‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة مكافحة الاتجار بالبشر في اليمن كيف يحمي القانون اليمني ضحايا الاتجار بالبشر؟

كيف يحمي القانون اليمني ضحايا الاتجار بالبشر؟

صوت الأمل – فاطمة رشاد

سُنت القوانين لتحمي الإنسان وتدافع عن حقوقه، وتصير القوانين مجردة عن التفعيل على أرض الواقع عندما تكون حبيسة الأدراج، وأمام أخطر ظاهرة تتفاقم كل يوم وتزدهر التجارة فيها فها هي ظاهرة (الاتجار بالبشر) ناقوس الخطر الذي يدق كل حين أمام تفشي وانتشار الجرائم بحق الإنسانية.

 قوانين  الاتجار بالبشر في اليمن

 “صدر  القانون رقم (1) لعام 2018م، بشأن  مكافحة  جرائم  الاتجار  بالبشر والذي جاء بناء على الاتفاق بين الجهات المسؤولة على إصداره –خاصة- وإنَّ اليمن تمر بظروف حرجة  فلزم إصدار هذا القانون؛ لكي يحمي  كرامة الإنسان ويمكنه من أخذ حقه بالشكل القانوني، ولكن رغم ذلك  نجد أنَّنا أمام من يعرقل تطبيق تلك النصوص”، هذا ما قاله المحامي فهد محمد عوض لـ “صوت الأمل”.

مواصلًا حديثه عن القانون اليمني الذي يجرم الاتجار بالبشر بأنَّ في المادة رقم (2) ألفاظاً وردت في القانون، تعرِّف الجماعة الإجرامية المنظمة  لعملية الاتجار  بالبشر على أنَّها “جماعة ذات بنية محددة مؤلفة من ثلاثة أو أكثر موجودة  بصفة مستمرة، ولو لمدة من الزمن  بهدف ارتكاب جريمة محددة أو أكثر من  جرائم الاتجار بالبشر”.

 وكماعرف المحامي عوض الضحية على أنَّها “كل شخص طبيعي  ذكر كان أو أنثى  تعرض لأي ضرر مادي  أو معنوي  ناجم عن إحدى  جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في هذا القانون،  بصرف النظر عما إذا كان مرتكب  الجريمة قد عرفت هويته أو قبض عليه أو تمت محاكمته  أو إدانته”.

 وبين القانون في تعريفه للإساءة في استعمال السلطة على أنَّه: “كل وضع يتمتع فيه الجاني بسلطة قانونية أو فعلية  تمكنه من السيطرة على شخص أو آخر واستغلاله أو تمكين آخرين من ذلك”، وكما أوضح  القانون حالة  استغلال الضعف  كما ورد فيه: “استغلال حالة عجز جسدية أو عقلية أو نفسية  أو وضع قانوني معين  أو أية حالة تؤثر على إرادة  الضحية أو تصرفاتها بحيث  لا يكون  لديها  أي بديل  حقيقي ومقبول  سوى  الخضوع  للاستغلال  الواقع  عليها”.

 ويواصل المحامي فهد محمد عوض استعراضه لبنود القانون اليمني الخاص بالاتجار بالبشر قائلًا: “في الفصل الثاني  من القانون اليمني  حيث نصت المادة رقم (3)  على الأهداف العامة  والأحكام التي تمنع وتكافح الاتجار بالبشر بكافة صوره وأشكاله، وكذلك حماية ضحايا  الاتجار بالبشر ومساعدتهم، وتقديم الرعاية  اللّازمة لهم واحترام حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، وتثقيف وتوعية المجتمع بمخاطر الاتجار بالبشر بما يسهم في مكافحة ظاهرة الاتجار والوقاية منها  إلى جانب تعزيز  وتنسيق  مجالات التعاون  الوطني  والدولي  بشأن  منع مكافحة  الاتجار  بالبشر”.

عقوبات  القانون  اليمني  في الاتجار بالبشر

 يوضح القاضي محمد حيدرة أهم بنود  القانون اليمني  للاتجار بالبشر من ناحية  العقوبات التي تفرض على مرتكبي جريمة الاتجار بالبشر  قائلًا: “في المادة  رقم (7) يعاقب بالحبس مدة  لا تقل عن خمس سنوات  ولا تزيد  على  خمسة عشر سنة، وبغرامة  لا تقل  عن مائة  ألف ريال  ولا تزيد  على مليون  ريال  كل من أرتكب  أيًا من  جرائم  الاتجار بالبشر، وقد أوضحت  المادة رقم (8) من يتم معاقبته،  والتي حددتها المادة  أن لا تقل عن  سبع سنوات  ولا تزيد على  خمسة عشر سنة”.

