انقسام السياسة النقدية يؤثر على استقرار العملة والاقتصاد اليمني
صوت الأمل – حنين الوحش
أدى الصراع في اليمن إلى انهيار الاقتصاد فيها وتدهور العملة الوطنية، وانخفاض في قيمة الريال اليمني في السوق المحلية؛ ترتب على إثره العديد من المعاناة لدى المواطنين في كافة المناحي والجوانب الحياتية التي تتنبأ أكثر بتسريع المجاعة في المجتمع.
ومن تلك المعاناة الوضع الاقتصادي الهش وأزمة السيولة في البلاد وانقسام البنك بين صنعاء وعدن وطباعة عملات جديدة واختفاء بعض العملات وتداول الكثير من السيولة النقدية خارج الدورة المصرفية وعدم قدرة الفاعلين والجهات في الدولة على السيطرة، ووضع حلول للتحكم بالدورة المصرفية والحفاظ على قيمة الريال على النمط العام للمواطنين، وزيادة حالات الفقر المدقع التي لم يتعين لها حلول مؤكدة حتى وقتنا الحالي.
تقارير ودراسات
في تقرير لإعادة تصور اقتصاد اليمن للعام 2020م، استعرض معاناة اليمن من العديد من الاختلالات الهيكلية المتراكمة منذ ما قبل الصراع الحالي والتي تؤثر في استقرار العملة والاقتصاد بشكل عام، ومن أهم الأسباب الذي لخصها التقرير هو انخفاض رصيد الأصول الخارجية من العملات الأجنبية للبنك المركزي اليمني، متمثلة في استنفاذ الأرصدة الموجودة في بداية اندلاع الصراع، وانخفاض تصدير النفط، وتوقف تصدير الغاز بالإضافة إلى انخفاض رصيد الأصول الخارجية للبنك المركزي، انخفضت كذلك تحويلات المغتربين بالعملة الصعبة، إضافة إلى عدم التنسيق بين السياسية المالية للحكومة، والسياسة النقدية للبنك المركزي اليمني، في ظل تضخم عجز الموازنة الحكومية، وتغطيته بالسحب على المكشوف من البنك المركزي عن طريق طباعة وإصدار العملة دون غطاء.
وأضاف التقرير عدة أسباب أخرى منها أنَّ انقسام السياسة النقدية بين صنعاء وعدن، والاستخدام السياسي للتغيرات في سعر الصرف والخلافات حول آليات تغطية الاعتمادات المستندية من الوديعة، وانعكاسات الأوضاع الأمنية والسياسية على عمل البنك المركزي وضعف التدخلات النقدية الفعالة من قبل البنك المركزي، وعدم التزام السلطات المحلية في بعض المحافظات بتوريد الإيرادات السيادية المركزية والمحلية إلى حساب الحكومة العام طرف البنك المركزي اليمني في عدن أو فروعه في المحافظات، وقطع أغلبية البنوك المراسلة لعلاقتها مع العديد من البنوك اليمنية؛ نظراً لحالة الصراع الجارية في البلاد ووضع البنك المركزي وضعف قدرات بعض البنوك.
ومن جانبه أوضحت نشرة بعنوان “تجدد انخفاض قيمة العملة وتباين في السياسة النقدية بين صنعاء وعدن” أنَّ تأرجح وضع العملة اليمنية أخيرًا واستمرار تدهور قيمة الريال في فترة الصراع، يثير مخاوف واسعة النطاق من أن يكون الريال في طريقه نحو المزيد من التدهور الحاد، ما يعني حالة من التضخم الجامح في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجات سكانه الغذائية وعدَّته الأمم المتحدة يمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وسيؤدي التدهور الشديد في القوة الشرائية للعملة المحلية وما سيتبعها من تضخم جامح إلى جعل معظم اليمنيين عاجزين عن شراء الأغذية وغيرها من السلع الأساسية.
