مؤتمرات المانحين.. بماذا أفادت اليمن ؟
صوت الأمل – فاطمة رشاد
عُقدت عدة مؤتمرات للمانحين في اليمن لأجل الاستجابة والإغاثة الإنسانية التي تعاني منها، فقد كانت بدايات المؤتمرات منذ ما قبل دخول اليمن في الصراعات الداخلية في السنوات الأخيرة أهمها مؤتمر المانحين الذي عُقد في عام 2014م للأوضاع التي كانت تعيشها اليمن آنذاك.
فعملت الدول المانحة على منح اليمن مبلغ 592 مليون ريال؛ لسد احتياجاتهم الإنسانية آنذاك ولكن ومنذ بداية الأزمة في عام 2015م والتي جعلت اليمن تتجه إلى أزمة إنسانية لا يمكن تفادي العواقب التي نجمت عنها؛ عُقدت على إثرها عدة مؤتمرات وآخر مؤتمر أوضح أنَّ نسبة الدول التي منحت اليمن واستجابت لخطة الاستجابة الإنسانية تراجعت.
مؤتمرات المانحين
فأول مؤتمر عُقد لعام 2014م قبل تداعيات الصراع في اليمن، كان –آنذاك- قد رصد الحالات التي استجابت لها الدول المانحة عبر ممثلها إسماعيل أحمد ولد شيخ (المقيم والمنسق للشؤون الإنسانية) حيث رصد حجم الاحتياجات في تلك الفترة والتي قُدرت بمبلغ 14مليوناً و700 ألف مواطن بحاجة إلى المساعدات.
يقول معروف دورين(المحلل الاقتصادي) عن مؤتمرات المانحين ورؤيته التحليلية لها: “مؤتمرات ينطبق عليها المثل القائل “نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً” (أي لا نلمس لها دوراً فاعلاً) فقد عُقدت الكثير من المؤتمرات للمانحين منذ عام 2015م وحتى 2022م؛ لنجد أنَّ هناك فرقاً شاسعاً فيما يعلن عنه من تبرع من قبل المانحين وخطة الاستجابة كل عام وبما يتبرع المانحون به من مبالغ مالية وما يتناسب مع خطط الاستجابة للأمم المتحدة”.
وقيم درين معروف مؤتمر المانحين الذي أقيم العام الحالي قائلًا: “رصدت الأمم المتحدة مبلغ 4,3 مليارات دولار أمريكي بينما لم تحصل في هذا المؤتمر على 1,3 مليارات دولار أمريكي وعندما نتحدث عن خطة الاستجابة ومدى العمل بها نجد أنَّ هناك فرقاً شاسعاً بين تقارير الأمم المتحدة التي تتحدث عن الحاجة الملحة للمساعدات العاجلة لـ7مليون يمني، وفي العام الذي يليه تتحدث عن احتياج 19مليون يمني للمساعدات وفي عام 2022م تتحدث في تقاريرها عن حاجة 23مليون يمني للمساعدات العاجلة، وهذه الأرقام المتصاعدة تُنبئ أنَّ خطة الاستجابة والمبالغ المرصودة لم تكن بالشكل المطلوب وهذا لأنَّ تعهدات المانحين سابقًا لم تكن بالقدر الكافي والمناسب مع خطة الاستجابة المرصودة”.
ويواصل درين حديثه قائلاً: “بعض المتعهدين يعلنون عن تعهدات ولم يفوا بها، إضافة إلى أنَّ المنظمات العاملة في اليمن سواء أكانت محلية أو دولية والتي تكون شريكة للمنظمات الدولية تأخذ مبالغ تصل أحيانًا إلى 30٪ من المبالغ المرصودة من قبل المانحين بوصفها موازنة تشغيلية وهنا نجد فساداً كبيراً في المنظمات، ولا يصل للمستهدف أحيانًا شيء من أموال المانحين؛ وبالتالي نحن أمام سؤال لماذا نجد تصاعداً للأرقام من عام لآخر، في الوقت الذي توجد به زيادة في المجاعة والفقر وانتشار الأمراض، والإجابة أنَّ هناك خللاَ كبيراَ في تعهد المانحين وخطط الاستجابة التي لا تلبي حاجة المواطن اليمني”.
في تقارير سابقة رصدت ما قدمته السعودية خلال الأعوام السابقة من منح داعمة لليمن عام 2021م، حيث قال المحلل السياسي محمد اليافعي: “تحت رعاية الأمم المتحدة والسويد وسويسرا، تم عقد مؤتمر المانحين الذي أكد فيه مستشار الديوان الملكي والمشرف العام على مركز سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبدالله الربيعة أنَّ السعودية قدمت تبرعاً بمبلغ 430 مليون دولار أمريكي لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2021م غير السنوات السابقة”.
حيث أوضح الربيعة أنَّ هذا الدعم يأتي تخفيفًا عن الشعب اليمني وحلاً لأزمته وإحلالاً للاستقرار وقد وصل دعم المملكة للمنح من خلال دعم البنك المركزي بمبلغ وقدره اثنين مليار دولار أمريكي إضافة إلى المساعدات التي قُدمت إلى اليمنيين المتواجدين على أراضيها منذ بداية الصراع والتي بلغت ثمانية مليارات و133مليوناً ومساعدات للحكومة اليمنية بمبلغ 199 مليون دولار، وفي الجانب التنموي فقد بلغت منح الدعم 296 مليوناً و742 ألف دولار أمريكي إلى جانب تقديم ثلاثة مليارات و500 مليون دولار عبر المركز، شملت المشروعات والبرامج المتنوعة والتي بلغت 575 مشروعاً تنموياً إنسانياً في اليمن.
