
وتزيد، عمالة الأطفال تؤثر على إعاقة عجلة التقدم اجتماعيًا واقتصاديًا لانعدام الخبرات العاملة في السوق، بالإضافة إلى وضع اليمن المُصنف تحت خط الفقر بمراحل كثيرة.
مشيرة إلى مجموعة من الحلول لمكافحة ظاهرة عمالة الأطفال قائلة: “تحتاج المكافحة إلى وعي مجتمعي، وتكاتف وتكافل لمناقشة الوضع، وكيفية الخروج من هذه الأزمه التي تمر بها اليمن، وبشكل تدريجي بحسب الواقع الفعلي، ويتم ذلك من خلال النقاشات ولكن بشكل مدروس ومخطط له بشأن التوعيه بأهمية تنمية وعي فكري ورفع خبرات المجتمع بما يتطلبه سوق العمل والصناعة، بشكل يحفظ حقوق الجميع في كافة تحركاتهم لمختلف أوجه النشاط المجتمعي. أيضًا التوعية من خلال وسائل الإعلام، المساجد، المدارس، المناسبات.
مردفة أن عمل نظام الاسره المنتجه لرفع المستوى الاقتصادي للاسرة، سيخفف العبء على الطفل، ويكون فيه احساس اسري بأهمية العمل واثره على كامل افراد الاسره وادراك اهمية العمل وتطويره الامر الذي يدفعهم الى رفع مستوى الوعي.
من جهته يقول (رضوان الشرجبي وهو باحث متخصص في قضايا حماية الطفولة): “كلما ظهرت مؤشرات الفقر في المجتمع تزيد مؤشرات عمالة الأطفال، حيث تدفع الكثير من الأسر أطفالها للعمل -في الغالب- الى أسوء أشكال عمالة الأطفال وهي العمالة التي يكون فيها مخاطر على السلامة النفسية والجسدية للطفل.
الطفل العامل والنشاط الاقتصادي
حدد قانون حقوق الطفل اليمني، الطفل العامل بأنَّه: من بلغ عمره أربع عشرة سنة، ويحظر عمل من هم دون ذلك السن، وحظر تشغيل الطفل في الأعمال الصناعية قبل بلوغه سن الخامسة عشرة.
وكانت اتفاقية حقوق الطفل الصادرة من الأمم المتحدة قد عرفت الطفل بقولها: “الطفل الإنسان هو الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه”.
عرَّف برادفورد ديلونغ (الاقتصادي الأمريكي)، النشاط الاقتصادي بقوله: “في أي وقت أنت تعمل فيه لدى شخص آخر ومقابل أجر، يُعد ذلك نشاطاً اقتصادياً، وفي أي وقت عندما يشتري المرء شيئاً ما من متجر، فإنَّ ذلك يُعد نشاطاً اقتصادياً، وفي أي وقت تقوم الدولة بفرض ضريبة عليه وتقوم هي بإنفاق ما حصلت عليه من إيراد ضريبي لبناء جسر على سبيل المثال، فإنَّ ذلك يُعدّ نشاطاً اقتصادياً».
بالرغم من القوانين التي حددت سن الطفل في العمل، فإنَّ ظاهرة عمالة الأطفال في تزايد -خاصة- في ظل الصراع وتدهور الأوضاع الاقتصادية اليمنية، لذا فإنَّ الرقابة وتفعيل القوانين التي تحمي حقوق الطفل ضرورة وتستدعي تدخل الجهات المعنية للحد من الظاهرة.
تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه
صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم) يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…