‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة مكافحة الاتجار بالبشر في اليمن أضرار اجتماعية واقتصادية تخلفها ظاهرة الاتجار بالبشر في اليمن.. وأولى الحلول إيقاف الصراع

أضرار اجتماعية واقتصادية تخلفها ظاهرة الاتجار بالبشر في اليمن.. وأولى الحلول إيقاف الصراع

صوت الأمل – فاطمة رشاد

يحتفل العالم في تاريخ 31 من شهر يوليو كل عام باليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالبشر، تلك الظاهرة التي تسببت بالكثير من الآثار أهمها الآثار النفسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب السياسية، لكنَّ الأثر النفسي والاجتماعي كانا من أهمها.

 طغت هذه الظاهرة في اليمن ولكن بشكل سري حيث إنَّ الكثير لا يتحدث  عنها، وعن الآثار التي تتركها في المجتمع وأفراده؛  لذا كان لا بد أن يتم تناول  هذه الظاهرة  واستعراض أبرز  ما قد تسببه من آثار من وجهة نظر مختصين  “صوت الأمل” استطلعت آراء المتخصصين في الجوانب النفسية والاجتماعية وكذلك السياسية والاقتصادية؛ لتوضيح المخاطر الناتجة.

 ليلى صالح(مختصة نفسية) تقول: “تسببت ظاهرة الاتجار بالبشر بالكثير من  الآثار، أهمها الأثر النفسي والذي تخلفه هذه الظاهرة للأشخاص الذين يتم المتاجرة بهم بعد أن يتعرضوا للحوادث الجسدية، والتحرشات الجنسية، والاغتصابات، وبسبب هذه الحوادث  ينتج لديهم شعور بالذنب والخوف والقلق –خاصة- من الآخرين المحيطين بالضحايا، حيث إنَّ الضحايا لا يستطيعون الاندماج بالمجتمع والحديث  والبوح عما تعرضوا  له من ممارسات  قاسية، بسبب هذه القسوة والعنف  الذي تعرضوا  له”.

وتضيف ليلى: “هناك أشخاص يتعرضون أثناء المتاجرة بهم  إلى التعذيب والحرمان  من الغذاء الصحي، والنظافة الشخصية، والراحة، والنوم الكافي،  إلى جانب الآثار النفسية، فإنَّ الأثر  الجسدي والصحي الذي يصاحب  الضحية جراء  الضرب التي يتعرض له والجنس -بل وإنَّ هناك من يتعرض للحرق  والتشوهات  الجسدية- ربما يُلقي بهم إلى مشاكل صحية فيما بعد –خاصة- الذين يستغلونهم في المتاجرة الجنسية، فهناك من يتعرض إلى الأمراض؛ بسبب هذه الممارسات كالإيدز والزهري والسيلان  وغيرها من الأمراض، وليس –فقط-  الضحية، بل يمكن أن يتسبب بعدوى للمجتمع بأكمله” .

  وتشاركها الحديث عهد وليد(المختصة الاجتماعية) والتي أوضحت أهمية الآثار  الاجتماعية لهذه الظاهرة  قائلة: “بسبب  ما يتعرض له الضحايا من إجرام فإنَّها تؤثر على سلوكياتهم؛  نتيجة الاحتكاك بمن يتاجرون  بهم  ناهيك عن اختلاط الأنساب، فهذه الظاهرة تنتج أطفالاً غير شرعين من الممارسات  المحرمة،  إلى جانب انتشار أعمال منظمة لإدارة المتاجرة الجنسية، والتسول حيث أصبح  هناك منظمات لاستغلال الأطفال بهذا السلوك  الممتهن  لحقوق الطفولة، والذي يعد  خرقاً لكل المعاهدات الدولية المبرمة مع اليمن، كما أنَّ المجتمع اليمني يقف أمام ظاهرة  المتاجرة الإلكترونية والتي تغير في سلوك المجتمع –خاصة-  الشابات  الصغيرات وكذلك الشباب”.

