‫الرئيسية‬ تقارير وتحقيقات ضحايا الاتجار بالبشر من ذوي الإعاقة بين الانتهاكات وضياع الحقوق

ضحايا الاتجار بالبشر من ذوي الإعاقة بين الانتهاكات وضياع الحقوق

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

ما إن تدخل أسواق المدن اليمنية أو تمر من شوارعها، أو تخرج من أحد المطاعم أو تدخل مستشفى ما، إلا وتجد متسولين بجانبهم شخص معاق إما جسديًا أو عقليًا، يستعطفون به الناس من أجل الحصول على المساعدة.

 لا يمكن الجزم أنَّ هؤلاء جميعًا ينون من ذلك الاسترزاق بأقربائهم المعاقين. الظروف الاقتصادية  التي يعيشها ملايين اليمنيين والعجز المادي الذي يحيط بالكثير من الأسر في البلاد؛ أجبرت البعض منها على الخروج للتسول برفقة ذويهم المعاقين؛ بقصد إنقاذهم ومساعدتهم على مواجهة المتاعب والمعاناة التي تحاصرهم  -خاصة- في ظل الصراع.

 وهي فترة جعلت الإنسان في اليمن يواجه واقعاً استثنائياً لم يعرفه من قبل، لكن في المقابل دفعت هذه الظروف والفوضى في البلاد بعض أهالي المعاقين إلى استغلال إعاقة أبنائهم؛ لتحقيق مكاسب أو أرباح شخصية.

 وهذا النوع من الاستغلال عدَّه بيان صادر للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأنَّه ضمن الاتجار بالبشر، نشر على موقع المفوضية بتاريخ12  أبريل 2022م، حيث جاء بالبيان “إنّ الاتجار بالبشر جريمة يتعرض ضحاياها للخداع والإكراه، ويعلقون في مصيدة الاستغلال من قبل آخرين يسعون لتحقيق مكاسب أو أرباح شخصية، كما أنَّه قد يتخذ عدة أشكال – مثل الاستغلال الجنسي وسواها من صيغ العنف القائم على نوع الجنس، والسخرية والاستعباد المنزلي وسواها من الممارسات المشابهة للعبودية، فضلاً عن الإكراه على التسول أو ممارسة أنشطة إجرامية”.

ذوي الإعاقة في اليمن

 “في حديث مع إحدى الصديقات الهاربات من وصف الإعاقة _وكأنَّها وصمة عار_ طلبت مني مساعدتها في إنجاز بحث لها متعلق بوضع المعاقين في اليمن –تحديدًا- في الجامعات اليمنية، وكان أول ما قدمته لها، ألا تنظر لنفسها بدونية وألا تقضي وقتها بحثًا عن مسميات ناعمة تمنحها وهماً وتخديراً…وفي أثناء عملنا على البحث، صادفنا من يقول: “البلاد كلها معاقة بالصراع وأنتم تحاولون النبش في الفراغ الوخيم! هذه أول الكوارث التي نعانيها، عَدُّ حال المعاق ووضعه ومشاكله، مجرد أمور هامشية، مكانها ووقتها بعد إنجاز وتحقيق احتياجات الآخرين!؛ ولأنَّ الكثيرين يعدون ما يطلبه المعاقون هبة وتفضلاً وصدقة، سيظل الأمر في خانة السوء بل الأسوأ، فنحن نتحدث عن حقوق كفلها الدستور وليس زكاة فطر أو صدقة جارية” بهذه الكلمات يبدأ محمد الشميري(وهو صيدلاني وكاتب (معاق حركيًا)) حديثه عن حال ذوي الإعاقة في اليمن.

يواصل حديثه قائلًا: “أعود للحديث عن الحق في التعليم والحق في الصحة والحق في التوظيف، وهنا لا بد من الإشارة لنقطة هامة وحيوية جداً، فبالرغم من ضعف التعليم عمومًا، لكن يبقى حقنا في سهولة الوصول لمرافق الدراسة، وأعني هنا، على سبيل المثال لا الحصر، وجود مصاعد خاصة بذوي الإعاقة الحركية، وليس كما حدث مع صديقتي التي طالبت بنقل قاعة الدرس للدور الأرضي أو تسهيل الوصول للمصعد، فكان رد إحدى الجامعات الخاصة: عليك توفير شغالة تحملك!، كل فئات المعاقين لا تحصل على حقها التعليمي، مثل المناهج الخاصة بالمكفوفين، كذلك عند التوظيف ورغم وجود قانون وحصة الـ 5% فإنَّ الواقع لا يمنح المعاق شيئًا من هذا، ويتم استغلالهم”.