مؤتمرات المانحين وما عليها
“كل المؤتمرات التي عُقدت كان يأمل المواطن اليمني أن يجد منها بارقة أمل أولًا في إنهاء الصراع في اليمن وثانيًا أن يحصل على الدعم لكي يجتاز ما يعانيه جراء الصراع ولكن لم تكن الظروف مهيأة لأن يجتاز دربه بأمان (يخرج من الأزمة)”وفقًا لـفيصل المحمدي (خبير اقتصادي).
ويواصل المحمدي حديثه قائلاً: “جميع المؤتمرات والدعم الذي قدم لليمن لإنهاء الأزمة ومساعدة المواطن اليمني لم ترتق إلى المستوى المطلوب من المنح التي يُسمع عن أرقامها، ولا يُرى إلا الفتات منها. حجم الدمار الذي نشاهده في اليمن يحتاج إلى إعادة البنية التحتية التي دُمِّرت وهذا سبب ما يعانيه المواطن اليمني من تدهور الخدمات الأساسية، فكثير قد تم التعهد في المؤتمرات بإصلاح الكهرباء التي يعاني منها أغلب اليمنيين في شتى المحافظات لكن للأسف لم تشهد تحسناً رغم الملايين التي تصرف لأجل إصلاحها”.
يشاركه الرأي فارس البيل(المحلل الاقتصادي) والذي يقول: “المؤتمرات التي تعقدها الأمم المتحدة من جهة أهميتها فهي أساسية في ردم فجوة الحاجة الإنسانية التي تشكل أكبر كارثة إنسانية في العالم، وبالتالي ما تحصده الأمم المتحدة من دعم كل مؤتمراتها يكون أقل بكثير من الفجوة التي ترصدها الأمم المتحدة، عوضًا عن أنَّ هذه المبالغ التي يتم الحصول عليها تذهب منها نسبة كبيرة تصل لــ40% إلى النفقات الإدارية ونفقات العاملين، ونسبة أخرى تذهب في سبيل مهمات أخرى، وبالتالي ما يصل من هذه المبالغ أصلاً بشكل مباشر للمستهدفين أقل بكثير مما ينبغي، ولذلك لا نجد أثرًا فعلياً لهذه المبالغ في ردم الحاجة الإنسانية المتصاعدة في اليمن”.
ويواصل البيل حديثه بأنَّ المنح الاقتصادية التي تقدم لليمن تكمن مشكلتها في المسارات التي تمر خلالها، والآليات التي تحدد طريقة صرفها وبالتالي وصولها للمستهدفين، مستدركًا: “صحيح أنَّها أسهمت بشكل ما في التخفيف من معاناة الناس بالنسبة للمواد العينية التي تصل بشكل مباشر للمستهدفين، لكنَّها تخضع لكثير من العمليات المعقدة، وربما الفساد وحالة استقطاب أطراف الصراع، وبالتالي فإنَّها تصل شحيحة ولا تشكل أثرًا كبيرًا، فيما لو كانت تصل بشكل كامل ومباشر، ولم تحدث عمليات فساد في طرق وصولها، فإنَّها حينها ستشكل إنقاذًا كبيرًا لكثير من اليمنيين الذين وصلوا إلى مرحلة متقدمة من الحاجة للمساعدات”.
ويعلل البيل أسباب قلة المنح في الوقت الحالي إلى أزمة الصراع الأوكرانية الروسية التي أثرت على الأزمة اليمنية والجهود الدولية لحلها، فالتفات المجتمع الدولي لأزمة عالمية مؤثرة على حساب الأزمة اليمنية التي تدخل في طور الإهمال من المجتمع الدولي باستثناء توظيفها في إطار الصراع في المنطقة.
مضيفًا “كما أنَّ المجتمع الداعم للحاجة الإنسانية اليمنية بالتأكيد سيوجه جهوده للأزمة الجديدة؛ لأنَّها أكثر تأثيرًا على العالم، وتقل عمليات الدعم للأزمة اليمنية، وإذا استمرت الأزمة الأوكرانية الروسية بتأثيراتها المباشرة على الاقتصاد العالمي، فقد ينسى المجتمع الدولي الكارثة الإنسانية اليمنية كلياً وتدخل في طور النسيان مع تعقد كل مسارات الحل حتى الآن أو على الأقل تباطؤها وتعثرها”.
ماذا يريد المواطن اليمني؟
“المواطن اليمني ما يزال يحاول وضع النقاط على الحروف، لا يعرف المواطن اليمني هل كل هذه المؤتمرات للمنح قدمت له شيئاً لأنَّه ما يزال غارقًا في فجوة المعاناة الإنسانية فالتدهور الملحوظ في الحياة اليومية والمعيشية أصبح يضاعف معاناته” وفقًا لـخالد أحمد (الباحث بالشؤون الإنسانية).
مضيفًا “كلما زادت المنح زادت أمامه أسعار المواد الغذائية البسيطة التي لم تعد من ضرورياته؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية والتي يتم استغلالها من قبل التجار رغم أنَّ البرنامج الغذائي جاء للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، فإنَّنا على العكس نجد أنفسنا أمام مشكلة كبيرة وهي الغلاء، أيضًا رغم أنَّ البرنامج حرص على أن يكون جميع المواطنين في اليمن مسجل لديه، فإنه لا يوجد عدل في عملية التسجيل والتوزيع وهذا عمل على خلق فجوة بين من يستحق هذه الأموال ومن لا يستحقها”.
استطلاع .. (94.4%) المنح والمساعدات الدولية لا تصل بشكل كامل إلى المستفيدين
صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن إنفورميشن سنتر في بداية يونيو…