‫الرئيسية‬ تقارير وتحقيقات العمل الجبري استغلال يمتهن حقوق الإنسان في اليمن

العمل الجبري استغلال يمتهن حقوق الإنسان في اليمن

صوت الأمل – فاطمة رشاد

تسحق آدمية البشر حين يتم استغلال الجسد في الأعمال الشاقة، والتي لا تصل إلى مستوى الإنسانية، ففي اليمن يستمر مسلسل الاتجار بالبشر، وسرقة الحقوق بالعلم، والجميع يغض  الطرف عن هذه التجارة التي ظهرت مزاولتها وازدادت شيئاً فشيئاً في الآونة الأخيرة، حيث لقيت سوقاً لرواجها من خلال الأوضاع الإنسانية التي تعاني منها اليمن.

ما هو العمل  الجبري أو القسري؟

 سعيد مختار(باحث في القضايا الإنسانية)، يقول عن العمل  الجبري والاتجار بالبشر عبره: “عرف العمل الجبري في الاتفاقية الدولية رقم 29 على أنَّه كل عمل أو خدمات من أي شخص  تحت التهديد بأي  عقوبة  لم يتطوع  بها الشخص  بمحض إرادته”.

ويضيف سعيد “في حين يأخذ  العمل الجبري أشكالاً عدة في الممارسة،  حيث يستهدف  الجناة  الأشخاص  المستضعفين، الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، فوسيلة  الإكراه المستخدمة  قد تكون  صريحة  على شكل حرمان  أو عنف  جسدي  من خلال الخداع  والتهديد، ويتم التلاعب  بالأجور  والسلفات  (الديون)، بالتكاليف  غير المشروعة  المرتبطة  بالوظائف واستخدام  التشريعات  الوطنية،  وإنفاذ  القانون وفي التنسيق  بين البلدان  التي يسهل فيها عملية  ارتكاب هذه الجريمة” .

مواصلًا حديثه  لـ “صوت الأمل” عن العمل الجبري والاتجار بالبشر “يجني مرتكبو العمل الجبري أرباحاً من هذه المهنة التي  يعملون عبرها، وهناك بحوث قد تم رصدها من منظمات دولية، وعبر اتفاقيات  فقد حظيت  اتفاقية  رقم 29 و105 التي شملت  العمل  الجبري للأطفال  الذين لا تقل أعمارهم  عن 18 سنة  بأكبر  عدد  من  التصديقات  من بين المعاهدات والاتفاقيات، وكذلك منظمة العمل  الدولية  الأساسية”.

موضحًا “وقد تم اعتماد  اتفاقية 29 التي تمت في عام 1930م التي كان  يمارسها منذ سنوات العدو المستعمر إبان الحرب العالمية، وكانت  هذه الاتفاقية قد دعت إلى  الإلغاء الفوري  للعمل  الجبري، في خمس حالات وهي  وسيلة الإكراه  السياسي  أو التعليم  أو العقاب  على اعتناق  سياسة  محددة أو التعبير  عنها  أو  رؤى تتعارض مذهبيًا مع  النظام السياسي  والاجتماعي والاقتصادي  كأسلوب لحشد  الأيادي  العاملة  واستخدامها  لأغراض غير التنمية  الاقتصادية أو للتمييز العنصري”.

ويؤكد  سعيد  على أهمية  حظر  العمل الجبري  أو الذي منصوص  عليه في  القانون الدولي  إذ لا بد من  توسعة  التعاون  الدولي  الذي يمكن أن يساعد في حل كافة أشكال العمل الجبري، الذي يغطي  مجموعة  أشمل من  الأهداف والتداخلات، وتشمل أصحاب النفوذ والمصلحة،  ولا بد من التركيز على التدابير التي تقدم حلاً لهذه الظاهرة التي اتنشرت عالميًا، فليس اليمن –فقط- من تنتشر فيها هذه الظاهرة التي  يجب حلها والقضاء على كل أشكال الاتجار  بالعمالة  الجبرية  التي أصبحت رائجة في الوقت الحالي .

ضحايا  الاتجار بالبشر

في سكون الليل المبهم تقف (س-ع) –تحتفظ صوت الأمل بالاسم- محتارة لم تكن تدري أنَّها ستكون ضحية من ضحايا الاتجار بالبشر في يوم من الأيام، ولكن قادتها الظروف إلى مكان  أصبح بالنسبة لها يشكل  تفاصيل وجعها  الذي  لا يسكت  أنينه  تقول (س-ع): “قبل عامين  تعرفت على إحدى الصديقات عبر مجالس التفريط  (مجالس النساء) التي أذهب إليها  وكنت آنذاك أبحث عن عمل، ومكان يأويني أنا وأسرتي  فقد نزحنا من محافظة الحديدة إلى محافظة صنعاء ولكني لم أجد عملاً، فتعرفت بواسطة صديقتي على أحد الأشخاص الذين يرسلون العاملات  من اليمن إلى إحدى الدول المجاورة –تحتفظ صوت الأمل باسم الدولة-، وعبره وجدت عملاً  وسافرت إلى تلك الدولة،  وبحسب الاتفاق إنَّه عمل في أحد المحلات  لملابس النساء لكن  للأسف تم استغلالي بأشياء  أخرى”.