يضيف قائلًا: “كل هذا وأكثر، في ظروف ما قبل الصراع، أما الآن، فأستطيع القول دون أي شعور بالعيب: الإعاقة الكبرى هو ما نعيشه الآن، فقدان الوظائف لمن كان لديه وظيفة (مثل إعاقتي) بل فقدان القدرة على البحث عن عمل مناسب، والحجة -كما أسلفت سابقًا- البلد كلها تعاني”.

يقول الشميري: “في صنعاء سألتني صديقة :لماذا لا تذهب إلى صندوق رعاية المعاقين؟ ضحكت طويلاً ثم قلت بدل المواصلات إلى مقر الصندوق يفوق نصف الراتب الذي كنا نحصل عليه مرة في السنة، وليتهم يسهلون عملية التواصل إلكترونيًا عبر موقع خاص، فهل هناك عوائق وإعاقة أشد من هذه؟!”.

ويزيد “أقول هذا سريعاً، وأنا رجل في مجتمع يرى للرجل فضلاً كبيراً، فما بالنا بالمعاقات من النساء، وقد تضاعفت محنتهن، ولا بد من الإشارة لحالتي مثلاً، لا أعجز عن طلب مساعدة وأنا في الشارع أو أمام مبنى من عدة طوابق، ليحملني الشباب، فهل تستطيع البنت طلب ذلك؟!”

يختم حديثه قائلاً: “هذا عن خبرة ودراية، إنَّ أكثر من يتاجر بحق المعاقين هم القائمون على الجمعيات والمنظمات، وقد خضت ذات مرة نقاشًا حادًا مع جمعية المعاقين في الحديدة وقلت: إن كان الاتجار بالبشر جريمة، فالاتجار بالمعاقين أشد جرمًا وبشاعة، وبمناسبة الحديث عن دور المنظمات والمؤتمرات التي تقام في عموم اليمن حاليًا أتساءل :أين هم المعاقون في دعوات الحضور والمشاركة؟!”.

ذكر تقرير تابع لمنظمة العفو الدولية، نشر في الثالث من ديسمبر 2019 م أنَّ عدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في اليمن يبلغ ما لا يقل عن أربعة ملايين ونصف المليون نسمة أي حوالي 15% من عدد السكان، وأكد التقرير أنَّ عدد أولئك الأشخاص قد يكون أكثر نظرًا لندرة البيانات الموثوقة.

الاتجار بذوي الإعاقة ومعاناتهم

تقول عائشة علي (وهي أم لأربعة أطفال(ثلاث ذكور وفتاة) يعمل زوجها في بوفية إحدى المدارس، يعاني ابنهم أدهم  من ضمور منذ طفولته، عملوا ما بوسعهم عمله؛ كي يتحسن ورغم أنَّه تعافى بعد بلوغ سبع  سنوات فإنَّه لا يزال يحتاج للعلاج.

تقول عائشة: “أتعجب من بعض الأهالي كيف يستغلون إعاقة أبنائهم من أجل جمع المال والحصول على مساعدات، أشعر بالحزن كلما أرى معاقًا يتنقل به ذويه من سوق إلى آخر ومن شارع إلى آخر؛ وأمام المنشآت الخدمية والتعليمية من أجل استعطاف الناس؛ للحصول على رزق على حساب إعاقة أطفالهم أو أي شخص معاق من الأسرة”.

تحكي عائشة عن أحد جيرانها  في الحي التي تسكن فيه، وكيف يتاجر بإعاقة طفله، تقول: “أشاهده يخرج كل يوم مع طفله المصاب بإعاقة ذهنية،  وهي أسرة تعاني من تدهور مادي وفقر شديدين، وربما يعدُّ هذا المعاق طريقتهم للاسترزاق، فلا تمر أغلب أيام الأسبوع إلا وتجد هذا الرجل يجوب بطفله الشوارع والأسواق وعند أبواب المحال التجارية والمنشآت الأخرى”.