 وتوضح عهد أنَّه بسبب هذه الظاهرة، وما يتعرض له  ضحايا الاتجار فإنَّ الأسرة والمجتمع  يرفضانهم؛ وهذا ما يجعل المؤسسات الحقوقية تتولى احتضانهم وتقوم مقام الولي، وكثيرة هي الآثار الاجتماعية  التي تؤثر على الضحايا الذين يتعرضون  للمتاجرة بهم –خاصة- عندما يتم دمجهم مع المجتمع توجد صعوبة في الدمج؛  لأنَّهم يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي  كبير؛ لكي يتقبلوا ذواتهم  وليتم إخراجهم من الحالة التي يعانوا منها  -خاصة- عندما يتم جلبهم  بعد أن يتم القبض عليهم من قبل العصابات.

أما وفاء محمد (المختصة النفسية) لخصت أبرز الآثار التي  تنجم عن هذه الظاهرة  -خاصة- أثناء بيع الأطفال الذين يتم المتاجرة بهم بأنَّهم يصابون بصدمة وخوف أثناء خطفهم وبيعهم  للمتاجرين بالبشر، وأيضاً أثناء تعرضهم للعنف –خاصة- الذين يعملون في التسول إذ يجدون أنفسهم أمام  أرباب عمل يستغلونهم ويتعاملون معهم بقسوة.

 مواصلة حديثها بقول: “اليمن توجد بها  ظاهرة الاتجار بالبشر، لكن بشكل سري عكس  الدول الأخرى التي تظهر بكل وضوح، ونحن في المركز التأهيلي للحالات النفسية نقول لم تأت  حالات إلينا تعرضت للمتاجرة، ولكن  لا بد من فهم المشكلة والحالة –خاصة- وأنه لا بد من فهم الضحية أثناء المعالجة، وكذلك لا بد من تأهيل  الكادر العامل في مجال المعالجة النفسية؛ حتى يستطيع  التعامل مع هؤلاء الضحايا؛  لأنَّهم حقيقة تكون حالتهم النفسية  متدمرة  للغاية”.

كيف أثرت ظاهرة  الاتجار بالبشر في السياسة والاقتصاد؟

 حسام علوي(مهتم بالشؤون السياسية والاقتصادية) يقول عن هذه الظهارة وكيف تركت أثرًا في السياسة عند مزاولتها: “تنتشر تجارة البشر عندما يكون البلد  في دوامة الصراعات، فيظهر تجار البشر بشكل كبير؛ لذا نجد أنَّ الدول التي تغلب عليها هذه الصراعات تجاهد  لكي تخفف من هذه الظاهرة”.

مردفًا “واليمن بما أنَّها واحدة  من هذه الدول فهي تعاني من  العواقب السياسية –خاصة- وأنَّ هناك دول الجوار التي  تحافظ اليمن على علاقتها بها، ولكن هناك تجار  يمارسون عملهم في الحدود ويقومون باستجلاب العمالة التي  أصبحت  تشكل عائقًا لتلك الدول المجاورة”.

ويضيف علوي أنَّ السلطات  اليمنية  مع سلطات دول الجوار تحاولان عبر شركات  سياسية أمنية أن تحدا من انتشار تجار البشر في الحدود؛ لكي لا يتسبب  ذلك في أزمة سياسية؛ بسبب هذه الظاهرة التي  أصبحت تشكل معاناة  كبيرة للسياسيين  -خاصة- الدبلوماسيين.

مواصلًا حديثه لـ “صوت الأمل”: “إنَّ الاتجار بالبشر  يمس حقوق الإنسان؛ فالمتاجرون بالأشخاص ينتج عنهم  ظهور فئة  تعاني  من العنف والعبودية، كثير من الحكومات تكافح من أجل تطبيق  القوانين  التي يشتكي كثير من الناشطين الحقوقيين من أنَّها لا تطبق بشكل سليم؛ لذا نجد أنَّ التقليص من جهود الحكومة في ممارسة السلطة يهدد  أمن الأفراد المعرضين  للمتاجرة،  لا بد من تفعيل قانون العقوبات لكل تاجر بشري بهذا  الأمر”.