ويضيف القاضي حيدرة أنَّ كل من ارتكب  جريمة  الاتجار بالبشر سواء  أنشأ الجاني  وأسس وأدار ومول  أي جماعة  تعمل في الاتجار بالبشر،  وكذلك إذا كان  الجاني  زوجًا  للضحية  أو وليها  أو عليه وصاية، كما أنَّه يتم معاقبة من  كان موظفًا  عامًا  أو مكلفًا  بخدمة  وقام  باستغلال وظيفته  أو إذا  كان قد  أدين مسبقًا  أو من ذوي الإعاقة  أو النساء، وإذا  نتج  عن الجريمة  إصابة  الضحية  بعاهة دائمة  كلية أو مستدامة، أو تكون الجريمة قد وقعت على أكثر من  ضحية،  أو إذا ارتكبت  الجريمة  عن طريق التهديد أو الحيل والخداع  أو التعذيب  أو إذا كانت  الجريمة  عابرة  للحدود  الوطنية وهذه الغالبة فهناك من يُستغل  في خارج  اليمن.

 ويفصل القاضي  حيدرة العقوبات المترتبة في هذه الجريمة الإنسانية  قائلًا: “يعاقب  كل من قام بإهداء  أو شراء أو بيع  شخص  أو أكثر  تكون عقوبته  الإعدام  والتعزير  إذا  نتج  عن ارتكاب  أي  جريمة منصوصة في القانون، وأدت إلى وفاة الضحية وتكون العقوبة بالحبس الذي لا يقل عن عشر سنوات،  أو عشرين  عامًا إذا  صاحب  جريمة  الاتجار  بالبشر أن تكون الضحية تعرضت للاغتصاب وهناك حالات  يجوز للمحكمة  بما تقتضيه  المصلحة  في مكافحة الاتجار بالبشر، أن تحكم بإعفاء الجاني من العقوبة والتخفيف عنه  في حالتين وهما: إذا بادر  أحد  الجناة  بإبلاغ  السلطات،  أو إذا  تم  الإبلاغ  بعد علم  السلطات المختصة  وقبل إقفال  باب المرافعة الختامية،  والإبلاغ  وكشف  باقي الجناة هنا يتم التخفيف في  العقوبة”.

 ويشاركه  القاضي علي الفهد  الذي صرح لـ “صوت الأمل”: “لا بد من  مراعاة  الأحكام إذا  كان هناك قواعد في بند العقوبات وتوطد  المادة  رقم (28) على حماية  الضحية، والتي  فصلها  القانون  كالآتي: لا يعتد برضا وموافقة  الضحية  على الاستغلال  في أي  من جرائم  الاتجار  بالبشر  المنصوص  عليها  في هذا  القانون،  ولا يشترط  لتحقيق  جريمة  الاتجار  بالطفل  أو  عديمي  الأهلية  استعمال  أي  وسيلة  من وسائل  الاستغلال المنصوص  عليها  في المادة (4) ولا يعتد في جميع  الأحوال  برضاه  أو برضا  المسؤول  عنه  أو وليه”

مضيفًا وناقشت  المادة  رقم (33) ما يجب  على السلطات  المختصة  في جميع  مراحل  الاستدلال  والتحقيق  أو المحاكمة  في  جرائم  الاتجار  بالبشر،  والعمل  على التعرف  على الضحية وتصنيفها  والوقوف على  جنسها  وحالتها  وهويتها  وعمرها  لضمان  تقديم  الحماية  والرعاية  الصحية وإبعاد  أيادي  الجناة عنها.

 ويواصل القاضي حيدرة حديثه عن كيفية كفالة  القانون  وحماية  حقوق الضحية  من خلال: “الحق في سلامتها  الجسدية والنفسية  والمعنوية، والحق في صون  حرمتها  الشخصية  وهويتها، والحفاظ على  سرية  المعلومات  والبيانات الشخصية المتعلقة بها، وتبصيرها بوضعها القانوني  وبالإجراءات  الإدرية  والقانونية  ذات الصلة،  وحصولها  على المعلومات  المتعلقة  بها  باللّغة التي تفهمها،  إلى جانب الحق في الاستماع  إليها وأخذ  آرائها ومصالحها بعين  الحسبان  في كافة  مراحل  الإجراءات  الجزائية،  بما  لا يخل  بحقوق  الدفاع،  وكذلك  الحق في حصولها على المساعدة  القانونية  في الاستعانة بمحام في مرحلتي  التحقيق  والمحاكم، وتوفير العنصر النسائي المختص عند  إجراء  التحقيقات الخاصة بضحايا  الاتجار من النساء  وفي  أماكن احتجازهن ورعايتهن وإيوائهن”.

 عناصر وأركان جريمة  الإتجار بالبشر

 تلخص زهى محمد(أستاذة القانون) أركان وعناصر جريمة الاتجار بالبشر قائلة: “أركان جريمة الاتجار بالبشر تتمثل بالشروط التالية وهي وجود الشخص كونه محلاً  لتلك الجريمة، وتبعية الضحية  للجاني والتي تمنكه  من السيطرة على الضحية، والتحكم  فيها وهناك أيضًا ركن داخلي يتمثل بالماديات التي  يحتويها السلوك الإجرامي،  ويشمل  السلوك والنشاط  والوسائل القسرية  التي تتسبب بالضرر، وهناك ركن معنوي والذي  يقصد به أغراض الاستغلال”.