مضيفة أنَّهم لم يكونوا يعلموا أنَّ الأب يخرج طفله من أجل التسول، وكان يتستر أمام أهل الحي في حال وجد شخصاً معروفاً من أقاربه أو جيرانه، ويحاول الفرار أو يختفي من أمامه، مؤكدة: “في إحدى ليالي رمضان ذهبنا إلى السوق أنا وجارتي وأطفالنا؛ لشراء ملابس العيد وفجأة وجدنا جارنا يتسول هناك، يطلب من المارة إعطاء ابنه المعاق مساعدة، حينها أخبرتني جارتي أنَّها تجده بالصدفه أكثر من مرة في الشارع القريب لأحد أقاربها يتسول ومعه طفله أمام محلات تجارية”.

من جهته يذكر أمير عقلان(رئيس مركز ذوي الإعاقة للتنمية والتأهيل بمحافظة تعز) لـ “صوت الأمل”، أنَّ بعض الأسر تجدها تستخدم المعاق من أفرادها وسيلة لكسب الرزق، فيقدمه للجهات والأشخاص بغرض أنَّ هذا المعاق بحاجة للمساعدة، من أجل توفير احتياجاته إما بالتسول بشكل صريح أو بطريقة أخرى، ولا يحصل المعاق على حقه من هذه المساعدات لا من الجانب المادي ولا المعنوي من بناء قدراته في الجانب العلمي والجانب التنموي الذي يجعله يعتمد على  نفسه في بناء أسرته ومجتمعه.

مواصلًا حديثه “يعود سبب ذلك إلى نقص الوعي لدى أولياء الأمور بحقوق المعاق، وكيفية التعامل مع المعاق وتنمية قدراته  فهم لا يدركون أنَّ الإعاقة ليست نقصاً، ويجهلون أنَّه لو تم الاهتمام به وبناء قدراته  وتطوير مهارته قد يصبح إنساناً يتحدى كل الصعوبات والمعوقات وسيكون محل إلهام للكثير”.

يضيف عقلان أنَّ هناك أسباباً أخرى تتمثل في الوضع المعيشي للأسرة فيجبرهم على التسول واستثمار الإعاقة، ويرى –عقلان- أنَّ غياب دور الجهات المعنية سواءً الدولة والمنظمات المحلية والدولية في معالجة الإشكاليات مثل دعم أسرالمعاقين بمشاريع تمكين اقتصادي ليكن مصدر دخل يواجهون به الظروف المعيشية ويوفرون متطلبات الحياة.

يقول إبراهيم المنيفي(وهو صحفي وناشط في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة): “مسألة المتاجرة بقضايا ذوي الإعاقة بعيد عن مصطلح الاتجار بالبشر، للأسف الدولة رفعت يدها عن الأشخاص ذوي الإعاقة منذ زمن طويل، فالاهتمام الذي يحصل عليه ذوي الإعاقة من الدولة اهتمام هامشي وبسيط، أغلب الأدوار والمهام والخدمات التي أعطيت لذوي الإعاقة كانت من منظمات مجتمع مدني في الغالب أنشأها أشخاص من ذوي الإعاقة أنفسهم”.

مضيفًا “ولأنَّه جهد مدني لم ترعه الدول وبالتالي انحرف عن مساره، فللأسف بعض الجمعيات والمؤسسات باتت تعمل لتحقيق مآرب شخصية لانتفاع زمرة أو مجموعات معينة وحرمان مجموعة أخرى، حتى الجمعيات والمؤسسات التي لها بصمات في الميدان، إذ أنَّه لا توجد فيها  شفافية أو ديمقراطية ولا نزاهه في حساباتها المالية والإدارية، الفساد المالي والإداري حتى في المنظمات الأكثر عملاً على أرض الواقع”.

يستدرك المنيفي صورة من صور الاستغلال لذوي الإعاقة، هي أنَّ بعض الأسر يستغلون أبناءهم للتسول، يرى المنيفي أنَّ مسألة الحقوق والانتهاكات التي يتعرض لها ذوي الإعاقة لا أحد يتحدث عنها وأنَّ الجمعيات والمؤسسات أصبحت  تهتم بمسألة  توفير السلات الغذائية، وبعض أدوات الحماية والاستجابة.