 ويستعرض علوي الأثر الاقتصادي الذي تتركه هذه الظاهرة، حيث قال: “تؤثر ظاهرة الاتجار  بالبشر في الاقتصاد من خلال  خفض معدلات النمو الاقتصادي في المجتمع؛ بسبب تشجيع المعاملات المشبوهة كالاستثمارات سريعة الربحية، والسعي إلى خلق تأثير وضغط على المسؤولين إلى جانب زعزعة التنمية الاقتصادية، والتشكيك في قدرات النظام السياسي وشرعيته، وتشويه هيكل العمالة المختصة وذلك بالاتجار بالبشر عبر الأطفال، والذي يعمل على تدمير البنية البشرية لكافة المجتمعات، وزيادة الأعباء  التي تتحملها الدولة في توفير  الرعاية للضحايا ولا ننسى أنَّ الأرباح الذي يجنيها تجار تجارة البشر  كبيرة، وهناك أشخاص لديهم ثروات منها، فهي بالنسبة لهم التجارة المربحة –خاصة- الذين يتاجرون بالأعضاء البشرية”.

امتهان  للإنسانية

غيداء علي(ناشطة حقوقية) تقول عن جريمة الاتجار بالبشر: “تعد ظاهرة  الاتجار بالبشر امتهاناً للحقوق الإنسانية التي تخلف آثاراً جمة على المستوى الشخصي والعام، فالآثار الاقتصادية التي تخلفها لا يكترث أحد لعواقبها، إلى جانب الأثر الاجتماعي الذي يتسبب في الكثير من المشاكل الأسرية، أيضاً فهي تترك أثرًا نفسيًا عميقًا، وفي اليمن وكأي دولة أصبح الاتجار بالبشر شيئاً اعتيادياً”، مؤكدة: “إنَّنا نقف أمام ظاهرة لم نجد لها أية حلول؛ لكي نقضي عليها فالبرتكولات والاتفاقات الدولية  ماهي إلا حبر على ورق يُحفظ في الأدراج ليس إلا”.

وطالبت غيداء السلطات بتطبيق أشد العقوبة لكل من تسول له نفسه أن يقدم على هذا العمل، مهما يكون منصبه، وعلى -حد قولها- “إنَّ هناك جهات متورطة في ذلك لها مقامها الرفيع في المجتمع يستغلون مناصبهم لتمرير جرائمهم ضد الإنسانية”.

مكافحة الاتجار بالبشر

نبيل فاضل(رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر) يقول لـ “صوت الأمل”: “اليمن  تعد من أكثر دول العالم  تفشيًا  للاتجار  بالبشر، وتلك  المعلومات  ليست مبنية  على  إحصائيات  مؤكدة،  لكنها  وفق مؤشرات  القياس العالمي،  وشحة  الإحصائيات  في هذا المجال؛ ناتج عن  الوضع الأمني  والخطورة  الشديدة  المترتبة  على  الرصد  والتوثيق  لمثل  تلك  الجرائم  والعراقيل  التي  تتعرض لها  المنظمات  المحلية  أثناء الرصد،  بل يصل أحيانًا إلى  المحاسبة  لأسباب كثيرة  منها  تورط  بعض أطراف الصراع في ذلك”.

 ويضيف نبيل فاضل قائلًا: “إلى جانب تلك المخاطر،  هناك  إشكالية  مالية  تواجه  المنظمات  المحلية  في استمرار الرصد،  وعدم  قدرة  المنظمات  المحلية  على تحمل  تكاليف الرصد، وحماية طواقمها  في الميدان،  لكن هناك  جرائم  نقوم برصدها بشكل يومي  لأنماط  مختلفة من أنماط  الاتجار بالبشر سوى المتعلقة بالنساء أو الأطفال أو الرجال،  لكنَّها تعد نقطة في بحر من حجم تفشي تلك الظاهرة”.