 تواصل زهى حديثها أنَّ الغرض الأساسي من  جريمة الاتجار بالبشر، هو الربح  المادي  التي يعود بالمنفعة على  أشخاص معينين، وإنَّه قد تم مطالبة الجهات المسؤولة بتفعيل القانون اليمني في الحد من ظاهرة الاتجار بالبشر،  من خلال  تدريب رجال  الأمن  على حسن التعامل مع الأشخاص الذين يتاجرون بالبشر وضحاياهم، وكيفية مكافحة هذه الظاهرة بطرق حضارية؛ وتعلل ذلك بقول: “لأنَّنا  اكتشفنا  ونحن  نعد في ملفات حقوق الإنسان أنَّ هناك  تعدٍّ على حقوق الضحايا من قبل رجال الأمن –خاصة- تعاملهم مع النساء  والأطفال  والذين يعدن الضحايا  الأكثر في هذه الجريمة”.

وتشاركها  الحديث  هدى الصراري(الناشطة الحقوقية)  قائلة: “صادقت اليمن على اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص، واستغلال الدعارة للغير في 6/4/1989 قبل توحد شطري اليمن، وبعد الوحدة اليمنية أهملت هذه الاتفاقية، ولم يتم مواءمتها بالتشريعات الوطنية، ولم ينشأ قانون خاص بالاتجار بالبشر، حتى المواد في قانون الجرائم والعقوبات غير رادعة؛ وبالتالي لا تعاقب في حين كان المتاجر من ذوي الضحية للفئات الضعيفة من الأطفال والنساء، كما لا يوجد تعريف واضح لجريمة الاتجار في النصوص القانونية اليمنية”.

 وتواصل الصراري قائلة: “وذلك على الرغم من نشاط المنظمات الدولية قبل الصراع في اليمن؛  للعمل على أنشطة ومشاريع تكافح جريمة الاتجار بالبشر –خاصة- إذا كانت الضحايا نساء وأطفالاً، فقد نفذت منظمة الهجرة الدولية عدداً من المشاريع بالشراكة مع فروع اتحاد نساء اليمن في عموم الجمهورية اليمنية؛ لما لهذه الجرائم من آثار سلبية على الدولة والمجتمع اليمني وتنامي ظاهرة الجريمة بشكل بشع –خاصة- إذا كان المتاجرين ذا سلطة أو متنفذين” .

مضيفة أنَّ كذلك عملت وزارة حقوق الإنسان في عهد الوزيرة السابقة حورية مشهورة مناصرة على إنشاء قانون الاتجار بالبشر، وجمعت مناصرة عدداً كبيراً من منظمات محلية يمنية، وكذلك بدعم منظمات دولية، واستعرضت الوزارة تقارير وأبحاثاً ودراسات بخصوص الجريمة وتنامي إحصائياتها وضحاياها –خاصة- وأنَّ اليمن بلد ترتبط حدوده بدول عدة ومياه إقليمية أيضًا؛ مما جعله بيئة خصبة لنشاط وتنامي هذه الجريمة، وكثرة المتاجرين من القرن الأفريقي واليمنيين والمتنفذين، كما ظهر الاتجار بالبغاء والتسول وهي جرائم متداخلة ما بين الاتجار بالبشر والعنف الأسري .

معقبة “بالتالي كان هناك حراك حقوقي كبير عبر رفع الوعي، واستهداف الضحايا، وتقديم الخدمات المتاحة لهم من التمكين الاقتصادي، والدعم النفسي وإعادة التأهيل وإنشاء شبكة تبليغ وعقد ورش عمل ودورات تأهيلية، استهدفت المختصين ومؤسسات إنفاذ القانون ومؤسسات المجتمع المدني لمكافحة هذه الجريمة”.

وتؤكد على حديث هدى الصراري منة الله  حميد (من منظمة الهجرة الدولية) عن الدور الذي لعبته المنظمة الدولية للهجرة في مكافحة الاتجار قائلة: “لقد عملت المنظمة الدولية للهجرة مع الحكومة في صياغة قانون مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2018م، وهي تستكشف حاليًا طرقًا لدعم الدولة في التطبيق الكامل لهذا القانون وتنفيذه، بما في ذلك بناء القدرات، وهذا يعتمد على التمويل الخارجي، الذي تحاول المنظمة الدولية للهجرة تأمينه، وفي غضون ذلك، تواصل تقديم الدعم اليومي لضحايا التهريب والاتجار”.

انتظار

 وبحسب آراء العامة فإنَّ الجميع مترقب لتفعيل القانون بما يتناسب مع الاحتياجات التي تطرأ على قضايا الاتجار بالبشر.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع .. (37.7%) أغلب ضحايا الاتجار بالبشر من الأطفال!

صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه مركز يمن انفورميشن سنتر للبحوث و…