ويقول المنيفي في حديثه أنَّ الجهات المسؤولة تتحمل قضية المتاجرة بقضايا ذوي الإعاقة، مؤسسات ذوي الإعاقة التي هي جزء كبير منها شريك في هذه المتاجرة؛ فيجب أن يكون هناك دور للاتحاد الدولي للمعاقين، وجمعية المعاقين اليمنيين، منظمات حقوق الإنسان العاملة في اليمن يجب أن تكون ضمن آلية الرصد والتقييم لإحالة حقوق الإنسان في اليمن ومواضيع الانتهاكات التي يتعرض لها بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة أسوة بإدراج قضايا أخرى مثل: قضايا المرأة والطفل وقضايا الأقليات.

مشيرًا إلى أنَّ المنظمات الدولية العاملة في اليمن لم تدمج قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن أطرها المؤسسية، منظور الإعاقة التي أقرته الأمم المتحدة في منتصف2019 م وبدأ التقييم عليه في 2021م وهو إدماج المعاقين في أطر المؤسسات، ابتداءً من التخطيط لسياسات وانتهاءً بتنفيذها على الميدان وإدماجهم ضمن هياكلها الإدارية والميدانية لم يحصل شيء من هذا، بل إنَّ المنظمات تحرم الأشخاص من ذوي الإعاقة من كثير من الحقوق وتساويهم بفئات أخرى من المجتمع، رغم أنَّ ذوي الإعاقة هم الأكثر تعرضًا للصراع والأكثر دفعًا لثمنه.

حول معاناة ذوي الإعاقة في اليمن يقول أمير عقلان(رئيس مركز ذوي الإعاقة للتنمية والتأهيل بمحافظة تعز) تتمثل معاناة ذوي الإعاقة في اليمن في مختلف المجالات، أولاً في مجال التعليم، يجد ذوي الإعاقة معاناة كبيرة في كيفية الحصول على التعليم في ظل انعدام بيئة ملائمة تتناسب مع قدراتهم وميولهم ورغباتهم، ففي التعليم الأساسي لا توجد مدارس مؤهلة ومهيئة ومجهزة، فالمعاق حركيًا يحتاج إلى ممرات خاصة له ويحتاج إلى أجهزة تعويضية (عربيات متحركة- عكازات).

يقول عقلان أنَّ ذوي الإعاقة البصرية بحاجة إلى الالتفات لقضاياهم بعيدًا عن استغلالهم، وأنَّهم بحاجة إلى مناهج خاصة مكتوبة بلغة البرايل، والتي تعد الوسيلة المثلى لتعليمهم والنهوض بهم، في غياب دور الجهات المعنية بتوفير طابعة برايل لطباعة هذه المناهج وتوزيعها لذوي الإعاقة البصرية، وتدريب كادر متخصص للتعامل معهم وتدريبهم على هذه  الطريقة وتوفير آلة  برايل (لوحات مكتبات + أقلام برايل) وكذا مجسمات ونظارات طبية لضعاف البصر وتوفير أجهزة تعويضية كالعصا البيضاء والساعات الناطقة واللمس، وكذا عمل خط سير بالمرافق لذوي الإعاقة البصرية؛ للاعتماد  عليها في التنقل حيث إنَّه يوضع مواسيرصغيرة ملاصقة للجدران في المرافق بالسلالم وغيرها من الممرات بوصفها دليلاً إرشادياً لذوي الإعاقة البصرية وتمكنه من الاعتماد على نفسه في الحركة والتنقل إلى جانب العصا البيضاء.

يردف عقلان في حديثه “ففي ظل غياب دور الجهات المعنية في توفير متطلبات المعيشة للمعاق، وحمايته  يقلل من دوره في تنمية المجتمع وانعدام هذه الخدمات والتجهزات يضر الكثير ويتسرب الأغلب من التعليم ويتغير مسار المعاق من إنسان ناجح ومبدع ومتميز إلى إنسان عالة معتمد على التسول، وهي إهانة لإنسانيته وكرامته فالإنسان بطبيعة الحال مكرم بالفطرة”.