 لم تكن (س-ع) هي الضحية الأولى بل هناك ضحايا كُثر،  يفرون من التبليغ عما يتعرضون له من مساس بالكرامة، واستغلالهم بأعمال مخلة، كما يحدث مع كثير من النساء اللاتي يبحثن عن عمل، (س-ع) تروي تفاصيل لحوادث مماثلة لحادثتها تقول: “هناك استغلال للأطفال من قبل أشخاص متنفذين يستقدمون أطفالاً إلى الدولة التي سافرت للعمل بها لأغراض  تمتهن الحق الإنساني” وأنَّ هناك الكثير من مثيلاتها يحتجن إلى من يلتفت  إليهن  لكي  لا تُستغل إنسانيتهن”. 

ظاهرة الرق المعاصرة

سمر هاني(ناشطة تهتم بالقضايا الحقوقية)، تقول عن هذه الظاهرة: “رغم تحرر الإنسان منذ زمن من الرق والعبودية عبر عصور مضت، فإنَّه ما يزال يبحث عن كرامته، وإنَّنا نقف اليوم أمام رق معاصر تطور ليأخذ أشكالاً متنوعة، والتي تتخذ صورة الرق في الاتجار بالبشرعبرالعمل الجبري المفروض على جماعة تعد الأضعف في المجتمعات، وعبر التماس هذه الظاهرة في العالم نجد اليمن لا تخلو منها، فقد ظهرت بشكل ملفت للانتباه عبر ما يحدث  في اليمن من ظروف اقتصادية كانت السبب الأول في استغلال الكثير من الذين انجروا خلف أوهام الحاجة التي شكلت المعاناة بحياة أغلب اليمنيين”.

تشاركها الرأي زميلتها هناء منصور(وهي محامية وناشطة حقوقية)، وقد عملت على ملفات الاتجار بالبشر، ولكن كان لها رؤية خاصة في هذا الموضوع حيث قالت: “هذا  الملف شائك للغاية، -خاصة- وأنَّ الأوضاع السياسية في اليمن  تجعل الناشطين في مجال مكافحة الاتجار بالبشر يقفون عاجزين أمام  عقبات وصعوبات لمكافحة الاتجار بالبشر، فهناك عدة تهديدات تواجه كل من يحاول التطرق إلى هذا الموضوع؛ لأنَّ هناك عقبات ومن تلك العقبات هي ضعف المؤسسات الحكومية، والفساد في بعض المحافظات الذي أرهق المواطن، وكذلك  الاقتصاد المتدهور، الذي  هو السبب الأول في بروز هذه الظاهرة”.

 تواصل هناء حديثها لـ “صوت الأمل” قائلة: “كانت منظمات حقوق الإنسان، قد أفادت أنَّ أطراف النزاع في اليمن واصلت ارتكاب جرائم بحقوق الإنسان، وهناك تقارير تفيد  بأنَّ هناك انتهاكاً لحقوق الأطفال في مجال العمل القسري الذي يقع ضحيته الأطفال  المنحدرون من أسر فقيرة”.

بلد مصدر  للعمالة

 يشير  المحامي لطفي محمد إلى دور الدولة  قائلًا: “لا أحد ينكر ما مدى مساهمة  ومشاركة الدولة  في صنع  تجار يتاجرون  بالبشر  فى السنوات التي مضت واليمن يعد البلد  المصدر  للعمالة وكذلك هو نقطة عبور للرجال والنساء والأطفال الذين يتعرضون للعمل القسري   وأسوأ ما يتعرض له هؤلاء هو الاستغلال الجنسي وكذلك استخدام الأطفال في ترويج المخدرات  والتسول  وخدمات المنازل”.

ويتابع لطفي حديثه قائلا: “العمالة الأثيوبية التي غزت اليمن في السنوات الأخيرة،  تسببت في وضع إنساني كارثي –خاصة- وأنَّ هذه العمالة التي أجبرت على دخول اليمن لأجل العمل انكشف أخيرًا أنَّها عمالة  يتم المتاجرة بها”.

 منظمة  الهجرة  الدولية

 منة الله حميد(من منظمة الهجرة الدولية) تقول لـ “صوت الأمل”: “43,000 مهاجر تقطعت  بهم السبل في اليمن، وفي تقرير قدمته منظمة العمل الدولية في مايو 2014م كشفت فيه أنَّ نحو 21 مليون شخص يجنون أرباحًا سنويًا أي ما يعادل ثلاثة أضعاف التقديرات للمنظمة المرصودة في الأعوام السابقة”.

حلول ومعالجات

وتقدم  نور محمد (المختصة النفسية) حلولاً ومعالجات  لضحايا الاتجار بالبشر قائلة: “لا بد من  إعادة تأهيل كل الفئات التي تتعرض للعنف من قبل الأشخاص الذين يستغلون حاجات هذه الفئة المستضعفة، والتي لا تجد من يقف معها، يجب على السلطات المعنية عمل مراكز  لتأهيلهم؛ لكي يستطيعوا الاندماج في المجتمع؛ لأنَّ عودتهم للحياة الطبيعة  يحتاج  إلى  وقت وجلسات  نفسية؛ لكي يحصل الضحية على  جرعات من الثقة بالنفس، والثقة بالآخرين؛ لأنَّهم عندما يتعرضون للعنف في عملية الاستغلال والمتاجرة بهم يفقدون الثقة بالأشخاص المحيطين بهم؛  لهذا لا بد أن يحاطوا برعاية  خاصة بهم؛  لكي يستطيعوا مواصلة  حياتهم بشكل طبيعي”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…