 ويواصل  فاضل حديثه: “وفقًا للمؤشرات العالمية وطريقة القياس العالمي التي تبنى  عليها  تحديد حجم  وتفشي ظاهرة الاتجار بالبشر في أي دولة  أو في العالم أجمع، دائمًا ما يتم قياسه وفقاً  لمعطيات  محددة  يتم  تقدير حجم تفشيها،  وتعد العناصر التالية  أهم أسباب تفشي  ظاهرة الاتجار بالبشر: وهي الفقر والحاجة، وانعدام فرص العمل للفرد، إلى جانب الصراعات الداخلية، وانعدام سيادة القانون وقطع المرتبات والانهيار الاقتصادي، وتدني  قيمة العملة الوطنية إلى جانب الجهل والموقع الجغرافي  والسواحل  الطويلة، والثراء  في بعض دول  الجوار”.

  مؤكدًا فاضل أنَّ تلك العوامل والأسباب إن وجدت إحداها تسببت في تفشي الاتجار  بالبشر بنسبة محددة  لكنَّها في اليمن اجتمعت  جميعها،  مما جعلت  اليمن من أكبر  بؤر  الاتجار بالبشر  في العالم، ووفقًا  لتلك الأسباب  المتوفرة  والمجتمعة  في بلادنا  والإحصائيات  الدولية  ذات العلاقة،  والتي  أكدت  أنَّ مليون  موظف  انقطعت  رواتبهم، أربعة  ملايين  نازح أجبروا  على النزوح  الداخلي،  وثلاثة  ملايين نازح  خارجي،  اضطرتهم  ظروف  الصراع  للنزوح  اضطر الآلاف منهم  للمخاطرة  بحثًا عن ملاذ  آمن عبر الهجرة غير الشرعية”. ويوضح فاضل أنَّ في اليمن يوجد خمسمائة ألف نازح  من القرن الأفريقي

 وحسب ما أكده  تقرير الغذاء العالمي فإنَّ 80% من سكان  اليمن سقطوا في مستنقع  الفقر، ولم يعد باستطاعتهم توفير لقمة العيش، وهذا يعني أنَّ قرابة عشرة مليون  يمني ضحايا وعرضة محتملة لخطر الاتجار بالبشر ممن أنهكتهم الحياة وساقتهم  الظروف والحاجة  إلى دائرة الاتجار بالبشر .

ويستعرض نبيل فاضل جزئية من الحلول لهذه الظاهرة قائلًا: “إنَّ الاتجار بالبشر يعني الاستغلال  السيئ للإنسان،  تُستغل حاجته،  وضعفه وفقره بامتهان كرامته بأشكال مختلفة كالاستغلال الجنسي، الأطفال، استغلال في الأعمال الشاقة وترويج  الممنوعات، وكما أنَّه يتم استغلالهم  في تجارة الأعضاء البشرية”.

مؤكدًا أنه طالما  الأسباب كثيرة، إزالة  تلك الأسباب من أهم المعالجات  فالمجتمع  الدولي لا يقدم  أي شيء لحقوق الإنسان، فبالرغم من التزاماته فهو يكتفي  بالتوجيه –فقط-، أما دوره تجاه الضحايا  فإنَّه يقف متفرجاً  أمام ضحايا  لا يتجاوزون  عدد الأصابع  عاجزاً  عن استيعابهم،  وتوفير حياة  بسيطة  لهم؛ لذلك  نحن  أمام كارثة  ومعالجتها  تكون بمعالجة  الأسباب  وأولها  إيقاف  الصراع في اليمن.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع .. (37.7%) أغلب ضحايا الاتجار بالبشر من الأطفال!

صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه مركز يمن انفورميشن سنتر للبحوث و…