وعن من هم من فئة(الصم والبكم) يقول عقلان: “هذه أيضاً الشريحة من فئة المعاقين تعاني الكثير من الحرمان والاندماج الاجتماعي؛ بسبب صعوبة التخاطب والتواصل مع المجتمع ومن حولهم حتى أنَّ  نسبة المتعلمين قليلة بسبب عدم توفر المناهج التعليمية، بلغة الإشارة وعدم وجود وعي بأهمية وفهم لغة الإشارة للمعاقين والمجتمع”، مؤكدًا أنَّ تعليم ذوي الصم والبكم يجعلهم في مأمن من الاستغلال البشري.

يرى عقلان أنَّ على الجهات المعنية توفير مناهج خاصة بلغة الإشارة، واعتماد مادة لغة الإشارة ضمن المنهج المدرسي في المدارس، وهذا بقرار وزارة التربية والتعليم بحيث تكون مادة تعمم مثلها مثل مادة اللغة الإنجليزية وغيرها، وتدريب مدرسين بهذا الجانب؛ حتى يصبح المجتمع على دراية بكيفية  التعامل مع الصم، ويسهل انخراطهم في الوظائف العامة، وكذا توفيرالسماعات وعمل دورات في مجال لغة الإشارة لموظف واحد على  الأقل في المرافق الخدمية ليسهل استقبال الصم والتعامل معهم.

دور الجهات المعنية

يقول توفيق الزغروري(مدير تحرير صحيفة العزيمة الخاصة بشؤون المعاقين باليمن)، الصراع جعل كل المسؤولين  يحولون المعاقين إلى سلعه للبيع والاتجار بهم، أغلب مسؤولي الجمعيات المعنية بالمعاقين معتمدون على  كتابة التقارير الوهمية للميزانية؛ لكي يسرقوا هذه الميزانيات باسم المعاق وهذا الاتجار بالمعاقين.

مضيفًا أن هناك مسؤولي جمعيات شرفاء  يقدموا خدمات للمعاقين، ولكن بسبب الفساد الموجود بصندوق المعاقين والمنظمات  أصبحوا خارج إطار الجمعيات المعنية.

ويشير في حديثه قائلًا: “نجد أنَّ كل مسؤولي الجمعيات المعنية بكل فئاتهم الحركية، والصم والبكم والمكفوفين،  والإعاقه الذهنية والمزدوجة، والتوحد جميعهم  يعيشون  بين أربعه جدران (بمعزل عن الممساعدات)،  وخاصة في هذا الوضع  الاستثنائي  حيث  نجد مسؤولي هذه الجمعيات  يبحثون عن المعاقين في المناسبات الوطنية، فنجدهم يخرجون هؤلاء المعاقين من غرفهم المغلقة  لعرضهم في قاعات الحفل  والتصوير معهم  وبعد انتهاء الحفل يخرج المسؤولون من القاعات  ويعود المعاقون إلى غرفهم، نفس الغرف وهذا يعد من الاتجار بالبشر ذوي الإعاقة الخاصة”.

وقالت راوية راجح(كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات لدى منظمة العفو الدولية) في تقرير نشر على موقع منظمة العمل الدولية في الثالث من ديسمبر 2019م: “لقد اتسم النزاع في اليمن بهجومات غير مشروعة، وبعمليات نزوح، وبندرة الخدمات الأساسية، مما جعل الكثيرين يقاسون الشدائد من أجل البقاء على قيد الحياة، وصحيح أنَّ المتطلبات تفوق طاقة العمليات الإنسانية، ولكن الأشخاص ذوي الإعاقة، والذين هم أصلاً من أكثر الفئات تعرضاً للخطر وسط النزاع المسلح، ينبغي ألا يواجهوا صعوبات أكبر في الحصول على المساعدات الأساسية”.

أضافت راجح في التقرير ذاته: “على الجهات  المانحة والمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن أن تبذل  جهوداً حثيثة لحل الإشكاليات التي تعيق الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى أبسط احتياجاتهم الأساسية”.

في هذا الشأن يقول  أمير عقلان (رئيس مركز ذوي الإعاقة للتنمية والتاهيل بمحافظة تعز): “يجب  على وزارة الصحة أن تتخذ قراراً صارماً لكل المؤسسات  التي تعمل تحت إشرافها وإدارتها، إنَّ استقبال المعاقين، وتقديم كافة الخدمات من خلال توفير الأدوية لهم والمعاينات الطبية مجانًا، وغيرها”.