وأضافت النشرة أنَّ الانقسام وانخفاض قيمة الريال في مناطق الشمال وتعويم العملة المحلية وفقاً لسعر السوق في الجنوب خلق فجوة وفي حال مضت السلطات في خطتها وحاولت فرض سياسة نقدية منفصلة فستقوم بتوسيع الشرخ الذي يعاني منه البنك المركزي اليمني بوصفه مؤسسة بحسب خطوط الصراع على الأرض، ومن شأن ذلك ترسيم يمنين وكيانين اقتصاديين متمايزين .
وجهة نظر اقتصادية
وعن وجهة نظر المختصين الاقتصاديين حول الأوراق النقدية والوضع المالي المتدهور يقول عبد الله قائد(دكتور الاقتصاد) أنَّ الاقتصاد لن يستقر إلا بوقف الصراع والوصول إلى تسوية سياسية ولذا تظل الأولوية القصوى لتكثيف جهود وقف الصراع، والوصول إلى حل سياسي يضمن السلام ومع ذلك من المهم اتخاذ إجراءات من قبل الجهات المختصة في معالجة التدهور الاقتصادي؛ لتخفيف معاناة المواطنين إلى حين توقف الصراع.
مؤكدًا على أنَّ من أهم الخطوات التي من المهم أن تُتخذ لكبح التدهور في قيمة الريال اليمني، وجود إدارة واحدة في مجال السياسة النقدية متفق عليها من قبل كافة الأطراف السياسية ويتم تمكينها من القيام بعملها.
ومن جانبه عبد الرحمن حيدر(الخبير الاقتصادي) يوضح أنَّه من الضروري وجود انسجام بين جميع الأطراف المعنية على مجلس إدارة جديد للبنك المركزي اليمني، والإشراف على الجهات المصرفية من بنوك وشركات صرافة وتنسيق إدارة الموارد من العملة الصعبة، لذا لا بد من إيجاد حوافز؛ لتشجيع الأطراف والمساهمة في توجيه موارد العملة الصعبة من قبل المجتمع الدولي، وتعاون الجهات المانحة في التمويل لرفع كفاءة البنوك اليمنية للامتثال لمتطلبات ومعايير مكافحة غسل الأموال؛ من أجل رفع أي قيود عن البنوك اليمنية المرتبطة بإجراء المعاملات الدولية، وتمويل التجارة الخارجية لليمن وإعادة العلاقات مع البنوك المراسلة، بالإضافة إلى تفعيل التواصل بين البنوك اليمنية والجهات الرسمية والبنوك الدولية للحصول على تسهيلات للاعتمادات البنكية. مشيرًا إلى ضرورة استمرار تحويل النفقات عبر البنك المركزي، وتوجيه المانحين إلى أن يكون الدعم المقدم عبر القنوات بحيث يعظم الاستفادة منه في جانب الاستقرار النقدي.
آراء العاملين في مجال الصرافة
رائد عبد الله (أحد العاملين في إحدى شركات الصرافة في صنعاء)، يوضح أنَّ العملة الجديدة التي تمت طباعتها في معظم المحافظات، أدت إلى تدهور العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وبالتالي فإنَّ رأس المال ينتهي مع كل إصدار يطبع، وبالتالي فإنَّ حجم التدهور الذي يرافق الريال اليمني والتضخم الحاصل في الأوراق النقدية الجديدة هي عملية للتخريب الاقتصادي تشكل اضطراباً للمواطنين؛ لذا من الضروري جدًا توحيد العملة بالعملة القديمة وتداولها في كل المحافظات من أجل التسوية الاقتصادية في البلد.
وفي ذات السياق يبين عبد الرحمن أحمد(عامل في شركة صرافة في محافظة عدن)، أنَّ إصدار عملة وطبعة جديدة في محافظة عدن وعدد من المحافظات؛ حدث بسبب تفاقم الأزمة النقدية وانتهاء بعض الأوراق النقدية وبطبيعة الحال فإنَّ هذا الوضع يؤثر على النشاط الاقتصادي، بشكل عام وعلى أوضاع المواطنين، ويشكل أزمة لهم في عملية التحويلات النقدية من محافظة إلى أخرى –خصوصًا- أنَّ الاقتصاد واحد وعوامل الإنتاج واحدة والانقسام الحاصل لا يزيد إلا من عبء المواطنين.
تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه
صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم) يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…