وعن دور المنظمات يذكر عقلان أنَّ الكثير من المنظمات والمؤسسات تعمل في مجالات مختلفة إلا أنَّ  دورها في خدمة المعاقين مغيب تمامًا، فلا يوجد نصيب من مشاريعها لذوي الإعاقة وإن وجدت من بعض المؤسسات، فهي لا تفي بما يتناسب مع عدد المعاقين واحتياجاتهم.

 يضيف عقلان: “نأمل من المؤسسات والمنظمات الرجوع إلى الجهات المختصة بذوي الإعاقة  في حالة دراسة وتخطيط وتنفيذ المشاريع، بل وإشراك ذوي الإعاقة لعمل دراسة احتياج حقيقة، فالمعاق أعلم بحاجته من غيره، ويجب على الجهات المختصة المشرفة على أعمال المنظمات والمؤسسات إلزامهم بعمل ما يجب للمعاقين، والرقابة عليها، وتوعية المجتمع بدور المعاق وحقوقه وتفعيل كافة القوانين التي كفلت له حقوقه وحمته”.

قوانين واتفاقيات

 عرف قانون رعاية وتأهيل المعاقين في الدستور اليمني، المعاق “هو كل شخص ذكر كان أو أنثى ثبت بالفحص الطبي أنَّه مصاب بعجز كلي أو جزئي مستديم؛ بسبب عاهة أو إصابة أو مرض تسبب في عدم قدرته على التعلم أو مزاولة أي نشاط بصورة كلية أو جزئية مستمرة”.

كما عرف رعاية وتأهيل العاقين: الخدمات والأنشطة التي تمكن المعاق من ممارسة حياته بشكل أفضل على المستويات الجسدية والذهنية والنفسية والاجتماعية والمهنية، وعرف مراكز الرعاية والتأهيل: بأنَّها المراكز التي تنشأ من قبل الوزارة أو تحت إشرافها ويقدم  فيها للمعاقين خدمات الرعاية والتأهيل.

وعرف القانون التربية الخاصة: هي الخدمات التربوية والتعليمية والرياضية التي تقدم للمعاقين بهدف تلبية حاجاتهم وتنمية قدراتهم ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع، حيث تنص المادة مادة (3) من قانون رعاية وتأهيل المعاقين: “يتمتع كل شخص معاق بممارسة كافة الحقوق التي يكفلها الدستور والقوانين النافذة الأخرى” .

كما تنص المادة (4): “لكل معاق حق التأهيل بدون مقابل والاستفادة من برنامج التأهيل المهني والرعاية الاجتماعية التي تقدمها مؤسسات ومراكز دور الرعاية وتأهيل المعاقين”، كما تنص المادة (5): “تنشأ المعاهد والمؤسسات والهيئات والمراكز اللازمة لتوفير خدمات التأهيل للمعاقين بالتنسيق مع وزارة العمل والتدريب المهني، ويكون إنشاؤها بترخيص من الوزارة وفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة وعلى الجهات القائمة الحصول على ترخيص خلال ستة أشهر من صدور هذا القانون”.

وتنص المادة 6 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التابعة للأمم المتحدة على: “تقر الدول الأطراف بأنَّ النساء والفتيات ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز، وأنَّها ستتخذ في هذا الصدد التدابير اللازمة لضمان تمتــعهن تمتعًا كاملًا وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، أيضًا تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل، والتقدم والتمكين للمرأة، بغرض ضمان ممارستها حقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في هذه الاتفاقية والتمتع بها”.

أما المادة 7- (الأطفال ذوو الإعاقة) فهي تنص على: “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الضرورية لكفالة تمتع الأطفال ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وذلك على قدم المساواة مع غيرهم من الأطفال، يكون توخي أفضل مصلحة للطفل، في جميع التدابير المتعلقة بالأطفال ذوي الإعاقة، اعتبارًا أساسيًا، تكفل الدول الأطراف تمتع الأطفال ذوي الإعاقة بالحق في التعبير بحرية عن آرائهم في جميع المسائل التي تمسهم مع إيلاء الاهتمام الواجب لآرائهم، وفقًا لسنهم ومدى نضجهم، وذلك على أساس المساواة مع غيرهم من الأطفال، وتوفير المساعدة على ممارسة ذلك الحق، بما يتناسب مع إعاقتهم وسنهم”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…